التراث الإماراتي معروف بثراء تصميماته وجاذبية إبداعه التي تعكس الهوية الوطنية والمنتجات المبتكرة ولذلك تسلط "الأهرام العربي" خلال حاورها مع خالد الشعفار، أول مصمم إماراتي للمنتجات الإبداعية التي تعكس الموروث الإماراتي الأصيل بطريقة خلاقة طوعها بأنامله الاحترافية ليشبع شغفه بالتصميم والتراث فشكلت هويته وبصمته المميزة في مجال صناعة الأثاث عبر تشكيلات عصرية لقطع منفردة مزجت الفن بالتصميم. -- أخذت على عاتقك إحياء الثقافة الإماراتية بمنتجات إبداعية عكست الهوية الإماراتية الخالصة، هل يمكن أن تحدثنا عن ذلك؟ - من منطلق قناعتي بثراء الثقافة الإماراتية وبما تختزنه من موروث عربي أصيل لم يتم استخدامه في مجال التصميم بمنتجات يمكن تطويعها بشكل معاصر، فبات المنهج الذي تعمقت كمصدر ملهم لمعظم مشاريعي التي عكست هويتي كأول مصمم أثاث إماراتي ترتبط قطعه المنفردة ببلد المنتج عبر خط إنتاج مميز.
-- تصاميمك لاقت نجاحًا لافتًا ترى ماذا يميزها عن غيرها؟ - بلاشك لكل مصمم أسلوبه وطابعه الخاص، وأعول نجاحي في هذا المجال بتصاميمه الفريدة من نوعها التي عكست الثقافة الإماراتية فشكلت عنصر جذب للمتلقي للتعرف أكثر على منتجاتنا عبر القصة. فخلف كل منتج أو تصميم أقدمه حكاية مستوحاة من البيئة الإماراتية ومن مخزون ذكرياتي تعرض على العميل لتخلق عنصر ربط بينه وبين المنتج.
--ماذا أفادتك دراستك بالخارج في تطوير موهبتك؟ - ساهمت في توسيع ثقافتي واكسبتني فهم أعمق لمعايير تصميم المنتجات المختلفة تماما عن التصميم الداخلي، فمنحتني الثقة لخوض قطاع الاعمال لأشبع شغفي بمجال تصميم الأثاث والقطع المنفردة، فعقب تخرجي من الجامعة الامريكيةبدبي تخصص التصميم الداخلي، قررت السفر للخارج لدراسة تصميم الأثاث والتصميم الصناعي بكلية سانت مارتينز للفنون والتصميم في لندن، ومن ثم لمركز فنون الأعمال الخشبية في نيلسون بنيوزيلندا، لعدم توافر هذا التخصص حينها بدولة الامارات، فكنا نلتحق بدورات لم تكن كافية لتعطيك تصور كامل لتصميم المنتجات أما الجيل الحالي محظوظ بوجود معهد دبي للتصميم والابتكار.
--عالم التصميم عالم واسع ومتعدد الأذواق فمن أين تستوحي أفكارك؟ -دبي مدينتي الملهمة بحضاراتها وتنوعها الثقافي الثري التي استوحي منه الكثير من الأفكار فكل شئ من حولي يلهمني فليس هناك مصدر واحد بل مصادر متعددة يضمها المجتمع الإماراتي باحتضانه لجنسيات متنوعة، فأنا استوعب كل تلك التطورات المختلفة حتى فى المجتمعات الغربية، ف "النخلة" على سبيل المثال هو جزء أصيل من الموروث الاماراتي اذ تزدان به البيوت والطرقات فتم توظيفها ضمن خط "النخلة" وكان من أوائل إنتاجي بين عامي 2010/2011، عبر تشكيلات من القطع المنفردة حيكت بحرفية عالية يدويًا وبشكل عصري مستوحاة من مشاهداتي من البيئة المحيطة لاستخدام البعض جذوع النخل لتعليق أشيائهم، فبدأت في تصميم (علاقة الملابس) تحاكي شكل النخلة، ومنها توسعت بمنتجات تنبثق من النخلة بطاولات للقهوة يتعانق فيها السرود( هي حصيرة من خوص النخيل المزخرف بالوان زاهية كان يستخدمها الأسلاف لتناول الطعام) بجذوع النخلة لربط استخدامتها في الحياة. فكرة عملية وتحمل روح محلية حصدت نجاح كبير في الأسواق المحلية والعالمية.
--وماذا تخبرنا عن خط "وهم اللؤلؤ" والعقال؟ - من عشقي للمدن بصخبها وديناميكيتها التي تشعرني بطاقة الحياة جاءت فكرة إنتاج "وهم اللؤلؤ" كرسي ذو تصميم فريد لقطعة فنية استخدمت فيه ما يزيد على 8500 حبة لؤلؤ جلبت من مزرعة في رأس الخيمة في حبل طوله 70 مترا، كما استخدمت خامات من البيئة المحلية كالجلود وشعر المواشي والماعز وبعض مواد الرخام والحجر. تصميم يحاكي تداخلات طريقة لف أحباله المتناغمة مع الاضاءة بسرعة إيقاع الحياة في دبي،أما خط العقال، فولدت فكرته من مؤتمر للتصميم، قررت حينها وبعض المصممين ابتكار تصميم تنبثق فكرته من العقال فقمت بتجريد العقال من وظيفة ارتداءه فوق الشماغ لتثبيته لاستخدامه كمادة خام، فجمعت أكثر من عقال وقمت بربطهم بأسلاك معدنية لتصميم فواصل مساحات، وتطوير الفكرة لاستخدامها كأسطح للحائط. خط تعاونت فيه مع "آرتي فينيزيانا" شركة إيطالية عالمية بارزة تتميز بنقوشها البندقية على الأسطح العاكسة، في مجموعة "فورما" التي وظفت العقال بتصميم منتجات داخلية.
--أي منتج تعتبره درة التاج في تصاميمك ولماذا؟ -ما أود التحيز لخط إنتاج معين ولكن يمكني القول بأن خط "النخلة" من أبرز الخطوط وخاصة بتصميم (علاقة الملابس) المحاكية لشكل النخلة بتصميم كان موفقًا للغاية لم يكن نحت بحت بل تصميم هندسي تم توظيفه بشكل عملي، وتلك هي فلسفتي في التصميم ففيها ابتكار وعملية ولها وظيفة واضحة.
-- لك تجربة عبر معرض "قصص الامارات" للتصميم فماذا أضافت لك تلك التجربة؟ - كانت تجربة ثرية تجولنا فيها بين ميلانوولندن وباريس لعرض منتجات مجموعة من المصممين الإماراتيين الناشئين حيث كنت القيم الفني على أعمالهم المعروضة بالمعرض، وكانت مهمتي الربط بين التصاميم المنفذة بقصة وكان تحدي كبير، جولة أضافت كل مدينة منهم تجربة مختلفة، إذ ساهمت بشكل أو بآخر في صقل مهارات هؤلاء الشباب وغيرت لديهم مفاهيم عدة فمنهم تعلم تصحيح عيوب تصميمه، فمنحتهم الجرأة لخوض مجال تصميم الأثاث. كما قمت بتقييم الأعمال المشاركة على مستوى الخليج في معرض جدة عام 2013 ومحلياً في مركز مرايا بالشارقة، فلم تكن أول تجربة بل المميزة في رحلة العطاء لنقل خبرتي في هذا المجال.
-- ساهم المنتدى العالمي الأفريقي للأعمال في خلق أفاق التعاون بينك وبين المصمم حامد من بوركينا فاسو، حدثنا عن ذلك؟ - كانت من المحطات الملهمة التي ساهمت في مد جسور التواصل الحضاري بين دولة الامارات والقارة الإفريقية، عبر منصة عرض جمعتني بالمصمم الواعد حامد على هامش فعاليات المنتدى إذ دمجنا فيه بين زخارف منتجاتنا فكم كانت جميله ومتشابهة ولدت لغة مشتركة جذبت رواد المعرض اذ شاركت بسجادة تصميمها مستوحاة من النقوش الزخرفية ل "التلي" (أحد موروثات فنون تطريز الملابس النسائية) كانت عنصر التجانس بين قطع الأثاث وخزانة مزخرفة بشكل مبدع شارك بها حامد، فالزخرفة أو العلامات هي لغة مهمة جدا فى العالم لدلالة رموزها فلكل حضارة نقوشها الزخرفية ورموزها وبما توحيه من معنى فهي وسيلة مهمة في التواصل عرضناها بشكل يبرز هذا التناغم.
-- لك مشاركات عديدة في معارض بالدولة وخارجها، هل هذا الحضور والمشاركة جزء من حملة خالد الشعفار للانتشار؟ - بالتاكيد، فمنذ بداية انطلاقي في عالم التصميم كنت حريص على اختيار نوعية المعارض التي أشارك فيها وثقلها فى قطاع التصميم، فالمعارض ذات السمعة المرموقة تستقطب جمهور عريض من ذواقة هذا اللون من الصناعة، لذا فالافضل تركيز المشاركة على معرض واحد عوضًا عن توزيع الجهد على معارض متعددة، وتلك واحدة من أفضل الطرق.
-- في ظل التنافسية التي يشهدها سوق التصميم فما هي رهانات هذا القطاع؟ - الاستمرارية ستكون للمصمم الذي يمتلك رؤية ثابتة وخط يحمل توقيع معين يعكس أسلوبه الفني المتوازن الذي يحمل أفكار مبدعة ومبتكرة تراعي معايير الجودة والإصرار على النجاح، فهذا القطاع ليس سهل فهو مكلف ويحتاج لدارسة ولجهد وصبر كبير لتضع بصمتك الواضحة لمواجهة تحديات السوق فالابتكار مطلوب لتلبية الاذواق بتنوعها الثقافي، وليس بالضرورة خضوعها للتكنولوجيا فبعض الشركات تعتمد على الصناعات اليدوية والخامات الطبيعية فالتكنولوجيا أداة لتسهيل عمل القوالب والنماذج ولا تغير من أصالة المنتج.
--ما هي مشاريعك المستقبلية؟ في الفترة الحالية ينصب تركيزي على عمل التجهيزات اللازمة لتحويل الجاليري الذي أطلقته في عام 2013 برأس الخور بدبي، لصالة عرض لطرح مجموعات لمنتجات جديدة، بالتزامن مع تطوير وتحديث للموقع الالكتروني بشكله الجديد على شهر سبتمبر المقبل، وهناك منتجات سيتم إطلاقها قريبا قبل فصل الصيف لمنتج أو اكثر وبعد الصيف لمنتجين أيضا، أما بالنسبة للتعاونات الدولية فنعمل حاليًا على تنفيذ مشروعين الأول محلي والثاني دولي.
جلسة عربية مستوحاة من الحياة البحرية وصناعة السفن
تنوعت تصاميم خط العقال ثرية تفوح بعبق الاسلاف
النخلة والسرود عناصر استخلصها المصمم الاماراتي خالد الشعفار من التراث الاماراتي بشكل عصري