تنسيق الجامعات 2025..فتح تقليل الاغتراب لطلاب الشهادات الفنية    مدبولي يستعرض مع وزير المالية ملامح الحزمة الثانية من «التسهيلات الضريبية»    كلمة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أعمال القمة العربية الإسلامية الطارئة    العالم يترقب عودة دوري أبطال أوروبا.. معلومات وتفاصيل    محترفو الفراعنة × أسبوع| فوز قاتل لصلاح.. غياب منعم ومرموش.. خسارة ثنائي الجزيرة.. وغضب من مصطفى    الأهلي يبحث عن مهاجم أجنبي.. و«الحملاوي» يعود للصورة    تموين الجيزة: تحصيل 14.8 مليون جنيه غرامات من أصحاب المخابز    آسر ياسين ودينا الشربيني يقدمان "اشهد يا ليل" في رمضان 2026    حكم الخلوة الشرعية عبر الإنترنت بين الزوجين بعد عقد القران    «باطلة من أساسها».. خالد الجندي يرد على شبهة «فترة ال 183 سنة المفقودة» في نقل الحديث (فيديو)    أبوريدة نائبًا أول لرئيس الاتحاد العربي لكرة القدم    «اضطراب القلق الاجتماعي».. كيف تعرف أنك مصاب وكيف تتعامل مع المناسبات دون توتر؟    الداخلية توضح حقيقة فيديو قديم لتجاوز سلوكي منسوب لفرد شرطة بالقاهرة    اختل توازنه.. مصرع سباك سقط من علو في العمرانية    مصدر أمني ينفي ادعاء شخص بتسبب مركز شرطة في وفاة شقيقه    وزير الري يفتتح فعاليات اليوم الثانى من "معرض صحارى"    الصين تهدد باتخاذ إجراءات مضادة بعد دعوة ترامب لفرض رسوم على بكين    المتحف القبطي يحتفل بعيد النيروز بمعرض "النخلة حكاية تراث"    حكم قضاء الصلوات الفائتة .. «الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية» يجيب    بكين تحقق مع نيفيديا وسط تصاعد التوتر التكنولوجي مع واشنطن    نجاح جراحة قلب مفتوح معقدة بمستشفيات قنا الجامعية لإنقاذ حياة مريضة    تقديم الخدمات الطبية ل1266 مواطناً ضمن القافلة المجانية بقرية طاهر في كفر الشيخ    بتكلفة 15 مليون جنيه.. افتتاح توسعات طبية بمستشفى فيديمين المركزي في الفيوم    أرباح شركة دومتي تتراجع بنسبة 94% خلال النصف الأول من عام 2025    الدكتور هشام عبد العزيز: الرجولة مسؤولية وشهامة ونفع عام وليست مجرد ذكورة    الاحتلال يكثف إجراءاته بالضفة.. مئات الحواجز والبوابات الحديدية    تعليق مفاجئ من آمال ماهر على غناء حسن شاكوش لأغنيتها في ايه بينك وبينها    وزير الخارجية البولندي يوضح حقيقة الطائرات المسيّرة التي اخترقت أجواء بلاده    حاكم يوتا الأمريكية يكشف أسرارًا عن المتهم بقتل تشارلي كيرك.. ما هي؟    تحرير 126 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء خلال 24 ساعة    رابط نتائج الثالث متوسط 2025 الدور الثاني في العراق    قرار وزاري بإصدار ضوابط وآليات إعتماد «الإستقالات» طبقًا لقانون العمل الجديد    الحكومة تستعد لطرح فرصًا استثمارية في قطاع إنشاء وتشغيل المستشفيات    ترامب يهدد بإعلان «حالة طوارئ وطنية» في واشنطن لهذا السبب    موعد إعلان الفائز بمسابقة أفضل ممارسات الحفاظ على التراث العمراني 2025    إسماعيل يس.. من المونولوج إلى قمة السينما    الفريق أسامة ربيع ينعى 4 مرشدين رحلوا خلال عام 2025    قيمة المصروفات الدراسية لجميع المراحل التعليمية بالمدارس الحكومية والتجريبية    نشر الوعي بالقانون الجديد وتعزيز بيئة آمنة.. أبرز أنشطة العمل بالمحافظات    إزالة 95 حالة تعدٍ على الأراضى الزراعية بسوهاج خلال حملات موسعة.. صور    ليه 3 ديفندر؟.. غضب فى الأهلي بسبب تشكيل النحاس أمام إنبي    نبيل الكوكي يعالج الأخطاء الدفاعية فى المصري بعد ثلاثية الزمالك    رضوى هاشم: اليوم المصرى للموسيقى يحتفى بإرث سيد درويش ب100 فعالية مختلفة    صوفيا فيرجارا تغيب عن تقديم حفل جوائز إيمي 2025.. ما السبب؟    منافسة شرسة بين مان سيتي ويونايتد على ضم نجم الإنتر    ضبط ومصادرة 90 من المخالفات فى حملة لشرطة المرافق وحى غرب سوهاج    البنك الأهلي المصري يتعاون مع «أجروفود» لتمويل و تدريب المزارعين    ملك وملكة إسبانيا يبدآن غدا زيارة إلى مصر    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب سواحل كامتشاتكا الروسية    «لم يرحموا بكاء طفلتي».. القصة الكاملة لوفاة رضيعة الإسكندرية على ذراع والدتها بسبب منع الإجازة    "الأوقاف" تعلن عن أسماء المقبولين للدراسة بمراكز إعداد محفظي القرآن الكريم    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    «التضامن»: صرف «تكافل وكرامة» عن شهر سبتمبر بقيمة تزيد على 4 مليارات جنيه اليوم    بسنت النبراوي: تركت مهنتي كمضيفة جوية بسبب ظروف صحية والتمثيل صعبة للغاية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى إبراهيم البحراوى    «بيفكر في بيزيرا».. رضا عبدالعال يهاجم زيزو    تسمم 4 أشقاء تناولوا "سف فئران" بالخطأ في البحيرة    لقاء الخميسي في الجيم ونوال الزغبي جريئة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى نفك الاشتباك بين أرقام الدعم ؟‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 06 - 2010

عاماً بعد عام‏ تتزايد قيمة الدعم المالى للسلع والطاقة والخدمات الاجتماعية بحيث يصل فى مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية الجديدة‏‏ التى تبدأ أول يوليو المقبل‏ إلى 116‏ مليار جنيه‏. وذلك بزيادة 20,8‏ مليار جنيه عن العام المالى الجارى،‏ وهو ما يمثل حوالي ربع اجمالي الانفاق العام‏,‏ ونحو 8,4%‏ من الناتج المحلي الاجمالي لمصر‏‏ لتتصدر مصر بذلك الدول التي تقع في فئة الدول ذات الدخل المتوسط مثل اندونيسيا وتونس وجنوب افريقيا وارمينيا‏.‏ وارقام الدعم المرتفعة في مصر مستمرة منذ خمس سنوات منذ ان قامت الحكومة الحالية بتغير بنود الموازنه العامة‏,‏ و اعادة هيكلة الدعم‏,‏ باضافة دعم الطاقة والكهرباء لموازنتة والغت ما كان يعرف بالدعم المباشر والدعم غير المباشر‏,‏ الامر الذي ادي الي تضخم ارقام الدعم بصورة غير مسبوقة في تاريخ مصر الاقتصادي‏,‏ في الوقت الذي ادي سوء ادارة الدعم الي عدم وصوله لمستحقيه‏,‏ وتسربه الي الانتهازيين و الوسطاء واللصوص بالسوق ولفئات كثيرة غير لاتستحقه‏.‏
والسؤال هنا‏..‏ ما الذي ادي الي تضخم ارقام الدعم بموازنة الدولة الي هذا الحد المتوحش‏,‏ حتي بات يحد من قدرة الدولة علي الارتقاء بالخدمات الاجتماعية والتعليم والصحة‏,‏ والبنية الاساسية‏,‏ والانفاق علي البحث العلمي والثقافة‏..‏ وكيف يمكن فك الاشتباك الحالي بين ارقام الدعم المتعددة‏,‏ ويتيح الكشف بشفافية عن ارقامه الحقيقية‏,‏ و بالتالي وضعه في مساره المالي والاجتماعي الصحيح‏,‏ وهل يعني ذلك ان هناك حاجة لتغيير طريقة اعداد الموازنة العامة للدولة‏,‏ للمحافظة علي مواردها من الاهدار الناتج عن التبويب الحالي وتضخم ارقام الدعم فيها‏,‏ والذي تسبب في اتساع رقعة الفساد واعداد الفاسدين‏,‏ والمتربحين من المال العام‏,‏ حسب ما تظهره باستمرار تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات ؟‏..‏ هذا ما يحول ان يجيب عليه التحقيق التالي‏.‏
فعلي الرغم من ان مصر بدأت في تطبيق الدعم السلعي منذ عام 1945‏ بقيمة مالية بلغت 2‏ مليون جنيه‏، ثم بدأت ارقامه في التزايد بعد قيام ثورة يوليو عام 1952 حيث وصل في ذاك العام الي 15‏ مليون جنيه‏‏ والي 1,6‏ مليار جنيه في عام 1981,‏ ثم واصل ارتفاعه حتي بلغ في عام 2001‏ حوالي 4,9‏ مليار جنيه‏,‏ الا ان القفزة الكبيرة في ارقامه بدأت منذ مجيء حكومة الدكتور احمد نظيف وتولي الدكتور يوسف بطرس غالي مسئولية وزارة المالية عام 2005,‏ حيث قفزت ارقام الدعم من 13,8‏ مليار جنيه في موازنة عام 2005/2004‏ الي حوالي‏54‏ مليار جنيه دفعة واحدة في موازنة عام 2006/2005‏ بنسبة زيادة بلغت424%‏ وذلك بعد تبني معيار جديد لتصنيف ابواب الموازنة‏,‏ وظهور بنود جديدة في الدعم مثل دعم المواد البترولية‏,‏ الذي كانت تتحمله هيئة البترول‏,‏ كما تم الغاء التفرقة بين الدعم المباشر‏,‏ والدعم غير المباشرو المتمثل في المنتجات البترولية والكهرباء‏,‏ والنتيجة‏,‏ التي كشفت عنها تقارير مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء‏,‏ ان الدعم استحوذ في موازنة عام 2005-2006‏ على 26,1%‏ من اجمالي الانفاق في الميزانية العامة مقابل 8,5%‏ فقط في عام 2005/2004،‏ وارتفعت ايضا نسبته الي الناتج المحلي الاجمالي لحوالي 8%‏ من 2,3%‏ و استمرت هذه النسب تقريبا خلال السنوات المالية الخمس الاخيرة حتي السنة المالية المقبلة‏.‏
توحش دعم المنتجات البترولية
ويرجع التضخم الدرامي في ارقام الدعم الي الارتفاع الكبير في دعم المنتجات البترولية‏,‏ التي استحوذت على 75%‏ من اجمالي ارقام الدعم‏,‏ بينما تراجعت نسب دعم الخبز من حوالى 41%‏ من اجمالي الدعم في عام 1981‏ إلى 14,1%‏ في عام 2007،‏ كما تراجع دعم السلع التموينية خلال نفس الفترة المقارنة من 8%‏ إلى 2,6%‏ من اجمالي قيمة الدعم‏.‏
و جاء توحش ارقام الدعم علي حساب المخصصات المالية للصحة والتعليم‏,‏ حيث تراجعت مخصصات التعليم كنسبة من الانفاق العام من حوالي 17,1%‏ عام 2001‏ الي 12%‏ عام 2007،‏ ومخصصات الصحة خلال نفس الفترة المقارنة من 3,5%‏ إلى 4,4%.‏ وعلي الرغم من الاجماع الحالي بين الحكومة والخبراء الاقتصاديين علي ضرورة اصلاح انظمة الدعم الحالية‏,‏ الا ان وجهة النظر الرسمية مازالت تري استمرار التبويب الحالي للميزانية العامة‏,‏ والمنظومة الحالية او الهيكل الحالي للدعم‏,‏ وهو ما لا يتيح شفافية اكثر لبنود الدعم‏,‏ ولا ادارة اكفأ للمنظومة حتي يصل لمستحقيه‏.‏ ويوضح ذلك الدكتور جمال صيام الاستاذ بزراعة القاهرة وعضو لجنة الزراعة بامانة السياسات بالحزب الوطني‏,‏ قائلا‏:‏ ان الدعم اداة رئيسية لمكافحة الفقر‏,‏ وتحقيق العدالة الاجتماعية‏,‏ ويطبق ايضا لتشجيع مجالات معينة من الانتاج والتصدير‏,‏ ويتزايد عاما بعد الاخر بالميزانية طبقا لمقتضيات التضخم‏,‏ واعادة النظر في الاولويات بين الانشطة موضع الدعم‏,‏ وترتفع تقديرات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية في الموازنة العامة لسنة المالية 2011/2010‏ لنحو 116‏ مليار جنيه مقابل 95,2‏ مليار جنيه في السنة المالية 2010/2009‏ بزيادة 20,8‏ مليار جنيه وبنسبة زيادة 21,8%,‏ وهو ما يمثل 8,4%‏ من الناتج المحلي الاجمالي البالغ 1378‏ مليار جنيه في السنة المالية الجديدة‏,‏ ويستحوذ الدعم علي نحو 42,1%‏ من الانفاق العام البالغ 481‏ مليار جنيه‏.‏
ويضيف انه وفقا للتقسيم الحالي للدعم الي جزءين رئيسيين‏,‏ فان مخصصات الدعم في الميزانية الجديدة ترتفع الي 101,8‏ مليار جنيه‏,‏ والمنح والمزايا الاجتماعية تبلغ 14,2‏ مليار جنيه‏.‏ وبتحليل مخصصات الدعم‏,‏ فان المكون الرئيسي هو دعم المنتجات البترولية الذي يبلغ‏67,7‏ مليار جنيه بنسبة 58,4%‏ من اجمالي مخصصات الدعم والمنح‏,‏ ويستحوذ علي ثلثي الدعم بمفرده‏,‏ اما المكون الثاني للدعم فهو دعم الخبز والسلع التموينية‏'‏ دعم الغذاء‏'‏ ويبلغ 13,6‏ مليار جنيه بنسبة 11,7%‏ من اجمالي الدعم والمنح‏,‏ وبنسبة 13,3%‏ من مخصصات الدعم‏,‏ ويلي ذلك دعم الكهرباء بقيمة 6,3‏ مليار جنيه‏,‏ وتنشيط الصادرات 4‏ مليارات جنيه‏,‏ والمحاصيل الزراعية‏'‏ منتجي القمح والذرة‏ '1,9‏ مليار جنيه‏,‏ ودعم اسكان محدودي الدخل بمليار جنيه‏.‏
وبتحليل هذه البنود‏,‏ يري الدكتور صيام ان هناك ضآلة في ارقام الدعم الموجه للغذاء‏,‏ والذي لا تتجاوز نسبته 13,6%‏ من اجمالي الدعم‏,‏ ونحو 2,8%‏ من الانفاق العام او 1%‏ من الناتج المحلي الاجمالي‏,‏ وذلك اذا ما قورن بما ينفقه الفرد المصري علي الغذاء‏,‏ والذي يصل في المتوسط الي 40%‏ من دخله‏,‏ في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة الفقراء واشباه الفقراء الي اكثر من 35%‏ من عدد السكان حسب تقديرات البنك الدولي‏.‏ و اذا ما اخذ في الاعتبار اجمالي كل المخصصات المالية الموجه للسلع الغذائية والصحة والتعليم‏,‏ وهي التي من المفروض انها تساهم بشكل مباشر في تخفيف حدة الفقر بالمجتمع‏,‏ فانها لا تستحوذ الا علي نحو 24,5% فقط من اجمالي مخصصات الدعم والمزايا الاجتماعية وحوالى 5,9%‏ من اجمالي الانفاق العام‏.‏
يضاف ان هذه المخصصات في السنة المالية الجديدة تزيد فقط بقيمة 27,6‏ مليار جنيه عن ميزانية العام الحالي الذي ينتهي في 30‏ يونية الجاري‏,‏ وهذه الزيادة تمثل ما نسبته حوالى 2,6%‏ فقط‏,‏ علي الرغم من اجمالي المصروفات العامة بين الميزانيتين زادت بنسبة 35,6%‏ وذلك من 354,1‏ مليار جنيه الي 481‏ مليار جنيه‏,‏ وفي الوقت الذي زادت فيه مخصصات الدعم والمزايا الاجتماعية بنس‏ وذلك من‏95,2‏ مليار جنيه الي‏116‏ مليار جنيه‏,‏ فان دعم المواد البترولية استأثر باكبر زيادة بلغت 72,4%.‏
واذا كانت فاعلية الدعم تقاس بايصاله لمستحقيه‏,‏ فان الدكتور صيام يري ان جزءا كبيرا من الدعم لا يصل لمستحقيه‏,‏ ورغم ندرة البيانات الدقيقة الدالة علي ذلك‏,‏ فان الدراسات المتاحة تشير الي ان أعلى 20%‏ من السكان دخلا يحصلون على 23‏ من دعم الغذاء‏,‏ بينما يحصل افقر‏20%‏ من السكان علي‏17%‏ فقط من دعم الغذاء‏,‏ وهو توزيع معكوس يدل علي اهدار الدعم‏,‏ وتقليل فاعليته في تحقيق اهدافه‏.‏ وفي الوقت الذي زادت فيه مخصصات دعم الغذاء والخدمات بالموازنة العامة بنسبة 2,6%‏ فقط‏,‏ فان المستوي العام للاسعار‏'‏ التضخم‏'‏ ارتفع باكثر 11%‏ سنويا في المتوسط‏,‏ وهو ما يعني انخفاض القيمة الحقيقية او القوة الشرائية لمخصصات الدعم‏.‏ في الوقت الذي تستأثر فيه الفئات الاعلي دخلا بالمجتمع بالجزء الاكبر من المخصصات البترولية سواء باستهلاك السيارات لهذه المنتجات او استهلاك الطاقة بالمصانع‏,‏ كلها توجد في المدن والقطاع الحضري اما القطاع الريفي الذي يوجد فيه 70%‏ من فقراء مصر فيحصل علي النصيب الاصغر من دعم المنتجات البترولية او دعم الغذاء والخدمات‏.‏
توزيع الدعم لا يراعي الفقراء
وتضيف الدكتورة هنادي عبد الراضي استاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الاسكندرية‏,‏ ان توزيع الدعم السلعي الحالي لا يراعي العدالة الاجتماعية‏,‏ و لا توزيعات الفقراء في المحافظات‏,‏ حيث يتم توزيع المخابز وحصص الدقيق وفقا لعدد السكان وليس عدد الفقراء‏,‏ فحسب تقارير البنك الدولي‏,‏ فان نسبة الفقراء في الريف تصل إلى 46%‏ تقريبا من اجمالي السكان مقابل 22%‏ تقريبا في الحضر‏,‏ وتصل نسبة الفقراء في محافظات الوجه القبلي لحوالى 32,5%‏ وفي الوجه البحري حوالى 14,6%,‏ وفي محافظات الحدود 14,5%‏ وفي محافظات الحضر تصل النسبة إلى 5,3%‏ من مجموع السكان‏.‏
كذلك يتم توزيع دعم السلع التموينية وفقا لتوزيع السكان والبطاقات التموينية‏,‏ وحسب بيانات عام 2008,‏ فان محافظات الوجه البحري استحوذت علي حوالي 44%‏ من اجمالي هذا الدعم‏,‏ تليها محافظات الوجه القبلي بنسبة 34%‏ والحضر على 20%‏ بينما لم تتجاوز نسبة محافظات الحدود 1,2%‏ من اجمالي دعم السلع التموينية‏.‏ ونجد نفس التشوه في توزيع المنتجات البترولية‏,‏ و رغم ندرة البيانات الدقيقة المتاحة‏,‏ فان ميزانيات الدولة تشير الي استحواذ السولار على 43%‏ تقريبا من دعم المنتجات البترولية وتستحوذ المصانع المحتكرة للاسمنت والحديد وغيرها علي نسبة كبيرة منه‏,‏ و يستحوذ دعم البوتاجاز علي حوالى 21%,‏ والغاز الطبيعي على 17%‏ والبنزين علي حوالى 9%,‏ و الملفت للنظر ايضا ارتفاع مخصصات دعم الكهرباء المستمر رغم الزيادات المتعددة علي اسعارها‏,‏ حيث ارتفع الدعم المالي لها من حوالي‏3,2‏ مليار جنيه عام 2007‏ الي 6,3‏ مليار جنيه في السنة المالية الجديدة‏.‏
تحميل خسائر الشركات علي الدعم
ويري الدكتور حمدي عبد العظيم عميد أكاديمية السادات الاسبق‏:‏ ان جزءا من تضخم او زيادة ارقام الدعم في الموازنة العامة منذ عام 2005‏ يعود الي زيادة اسعار المكون الاجنبي في السلع والمنتجات المستوردة من الخارج مثل البوتاجاز‏,‏ ودفع قيمة شراء حصة الشريك الاجنبي من الغاز والبترول بالدولار‏,‏ بالاضافة الي زيادة اسعار السلع محليا بنسبة وصلت لنحو 20%‏ خلال السنوات الخمس الماضية قبل ان تتراجع الاسعار منذ اكثر من عام لفترة‏,‏ ثم عادت للزيادة‏.‏
و يقول ان مخصصات الدعم هي فروق اسعار تتحمل جزء منها خزانة الدولة‏,‏ وجزء منها يتحمله المستهلك النهائي‏.‏ وبالنسبة لدعم المنتجات البترولية فهو دعم ضمني او دفتري‏,‏ علي اساس حساب فرصة البيع بالاسواق الدولية‏,‏ وبحساب تكلفة شراء هيئة البترول من الشريك الاجنبي‏,‏ فان حسابات الهيئة تظهر خسارة‏,‏ وارقام الدعم المخصصة تتزايد في الموازنة العامة‏,‏ ولكن حقيقة الامر‏,‏ ان هناك تحميلا علي ارقام الدعم في الميزانية بخسائر الشركات وسوء ادارة منظومة الدعم بشكل عام‏.‏ فعلي سبيل المثال يتم تحميل خسائر شركات الكهرباء والمياه الحكومية علي فاتورة اجمالي الدعم‏,‏ كما انه من المفروض ان دعم الكهرباء علي سبيل المثال يوجه للاستهلاك المنزلي‏,‏ وليس للمصانع وللورش‏,‏ والدعم المنزلي يتم وفق شرائح‏,‏ وهو ما تقوم به منذ فترة طويلة وزارة الكهرباء‏.‏
وفي هذا الصدد اشارت دراسة لمركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء جرت في عام 2007‏ الي أن 50%‏ من اجمالي المشتركين يستهلكون ما بين 51‏ الي 200‏ كيلو وات ساعة في الشهر‏,‏ وتتراوح قيمة الدعم الشهري لهم ما بين 4,5‏ جنيه الي‏ 11,5‏ جنيه‏.‏
ويري الدكتور حمدي عبد العظيم‏,‏ ان سوء ادارة منظومة الدعم ادت الي استفادة المحتكرين من المصنعين من الدعم‏,‏ بجانب استفادتهم باشكال اخري من الدعم التصديري والتقني وغيرها من اشكال الدعم‏,‏ كما ان الفساد في ادارة الدعم السلعي خلق طبقة من التجار والوسطاء المستفيدين من اموال الشعب‏,‏ ونسبة الفساد في تجارة السلع المدعمة يمكن ان تصل الي‏25%,‏ بناء علي حسابات التسريب‏,‏ لذلك فان استبدال الدعم العيني او السلعي بدعم نقدي ليس هو الحل في الوقت الحالي‏,‏ لانه سيؤدي الي اشتعال الاسعار في السوق‏,‏ وعدم قدرة الدولة علي السيطرة علي الاسعار وما يترتب علي ذلك من اضطرابات اجتماعية‏,‏ والحل هو فصل التكلفة في القطاعات‏,‏ والفرق في الاسعار تتحمله الدولة‏,‏ وبالتالي يمكن تحديد حجم الدعم الحقيقي او الدعم الصريح‏.‏
وفي هذا الصدد‏,‏ يضيف الدكتور عبد العظيم الي ان الدكتور مدحت حسانين وزير المالية السابق في حكومة عاطف عبيد كان في طريقه لتطبيق نظام موازنة البرامج والاداء‏,‏ بمعني انه لا يتم اعتماد اي بند في الموازنة الا بعد حساب التكلفة والعائد‏,‏ فاذا تبين ان هناك عائد ا اقتصاديا او اجتماعيا يتم اعتماد ذلك في الموازنة‏,‏ و تحديد فترة التنفيذ والمحافظات التي سينفذ فيها المشروع او المشاريع‏,‏ وبالتالي‏,‏ فان الدعم في الموزانة يرتبط بالتنفيذ الفعلي‏,‏ وهو ما ستدفعه الخزانة العامة‏,‏ ام سياسة الدعم الضمني الحالية‏,‏ فان الخزانة العامة تتحمل من خلالها فروقات الاسعار بين سعر السوق وسعر البيع للمستهلك‏,‏ وهي سياسات لا تعكس شفافية في ادارة مخصصات الدعم بالميزانية العامة سواء للسلع والخدمات‏,‏ حيث ان تكلفة الخدمات غير شفافة وتحمل باعباء الاختلاسات والتلاعبات المالية والسرقات والتربح من وراء المال العام‏,‏ وهو ما تظهره باستمرار تقارير جهاز المحاسبات‏.‏
ويضيف الدكتور صيام الي ذلك قائلا‏:‏ ان عدم استهداف الدعم لمستحقيه يعمق الفقر وانعدام العدالة الاجتماعية‏,‏ بالاضافة الي ما يحدثه من تشوهات في الاسعار تتم في الاغلب لصالح الوسطاء‏,‏ وربما يكون الدعم النقدي بديلا جيدا لتحقيق الاستهداف الكامل للفقراء‏,‏ ولكن ذلك يقتضي تحديد المستحقين بخريطة واضحة‏,‏ وربطه بمعدلات التضخم‏,‏ مع ضرورة متابعة المتغيرات الداخلية والحراك الاجتماعي بين الفئات المختلفة‏.‏ وبالنسبة للمخصصات الحالية لدعم الغذاء‏,‏ يري الدكتور صيام لابد من ربطه بمعدلات تتماشي مع معدلات التضخم وهى 10%‏ سنويا علي الاقل‏,‏ حتي ولو كان ذلك علي حساب دعم المنتجات البترولية‏,‏ وذلك عكس ما تشير له بيانات ميزانية السنة المالية الجديدة‏,‏ كما يري اعادة النظر في بعض بنود الدعم مثل دعم الصادرات‏,‏ ويبلغ حوالى 4‏ مليارات جنيه‏,‏ ويمكن ربطه بالزراعات التعاقدية حتي يصل جزء منه لصغار المزارعين ذوي الدخل المنخفض‏,‏ كما ينبغي ان يحصل الريف علي الجزء الاكبر من مخصصات الدعم علي نحو يتناسب مع نسبة الفقراء فيه‏,‏ حيث يضم الريف حوالى 70%‏ من الفقراء في مصر‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.