** توقعات بتغييرات جذرية اجتماعيا واقتصاديا في الساحل الشمالي علي ضوء المشروعات القومية الجديدة --------------------- عندما تصطف عشرات السيارات في طابور ممتد أمام أحد المطاعم وعندما يصبح حجز مائدة لتناول العشاء أو الغداء مع أسرتك بالواسطة أو في أفضل الاحوال بالدور. وعندما تحتاج لأربعين دقيقة انتظارا لتجتاز فقط أحد أبواب مارينا الستة رغم أن الدخول بتذكرة قدرها خمسون جنيها للفرد تتساءل أي مصر تلك التي نراها في الشريط الساحلي الممتد من العجمي حتي مرسي مطروح والمعروف بالساحل الشمالي خاصة في المواسم والأعياد والاجازات الرسمية؟! سؤال يتكرر علي لسان كل من يذهب الي الساحل الشمالي هذه الايام ويري حجم الاموال المتدفقة في أيدي الناس التي تنفق علي مدار الساعة في المطاعم والملاهي المائية والكافيهات ومحال السوبر ماركت الشهيرة التي تذهب الي هناك صيفا لخدمة الساحل الشمالي, حتي البنوك وشركات السيارات تذهب الي هناك لتقديم خدماتها للعملاء بداية من أول يونيو وحتي منتصف سبتمبر. ومن يتحدث الآن عن غلاء الاسعار أو موجة التضخم الكبيرة التي أحدثتها قرارات الرفع الجزئي لدعم الوقود فعليه أن يذهب فقط للساحل الشمالي ليري التضخم علي أصوله أو التضخم الحقيقي. واليكم قائمة مختصرة باسعار اشياء قد تبدو تافهة أو بسيطة كلها تباع تقريبا بثلاثة اضعاف السعر الذي تباع به في بقية مدن مصر ويكفي أن تعرف أن زجاجة المياه تباع بخمسة جنيهات وعلبة الكانز لأي من المشروبات الغازية بخمسة جنيهات أخري. الجريدة بثلاثة جنيهات, تغيير انبوبة البوتجاز ستون جنيها, علبة الفول الصغيرة التي لا تكفي سوي شخصين بثمانية جنيهات. أسعار مرتفعة وعندما ترتفع قليلا في الطلبات خذ عندك الوجبة العائلية تكفي أربعة أفراد, في أي من مطاعم الوجبات الجاهزة مثل ماكدونالدز أو كنتاكي لا تقل عن ثلاثمائة جنيه. اذا قررت تناول الغداء في مطعم سمك أو مشويات المتناثرة بطول الساحل خذ معك ألف جنيه علي الاقل حتي تستطيع دفع الحساب لافراد عائلتك التي لا تزيد علي خمسة أفراد من بينهم ثلاثة أطفال. اما عن اسعار الايجارات فقد شهد هذا الموسم انقلابا غير مفهوم حتي وصلت الاسعار الي مستوي قياسي وكما يعرف الجميع أن قري الساحل الشمالي درجات ومستويات وطبقات في قري الدرجة الثالثة التي بنيت في الثمانينيات مع موضة الساحل الشمالي وهجرها اصحابها الاوائل لقري ذات مستوي أفضل واحتفظوا بملكية الشاليهات لزوم التأجير أو حفظ المدخرات يتراوح سعر ايجار الشاليه المكون من حجرتين وصالة بين450,400 جنيها في اليوم الواحد يرتفع هذا الرقم ليتراوح بين700,650 جنيه في القري ذات المستوي المتوسط ثم يقفز الرقم الي ألف جنيه لليلة الواحدة في ذات الشاليه في قري المستوي الأول وفي مقدمتها مارينا علي سبيل المثال. الصدمة أما اسعار التمليك ورغم حالة الركود التي تضرب الاقتصاد وتراجع السيولة في أيدي الناس والشكوي المرة من الغلاء التي تتردد علي لسان الاغنياء قبل الفقراء فقد وصلت الي مرحلة الصدمة حسب تعبير أحد رؤساء البنوك الذي يمتلك فيلا عادية في قرية متوسطة الحال اشتراها بالتقسيط علي عشر سنوات قبل ثورة يناير. لماذا الصدمة؟! يجيب الرجل: لأن الاسعار المعلنة التي أصبحت تباع بها الفيلات والشاليهات فوق مستوي المنطق الاقتصادي ولا مبرر لها حتي في البلاد الغنية فما بالنا ببلد يبدو فقيرا بينما واقع الحال غير ذلك. كيف يباع شاليه لا يتكلف بناؤه150 ألف جنيه وثمن الارض بضع مئات من الجنيهات نحو مليونا ونصف ومساحته لا تتجاوز100 متر, كيف تباع الفيلا بسبعة ملايين جنيه في القري التي يجري تسويقها الآن وتباع الفيلا في مارينا بأكثر من عشرة ملايين, ما هي التكلفة الحقيقية ولماذا يقدم آلاف الاشخاص علي الشراء الآن رغم ضبابية المشهد الاقتصادي وعدم اليقين المسيطر علي الاسواق, هل هي عمليات غسل اموال أم اخفاء ثروات أم مضاربات أم ماذا بالضبط ؟ يتساءل رئيس البنك ويترك الاجابة لكم؟ عرض وطلب ربما ما يجري هناك في الساحل الشمالي من عمليات بناء وتشييد علي قدم وساق بطول الساحل الممتد في المنطقة ما بين مارينا ومرسي مطروح نحو130 كيلو مترا يقدم نوعا من الاجابة العملية كما يراها اصحاب المشروعات العقارية.. هناك عرض وطلب واذا ما تواجد المشتري لماذا لا تقدم له السلعة واذا كان هناك من يجري وراء وهم الساحل الشمالي بشراء عقارات علي شمال الطريق أي في قلب الصحراء ولا علاقة لها بالبحر ولا تراه بل واحيانا لا تشعر به لبعد المسافة حيث يكتفي اصحاب مثل هذه المشروعات بتشييد حمام سباحة وسط العمارات للايحاء للمشترين بانهم في مصيف وعليهم بعد ذلك تدبير أمورهم بانفسهم عندما يريدون الذهاب لأي شاطئ حيث عليهم في هذه الحالة الذهاب ودفع تذاكر دخول في بعض القري التي تقع علي البحر لدخول شاطئها حيث تجد بعض القري خاصة المملوكة لجمعيات تعاونية أو نقابات أو ملاك من طبقة الموظفين في هؤلاء الزبائن الجدد مصدرا جديدا للتمويل والانفاق علي الصيانة بينما تمنع غالبية القري هذا السلوك حفاظا علي خصوصية الملاك وحفاظا علي المنشآت العامة داخل هذه القري من تدمير طبقة السواحلية الجدد الذين يشعرون بحقد شديد علي أصحاب القري التي تقع علي البحر وقد اشتروا وحداتهم بملاليم بينما هم يدفعون مئات الألوف في شقق داخل عمارات في قلب الصحراء والاسم الساحل الشمالي. أما الظاهرة اللافتة للنظر في الساحل الشمالي هذا العام فهي انتقال العديد من الانشطة الاقتصادية بكامل تفاصيلها عبر فروع تشيد حديثا وتتكلف ملايين الجنيهات علي سبيل المثال معظم شركات السيارات اقامت مراكز صيانة مستقرة لها, سلاسل السوبر ماركت الشهيرة, سلاسل الاجهزة الكهربائية والمنزلية والموبيليا, المطاعم ذات الاسماء التجارية اللامعة الامر الذي يؤشر علي أن هذه المنطقة في طريقها لأن تشهد نشاطا اقتصاديا طول العام, ربما لإعلان الدولة عن مخطط لتطوير الظهير الصحراوي للساحل الشمالي بعمق عدة كيلو مترات وانشاء مدينة العلمين الجديدة, ربما لوجود بعض الجامعات مثل الجامعة اليابانية وجامعة خاصة أخري يخطط لانشائها أحد رجال الاعمال الكبار, وربما لاقتراب طرح مشروع الضبعة النووي, المهم أن تغييرات جذرية بالمنظور الاقتصادي والاجتماعي تجري الآن في الساحل الشمالي وسوف تظهر آثارها الايجابية أو السلبية تباعا. ونعود الي السؤال المحوري الذي طرحناه في مقدمة هذه السطور وهو من أين تأتي المليارات التي تنفق كل عام في أسابيع قليلة في الساحل الشمالي ؟! الاجابة باختصار وفي اعتقادي الشخصي هي فتش عن الاقتصاد الخفي أو الموازي ونقول الخفي ولا نقول غير المشروع فهناك فرق والفرق كبير.