الحصول على وحدة سكنية من خلال الدولة حلم كان سهل المنال لأن هذه الوحدات كانت إلى حد كبير فى متناول اليد لمتوسطى الدخل والشباب خاصة أن طريقة السداد التى تعتمد على مدد طويلة فى السداد كانت تيسر الطريق على طالبى الوحدات لذلك كان هذا النوع من السكن يطلق عليه الإسكان الاجتماعى، اليوم ورغم عدم تغير الاسم فقد الإسكان الاجتماعى أهم شروطه وهو ان يكون سعره فى متناول متوسطى الدخل، وقالها وزير الإسكان صراحة: الدولة لن تدعم متوسطى الدخل على اعتبار أن محدودى الدخل أولى بالرعاية، ولأن الدولة يجب أن تساوى فى المزايا والعطايا بين كل مواطنيها يصبح الحديث عن تضخم أسعار وحدات الإسكان الاجتماعى لتصل الى نصف مليون جنيه حديثا مفعما بالخطر لأن هذه الطبقة الكادحة التى لن تستطيع مواكبة تلك الأسعار، »الاقتصادى« حاول من خلال التحقيق التالى رصد أسباب ارتفاع الوحدات السكنية المقدمة من الدولة ونتائج هذا الارتفاع وتأثيراته المستقبلية.. ------------- بداية نفى المهندس صلاح حسن رئيس الجهاز التنفيذى لمشروع الإسكان الاجتماعى ان تكون الأسعار مرتفعة، مدللا على ذلك بأن عدد المتقدمين ل15 ألف وحدة سكنية التى أعلنت عنها الوزارة فى 18 محافظة وصل إلى 98 ألف مواطن، وجار فحص أوراق المتقدمين، لمعرفة المستحقين منهم. وأضاف أنه سيتم بدء فحص مستندات المتقدمين للإعلان الثالث للمشروع، فى 18 محافظة، مشيرا إلى أنه حال عدم استكمال المتقدم للمستندات المطلوبة، لا يتم الاستعلام عنه، وبالتالى من حقه استرداد مبلغ ال100 جنيه، مع مقدم الحجز البالغ 5 آلاف جنيه، حيث إن مبلغ ال100 جنيه خاص بالاستعلام فقط. وأشار المهندس صلاح حسن، إلى أنه حال عدم تخصيص وحدة سكنية للمتقدم، بسبب عدم استكمال الأوراق، أو عدم توفر وحدات، يحق للمواطن طالما تنطبق عليه الشروط، سحب مقدم الحجز، والتقدم لأى مدينة أخرى، يستحق فيها، فى الإعلانات التالية، موضحا ان الدولة تقدم خدمة الاسكان الاجتماعى للمساهمة فى حل أزمة السكن وان الإقبال ينفى ارتفاع الأسعار.. أشار المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الاعمال المصريين الى أن المصريين أصبح لديهم تطلع لسكن أفضل جعلهم يرفضون المساحات الصغيرة فى بداية حياتهم واى زيادة فى مساحات الوحدة تؤثر على ثمنها، بالإضافة الى أن بيع وحدات الإسكان الاجتماعى بأقل من أسعار المنطقة التى بها المشروعات يعرضها للسمسرة فى المستقبل وبيع الوحدات فى السوق السوداء، وأبدى صبور تفاؤله، مشيرا الى ان محاور الإسكان الاجتماعى المتعددة والمتنوعة مثل مشروع المليون وحدة سكنية أحد محاور مشروع الإسكان الاجتماعى سوف يساهم فى رفع معدلات التنفيذ إلى 200 ألف وحدة سنوياً ويساهم فى سد العجز السنوى الثابت من الوحدات السكنية، ولكن شريطة تنفيذ ال200 ألف وحدة سكنية سنويا وفق ما أعلنت وزارة الإسكان، مشيرا إلى ضرورة حل أزمة ارتفاع أسعار مواد البناء حتى لا يتهدد المستهدف تدشينه خلال العام ومن ناحية أخرى زيادة الطلب على العقارات بفعل التضخم المرتفع، وأشار الى أنه يجب تغيير ثقافة المصريين تجاه السكن وان يكون هناك وحدات متنوعة تغطى جميع القطاعات، الدكتور علاء لطفى رئيس المجلس التصديرى العقارى يقول: إن السوق العقارية بدأت فى التعافى خلال المرحلة الماضية ومستعدة لتلقى استثمارات جديدة محلية وأجنبية بها، وهو ما أكدته حركة المبيعات منذ نهاية العام الماضى واستمرارها حتى الآن والتوقعات الخاصة بتحقيق مبيعات تعوض خسائر العديد من الشركات خلال المرحلة الماضية، هذه الحركة سوف تشهد تراجعا فى الأسعار بصفة عامة، موضحا انه لا يمكن استبعاد التكلفة من وحدات الإسكان الأجتماعى لان ارتفاع اسعار مواد البناء يساهم فى تحريك شكل العرض والطلب اذا كان المعروض اكثر من المطلوب، وتوقع ارتفاع حجم الاستثمارات بالسوق العقارية خلال 2014 إلى نحو 10 مليارات دولار بنهاية 2014، مدعومة باتجاه العديد من المستثمرين المحليين والأجانب لضخ استثمارات جديدة بالسوق وتنفيذ خططهم التوسعية المؤجلة على مدار السنوات المقبلة. وطالب بضرورة إقرار تلك التعديلات حتى لا يضيع مجهود الاتحاد، متوقعًا ألا يكون هناك فرصة لإقرار اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات والتعديلات التى تنص على العقد المتوازن قبل انعقاد البرلمان المقبل نظرًا لانشغال الرئاسة بإصدار قانون انتخابات البرلمان. وشدد على أن الاتحاد يضغط بقوة لدى الحكومات المتتالية لتمرير القرارات والقوانين التى تخدم المقاولين وتنهى مشاكلهم، خاصة فى ظل توالى مشاكل المقاولين خلال الثلاث سنوات ونصف الماضية. وعلى صعيد مشروع الاسكان الاجتماعى، اعلن المهندس امين عبد المنعم نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية لشئون التخطيط تسليم اكثر من 200 الف وحدة سكنية بمشروع الاسكان الاجتماعى ينفذها عدد كبير من مقاولى القطاع الخاص وذلك عقب تسليم المرحلة الأولى بالمشروع. واضاف ان هيئة المجتمعات تستهدف التركيز على شريحة الاسكان المتوسط من خلال تفعيل مشروع الاسكان المتوسط بعدد 150 الف وحدة سكنية بدأت الهيئة فى طرح المرحلة الأولى منها بعدد 30 الف وحدة سكنية داخل 3 مدن جديدة. واشار الى ان مخططات الهيئة فى دعم شريحة القادرين من العملاء تتم عبر طرح اراض جديدة بمساحات تبدأ من 60 الف متر مربع وتصل الى 1000 متر مربع ستوفرها الهيئة للقادرين لبناء مشروعات فيلات حديثة تناسب هذه الشريحة. على مستوى آخر اشارت د. عالية المهدى عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقا الى انه يجب التفريق بين الاسكان المتوسط والاسكان الشعبى فالاول موجه للاسر ذات الدخول المتوسطة وهنا نتحدث عن اسر يصل اجمالى دخول افرادها (الاب، الام، الابناء العاملين) الى 5 الاف جنيه اما الاسكان الشعبى فهو الاسكان الموجه للاسر الفقيرة التى لا يتجاوز مجموع دخول افرادها ألفى جنيه ففى هذه الحالة فان الاسعار التى تم الاعلان عنها تلائم شريحة الدخول المتوسطة، اما بالنسبة للاسكان الشعبى فان وزارة الاسكان لم تقدم مشروعات تلائم هذه الشريحة وأكدت ان دور الحكومة هو تقديم اسكان شعبى يلائم هذه الفئات ودخولهم المنخفضة.. وقال مصطفى كامل السيد استاذ الاقتصاد السياسى بالجامعة الامريكية: ان الاسعار التى اعلنتها وزارة الاسكان تعطى انطباعا بأنه لم يتغير شىء فى مصر فما زال اهتمام وزارة الاسكان ينصب على الحصول على اعلى عائد من خلال بيع الاراضى ومشروعات الاسكان الفاخر الذى كان السبب الرئيسى فى تفاقم مشكلة الاسكان فى مصر المتمثلة فى انخفاض عدد الوحدات السكنية وتردى حالتها مما ادى الى انتشار العشوائيات، كما ان الاسعار التى تم الاعلان عنها تتجاوز بكثير دخول الغالبية العظمى من المجتمع وتفوق القدرات المالية لمن بحاجة لسكن لذلك فان هذه الاسعار تعطى انطباعا للمواطنين بان نظام الحكم فى مصر لا يختلف كثيرا عن نظام مبارك ففى كلتا الحالتين لا تؤخذ حاجات المواطنين بعين الاعتبار حيث كان من المفترض ان يخصص جزء كبير من المشروع للاسكان الشعبى الذى يتيح للمواطنين محدودى الدخل الحصول على سكن بمبالغ معقولة. واوضح ان هذا المشروع يؤكد ان الدولة تسعى للحصول على اعلى عائد بالرغم من ان المشروع مقدم من خلال منحة من دولة الامارات العربية المتحدة. واكدت الدكتورة ماجدة شلبى- استاذ الاقتصاد بجامعة بنها - ان منظومة الاسكان فى مصر تعانى من خلل اقتصادى واجتماعى فى ظل التحول من الاسكان الشعبى الى اسكان الصفوة وان القطاع العقارى فى مصر يعانى من الاختلالات والتفاوت الاجتماعى الشديد وظاهرة التشرنق الاجتماعى خاصة ان المنظومة التنموية يجب ان تحقق التقارب والتوافق بين شرائح المجتمع المختلف ويرجع هذا التفاوت الاجتماعى ليس فقط لاختلال التوازن بين عرض الوحدات السكنية والطلب عليها ولكن لظاهرة الازدواجية داخل المجتمع الواحد التى تتمثل فى مجتمع الصفوة (الطبقة الرأسمالية الجديدة) التى تتمتع بالوحدات السكنية الفاخرة وبين المجتمع الاخر المناطق المتوسطة الدخل التى تمثل اكثر من 60٪ من المبانى فى مصر التى يعانى سكانها من التهميش الاقتصادى والاجتماعى وقد عرفت هذه الظاهرة فى المجتمع المصرى خلال العقود الاخيرة وهى نتاج لآليات السوق الحر التى جاءت نتيجة لتزايد النمو والسكانى والكثافة السكانية فى العاصمة. واكدت ان مشكلة الاسكان فى مصر تعد من المشكلات الهامة التى تهدد الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى والامنى داخل الدولة من خلال تطوير هذه المناطق وتوفير نماذج اسكان متطورة فى مناطق جديدة خارج حدود العاصمة على ان يرتبط بذلك توفير جميع المرافق اللازمة وتوافر فرص العمل المناسبة مع تفعيل دور المشاركة المجتمعية فى هذا المجال والاهتمام بتطبيقات ضمان الجودة فى تنفيذ المشروعات الجديدة والتوسع فى قطاع التشييد والاسكان لتلافى الاخطاء التى جاءت فى التجارب السابقة. كما انه من الضرورى القضاء على التشوهات الموجودة فى سوق الاسكان فى مصر التى تمثل فى تعدد السياسات والبرامج والتشريعات التى تتدخل فى عمل السوق العقارى فى مصر، عدم الشفافية والافصاح وغياب البيانات الدقيقة عن السوق وسوء تخصيص واستغلال الموارد فى السوق العقارى وعدم توافر آليات التمويل العقارى المناسبة واحجام البنوك عن منح الائتمان وفقا لمتطلبات السوق وغياب التخطيط والرقابة وتفشى العشوائية فى الاداء دون النظر للاحتياجات الفعلية لقوى العرض والطلب وضعف الاطر القانونية وكثرة النزاعات وعزوف الكثير عن الانتقال للمجتمعات الجديدة لعدم اكتمال البنية الاساسية بها وعدم توافر الخدمات بالاضافة الى ارتفاع عائد الاستثمار العقارى بالمقارنة بالانشطة الاخرى وارتفاع تكلفة المعاملات للبناء لتفشى الرشوة والفساد وارتفاع اسعار الوحدات السكنية المبالغ فيه غير الحقيقى فى ظل التفاوت الكبير بين التكلفة الحقيقية للوحدات السكنية وسعر البيع. واقترحت عدة اجراءات لادراة منظومة الاسكان فى مصر اهمها علاج تشوهات السوق العقارى وارساء قاعدة بيانات تفصيلية عن سوق الاسكان فى مصر ودعم مشروع قرى الظهير الصحراوى لتقليل الكثافة السكانية وايجاد محاور تنمية بديلة للخروج من الوادى خاصة ان 97٪ من السكان يعيشون على 7٪ فقط من مساحة مصر وتفعيل دور الدولة فى اعداد دراسه اقتصادية لحصر وتحزيم العشوائيات لمنع الامتداد المستقبلى لها ووضع وتجديد التشريعات التى تعمل على تفعيل دور التعاونيات فى علاج مشكلة الاسكان وتفعيل دور المجالس الشعبية ومنظمات المجتمع المدنى فى تطوير العشوائيات وتفعيل قانون التخطيط العمرانى والبناء والتنسيق الحضارى وتصحيح الاخطاء فى تجربة »ابنى بيتك« التى شابها الكثير من العيوب والاخطاء فى التعامل مع المقاولين والاستفادة من تجارب الدول الاخرى فى مجال الاسكان الفقراء كالهند وبنجلاديش اللتين قامتا بتوفير المساكن والبنية الاساسية للفقراء.