يمر اليوم 113 عاما على ميلاد أم كلثوم، إذ يعتمد كثيرون تاريخ 30 ديسمبر من عام 1898 لميلادها ، وآخرون يرون أن التاريخ الذى جرى إثباته رسميا فى شهادة الميلاد وهو 4 مايو ليس تاريخ ميلادها، حيث لم تكن الأسر فى الأرياف تثبت أبناءها يوم ولادتهم بل بعد فترات من ميلادهم. أم كلثوم التى رحلت فى 4 فبرايرعام 1975 ستظل هى الصوت الأكثر تعبيرا عن أصالة الغناء المصرى والعربى، ولكن ومع مرور 113 عاما على ميلادها لم تلق التكريم الذى تستحقه، فما زال منزلها الريفى بقريتها "طماى الزهايرة " ينتظر من ينقذه إذ تحول إلى "عشة فراخ "، وسيكون مصيره كمصير فيلتها التى بيعت وتحولت إلى فندق يحمل اسمها بحى الزمالك. والمثير للدهشة هو أنه فى كل مناسبة تسارع إسرائيل لتسبق الجميع فى الاحتفال بها، فمنذ أيام اطلقت بلدية القدس اسم أم كلثوم على أحد شوارعها، لمحاولة تسهيل حركة وصول الرسائل البريدية إلى العرب سكان القدس . وفى مناسبات كثيرة، تسعى إسرائيل بمختلف هيئاتها الثقافية للتحرش بذكرى أم كلثوم كما حدث فى العام الماضى واحتفلت بها فى الكتاب التذكاري الذى اصدرته تحت عنوان (العدّوة) مصاحباً للمهرجان السنوي“الجميع يحبونها" الذى يقام دائما وتحتفل فيه اسرائيل بها والذي يتحدث عن قيمتها ومكانتها. ولم تهتم وزارة الثقافة فى سنوات الوزير فاروق حسنى بإقامة أية احتفالات لها حتى إن الموسوعة التى أصدرتها الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة بعنوان “مسيرة النور" وقدم لها وزير الثقافة فاروق حسني تناولت جميع الشخصيات التى كان لها دور فى الفن والثقافة، وتجاهل معدوها أم كلثوم. ويبقى التجاهل دائما من الجهات الرسمية ومن التليفزيون المصرى ومن الإذاعة المصرية، حتى اكتفى محبوها بمتابعتها من خلال إذاعات عربية وغربية ،ولم ينتج عنها فى تاريخها سوى عملين مسلسل "أم كلثوم " للمخرجة إنعام محمد على، وفيلم "أم كلثوم " للمخرج محمد فاضل، وبعض الأفلام التسجيلية. ومع تجاهل الجهات الرسمية يأتى اختراع الفيسبوك ليعطيها حقها، فقد تحولت صفحتها الرسمية التى أنشأها عشاقها إلى مكان لتبادل المشاعر وكانها حلقة نقاش رومانسية تجد فيها ما تريد أن تسمعه من أغنياتها، فانت فقط تكتب معلقا أنك تريد اغنية معينة تجدها بعد دقائق محملة على الصفحة من خلال عشاقها. أم كلثوم هى ابنة الشيخ إبراهيم البلتاجي مؤذن قرية طماي الزهايرة، مركز السنبلاوين ولدت سيدة الغناء العربي بقرية طماي الزهايرة مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية وفي هذه القرية تعلمت القراءة والكتابة وحفظت أجزاء من القرآن الكريم مع أخيها خالد صاحب الصوت الشجي والتحقت أم كلثوم بمدرسة الشيخ جمعة بالسنبلاوين، وكانت تصاحب والدها في الإنشاد الديني وهي ما زالت طفلة صغيرة كما غنت أول مرة بمنزل شيخ بلد القرية حيث كانت تنشد القصائد والموشحات الدينية التي تحيى بها حفلات القرية ومن منزل شيخ البلد إلى منزل العمدة وكبار أهل القرية حيث تحيي حفلاتهم وشهدت بلدة تدعى أبو الشقوق أولى حفلاتها العامة ومنها كانت انطلاقتها الأولى للغناء في القرى وعواصم المديريات في ذلك الوقت وكان الغناء قاصرا على القصائد والموشحات الدينية وخلال تجوالها في القرى بدأت شهرة المطربة الجديدة أم كلثوم في الذيوع وفي مدينة المحلة وأثناء ذهابها لإحياء إحدى الحفلات التقت بالشيخ أبو العلا محمد الذي كان يمثل لها حلما من أحلامها الكبرى، ودعاها الشيخ أبو العلا للذهاب إلى القاهرة وقد غنت لأول مرة بالقاهرة عام 1920م، ثم عادت لقريتها وكلها أمل في العودة مرة أخرى للقاهرة وأضوائها وبعد ذلك بعام واحد كانت عودتها للقاهرة، فقد أعجب بصوتها الشيخ علي محمود والشيخ علي القصبجي والد محمد القصبجي. ومن هنا بدأ نجمها في السطوع، فأحيت حفلا لحساب الشيخ أبو زيد وأحمد صديق بحي السيدة زينب وأصحبت تنافس جميع معاصريها من المطربات الشهيرات في هذا الوقت، أمثال: منيرة المهدية ونعيمة المصرية، فتحية احمد، فاطمة سرى وغيرهن, وبظهور الملحن أحمد صبري في حياتها كانت أول خطواتها في غناء الكلمات الملحنة فلحن لها أول أغنياتها "مالي فتنت بلحظك الفتاك". وترسخت قدم أم كلثوم في القاهرة، ولكن كان لظهور أحمد رامي في حياتها أثر كبير. فقد طوع من اجل صوتها الشعر للأغنية وقدم لها أفضل الأغاني. وتوالى ظهور الشخصيات والعباقرة في حياتها فكان لرياض السنباطي أثر كبير في تلحين القصائد وقدم مع أم كلثوم أروع الألحان في: رباعيات الخيام، الأطلال، ولد الهدى، عودت عيني، لسه فاكر، هجرتك، يا ظالمني، وغيرها وكان لظهور محمد القصبجي أثر كبير في تطويرها وصقل شخصيتها وموهبتها، كما قدم لها زكريا أحمد أروع الألحان ما يقرب من 16 أغنية سواء في الأفلام التي قدمها أو ألاغاني العاطفية والوطنية ومنها: أهل الهوى، والآهات، أنا في انتظارك، هو صحيح الهوى غلاب. وبهذه الكوكبة اللامعة وعباقرة التلحين في هذا الوقت، عاشت أم كلثوم عصرا ذهبيا فقد استطاعوا بصوتها واستطاعت بهم تقديم أفخم الألحان والكلمات وسايرت أم كلثوم التطور ووسائله فقد سجلت أغانيها على أسطوانات وغيرت تختهاالموسيقي إلى المطربين والعازفين المهرة أمثال: محمد القصبجي وسامي الشوّا ومحمد العقاد وفي عام 1934م بدات أم كلثوم مشوارا آخر من خلال السينما عندما قدمت فيلمها الأول وداد ثم دنانير وعايدة وسلّامة وفاطمة. وفي نفس العام غنت أم كلثوم بالإذاعة المصرية في أول يوم لافتتاحها، وقد عملت أم كلثوم خلال حياتها الفنية على تشجيع المواهب الجديدة والملحنين الجدد أمثال: بليغ حمدي وعبد الوهاب محمد ومحمد الموجي وغيرهم كما كان لها إسهاماتها الكثيرة في مساعدة الدولة بجمع تبرعات لصالح المجهود الحربي، ولذا حصلت على العديد من الأوسمة والجوائز منها قلادة النيل عام 1946م، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس جمال عبد الناصر وتوفيت أم كلثوم في شهر فباير1975 في القاهرة، وشهد توديع جثمانها لمثواه الأخير أكثر من أربعة ملايين مواطن في جنازة مهيبة.