حكومات ما بعد الثورة سلكت جميعها مسلكا واحدا مؤداه تدليل الأغنياء بما لا يفرق كثيرا بينها وبين حكومات النظام البائد هذا في وقت يزداد فيه الفقير فقرا وصرخاته تتصاعد. والمشهد أمامنا ملموس يعبر عن نفسه بوضوح في تلك الاضرابات والاحتجاجات والمطالب الفئوية التي لا نهاية لها لنسمع المعلم يستغيث بأعلي صوت قائلا راتبي الشهري ستمائة جنيه وعندي ثلاثة أبناء فكيف نعيش دون أن نهدر كرامتنا والمشهد الذي يدعو إلي الاسي والمرارة هو هؤلاء العمال الذين انتهي بهم المطاف إلي خلع ملابسهم للتعبير عن سخطهم وغضبهم. ولو نظرنا إلي الجانب الآخر نجد من يمتلكون كل شيء القصور والفيلات والأراضي والأرصدة البنكية ولا اعتراض علي هذا كله طالما أنه ناتج عن دخول مشروعة لا تحوم حولها شبهات لكن أين حق الدولة.. هناك من حصل علي متر الأرض الفضاء بمائتين وخمسين جنيها وباعه بعد بضع سنوات بأربعة آلاف جنيه ليحقق ثروة لم يحظ بنصفها أو ربعها من حصل علي الدكتوراة بكد وتفاني لم يصل إليها طوال مشواره المهني أليس للدولة حق في هذه الربحية الفلكية الناتجة عن المضاربات في أراضي الفضاء أليس واجبا أن تحصل الدولة لصالح الفقراء علي أربعين أو خمسين في المائة من هذه الفوائض المالية التي عادت بقدرة قادر علي أصحابها دون جهد أو ابداع ثم ما قيمة العمل وما قيمة الجدية والتفاني إذا كان السماسرة والمضاربون يحققون الثروات بينما أصحاب العلم والمعرفة لا يحصلون إلا علي الفتات كيف تترك حكومتنا هؤلاء المتربحين دون أن تنال حقها. وأمامنا أيضا من حصلوا علي أراض لاستصلاحها واستزراعها فإذا بهم يخالفون ويحولونها إلي قري سياحية لتشييد القصور والفيلات وحمامات السباحة والجولف والجاكوزي لتباع فيها تلك العقارات بأسعار فلكية فأين حصيلة غرامات هذه المخالفات الصارخة التي يمكن جمع المليارات منها لصالح الفقراء لم نسمع أي أرقام من الحكومة في هذا الشأن.. لتقل لنا الحكومة عن الحصيلة التي جمعتها من قصور وفيلات مارينا والقري السياحية المميزة بالساحل الشمالي لماذا التخاذل في فرض الضريبة العقارية علي مثل هذه العقارات المميزة وما يماثلها وأين حصيلة الضرائب علي إيجارات هذه الفيلات والشاليهات حيث مصيف هذا العام ومثل حلول الشهر المعظم مباشرة كان الحد الأدني لإيجار اليوم الواحد في تلك القري في الشاليه المتواضع هو ألف جنيه ونتحدي لو لم يكن التهرب الضريبي فيها قفز إلي ثمانين أو تسعين في المائة لتصبح موارد الدولة مهدرة. ولو تحدثنا عن الملفات الضريبية لأهل الفن نجد فنانا حصل في مسلسله الرمضاني علي ثلاثين مليون جنيه فكم جنيها سدده لخزانة الدولة أين الحصيلة الضريبية لتلك الدخول الفلكية لأهل الفن سواء في المسلسلات أو الأفلام وأيضا المطربون والمطربات في الملاهي الليلية نتحدي إذا جاوزت الجباية فيها أكثر من عشرين في المائة عما هو مستحق لماذا لا تعلن الدولة علي الملأ عما تم سداده وعن كشوف للمتهربين والمتهربات من هؤلاء. وأيضا مذيعو الفضائيات ومذيعاته نسمع أن دخول البعض تصل إلي ثلاثمائة ألف جنيه شهريا وأحيانا نصف مليون الا يجب في ظل دولة يعيش أكثر من ربع سكانها في العشوائيات ويتقاتل مواطنوها في طوابير الخبز أن تفرض ضريبة متصاعدة علي تلك الدخول الفلكية لتصل إلي سبعين أو ثمانين في المائة طالما أن الدولة تجاهد لترفع الحد الأدني للدخل إلي سبعمائة جنيه. هل نترك تلك السيارات الفارهة تحصل علي الوقود مدعما ونترك اليخوت واللنشات والجيتس كي تجوب البحيرات في قري الساحل الشمالي بالوقود المدعم وهل نترك ملاعب الجولف الممتدة في كل قري الأغنياء تحصل علي المياه كيفما تشاء وبأسعار عادية بينما الفقير في الريف يلهث وراء جركن المياه هل تظل الدولة ترعي الجاكوزي وتهمل الجركن هل نترك تلك السلع الاستفزازية تملأ الاسواق وتغمرها دون أن تفرض عليها الرسوم الواجبة في تلك الظروف العصيبة.. أليس من يلتهم الكافيار والسيمون فيميه يتعين عليه أن يسدد للدولة حقها حتي يتسني لها رعاية الفقراء والكادحين والمعدمين.. ومضات * كيف يمكن لرئيس المؤسسة الصحفية أن يمارس مهامه علي الوجه المطلوب بينما النوم يطير من عينيه ويلازمه صداع مزمن من جراء هذه التركة الثقيلة التي انتقلت إليه هل ينجح في إصلاح ما أفسده الدهر ؟ * الحكم جاء في صالح نواب الوطني المنحل واعطاهم الحق في الترشيح للانتخابات البرلمانية المقبلة اعتقد أن هذه النائبة التي اعتادت علي الفوز بالتزوير أمام منافسها العتيد في تلك الدائرة المميزة وسط العاصمة لن تجرؤ علي الترشيح مرة اخري * هذا المذيع سييء الحظ دائما حينما يذهب إلي مبني مجلس الشوري يفاجأ بأن بقاءه داخل القاعة متعذرا وحينما يجاور زميله في هذا البرنامج اليومي الجاذب علي شاشة الفضائيات يفرض عليه أن يظل صامتا لأن الميكروفون يستحوذ عليه الآخر..