يبدو أن تطورات الأزمة القطرية بدأت تأخذ منحى جديدا مع استمرار تعنت قطر ورفضها لمطالب الدول الأربع، وفشل جهود الوساطة التى قادتها الكويت خلال الفترة القليلة الماضية في إحداث أى جديد على صعيد الحل. وبدا واضحا من التحركات المكثفة التى قامت بها الكويت خلال الأسبوع الماضي واتصالاتها على مختلف الأصعدة مع كل من المملكة العربية السعودية ومصر، أن هناك بوادر لضغوط ربما مارسها عدد من الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية والبحرين على الكويت لاتخاذ موقف مع قطر يتماشى مع استمرار تعنتها مع مطالب دول المقاطعة، قد يصل إلى حد قطع العلاقات السياسية معها، تماشيا مع مسار الأزمة - وفقا لما أكده مصدر سياسي رفيع ل«الأهرام العربي».
وجاءت التحركات الكويتية خلال الأسبوع الماضي مع تصعيد سياسي وإعلامي من جانب المملكة العربية السعودية، بأن قطر مستمرة في تهديد أمنها القومي بدعم الجماعات المتطرفة وبأن الأزمة لا تظهر أي علامات على الانحسار.
وكان وزير خارجية الكويت صباح الخالد الصباح قام بزيارة سريعة لكل من المملكة العربية السعودية، ومصر سلم خلالها رسالتين خطيتين من أمير الكويت لكل من خادم الحرمين الشريفين والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وعلى الرغم من أن نهج الكويت تجاه الخلاف مع قطر يعود إلى تقاليد الوساطة الكويتية لعقود مضت، ويتمثل في الاضطلاع بدور الوسيط الحذر كما أنه قد حظي بتأييد دولي وإقليمي على خلفية أن من يقود جهود الوساطة، هو أمير الكويت الذي يقوده الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي يعد أحد الشخصيات الحكيمة والمتمرسة في المنطقة. فقد أمضى عقودا كدبلوماسي ووسيط.
كما أن تداعيات الأزمة واستمرار تعنت قطر يهدد تلك الجهود وربما ينعكس على علاقات كل من السعودية والبحرين والإمارات من ناحية والكويت وسلطنة عمان من ناحية أخرى. وتسعى الكويت إلى السير بحذر لإقامة توازن بين الحفاظ على نهجها السياسي المستقل، مع الحفاظ في الوقت نفسه على تحالفها الأمني مع المملكة العربية السعودية، مركز الثقل السياسي في شبه الجزيرة العربية.
وتكشف مصادر سياسية عربية مطلعة ل«الأهرام العربي» بأن هناك قلقا في الكويت حول ما إذا كانت البلدان التي وقفت على الحياد في الأزمة الخليجية، كما فعلت الكويت وسلطنة عمان، ستخضع للضغوط من أجل إحداث تعديلات كبيرة على سياستها.. وهي ضغوط ربما بدت بوادرها في دعوات إعلامية انطلقت في بعض الأوساط الصحفية السعودية تطالب الكويت بقطع علاقاتها مع قطر. وتتهم قطر بأنها شكلت خطرا على أمن دول مجلس التعاون من خلال استمرارها في سياستها المتفردة وتبنيها وإيوائها عناصر متطرفة وإرهابية، وما أقدمت عليه من أمور خطيرة تهدد أمن جيرانها تعدت حدود السيادة الوطنية، وأثرت بذلك على قوة وتجانس الجبهة الأمنية لدول المجلس في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة.
وترى المصادر ذاتها أن الكويت ومن وجهة نظرها تخشى من أن ما يحدث مع قطر، قد يحمل تداعياته على دول مجلس التعاون الخليجي في وقت تنظر فيه إلى أشقائها في الخليج كسند إزاء التهديدات الإيرانية، خصوصا في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات في الكويت.. وهناك قلق متزايد بشأن أنشطة الميليشيات المسلحة الشيعية المرتبطة بإيران، التي تشمل «قوات الحشد الشعبى» و«حزب الله»، عبر الحدود في العراق التي يمكن أن تشكل تهديداً للكويت ويبدو في النهاية أن الكويت في موقف لا تحسد عليه إزاء الضغوط الخليجية لموقف أكثر حسما من قطر، مع استمرار التهديدات الإيرانية لمنطقة الخليج وهي كلها تحديات قد تجعل من المتوقع أن تأخذ الأزمة منحى جديدا يتجه لمواقف مفاجئة من قطر.