دارت مناقشات مهمة حول قضية "الدعم" ومن يستحقه وهل يكون عينياً أم يمكن أن يكون نقدياً وكيفية ضمان وصوله إلي مستحقيه، وذلك في الندوة التي نظمها أمس الأول منتدي مصر الاقتصادي الدولي برئاسة محمد شفيق جبر. شهد الجلسة وزير التضامن الاجتماعي وأساتذة الاقتصاد ورجال الأعمال والاعلام ومجموعة من محدودي الدخل الذين تهمهم القضية، وأدار الندوة عصام رفعت رئيس تحرير الأهرام الاقتصادي. أكد وزير التضامن الاجتماعي الدكتور علي مصيلحي أن المشكلة معقدة ومتداخلة لانه يوجد فيها الكثير من المتغيرات وجميعها تؤثر معاً. واضاف انه لابد من المحافظة علي رفع مستوي المعيشة وخاصة بين الأسر الأولي بالدعم والرعاية ولو تم تصنيفهم فهم خمس شرائح ولابد ان نبدأ بالشريحة الأقل ثم الشريحة التي تليها.. وهكذا ولكي نصل إلي هذه الشريحة - محدودي الدخل - فلابد ان يتم ذلك عن طريق نموذج لمعرفة عدد أفراد الأسرة ومكان المعيشة ومساحة السكن والتعليم لكي نحدد الأسر الأولي بالرعاية فهذا دور وزارة التضامن. وأشار إلي أن الحكومة يجب ان تتحمل التكلفة عندما ترتفع الأسعار، ولكن بشرط ان تصل السلعة بشكل جيد إلي الشعب. كما يجب ان نحترم الخدمات المدعمة بحيث تكون علي نفس كفاءة السلع غير المدعمة. وتساءل هل ممكن استمرار الدعم؟ وأجاب: وجهة نظري ان تعظيم العائد من الدعم علي المواطن هو عن طريق رفع الكفاءة كما أشار إلي أن الدعم لا يصل إلي مستحقيه لانه توجد أمور مبهمة في الموضوع. وأكد علي أهمية ان يصل مستوي الرغيف المدعم إلي مستوي المبلغ الذي يتم دعمه به. مشيرا إلي أن دعم المنتجات الحالية يكفي.. ولكن لابد من ان نرفع من كفاءة المنتجات بجانب دراسة من هو الذي يستحق الدعم؟ وقال شفيق جبر رئيس المنتدي ان أرقام الميزانية لعام 2006/2007 والتي نشرتها الحكومة في شهر ابريل الماضي أوضحت توقع حدوث عجز كبير في الميزانية يصل إلي حوالي 58 مليار جنيه أي حوالي 9% من الناتج الاجمالي القومي. وقال إنه يتضح من الميزانية ان الحكومة خصصت 40 مليار جنيه (حوالي 20% من بند المصروفات بالميزانية) لدعم الطاقة وحدها وان اجمالي مخصصات الدعم يبلغ حوالي 58 مليار جنيه (حوالي 27% من الميزانية). وقال السفير رؤوف سعد مدير عام المنتدي ان النظام المالي للدعم يساهم في تغطية تكاليف الغذاء والنقل والأدوية وقروض الاسكان والرعاية الصحية والتعليم والطاقة وتجتمع الآراء المختلفة علي ان نظام الدعم يحتاج إلي ترشيده ورفع كفاءته وعلي وجود خلل في استخدام الدعم خاصة في ضوء ما أعلنته الحكومة من أن 20% فقط من مخصصات الدعم تصل إلي الفقراء. وأوضحت الدكتورة عالية المهدي استاذ الاقتصاد ومدير مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية ان الدعم هو قضية معقدة ومتداخلة وعند مناقشتها يجب الأخذ بجميع جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فسياسة الدعم موجودة منذ الحرب العالمية الثانية وكان الدعم في ذلك الوقت محدودا واستمر في الخمسينيات والستينيات وإلي منتصف السبعينيات ثم تم استخدامه للاحتفاظ بالولاء السياسي وفي الثمانينيات أصبح الدعم يمثل عبئاً علي الحكومة وبدأ التفكير في ترشيده. وأشارت إلي أنه في عام 2003 عندما تم تحرير الجنيه ارتفعت قيمة الأسعار وبدأت الشكوي تتزايد وفي عام 2006 زادت وطأة الدعم وتم استبعاد أربع سلع من البطاقات التموينية. اذا كان الدعم الغذائي وألبان الأطفال والاسكان فانه في عام 2005 خصصت الحكومة 40 مليار جنيه لدعم الطاقة وحدها وفي عام 2006 وصل إلي 54 مليارا واكدت الدكتورة عالية علي استخدام القيم الحقيقية (الناتج المحلي الاجمالي) كبيانات لقيمة الدعم الحقيقي بدون الكهرباء. وقالت لابد من اعادة النظر في موضوع الدعم مع مراعاة أننا لا نستطيع ان نفصل نصيب الفقراء من هذا الدعم. وأكدت علي أننا لدينا مشكلة عدم وجود استهداف واضح لمستحقي الدعم فنجد افراداً لديهم بطاقة تموينية لا يستحقونها ويوجد آخرون ليس لديهم بطاقة تموينية ومع ذلك يستحقون الدعم ولكنها أوضحت أنه توجد جزئية خارج المناقشة وهي رغيف العيش وهذا أولا: وثانيا يجب ان يتم عمل بحث لمعرفة من هو المحتاج للدعم ( من هي الأسر الفقيرة)؟ وهذا يطبق في دول عديدة، ثالثا: الطاقة (الكهرباء، الوقود) كيف يصل دعمها إلي 54 مليارا لابد من طرح السؤال التالي هل هذا المبلغ تم انفاقه بالفعل؟ وهل لا يوجد هدر في انفاق هذا المبلغ؟ هل نحن ننتج بالفعل؟ وهل نهدر جزءا من الموارد؟ كل هذه أسئلة يجب الاجابة عليها.. واعادة النظر فيها. واضافت د.عالية ان المستفيد الأول من الدعم ليسوا الفقراء بل الاغنياء. ففي الكهرباء نجد ان الأسر الفقيرة تستفيد بنسبة 9% فقط وان الأسر الغنية تستفيد ب 39% فهي تستحوذ علي الجزء الأكبر من دعم مالطاقة. معني ذلك ان الأسر الغنية تستهلك كهرباء أكثر وتحصل علي دعم أكثر والعكس صحيح. فنحن لدينا هدر كبير في استخدام الطاقة من قبل الاغنياء والحكومة مؤكدة علي ان مبلغ دعم الطاقة كبير جدا ولابد من النظر فيه لأنه الأسهل. وقال الدكتور جودة عبد الخالق استاذ الاقتصاد ورئيس اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع ان الدستور المصري يقول لابد من الحصول علي دخل يكفي الافراد بالنسبة للطاقة وهناك ما يقدم للاغنياء.. ومن هنا لابد ان نتحدث عن دعم الفقراء.. ودعم الاغنياء. كما لابد ان نتحدث عن المعنيين بتخفيض الدعم سنجد انهم (الحكومة، وزارة الخزانة، المعونة الأمريكية، البنك الدولي).. واضاف: إن حسبنا عجز الموازنة العام دون حساب الدعم سنجد ان الضرائب 36 مليار جنيه وضرائب المبيعات 17 مليارا والدمغة 7 مليارات والأجور 4.6 مليار. كما أشار عبد الخالق إلي أن حزب التجمع كان من اوائل المطالبين بتخفيض الضرائب ولكنه أوضح أن نسبة التخفيض التي تمت وهي 40% نسبة كبيرة تجافي منطق العقل كما أشار إلي أن الضريبة علي الأرباح الصناعية والتجارية لما تحدث فيها زيادة منذ عام 2005 (خارج مشاريع الحكومة). واضاف: بالنسبة لموضوع تحويل الدعم العيني إلي دعم نقدي سيؤدي إلي الارتفاع العام في مستوي الأسعار، اعادة توزيع الدخل ضد الفقراء لصالح الاثرياء وأوضح قائلا انه لا يجوز مهاجمة الدعم بأنه المسئول عن العجز، وعن دعم الطاقة قال عبد الخالق انه "صندوق أسود" لا نعلم مكوناته كما ان مبلغ الدعم مغالي فيه جداً. وطالب بأن تفرض ضريبة تتناسب مع الخدمة. كما طالب بضرورة استمرار دعم السلع العامة الاساسية لانها منفعة عامة وليست شخصية، كما طالب بتنظيم الدعم من حصيلة الضرائب عن طريق صندوق لموازنة الأسعار. من جانبه أكد الدكتور ماجد عثمان رئيس مركز المعلومات ودعم القرار التابع لمجلس الوزراء انه طبقاً للاستطلاعات التي تمت عن طريق التليفون كانت نسبة الذين لا يعلمون ان هناك دعماً من الحكومة للبوتاجاز 43% والكهرباء 55% والبنزين 59% وان هناك اكثر من 50% من أفراد الشعب لا يعلمون انه يوجد دعم. وأشار د.عثمان إلي ان فكرة تحريك الأسعار ستسبب مشاكل وغضباً في المجتمع كما انه أكد عدم جواز الانسحاب من دعم الفقراء دون تقديم شيء إليهم. وتساءل الكثير من الحاضرين، هل تتم محاسبة المصانع الخاصة والمزارع والمشاريع التي تستهلك طاقة كبيرة بنفس الثمن الذي تتم به محاسبة المواطن العادي؟