تتجه سياسة الحكومة في الوقت الحالي إلي مناقشة الدراسات الخاصة بإعادة النظر في سياسات الدعم, بهدف ترشيد هذه السياسات بما يضمن وصول الدعم إلي مستحقيه الحقيقيين من محدودي الدخل. بعد أن تبين أن أرقام إجمالي الدعم في الموازنة العامة للدولة2010/2009 وصلت إلي ما يقرب من100 مليار جنيه( مائة مليار جنيه), يخص السلع التموينية منها3841.4( ثلاثة آلاف وثمانية وواحد وأربعين مليون جنيه) ويخص المواد البترولية33694( ثلاثة وثلاثون ألفا وستمائة وأربعة وتسعون مليون جنيه). ولاشك أن هذه الدراسات تعد ضرورة ملحة من أجل رسم سياسات اقتصادية سليمة تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية لصغار العاملين بالدولة وأصحاب الدخول المحدودة. وحول هذا الموضوع أود أن أطرح النقاط التالية: * إن تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع السلع التموينية يتطلب ضرورة قصر الدعم علي السلع التموينية الضرورية التي تمثل الجزء الأكبر من ميزانية انفاق الأسر محدودة الدخل التي تم تحديدها بكل دقة وتوزيعها عليهم بواسطة البطاقات التموينية المتطورة, مع ترك أسعار باقي السلع حرة, حيث تتحدد وفقا للأسعار الحقيقية لها. * إن تحديد السعر العادل الذي يدفعه المستهلك في شراء باقي السلع الاستهلاكية, يتطلب دراسة مدي إمكانية وضع نظام صارم وفعال لإحكام الرقابة علي أسعار السلع التي توجد بالأسواق لدي التجار والموزعين والسوبر ماركت, ومحلات الجزارة والخضر والفاكهة وغيرها, وبما يضمن وجود هامش ربح مناسب وعادل لسعر بيع تلك السلع لكل من المنتج والموزع والمستهلك, وتحديد حد أعلي لهذا السعر لا يجوز تجاوزه, وذلك للحد من جشع التجار والوسطاء المستغلين للمواطنين. * إن تحديد السعر العادل يتم في ضوء تحديد التكلفة الحقيقية لكل سلعة, وتحديد هامش ربح مناسب وعادل لها, وذلك بواسطة جهة مركزية ممثلة من الغرف التجارية والوزارات والأجهزة المركزية المعنية, مثل وزارات التجارة والصناعة والاستثمار وجهاز حماية المستهلك والداخلية.. إلخ, بحيث تسهم جميعا في دراسة كل الأبعاد المتعلقة بتحديد السعر العادل الذي يدفعه المستهلك, وفي ضوء قوي العرض والطلب علي السلع في الأسواق والتي يتحدد بناء عليها الثمن صعودا وهبوطا. * ضرورة زيادة منافذ توزيع السلع الأساسية وانتشارها بالمناطق السكنية ومواقع العمل المختلفة, وتعميم الاتجاه إلي البيع المباشر للمستهلكين في صورة أكشاك أو سيارات متنقلة لتوزيع( السلع المعبأة, رغيف العيش المعبأ, أنابيب البوتاجاز), وبحيث يتم اختيار منافذ التوزيع بما يتفق والأسس العلمية التي يجب مراعاتها عند الاختيار مثل عدد السكان في المناطق, وطبيعة الاحتياجات للأسواق, وكمية الطلب علي تلك السلع والقدرات الشرائية للمستهلكين في تلك المناطق. * ونتيجة لإلغاء دعم بعض السلع الاستهلاكية والبترولية, فإنه يمكن توجيه الاعتمادات التي سيتم توفيرها إلي زيادة الأجور والمرتبات لكل العاملين بوحدات الجهاز الإداري للدولة وأصحاب الدخول المحدودة بمعدلات عادلة ومحسوبة, وجزء آخر يوجه لطرح مزيد من السلع في الأسواق وزيادة المعروض منها, وهذا يؤدي بدوره إلي استقرار الأسعار في الأسواق. إن قضية إعادة النظر في سياسات دعم السلع تفرض نفسها من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع السلع وضمان تحقيق أهدافها المحددة, إلا أنه في الوقت نفسه ينبغي النظر إليها بأفق أشمل وأعمق, لا يشتمل فقط علي دراسة الظروف الاقتصادية, بل يجب أيضا أن تشتمل علي دراسة الظروف الاجتماعية المحيطة بالمواطنين محدودي الدخل, ولذا فإنها تحتاج إلي الدراسة العلمية السليمة التي تعتمد أساسا علي دراسة أسباب زيادة أرقام الدعم والمستفيدين منه, ومدي إمكان الغائه ولو علي مراحل زمنية, أو تخفيضه, ومن هم أصحاب الدخول المحدودة, وكيف يمكن تحقيق العدالة في زيادة المرتبات والأجور, وغير ذلك من النقاط التي تحتاج إلي دراسة تحليلية متكاملة حتي يكون اتخاذ القرار النهائي متضمنا كل العوامل والضمانات التي تكفل له الفاعلية والنجاح.