«قصدك تقول الدستور المسلوق .. ده دستور باطل.. وعار على كل من شارك فيه وكل من سيذهب للتصويت عليه» هكذا بادرني أبو العز الحريري، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، ردا على السؤال: ما رأيك في مشروع الدستور الجديد؟ قبل أن يستطرد قائلا: هذا المواد الدستورية التي قام الغريانى ومن معه ب «سلقها « بسرعة لا تعبر عن الشعب المصري، وليست محل توافق القوى المدنية والسياسية، وبالتالي فهو مطعون على شرعيته والعمل به، خصوصاً بعد تجاهل الرئيس مرسى حل أزمة الجمعية التأسيسية، وما قام به المستشار حسام الغريانى، من تصعيد لاحتياطيين بالمخالفة للقانون وذلك لسلق الدستور بحسب أهوائهم، وهو يسهم في زيادة حدة التوتر والانقسام بين الشعب المصري. هناك من يرى إيجابيات كثيرة في مواد مشروع الدستور الجديد؟ أية إيجابيات .. بالتأكيد لم يقرءوه .. فهذا الدستور مليء بالعوار. مثل ماذا؟ برغم أن اللجنة التي سيطرت على كتابته في غالبيتها إسلاميون فإن هذا الدستور إذا ما تأملنا مواده جيدا سنجد أنها معادية للدين الإسلامى وتخالف الشريعة. كيف هذا؟ يكفى أن أقول لك إن الدستور المقترح لا يمنع الرق والعبودية والاتجار بالبشر صراحة في نصوصه.. وهى مفارقة غريبة كيف يدعون أنهم حريصون على الشريعة الإسلامية وهم يتجاهلون النص صراحة على من كل صور وأنواع الاتجار بالبشر. لهذا السبب تعارض الدستور الجديد؟ لا .. فهذه مجرد عينة مما يحتويه هذا العوار الدستور .. فهناك أيضا الإخلال بمبدأ العدالة الاجتماعية في كثير من مواده ووإهدار حقوق العمال والفلاحين .. كما أن كثيراً من نصوص الدستور المزعوم «غير المحكمة» ولا توضح مبادئ الحق في التعليم والصحة، ومحددات نظام التأمين الصحي للمواطنين، وشكل منظومة الرعاية الصحية بشكل عام. كما أنها هزيلة للغاية .. والمصيبة الأكبر ..أن من ضمن ألغام وليس مواد الدستور المزعوم ما تنص على أن كل ما صدر من إعلانات دستورية من قبل رئيس الجمهورية محصنة ولا يجوز الطعن عليها ويتم العمل بها تماما مثل الدستور الذي يستفتى الشعب عليه. وما الضرر في ذلك؟ ليس ضرراً فحسب، ولكنها مصيبة كبيرة .. لأننا بموجب هذه المادة نكون أمام مواد دستور مستفتى عليه ومواد دساتير أخرى صادرة عن رئيس الجمهورية .. فكيف إذا ما تم التعارض بينهم بمن يتم الأخذ بها .. بموجب النص الوارد في مشروع الدستور الجديد، فإن المواد الصادرة في أى إعلان دستور للرئيس لا يجوز الاعتراض عليها وهى أقوى من المواد التي يستفتى الشعب عليها .. فأين هي إرادة الشعب؟ وهل ما يصدر عن الرئيس أقوى من الإرادة الشعبية؟ .. ولذا فلا شرعية للاستفتاء.. ولا شرعية للرئيس الذي فقد شرعيته بعدما حنث بوعوده بألا يستفتى الشعب إلا على دستور يحظى بتوافق كل التيارات الشعبية. إذا ما سارت الأمور وفقا لدعوة الرئيس مرسى للشعب للتصويت على الدستور منتصف ديسمبر الجاري هل ستدلى بصوتك؟ لا .. أنا لا أشارك في أى مهزلة تضر بمصر وبمستقبل شعب بمصر .. فهذا الاستفتاء ومن قبله الإعلان الدستوري عار وكل من يشارك فيه أو يقبل به يخون الثورة ودماء الشهداء. في الأيام المقبلة هل ستكتفي فقط بالمقاطعة ونقد الدستور الجديد؟ لا .. فقد قمت برفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، تحمل رقم 10920 لسنة 67 ق، أطالب من خلالها بإلغاء قرار رئيس الجمهورية الصادر في 1 ديسمبر الحالي، بدعوة الناخبين للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، وذلك لحين الفصل في الدعوى المنظورة أمام الدستورية العليا رقم 116 لسنة 34 ق، دستورية والخاصة بتحصين تشكيل الجمعية التأسيسية. إلى ماذا تستند في تلك الدعوة القضائية؟ هناك أسباب دفعتني للجوء للقضاء في هذا الوقت العصيب الذي تمر به مصر في مقدمتها أن قرار الرئيس بدعوة الناخبين للاستفتاء على مشروع الدستور يعتبر باطلا، لأن هذا الدستور باطل فقد صدر عن جمعية تأسيسية غير شرعية كونها تضم عددا كبيراً من الأعضاء الاحتياطيين، وذلك بالمخالفة للمادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر في مارس 2011، وأن هذه المادة لم تذكر أي أعضاء احتياطيين في الجمعية التأسيسية .. كما أن الجمعية التأسيسية الأولى التي أوقف عملها بحكم القضاء الإداري مازالت لها مركز قانوني، ومازالت قائمة لأن المحكمة الإدارية العليا لم تصدر حكما نهائيا في مصير هذه الجمعية، وأخيرا فإن هذه الجمعية التأسيسية ضمت 21 عضوا من أعضائها وهم يعملون في مؤسسة الرئاسة ومحافظين للعديد من محافظات الجمهورية والذين يأتمرون بأمر الرئيس وبالتالي يكون رئيس الجمهورية له 21 صوتاً في هذه الجمعية وهذا مخالف للمادة 60 من الإعلان الدستوري، الذي قرر تشكيل الجمعية التأسيسية بطريقة غير مباشرة، وعن طريق ممثلي الشعب تمثيلا شعبيا كاملا دون تمييز فئة عن أخرى .. ولهذا لجأت إلى قضاء الدولة ليفصل في الأمر، وأنا أثق في نزاهة وعدالة القضاء المصري.