صفوان: المديح يجري فينا مجرى الدم.. ودراستي الأكاديمية أفادت الفرقة بشكل كبير - ياسين: إدخالى اللون التركى جعلها أكثر تميزا
يمتد عمرها إلى أواخر السبعينيات من القرن الماضي، واستطاعت أن تحقق انتشارا كبيرا وتعددت ألبوماتها، فلم تكن تخلو مناسبة دينية من أكثر من ألبوم يتناولها ويعدد فضائلها، ومع مرور الزمن التحق بها أبناء مؤسسها فعملوا على تطويرها، حتى أصبحت أكثر تميزا، إنها فرقة المرعشلي السورية التي جاءت إلى مصر لتواصل رحلتها مع الإنشاد الديني والصوفي، « الأهرام العربي » اقتربت منها فكان هذا اللقاء:
حول النشأة، يقول المنشد محمد صفوان عبدالقادر المرعشلي، أحد الأشقاء الأربعة الذين تتكون منهم الفرقة بجانب والدهم: والدي قام بتأسيس الفرقة في أواخر السبعينيات، بمجموعة من الشباب الموهوبين، فقد كان عاشقا للإنشاد الذي ورثه عن جدي حيث كان منشدا في مجالس الذكر، ويعود الفضل في تكوين الفرقة إلى الشيخ صالح الحموي، رحمه الله، الذي يعد لدي السوريين مثالا للصوفية المعتدلة، فهو من أشار على والدي أن يكون المدرب لهؤلاء الشباب، وبالفعل التزم والدي بنصيحته، فبدأ مع الأعمال الخاصة بكبار المنشدين في مصر، وقدمها مع الفرقة في المناسبات المختلفة بسوريا مثل حفلات الزفاف وعقود القران وغيرها، ومع انتشار الفرقة بدأ والدي في البحث عن شيء يجعل فرقته متميزة عن باقي الفرق المنتشرة في سوريا، فوجد ذلك في أشعار ابن الفارض، وفي منتصف الثمانينيات استعان ببعض الملحنين ليضيفوا لهذه الأشعار إيقاعات حضارية معاصرة، ولم يكتف بذلك بل قام بطرح ألبومات تحمل ما يقدمون، ليكون من أوائل المنشدين الذي فعلوا ذلك، واستطاع في سنوات قليلة طرح ألبومات كثيرة، ولم تكن هناك مناسبة تمر بالمجتمع السوري دون أن يكون هناك أكثر من ألبوم يتحدث عنها مثل الحج والمولد النبوي، والإسراء والمعراج وغيرها، وهو ما ميز والدي وفرقته بشكل كبير، لدرجة أن من كان يسير في سوق الحميدية لا بد أن يسمع لألبومات الفرقة تنطلق من عدة محلات. وعن كيفية انضمامه للفرقة قال: لقد نشأت وإخوتي في هذا الجو الروحاني، وكنا نحضر البروفات ونرى كيف كان والدنا يقوم بتدريب أعضاء الفرقة، إلى أن التحقت بها في أوائل التسعينيات وكان عمرى وقتها 16 عاما، وكان قد انضم إليها قبلي أخي محمد رضوان، ثم شقيقاي، لتكتمل الفرقة بنا نحن الأشقاء الأربعة، وأثناء ذلك لم أكتف بما تعلمته، فالتحقت سرا بمعهد الموسيقى ودرست آلة العود، فالفرقة لا تستخدم الموسيقى، واعتمادها فقط على الإيقاع، لذلك خشيت أن يحرمني والدي من دراسة الموسيقى، لكنه عندما علم لم ينكر على ذلك، خصوصا أني لم أتعلم العود لكي أعزف ولكن لأقترب من عالم الموسيقى كدراسة أكاديمية، وهو ما أفاد الفرقة بشكل كبير، حيث كان هناك بعض مواطن الخلل في أداء الفرقة، وبطرق غير مباشرة كنت أرشدهم إلى الأداء الصحيح. نصيحة أب ويكشف صفوان عن نصيحة والده لأشقائه بأن يتسلحوا بمهنة تعينهم على الحياة وأن يعتبروا الإنشاد هواية، وهو ما حدث بالفعل إذ لكل منهم مهنة أخرى مشيرا أنه يعمل محاسبا، بينما شقيقه ياسين مدرس للموسيقى، وهكذا باقي أفراد الأسرة . وعن برنامج الفرقة يقول: لقد وصلنا إلى مرحلة من الخبرة تجعلنا نتعامل مع كل المواقف دون حاجة إلى برنامج، سواء في الحفلات بمختلف ألوانها ومناسباتها أو الظهور في البرامج التليفزيونية، فقد أصبح لدينا الحس الذي يجعلنا ندرك ما يريده الحضور وتلبيته، خصوصا أن لدينا ما يزيد عن ألف قصيدة وعن الروحانية التي تسيطر على حفلاتهم يؤكد قائلا: الروحانية هي رأس مال فرقتنا، ونستمدها من والدي الذي يفتح لنا بابها بروحانيته التي تنتقل منه إلينا جميعا حتى تسود المكان كله، فإذا ما قلنا «يا سيدي يا رسول الله « يدخل في يقيننا بأن روحه صلوات الله وسلامه عليه تحضر لتظلنا، ونكون في حالة حزن عندما ننشغل بأعمالنا أو نعيش فترة ركود لأن المديح أصبح يجري فينا مجرى الدم، وأغلب أيامنا ننام به ونستيقط عليه ولم يعد يغادرنا بعد أن امتزج بروحنا. اللون الغربي ومن جانبه يقول المنشد محمد ياسين: بدأت مع الإنشاد وعمرى 5 سنوات، عندما ذهبت مع شقيقي الأكبر صفوان لإحياء أحد مجالس الذكر، وعندما انتهى من إنشاده، طلبوا مني أن أقدم شيئا، فما إن فعلت حتى وجدت الجميع يبكي بمن فيهم الشيخ صالح الحموي، بعدها أصبحت منشدا أساسيا في كل مجالس الذكر، ثم درست العزف على الأورج لأني كنت أميل أكثر للموسيقى الغربية، وكان يتم الاستعانة بي وأنا طفل صغير في قنوات الأطفال للغناء في البرامج، وشيئا فشيئا أصبح لدي ستديو صغير للأعمال الدينية سواء بإيقاع، أو بموسيقى، أو بدونها، لأن هناك دولا عربية تمنع وضع الموسيقى في الأعمال الدينية، ثم بعد ذلك اتجهت للتدريس وإعطاء كورسات للشباب في عدد من المراكز الثقافية، أعلمهم فيها الإنشاد والمقامات الموسيقية بالشكل الأكاديمي، وقراءة القرآن لمن يتعلمونه بالمقامات الصوتية. ويكشف ياسين أنه تأثر كثيرا بالشيخ طه الفشني مؤكدا أنه لم يسمع مثله في عالم الإنشاد الديني فصوته يدخل القلب دون استئذان وكأن به إعجازاً، وكذلك الشيخ على محمود. وعن مراحل التطور التي مرت بها الفرقة: كان لابد من تطور الشكل الذي بدأت به الفرقة في أواخر السبعينيات، لأن المنافسة كانت على أشدها بين فرق الإنشاد المنتشرة في سوريا، وساعدنا في ذلك تعلم الموسيقى بشكل أكاديمي، سواء من خلال صفوان أخي وتعمقه في الموسيقى الشرقية أو من خلالي كدارس للموسيقى الغربية، التي ساعدتني في إدخال الهارموني والأكابيلا، كما تميزت الفرقة باللون التركي الذي أدخلته بداية من عام 2000، لنكون أول فرقة تدخله على الساحة السورية حتى إن أول أداء لنا في المسجد الأموي كان لحنا تركيا نقلته الإذاعة السورية على الهواء مباشرة، كذلك نتميز بتقديم الألوان الخليجية والمغربية وغيرها، وبسبب هذا التميز يتتلمذ على يد الفرقة الكثيرون وتعلموا منها أصول الإنشاد ثم استقلوا بأنفسهم بعد ذلك، حتى وصل عدد الفرق التي تخرجت من عباءة المرعشلي ثلاث فرق. وحول علاقة الفرقة بمفتي مصر الأسبق الدكتور على جمعة، وظهوره معها كثيرا قال: والدي في الأصل بجانب الإنشاد هو خياط، فكان الشيخ على جمعة عندما يأتي سوريا يأتي إلى أبي لكي يقوم بتفصيل « الجبة « له وكان كلما تردد على سوريا يحضر حفلاتنا، وذات مرة دعي والدي للقدوم لمصر ليشارك بالفرقة في إحياء مناسبة المولد النبوي، وقتها قامت ثورة يناير فأعتذر الشيخ لوالدي، وعندما تأزمت الأمور في سوريا اتصل والدي به طالبا منه المجيء إلى القاهرة، فرحب كثيرا واستقبله بترحاب كبير، واستضاف والدي عنده عدة شهور، ثم انتقل والدي لمنزل آخر بضيافة الشيخ على جمعة أيضا، ولم يكن في النية أن تعمل الفرقة بمصر إلى أن طلب الشيخ من والدي في مجلس الشيخ عباس الديب أن يقدم بعضا من إنشاده، ومع الإعجاب الشديد من حضور المجلس أصبحت فقرة والدي شيئا رئيسيا في المجلس كل يوم سبت، ثم تطور الأمر بعودة الفرقة مع مجيئنا إلى القاهرة. وعما إذا كان شكل الفرقة في القاهرة قد اختلف عما كانت عليه في سوريا قال: بالطبع كان لا بد من دراسة الجمهور المصري لمعرفة ماذا يريد، فوجدنا أنه يميل أكثر إلى الألوان الخفيفة التي تدخل القلب، بجانب أن لديه حنينا كبيرا للماضي فبحثنا عن الموشحات الأندلسية شبه المنقرضة التي كان قدامي المبتهلين المصريين يقدمونها، وبالفعل وجدنا ترحيبا كبيرا بما نقدمه ودائما نجد من يقول لنا بأننا عدنا بهم إلى الأصالة، واستطعنا في فترة قصيرة أن نحدث تغييرا في المجتمع فلم يكن الإنشاد الديني من ضمن برنامج أي فرح، لكن من خلالنا أصبح هناك من يدعونا لإحياء أفراحهم حيث نقدم فيها أناشيد لمدح العريس والعروس، ليبدأ حياتهما منذ أول ليلة على حب النبي، فمن أشرقت بدايته أشرقت نهايته، ومن حيث شكل الأداء فقد أدخلنا النمط الايقاعي الإلكتروني، بعد أن كنا نستخدم الإيقاع فقط. وعن الهدف الذي يسعون إليه قال: لا هدف لنا سوى الابتهال لله ثم مدح النبي وأن يصل صوتنا إلي كل أرجاء الأرض، وخصوصا البلاد الأوروبية لكي نصل إلى المسلمين هناك وغير المسلمين أيضا.