ثابت أمين عواد "مساومة الناس علي حقوقهم..فرض إتاوات جماعية علي الناس.. التبرع أسوأ أنواع الجباية غير المشروعة.. سقوط الجهة الإدارية فى الدرك الأسفل من قاع هاوية الجباية غير المشروعة .. هذا مسلك مشين ومخز وفاضح ما كان يجب لجهة الإدارة السقوط فيه "..هذه العبارات لم تنشرها مواقع المعارضة، ولم تعلنها جهات أجنبية بهدف زعزعة الاستقرار - كما هو تقليدي ومعتاد لكل من يرفع الستارة ليكشف عما وراءها -.. ولكن هذه العبارات أصدرتها محكمة وطنية مصرية عملها ومنتهي أمرها بث الطمأنينة, وترسيخ الاستقرار, واقامة العدل.
"الثلاثاء" الماضي كان يوما مشهودا بعد أن نشر فيه "الأهرام" حكما فاصلا حول الفساد وأهله.. فقد أصدرت محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية الدائرة الاولى بالبحيرة حكما يتصدى ل "ظاهرة إجبار المحافظين للمواطنين بدفع تبرعات مقابل منحهم تراخيص البناء" بل قررت المحكمة، برئاسة المستشار الجليل د.محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة "إلزام محافظة البحيرة برد 3 ملايين جنيه إلى 150 مواطنا أجبرتهم الادارة المحلية على التبرع مقابل الحصول على تراخيص البناء، فى حين رفضت طلب 250 مواطنا سددوا 6 ملايين جنيه لعدم تقديم مستندات ترخيص المبانى مما يشير الى احتمال وجود مخالفات فى البناء، ووصفت المحكمة هذا التبرع بأنه يعد أسوأ أنواع الجباية غير المشروعة.. وأكدت انه:" لا يجوز للمحافظين إجبار المواطنين على التبرع لاستصدار تراخيص البناء"..
لايعنينا من هو المحافظ، وفي أي فترة حدثت فيها الواقعة، لأن غالبية المحافظات، ودواوين الوزارات، وقطاعات الأدارات، أو في أي فترة تم هذا الفساد، المهم أنه حدث ويحث وسيحدث، لأننا لم نتعامل بجدية في محاربة الفساد الذي هو الأب الروحي للارهاب، الذي لايزال يحصد ارواح الشهداء ويعوق حياة البلاد العباد.. هل رأيتم أو قرأتم عن مسؤول رسمي يمثل الدولة التي أختارته لكي يحكم بين الناس بالعدل, وأفاضت عليه من السلطات ومنحته نفوذا يحاكي نفوذ رئيس الجمهورية، ولكنه لم يكتف بكل مامنحته الدولة من سلطات في يده، وفضل أن يساوم الناس علي حقوقهم، الحكم الذي أصدره القضا' الأجلاء هو بلاغ للنائب العام عما يحدث من ظلم للمواطن المصري الذي انهكه الفساد أكثر مما اصابه من مضار الحروب، وارهاب الجماعات والتنظيمات..
المهم الأوراق وترتيبها وإرفاقها..هكذا يتعايش الفساد بيننا، نظريا كله تمام ولايستطيع القانون يقضي بالإدانة طالما الأوراق "التي يمكن تزويرها"، سليمة.. أما الحقوق, والواقع, والمصائر, ومصالح البشر ومصائرهم كل ذلك لايهم ..المهم أن كل أوراقك سليمة..
الحكم، الذي نشره الزميل حجاج الحسيني، والصادر من قضاة أجلاء، يعيد تصويب رسالة الصحافة القومية، التي يدرك المواطن انها تنحاز للحكومة، ويعيد الأمل في أداء الصحفيين بأن هناك من لديهم الشجاعة لمساعدة الناس والمواطنين لكشف الحقائق, وهنا نلح ونطالب بسرعة اصدار قانون حرية الصحافة والحصول علي المعلومات، وعندما نطالب بحرية الصحافة، فالمطالبة هنا ليست لحرية الصحفي بشخصه, ولكن الحرية هنا لمهنته، وتوفير أجواء تساعده لآداء مهمته. لم نصدق أنفسنا عندما سعي الفلاح الاصيل لكي يحقق لنا بعض الأكتفاء الذاتي من القمح، ولكنها فرحة لم تكتمل، اذ ترصد الفساد وتربص وراء هذه الجهود التي تحمس لها الفلاح، و اهتم بها رئيس الجمهورية، الذي عبر عن دهشته لماحدث لمشروع القمح، ولذلك نطلب منه اعادة احياء مشروع مصر الاستراتيجي لمكافحة الفساد الذي بدأه رئيس الوزراء السابق ابراهيم محلب، سعيا للاكتفاء الذاتي من القمح ومواجهة الارهاب، وأعادة روح الانتماء ومواجهة الفرقة، وبالقطع فأن المواجهة الجادة للفساد، هي الطريق الأوحد لترجمة شعار "نعمل علي قلب رجل واحد"..