تبدأ المشاكل عقب دخولنا ورش الصيانة للتأمين على الفرامل والعجل والمراوح وكابينة القيادة، حيث يصر غالبية المهندسين على تسليم هذه الجرارات بدون عمل الصيانة اللازمة وذلك لضعف الإمكانيات بالورش وتهالك معدات الصيانة وعدم مواكبتها للأجهزة المستلمة حديثا، لنفاجأ باستلام قطارات متهاكلة وكراسى لا تلائم استخدام المواطنين ذات نوافذ لا تغلق، كذلك فإن أرضية الحمامات بها طبقة واحدة من الصاج الخفيف مما يسبب كوارث أثناء استخدام المواطنين لها، خصوصا أن هناك مئات الحالات التى دهستها قضبان السكك الحديدية بعد سقوطها بسبب ضعف أرضية هذه الحمامات. يتذكر حسين الزيان "عطشجى" أهم الحوادث التى وقعت فى مصر منذ عام 1992م وحتى الآن والتى أسفرت عن مقتل وجرح ما يزيد على 25000 راكب، وكان أخطرها حادث قطار الصعيد فى 20 فبراير 2002م، الذى أسفر عن مقتل 373 راكبًا حرقًا لم يتم التعرف على أكثر من 70 % منهم، فضلاً عن إصابة أكثر من 500 آخرين. بينما كانت الكارثة الثانية حادث قطار كفر الدوار فى 18 أكتوبر 1998م، وذلك عندما خرج قطار كفر الشيخ القادم من الإسكندرية عن القضبان فى محطة كفر الدوار واقتحم سوق المدينة ليقتل قرابة المائة شخص ويصيب أكثر من 250 آخرين، وآخرها فاجعة أهالى أسيوط بوفاة (51) طفلا أثناء ذهابهم إلى المدرسة. وفى نبرة يملؤها الأسى حذر مصطفى رمضان " فنى بإحدى ورش الصيانة" من وقوع حوادث مماثلة مستقبلاً بسبب أعطال أنظمة الإشارة وأبراج المراقبة، فى الوقت الذى لا تخضع فيه عربات السكة الحديد بما فيها الجرارات لعمليات صيانة فعلية تضمن أمن وسلامة تشغليها، بما يعنى أن إجراءات المعاينة قبل التشغيل اليومى للجرارات (وهم) لوجود عجز كبير فى قطع الغيار خاصة أنظمة الفرامل حيث تعمل القطارات بربع مكابح الفرامل فقط. مشددا على أن جميع القطارات الموجودة بالخدمة بلا استثناء تفتقر إلى أبسط قواعد الأمن والسلامة حيث لا تصلح قطارات الدرجة الثانية والثالثة لنقل الآدميين وتمثل خطرًا داهمًا على راكبيها، إضافة إلى افتقاد الخطوط لنظام الإشارات الضوئية الآلية. لافتا إلى أن معظم عقود الهيئة مع الشركات العالمية لتوريد الجرارات والعربات والقضبان وأجهزة التحكم شابتها مفاسد كثيرة مما ترتب على ذلك توريد جرارات وقضبان وعربات وأجهزة تحكم غير مطابقة للمواصفات الأمر الذى ساهم فى وقوع العديد من الحوادث. وقال رمضان: بالرغم من الزيادات المستمرة فى سعر تعريفة ركوب القطارات بجميع الدرجات فإن ذلك لم يقابله تطوير أو تحسين فى الخدمة يتناسب مع الزيادات المستمرة فى تعريفة الركوب، وأشار أيضًا إلى تدنى حالة النظافة فى المحطات الرئيسية والفرعية وداخل القطارات والورش رغم إسناد عمليات النظافة بالهيئة لإحدى الشركات بعدة ملايين من الجنيهات سنويا. يؤكد الدكتور رضا حداد أستاذ النقل بجامعة الإسكندرية وجود كارثة أخرى تواجه تطوير قطاع السكك الحديدية متمثلة فى انتشار العشوائيات التى تحيط بمزلقانات السكك الحديدية التى تقف حائلا أمام رفع كفاءة هذا القطاع ويتطلب حلها التنسيق الكامل بين عدة جهات فى الدولة مثل وحدات الحكم المحلى والهيئة العامة للسكك الحديدية وذلك لتفادى الاضرار الناجمة عن هذه العشوائيات مع ضرورة تلافى أخطاء سوء الإدارة والتخطيط التى تنتهجها الإدارة الحالية لهذا القطاع الكبير. الدكتور رضا كشف عن نتائج أحد التقارير الرسمية التى كشفت عنها وزارة النقل مطلع العام الجارى والتى رصدت أن الإضرابات والاعتصامات التى شهدتها الهيئة بدأت من يناير 2011 إلى الآن ، أهدرت 108 أيام من جدول تشغيل قطارات السكة الحديد على مستوى محافظات الجمهورية، بإجمالى 1720 قطارا فى الوجهين القبلى والبحرى بخسائر مبدئية قدرت ب(70مليون جنيه). أما الركاب فكانت خسائرهم أفدح، حيث بلغ الوقت المهدر بسبب توقف القطارات 2580 دقيقة فى أقل من 350 يوما وهو ما يعادل 108 ايام أى بنسبة حوالى 30.8%، وهو أعلى نسبة أهدار للوقت فى تاريخ السكة الحديد التى لم يكن يتجاوز إهدار الوقت بها 4 أيام فى أسوأ الظروف. وبين تحذيرات العمال والفنيين بالورش والخبراء وحوادث التصادم المتكررة يأبى المسئولون الاعتراف بخطورة الأوضاع ويصرون على انتهاج سياساتهم التى تعكس إدارة سلبية عاجزة عن تصحيح الأوضاع، ويظل المواطن هو المسئول الوحيد عن دفع ثمن فاتورة الإهمال.