«تطوير الإعلام» تتلقى توصيات المؤتمر العام ال6 لنقابة الصحفيين تمهيدًا لعرضها على اللجان الفرعية    أوقاف الفيوم تنفذ قوافل دعوية للواعظات.. صور    الكنيسة المصلحة تحتفل بمرور 150 عامًا على تأسيسها في تايلاند    أوقاف الفيوم تعقد الاختبارات الأولية لمسابقة القراءة الصيفية.. صور    جدول مواقيت الصلاة غدًا الإثنين 20 أكتوبر بمحافظات الصعيد    زراعة الأرز البسمتى للمرة الأولى فى أراضى شمال محافظة الدقهلية.. فيديو    «هيئة الدواء» تبحث آليات تنفيذ «الروشتة الرقمية» ضمن خطط التحول الصحي الذكي    36 ساعة بين إسطنبول وموسكو    جيش الاحتلال: هاجمنا غزة بأكثر من 120 قذيفة وقصفنا نفقا بطول 6 كيلومترات    نانت ضد ليل.. مصطفى محمد يقود هجوم الكناري في الدوري الفرنسي    وزير الدفاع الأمريكي: واشنطن شنت ضربة جديدة على مركب تجار مخدرات    ماجواير أفضل لاعب في مباراة مانشستر يونايتد وليفربول    كونسيساو: مواجهة الشرطة العراقي صعبة.. وغياب بنزيما مؤثر    مبابي يقود تشكيل ريال مدريد لمواجهة خيتافي في الدوري الإٍسباني    قنا.. مصرع شخص وإصابة آخر في حادث انقلاب موتوسيكل    القبض على كروان مشاكل بتهمة بث أخبار كاذبة وممارسة أفعال خادشة للحياء    بعد سرقة اللوفر.. أحمد موسى: المتحف المصري الكبير سيصبح أهم متاحف العالم بعد افتتاحه    بعد إعلانه عن مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي 2».. 13 معلومة عن عمر رياض حفيد محمود يس    مصطفى حلمى يجرى بروفة خاصة قبل حفل هانى شاكر بمهرجان الموسيقى العربية    «من الحضارة إلى اليونسكو».. اتحاد الغرف السياحية يوثق رحلة خالد العناني بفيديو تسجيلي    محافظ الشرقية يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفل    نائب رئيس المؤتمر: كلمة الرئيس السيسي تجسد ثوابت الدولة في الصمود والتحدي    بنك saib يطلق حملة لفتح الحسابات مجاناً بمناسبة اليوم العالمي للادخار    إصابة 5 أشخاص باشتباه تسمم إثر تناول وجبة رز وخضار بقرية دلجا بالمنيا    أول تعليق للرئيس السيسي على الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود    أمير عيد يستقبل عزاء والدته الراحلة.. في هذا الموعد    هل يجب إخراج الزكاة عند بيع المحصول أم قبل الحصاد؟.. الدكتورة إيمان أبو قورة توضح    هل يمكن العودة للصلاة بعد انقطاع طويل؟ .. أمين الفتوى يجيب    تقرير: رافينيا يغيب عن برشلونة في دوري الأبطال من أجل الكلاسيكو    المشدد 3 سنوات لعامل شرع مع أخويه في قتل ابن عمه بسبب الميراث    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    محافظ كفرالشيخ يسلم 6 عقود تقنين أراضي أملاك الدولة للمستفيدين    مشروب طبيعي قبل النوم، يساعد على تهدئة الأعصاب وتحسين المزاج    البورصة تغلق عند أعلى قمة اليوم.. وأسهم القطاع الطبي تتصدر الأكثر ارتفاعًا    إنجاز جديد.. مصر تتوج بلقب بطولة العالم للأساليب التقليدية برصيد 54 ميدالية    «الزراعة» تختتم الدورة التنشيطية لفرق التقصي الوبائي للأطباء البيطريين    رئيس البرلمان العربي يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة انتخابه رئيسًا لمجلس الشيوخ    جامعة المنوفية والتأمين الصحي يبحثان الإرتقاء بالمنظومة الصحية    حازم إمام يعلن استقالته من الجهاز الفني للزمالك    اللواء محيى نوح: الرفاعي استشهد على تبة الصواريخ بعد تدمير دبابات العدو    سامح الصريطي: الفن يرتقي بالإنسان وليس مجرد تسلية    رغم اتفاق وقف اطلاق النار.. الاحتلال الصهيونى يتعمد تجويع أهالى قطاع غزة    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    الاستخبارات التركية تساهم في وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    اندلاع حريق في مصفاة نفط روسية بعد هجوم بطائرات مسيرة    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    إصابة 12 طالبا بالجدرى المائى بمدرسة فى المنوفية    صلاح يقود تشكيل ليفربول المتوقع أمام مانشستر يونايتد بالدوري الإنجليزي    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    الرعاية الصحية: إنشاء إطار إقليمي موحد لدعم أداء المنشآت الصحية مقره مدينة شرم الشيخ    حظك من برجك.. توقعات اليوم    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    سعر الذهب اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025 بعد خسارة 10 جنيهات.. كم سجل عيار 21 الآن؟    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معرض لفنان سويسري يكشف قصة "السفن الصفراء" في قناة السويس
نشر في بوابة الأهرام يوم 24 - 12 - 2011

يسعي معرض "الزمن قصيرة وطويلة" الذي يقيمه الفنان السويسري "أورييل أورلو" في القاهرة بمركز الصورة المعاصرة في الفترة ما بين 4 ديسمبر حتى 9 يناير المقبل بدعم من المؤسسة الثقافية السويسرية الى تناول حادثة سفن الأسطول الأصفر وهي حادثة تكشف ملفا مجهولا من ملفات الصراع العربي الإسرائيلي وتتحدي بعض من أفكارنا التقليدية حول الزمان والتاريخ.
المعرض هو جزء من معرض أكبر يقام في نفس المركز تحت عنوان "هيدراركية.. بحور متقلبة وانتقالية"، يعيد هيدراركية النظر في أفكارنا عن البحر والماء، ويعيد تأسيس مخيلتنا التي أصبحت تستبعد البحر والسفن ليس كجزء من حلولنا المتاحة اليومية فقط ولكن كساحة يمكن أن يفتح التاريخ فيها أحد فصوله ويسدلها عليه.
يأخذ معرض أورييل "السفن الصفراء" ثيمته الرئيسية من قصة تاريخية ، تعود وقائعها إلي عام 1967 حين احتجزت 14 سفينة شحن دولية عملاقة بالممر الملاحي لقناة السويس بالبحيرات المرة، بعد إغلاق الممر عليها إذ صادف وجودها في الممر اندلاع حرب يونيو بين مصر وإسرائيل ما أدي لإغلاق للممر الملاحي للقناة، واحتجاز السفن الأربعة عشر لمدة ثماني سنوات حتي أعيد فتح الممر في 1975، وتعود تسمية السفن بالأسطول الأصفر إلي هبوب عواصف رملية كثيفة أكسبت تلك السفن لون أصفر اشتهرت به.
تلك هي الرواية كما يمكن أن تسرد في كتب التاريخ التقليدية، ولكن أورييل الذي ينتمي إلي تقليد فني عريق يهدف إلي الإغارة علي القيم والأدوات الجمالية التقليدية ويمتد من الفنان الفرنسي مارسيل دوشامب صاحب "المبولة" الشهيرة، إلي فنون التجهيز الحديثة، يتحدي تلك السردية الخطية لحادثة الأسطول الأصفر، فأورييل يزدري تلك السردية التي تبدو بتعبير الأديب الأيرلندي صامويل بيكيت " كزمن مسروق يقف ساكناً أو ميتاً كلما عن لسارقه أو لقاتله هوي استدعاءه"، فيتبني أورييل استراتيجية ضد – سردية ترفض التتابع والتسلسل الزمني الذي يبدو علي السطح فقط متماسكاً.
كانت البداية بعثور أورييل علي طابع بريد مجهول المصدر علي الإنترنت دون بلد منشأ، وبتتبع مصدره اكتشف أورييل أنه يعود لأحد البحارة الذين كانوا علي متن إحدي السفن المحتجزة بالقناة، وبدأ أورييل رحلة بحث شاقة عن طاقم تلك الرحلة العجيبة، واستطاع جمع مادة غنية من الصور وملفات الفيديو والجرائد دعمها بزيارة لقناة السويس ليري بنفسه المكان الذي وقعت فيه الحادثة.
حين أتي أورييل إلي قناة السويس، كان كل شيء قد انتهي، المجري الملاحي تغير شكله، السفن لم تعد موجودة، لم يكن هناك شيء يبني أورييل عليه قصته، وكان عليه أن يطلق العنان لمخيلته في إعادة بناء القصة عبر ما أسماه هو ب"هلاوس التاريخ والمخيلة"، وترك المكان يستحضر التاريخ.
يتكون معرض أورييل من طاولة عليها مجموعة صور قديمة منتقاة من بين مجموعة صور حصل عليها من البحارة، وجهاز لعرض ملفات فيديو للبحارة وآخر موازي له يعرض جمل متتابعة علي الجهة المقابلة، وخارج الغرفة التي تحوي كل ذلك، شاشة عرض يسرد فيها أورييل أهم الأحداث التاريخية التاريخية التي وقعت في السنوات الثماني التي احتجز فيها البحارة داخل الممر الملاحي.
يعمل هاجس الزمان كمحرك لأورييل في مشروعه، فيحمل عنوان معرضه اسم "الزمن طويله وقصيره"، مهتماً بمعرفة كيف قضي هؤلاء البحارة ثماني سنوات علي متن تلك السفن العالقة في الممر، وكيف كان الزمان يمر يتدفق من حولهم دون أن يشعروا به، ويجسد وضع الشاشة التي تسرد أحداثا تاريخية كبري، كتولي السادات للحكم واحتراق دار الأوبرا المصرية ومغادرة أمريكا لفيتنام ووفاة جمال عبد الناصر واعتصامات الطلبة بباريس وإطلاق فيلم أوديسا الفضاء 2001، خارج الغرفة، الكيفية التي كان البحارة معزولين بها عن العالم في الغرفة التي تحوي صور وتسجيلات البحارة.
يقول أورييل، أن ما أراده من المعرض لم يكن تقديم حكاية تاريخية مكتملة لمتلقي العمل تسير في اتجاه خطي، ولكنه بالأحري يعتمد فكرة التاريخ المجزأ، لذلك لا يرتب أورييل محتويات المعرض زمنياً، وفي كل مرة يقيم فيها معرضه، يغير من شكل المعرض وترتيب عناصره، فكل عرض جديد هو قصة جديدة، يشبه الأمر الإختلاف الذي يشوب حكي المرء قصة شفاهية أكثر مرة، في كل مرة يضيف الرواي أو يحذف شيء.
لا يقدم لنا أورييل تأريخاً للحادثة ولكن لقطات خاطفة متقطعة علي الحدث، من منظور معاصر. في أحد لقطات شريط الفيديو تنقسم الشاشة إلي نصفين، نصف يظهر فيه أورييل وهو يأخذ صور في عرض قناة السويس ومع كل ضغطة منه علي الكاميرا تظهر في النصف الآخر صورة لسفن في عرض البحر من تلك التي التقطها البحارة أثناء احتجازهم، وكأن أورييل يريد أن يمزج بين زمانه وزمان البحارة، فينظر من خلال الأول للثاني.
يترك لنا أورييل أجهزة العرض، التي مكشوفة وتحت الضوء، بعكس ما نراه في السينما حيث تبزغ لنا الصورة من مصدر خفي منعكسة علي شاشة مسطحة سحرية، مبهرة، فيتركنا أورييل مع الآلة التي تصيب المتلقي بكآبة، من كل غياب محتمل لإنسان، لتدنس الصورة النهائية وتقطع صفاءها، ورغم الإغراق في إظهار المواد المستعملة في العمل، إلا أن عمله الحقيقي يظل علي أكثر المستويات تجريداً.
تطرح هذه النوعية من الأعمال الفنية، خاصة التي تستعمل الأدوات التكنولوجية، سؤال عن القيمة، فرغم أن تلك الأعمال نشأت في سياقها الأصلي متجاوزة ذلك السؤال إلا أن اختلاف السياق يجعل فهم العمل عصياُ بعض الشيء، ففي أغلب الأحيان يتوقع المرء أن يكافأ ببعض المعني حين يزور معرضاً ويكتشف فيه الجمال في لوحة أو في تمثال، إلا أن ما يجده متلقي تلك الأعمال هو تركيبة من آلات حديثة وشكل تقليدي للفنون، فيما بات يعرف بفن التجهيز.
يري "مايكل تشيون" أحد منظري فنون ما بعد الحداثة، أن مرد هذه الصعوبة في الفنون المعاصرة من أنها تتجه لإكتشاف مناطق جمالية جديدة لم توضع لها قواعد جمالية بعد، وبينما يري البعض أن استعمال التكنولوجيا هو تدمير للإبداع والجمال فإن "جون كاج" منظر ما بعد حداثي أيضاً يري ان استخدام التكنولوجيا يمكن أن يفتح أبواباً جمالية كثيرة ولكن بشرط ألا يحاول الواحد منا توظيفها لإستدعاء مناطق فنية تقليدية، فهي تستكشف المجهول الفني غاية في الوضوح والنقاء، للدرجة التي يستطيع بها الواحد منا التخلص من كل عاداته الفنية الموروثة للدرجة التي نستطيع بها تدمير هذه العادات.
قد يكون البحر فضاء مقدساً للمعجزة، أو مصدراً للقلق والتوتر المتزايد، أو تعبيراً عن قدر الإنسان غير المحدود أو تعبيراً عن التطهر، أو مقبرة للعبيد، كل هذه قراءات محتملة للمعرض، الذي يكسر فيما يكسر، ترسيخ نمط القصة الواحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.