مالك مصطفي مدون وناشط سياسي ، قبل الثورة تجده وجها مألوفا في مختلف المظاهرات والوقفات الاحتجاجية علي سلم نقابة المحامين والصحفيين، ومثله مثل كثير من الشباب الوطني خرج هاتفا في ثورة 25 يناير، مطالبا بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية. أصيب مالك في أحداث التحرير الأخيرة في عينه بطلقة مطاطية، ولكنه لم يفقد روحه المرحة وازداد حبه لوطنه، حزن فقط لأنه لم يقدر أن يواصل مشاركته في ميدان التحرير، لم يكن مالك وحده هو من أصيب في عينه وإنما الصحفي أحمد عبد الفتاح والطبيب أحمد حرارة هؤلاء الشباب الذين قبلوا برحابة صدر الاستغناء عن نور عيونهم في مقابل أن تري مصر النور. التقينا بمالك مصطفي المدون والناشط السياسي في حجرته بمستشفي العيون الدولي، استقبلنا هو وزوجته بابتسامة بشوشة، ربما كانت هي نفس ابتسامته وهو في ميدان التحرير وربما ابتسم ابتسامة مثلها قبل أن تداهمه تلك الطلقة المطاطية وتهدده بفقد عينه وعدم رؤيته للنور. باختصار نزل مالك ميدان التحرير حسب قوله للدفاع عن مصابي الثورة الذين تم الاعتداء عليهم من قبل الأمن المركزي وتعبيرا منه علي استنكار الممارسات الوحشية لوزارة الداخلية تجاه الموجودين بشارع محمد محمود وأصيب بطلقة مطاطية في عينه كانت قادمة من ناحية قوات الأمن المركزي نقل علي أثرها للمستشفي وظل بها حتي لقاءنا معه، وكان لنا هذا الحوار معه. مالك وحرارة وعبدالفتاح 3 أشخاص جمعتهم ظروف واحدة وهي الإصابة في عينهم والتضحية بنور عيونهم من أجل أن يري وطنهم النور، قضوا عدة ساعات مع بعضهم البعض قد تبدو للآخرين لحظات حرجة وصعبة، صف لنا هذه اللحظات وكيف قضيتموها؟. قال: كنا نهزر ونضحك طول الوقت ولم تنقص إصابتنا شئ من روحنا المعنوية المرتفعة وإن كان أكثرنا ارتفاعا في الروح المعنوية هو أحمد حرارة وظللنا نتسامر واتفقنا علي سبيل الهزار أن نكون "ائتلاف عور الثورة" ولكني تراجعت عن الكلمة حتي لاأزعج أمي بها، حاولنا أن نهرب لشرب السجائر علي السلم لأن الاطباء كان يمنعونا من ذلك وكان الأطباء يكتشفون أننا خالفنا تعليماتهم فيغضبون منا ونظل نحن نضحك ونتحدث. صمت مالك لبرهة ثم قال: أتمني أن يبصر أحمد حرارة النور مرةأخري وأظن أنه سيقدر علي ذلك وأن هناك أمل لأن ناس كثيرة تحبه، أعتقد أنه بحبهم له قد يقدر علي رؤية النور مرة أخرى. سألناه: ماهي رؤيتك للأحداث التي تجري الآن علي الساحة ؟ ومايحدث الآن في التحرير؟ أجاب لست قلق علي التحرير ومايحدث فيه الآن علي العكس أنا سعيد بصمود الشباب، فقط قلق بخصوص مايحدث في الاقاليم كالإسماعيلية والإسكندرية لأنه لايوجد تركيز إعلامي كاف علي الأحداث هناك مثل مايحدث في التحرير، فهناك جرائم وحشية تحدث في المحافظات، وحول حقيقة مايحدث علي الساحة أعترف بأنني لاأفهم مايحدث بالضبط ولكن نفسي أن يدعمهم الناس بصورة أكبر، واتمنى أيضا نزول الناس في معظم المحافظات من البيوت حتي يخف الهجوم علي تلك المحافظات بحيث تتوزع القوات علي كل المحافظات مثلما حدث يوم جمعة الغضب. - حتي الآن هناك من يقول إن الموجودين في التحرير مأجورين وبلطجية مارأيك؟ ضحك مالك ثم قال: من يقول هذا "حقيقي بيصعبوا عليا " لأن هناك جزءا كبيرا جدا منهم يقول ذلك لأنهم خائفين، خائفين من النزول إلي أرض الواقع لذا يقولون هذا كمبرر ليبعدوا عنهم تهمة الخطأ أو التقصير، الجبن والخوف ليس عيبا، أنا ممكن أعذر الناس لأن الجيل الذي سبقنا جيل آباءنا وأجدادنا منذ عام 1952 والخوف دايم ومستمر، لأن طول هذه الفترة العسكر بيحكم مصر وكمية سجون ومعتقلات مفتوحة منذ ذلك الوقت كثيرة جدا وقبل عام 52 كان هناك عبودية تعيش فيها مصر على الاقل منذ 100 عام، وبالتالي الناس التي تقول ذلك لا أشعر أن كلهم أشرار ولكني أشعر بخوفهم وأقول لهم فكروا شوية وحاولوا متبرروش الموقف لنفسكم. - ما رأيك في تعامل القوي السياسية مع أحداث التحرير؟ لايوجد في مصر مايسمي بالقوي السياسية وإنما هناك مايسمي بالقوي الانتهازية وكل القوي الموجودة علي الساحة هي انتهازية بالدرجة الأولي، كلهم همهم مصالحهم الشخصية ومصالحهم الحزبية سواء كانوا إخوانا أو أحزابا سياسية أو الشيوخ السلفيين أمثال محمد حسان وإسحاق الحويني وموقفهم هو نفس الموقف في أحداث الموجة الأولي من الثورة وحتي الآن، أنا لا أضع لهم أي حساب أو اعتبار لأن في الآخر شباب الإخوان نزلوا الميدان وشباب السلفية نزلوا الميدان وسلفيو كوستا وتجد لافتات مرفوعة "آسف ياشيخي مش هسمعلك تاني "، لذلك لاتعنيني القوي السياسية لأن أغلبية شبابهم، خلال هذا العام رأوهم جيدا وعرفوهم، والشباب السلفي مازال سلفيا ولكنه قادر أن يفرق بين واجبه تجاه وطنه وواجبه ناحية شيخه ويعرف جيدا أن واجبه ناحية البلد مثل واجبه ناحية ربه. - بالنسبة لموقف جماعة الإخوان المسلمين أو حزب الحرية والعدالة في عدم مشاركتهم لمليوينة يوم الثلاثاء وعدم مشاركتهم في احداث التحرير ماتعليقك علي هذا الموقف ؟ -لايعنيني تماما الجماعات السياسية، جماعة الإخوان المسلمين أو غيرها، المهم الشباب، والشباب بينزل أما جماعة الإخوان المسلمين فيعبوا نفسهم في أي حاجة ويحطوا نفسهم علي أي رف في سوبر ماركت وتشوف مين هيشتريها. - مارأيك في فيديو ضابط الداخلية، الذي ظهر وهو ينشن على أعين المتظاهرين وجنود الأمن المركزي يشجعوه والحملة التي تستهدفه وتستهدف الانتقام منه؟ - أنا ضد فكرة الانتقام ولو أنت بتضرب وبترد الضرب عنك دي حالة دفاع عن النفس لو أن شخصا جاء يقتلك وقتلته سيكون دفاع عن النفس، إنما فكرة الانتقام أنا ضدها ولا أراه حلا إنسانيا وبالنسبة لي، لاأقدر علي الانتقام ولكن هذا رأيي ولا يوجد أحد ملزم به وأري أن أكبر انتقام من هذا الضابط أن يدرك جيدا من حوله أنه مجرم. - لقد شاركت في ثورة 25 يناير كناشط سياسي، وقلت إن السيدات المصريات هم أعظم سيدات العالم، أخبرنا عن بطولات نسائية رأيتها خلال أحداث الثورة. -البطولات النسائية لم تظهر في الثورة فقط السيدات أظهرن بطولاتهن علي طول الخط وطول الوقت من قبل الموجة الأولي للثورة التي حدثت في يناير لدينا العديد من الأسماء التي ظهرت علي الساحة علي مستوي المظاهرات والحركات الوطنية علي سبيل المثال لا الحصر مثل، كريمة الحفناوي، ليلي سويف ، نهلة حتة، عايدة سيف الدولة، ماجدة عدلي، غادة شهبندر، بثينة كامل، مني انيس - مع حفظ الالقاب -وهناك الكثير من الأسماء لا أقدر أن اتذكرها جميعا ولكن دائما كان للمرأة أدوار بطولية في الثورة وماقبل الثورة وفي جيلنا هنلاقي البنات شايلين حاجات كتير مش بس مظاهرات ولكن علي مستويات كتير مثل اطباء التحرير الدكتورة نيرمين والدكتورة أماني وآخرين، لجان الإعاشة، الصحفيات، والمصورات الصحفيات. الستات دايما موجودون وطول الوقت بيعملوا حاجات كتير بس لمجرد أن احنا في مجتمع بيفضل الذكور فنظهر نحن أكثر والمثل يقول الصيت ولا الغني ولكن الغني كله هو السيدات وليس نحن - متي ستذهب للتحرير مرة أخري؟. رد مالك ضاحكا: عندما تسمح لي زوجتي بذلك ثم أضاف حين يسمح لي الدكتور لأنه أصدر تعليمات مشددة بعدم الحركة في محاولة لإنقاذ عيني. - هل تعارض زوجتك في ذهابك للتحرير مرة أخري؟ - زوجتي لاتعارض نزولي التحرير مرة أخري لأنها مثلي كانت في الثورة وقبل الثورة في المظاهرات وتلقت الكثير من الضرب في المظاهرات وواجهت الكثير من أزمات التنفس بسبب القنابل، فقط الطبيب أصدر أوامر مشددة بعدم الحركة للحفاظ علي عيني حتي لا أفقدها وهي تساعد الطبيب في تنفيذ الأوامر.