منذ أيام وبالتحديد فى نهاية شهر أكتوبر الماضى أعلنت بعثة الصندوق توصلها إلى اتفاق مع الحكومة على مستوى الخبراء، ورضاءها عن نتائج المراجعة الرابعة لأداء الاقتصاد المصرى فى ظل برنامج الإصلاح الاقتصادى المدعم من قبل الصندوق فى إطار تسهيل الصندوق الممدد Extended Fund Facilityالذى بدأ منذ عامين تقريبا وبالتحديد فى نوفمبر 2016. لقد أصدرت بعثة الصندوق فى ختام زيارتها لمصر تقريرا لخصت فيه استنتاجاتها بشان أداء الاقتصاد المصرى الذى سيقدم إلى مجلس إدارة الصندوق بواشنطن للحصول على موافقته لصرف الشريحة الخامسة بقيمة 2 مليار دولار من قرض الصندوق البالغ 12 مليار دولار ليصل إجمالى ما تحصلت عليه مصر 10 مليارات دولار. وفيما يلى، نتناول أولا أهم ما جاء بهذا التقرير المهم، ثم ثانيا نستعرض تقييما لآفاق الاقتصاد المصرى فى ظل سيناريوهات اقتصادية متنوعة. أولا - أهم ما تضمنه تقرير خبراء الصندوق. استمرار تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلى بوتيرة أسرع منذ تبنى حكوماتها المتعاقبة برنامجا وطنيا للإصلاح الاقتصادى بدعم مالى وفنى من قبل صندوق النقد الدولى منذ نوفمبر 2016 وحتى يونيو 2018. لقد أسهمت جهود الإصلاح الاقتصادى خلال هذه الفترة، المعززة باستقرار أمنى وسياسى عال، فى تسريع وتيرة معدل النمو من 4.2% عام 2017/2016 إلى 5.3% عام 2018/2017، ومن المتوقع أن يبلغ هذا المعدل نحو 5.5% بنهاية عام 2019/2018. كذلك صاحب هذا النمو زيادة فى قدرة الاقتصاد المصرى على خلق مزيد من فرص العمل وخفض كبير فى معدلات البطالة إلى أقل من 10% بنهاية يونيو 2018، كما نجحت تلك الجهود فى تقليص العجز فى كل من ميزان المدفوعات إلى نحو 2.4% من الناتج المحلى الإجمالى والموازنة العامة للدولة إلى نحو 9.8% من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية يونيو 2018 وتحقيق فائض أولى بالموازنة بلغ 0.2% من الناتج لأول مرة منذ 10 سنوات، ومن المتوقع أن يواصل العجز الكلى بالموازنة انخفاضه إلى نحو 8.4%، مع زيادة فى الفائض الأولى إلى نحو 2% من الناتج بنهاية العام المالى الحالى 2019/2018. هذا فضلا عن نجاح مصر فى تحقيق تراجع مستمر فى نسبة الدين العام من 103% من الناتج عام 2017/2016 إلى نحو 93% عام 2018/2017، ومن المتوقع أن يواصل تراجعه إلى مستوى تقل نسبة 90% بنهاية 2019/2018. وفوق ذلك، كللت جهود البنك المركزى فى تشديد سياسته النقدية لخفض معدلات التضخم من 33% منتصف 2017، على إثر تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الطاقة، إلى 11.4% منتصف 2018، ومن المتوقع أن يستمر فى التراجع إلى رقم أحادى بنهاية يونيو 2019. أيضا نجحت جهود البنك المركزى فى الوصول باحتياطياته من النقد الأجنبى إلى مستوى غير مسبوق بلغ 44.5 مليار دولار بنهاية أكتوبر 2018، وبما يكفى لتغطية احتياجات مصر من الواردات السلعية لفترة 8.5 أشهر مقارنة بثلاثة أشهر منذ بداية تطبيق برنامج الإصلاح فى نوفمبر 2016. لاشك أن هذا الوضع كان له أكبر الأثر على تحقيق استقرار فى سعر صرف الجنيه مقابل الدولار عند مستوى يبلغ نحو 17.85 جنيه/ دولار، مع اختفاء تام للمضاربات والسوق السوداء وإلغاء القيود على معاملات الصرف الأجنبى. الحق يقال إن كل ما تحقق من نتائج إيجابية لمؤشرات الاقتصاد الكلى والذى أشادت به كل المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف الائتمانى ومجتمع الأعمال الدولى لم يكن ليتحقق إلا بتضافر الدعم الشعبى لقيادته السياسية مع جهد حكومى فائق للاستفادة القصوى من مساهمات مصر وعضويتها بالمؤسسات المالية الدولية.