د. مصطفى الفقى: الاختلافات لا تعنى القطيعة والعلاقات جيدة
السفير حسين هريدى: المواجهة السعودية - الإيرانية هى المحرك للعديد من الأحداث حاليا خصوصا فى اليمن وفى سوريا ولبنان والعراق
كان من اللافت للنظر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يلتق على هامش اجتماعات الأممالمتحدة مع ولى العهد السعودى الأمير محمد بن نايف، وكان السيسي قد التقى على هامش قمة العشرين فى 5 سبتمبر ولي ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان، وأصدرت الرئاسة بعدها بيانا تقليديا لم يتطرق إلى أى تفاصيل للموضوعات التى تم بحثها. وربما يعود تفسير ذلك إلى كلمة الرئيس السيسي أمام اجتماع مجلس الأمن حول سوريا فى 21 سبتمبر، التى أكدت الموقف المصرى أنه لا مكان للإرهاب فى سوريا ولا مجال لأى محاولة لتجميل صور التنظيمات الإرهابية وأن مصر ترفض تماما أية محاولات للالتفاف على قرارات مجلس الأمن التى صنفت تلك التنظيمات كمنظمات إرهابية، مؤكدا أن كل من يراهن على حسم عسكرى يفضى لغلبة فريق واحد فى سوريا.. خاسر كما أن كل من يراهن على أن تلعب التنظيمات الإرهابية دورا فى مستقبل سوريا.. واهم. وأشار السيسي لمؤتمر القاهرة الذى استضافته مصر للمعارضة السورية. والجدير بالذكر أن الإعلام السعودي قد عتب على مصر بقوة عندما استضافت مؤتمرا لمختلف أطياف المعارضة السورية فى يونيو 2015 و الذى خرج بوثائق مؤتمر القاهرة التى شكلت الأساس الذى بنى عليه كل جهد لاحق قام به أى طرف سورى أو دولى لطرح رؤية عملية للتسوية. وكذلك رفضت مصر اقتراحا سعوديا الفترة الماضية بإرسال قوات برية إلى سوريا، ومن قبله اليمن، وأكدت أن العمل من خلال الأممالمتحدة والمبعوث الدولي هو الوسيلة المثلى لتحقيق وحدة سوريا. وأشار وزير الخارجية سامح شكرى فى فبراير الماضى ان مصر تعتبر القرار السعودى بالتدخل البرى فى سوريا أمرا منفردا، ولكن شكرى حرص أخيرا وبكلمات دبلوماسية على التأكيد فى تصريحات له أنه لا يوجد توتر فى العلاقات مشيرا أن " للبلدين رؤى تتطابق فى أحيان وتختلف فى أحيان، والاختلاف لا يعنى أن هناك مشكلة بين الدولتين، هو مجرد اختلاف رؤى، لكننا متفقون على المصير المشترك " مؤكدا " أن الخلاف فى الرؤى حول سوريا يجب ألا يصور على أنه خلاف بين البلدين، هناك موقف من قبَل المملكة كان يركز على ضرورة تغيير نظام الحكم أو القيادة السورية، مصر لم تنتهج هذا النهج، لكنها تقدر أن كل التطورات التى حصلت لابد أن تؤدى إلى تبلور جديد في سوريا يتوافق مع إرادة الأطراف السورية، كحل سياسى، فى النهاية هناك تطابق فى أن تستعيد سوريا استقرارها، وتطابق فى أن يتم تخليص سوريا من مخاطر الإرهاب، والحفاظ على حدود سوريا وسياساتها وعدم التدخل خارج النطاق العربى فى شئونها، فمجالات التطابق كثيرة جداً فيما بيننا." وأشار شكرى أن الإطار السياسى هو ما سيُخرج سوريا من أزمتها، وهذا الإطار لا بد أن يشمل جميع أطراف المجتمع السورى وعناصره، لا أن يشمل الجانب الإرهابى فى سوريا، ويجب ألا نصيغ الأمر فى حدود شخص بعينه، ونضيع الوقت فى استبيان فترة ما بعد انتهاء مرحلة الصراع، لكن يجب أن تركز كل الأطراف جهودها فى الاتفاق على ملامح الخارطة الخاصة بالحل السياسى وكيفية بلورتها. ومن جانبه يوضح المفكر الدكتور مصطفى الفقى ل«الأهرام العربى»، أن التحالفات المعاصرة لا تقتضى التطابق الكامل فى وجهات النظر، فقد نتفق فى بعض القضايا ونختلف فى القضايا الأخرى لكن هذا لا يؤدى على الإطلاق إلى قطيعة أو خلاف حاد، وقد تختلف وجهة نظر مصر والسعودية تجاه حل الأزمة فى سوريا لكن ذلك لا يعنى قطيعة، فمصر تركز على ضرورة حل الأزمة فى سوريا ولا يعنينا بقاء الأسد من عدمه، والسعودية تركز بشكل واضح على ضرورة التخلص من بشار الأسد، وأنه لا يمكن أن يكون جزءا من الحل، لأنه هو المشكلة وهى وجهات نظر نختلف فيها أو نتفق، ولكن مواقفنا متقاربة إلى حد كبير تجاه القضايا المطروحة فى المنطقة، ولا يوجد خلاف حقيقي والعلاقات طيبة. وحول وجود اختلاف فى الرؤى من الموقف إيران قال الفقى إن هناك اختلافا بسيطا خصوصا فيما يختص بالعراق والوجود الإيرانى فمصر تتواصل مع الحكومة العراقية لكن الحكومة العراقية تتخذ مواقف معادية للسعودية حاليا ، وهناك مظاهرات تخرج هناك تهاجم السعودية خصوصا بعد أزمة الحج بين إيران والسعودية. وبالنسبة لإمكانية أن يؤدى الصدام السعودى الإيرانى خصوصا فى اليمن إلى حرب طائفية فى المنطقة ، ودور مصر فى التخفيف من هذا الصدام قال الفقى. إن هناك بالفعل مواجهة حادة بين الرياض وطهران وهناك خلاف قوى فى اليمن نظرا لأن اليمن دولة شديدة الحساسية بالنسبة للسعودية بحكم الجوار الجغرافي، وبالتالى فإن التأثير الإيرانى من خلال الحوثيين يعتبر عملا عدائيا ضد السعودية، وهناك للأسف أطراف خارجية تؤجج من حجم الخلاف والصدام لإحداث أزمات طائفية فى المنطقة. وفى المقابل يرى السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية السابق، أن الوضع فى سوريا يعكس الاستقطاب الدولى والإقليمى والعربى، وهناك عدم تطابق فى الرؤى المصرية - السعودية، لكن العامل الأكبر تأثيرا حاليا هو الدور الأمريكى والروسي، وللأسف فإن الدور العربى هو الذى فجر الأزمة ، ثم فقد السيطرة على تطورات الأزمة وأصبحت أزمة دولية حاليا، وبالتالى فبغض النظر عن الخلاف المصرى - السعودى فإن العرب اليوم لم يعد لهم أى دور فى سوريا إلا عن طريق المجموعة الدولية لدعم سوريا، لكن فى المقابل إذا اتفقت مصر والسعودية على الحل السياسي فى سوريا فسيكون هذا تطورا جيدا يمكن أن يغير أوضاعا كثيرة على الأرض. وأضاف أن الحل السياسي فى سوريا يتطلب شرطا أساسيا وهو أن القوى لا تتحدث عن مصير بشار الأسد فهل السعودية على استعداد لتقديم هذا التنازل الكبير أم لا ؟ هذا هو السؤال، وأعتقد أن الرياض ليست على استعداد لذلك. وأشار هريدى أن المواجهة السعودية - الإيرانية هى المحرك للعديد من الأحداث حاليا خصوصا فى اليمن وفى سوريا ولبنان والعراق، وهى مواجهة أساسها طائفى، وتعطى فرصة للتدخل الخارجى الذى يؤجج من تلك المواجهات، ومصر لديها رؤية لضرورة للحد من التدخلات الخارجية فى المنطقة، والمشكلة السورية ستصبح أكثر تعقيدا بعد التدخل العسكرى التركى فى الأراضى السورية، وسيكون من الصعب إخراج تلك القوات فى المستقبل القريب ونحن ندفع ثمن الانقسام العربى وتدخل بعض الدول العربية فى شئون دول عربية أخرى ، مما فتح المجال للتدخلات الخارحية، كنا أننا ندفع ثمن أن هناك دولا عربية تقوم بتجنيد جماعات متطرفة ومسلحة ، كأداة من أدوات سياستها الخارحية فى المنطقة وكأداة من أدوات التنافس فى المنطقة. وأضاف السفير حسين هريدى أن الخلافات المصرية - السعودية تتركز حول كيفية التعامل مع الأزمات الإقليمية وليس فقط حول سوريا، أو حتى تيران وصنافير، لكن بالطبع لا نستطيع أن ننكر أن السعودية دعمت مصر بشكل كبير بعد ثورة يونيو و العلاقات المصرية - السعودية أساسية ومهمة والاختلاف فى الرؤى حول سوريا لا يفسد العلاقات ، بل إن هناك قواسم مشتركة مثل ضرورة العمل من أجل تسوية سياسية للأزمة السورية والالتزام بما جاء فى قرار مجلس الأمن 2254، ومصر ترى ضرورة تفتيت الجماعات المسلحة وعدم الاعتداد بتغير جبهة النصرة اسمها و إعلانها الانفصال عن القاعدة فستطل جبهة النصرة منظمة إرهابية، لكن دولا أخرى تعتمد على جبهة النصرة فى سوريا، وبالتالى تريد أن يعترف بها المجتمع الدولى كجزء من الحل و هو ما ترفضه مصر ، وقد أشار الرئيس السيسي فى كلمته بشكل عام إلى تنظيمات إرهابية مسلحة بدون تسميتها، و ربما يكون ذلك أحد نقاط الخلاف المصرى - السعودى فى الرؤى.