تشهد الأوضاع في السودان تصعيدًا خطيرًا ومتواصلًا في الصراع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، بالتزامن مع تفاقم غير مسبوق للأزمة الإنسانية وانهيار واسع في البنية التحتية والخدمات الأساسية، وسط تحركات سياسية ودبلوماسية إقليمية ودولية متسارعة لمحاولة احتواء الوضع ووقف الانتهاكات. تصعيد الصراع العسكري والإنساني لا تزال الاشتباكات العنيفة مستمرة في عدة ولايات سودانية، خاصة في دارفور وكردفان والخرطوم، مع تزايد التقارير عن استهداف المدنيين والبنية التحتية الحيوية. ووفقًا لتقارير أممية نقلتها وسائل إعلام دولية، وثّقت الأممالمتحدة مقتل أكثر من ألف مدني في مخيم زمزم للنازحين بإقليم دارفور خلال هجوم شنته قوات الدعم السريع في أبريل الماضي، في واحدة من أسوأ المجازر بحق المدنيين منذ اندلاع الحرب. وعلى المستوى الإنساني، تُعد الأزمة في السودان من أكبر أزمات النزوح في العالم، حيث يواجه ملايين المدنيين أوضاعًا معيشية بالغة القسوة داخل مخيمات تفتقر إلى الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب والخدمات الصحية الأساسية. العمل الإنساني في ظل المخاطر تقارير صحفية دولية سلطت الضوء على الدور الذي تقوم به شبكات تطوعية سودانية تعمل في ظروف أمنية شديدة الخطورة لتقديم الرعاية الصحية والغذاء والدعم النفسي للمتضررين، حيث يخاطر المتطوعون بحياتهم يوميًا للوصول إلى المناطق المنكوبة وسط القتال وانعدام الحماية. وفي السياق ذاته، حذرت منظمة الصحة العالمية من تصاعد الاعتداءات على المرافق الصحية، مؤكدة توثيق مئات الهجمات التي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى من المرضى والعاملين في القطاع الطبي، ما ينذر بانهيار شبه كامل للنظام الصحي في البلاد. المسار السياسي وجهود السلام سياسيًا، قدّم رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس خطة سلام إلى مجلس الأمن الدولي، تضمنت وقفًا لإطلاق النار تحت إشراف الأممالمتحدة، وسحب قوات الدعم السريع من المناطق التي تسيطر عليها، إلى جانب تجميع القوات في معسكرات خاضعة للرقابة الدولية تمهيدًا لنزع السلاح. إلا أن هذه المبادرة واجهت رفضًا من قوات الدعم السريع، التي وصفت الخطة بأنها غير واقعية، وطالبت بإجراء مفاوضات مباشرة وشاملة بين أطراف النزاع، في مؤشر على تعقيد المشهد السياسي وصعوبة التوصل إلى تسوية قريبة. تحركات دولية جديدة بشأن دارفور في تطور لافت، كشفت مصادر دبلوماسية عن أن الاتحاد الأوروبي يدرس إنشاء قوة دولية لحفظ السلام في إقليم دارفور، بهدف حماية المدنيين في ظل تصاعد أعمال العنف والانتهاكات الإنسانية. وتشير المعلومات إلى أن المقترح يتم بحثه بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي لضمان الشرعية الإقليمية، مع احتمال مشاركة الولاياتالمتحدة من خلال تقديم دعم لوجستي أو مساهمات مالية. ويعتمد المقترح الأوروبي على آلية تمويل دولية مشتركة تجمع بين الموارد الأوروبية ومساهمات شركاء دوليين، في ظل تنامي القلق الدولي من تفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية في دارفور واستمرار عجز الحلول الحالية عن حماية المدنيين. خلاصة المشهد السوداني الحرب في السودان مستمرة منذ أكثر من عامين دون أفق واضح للحسم. آلاف المدنيين سقطوا قتلى، وملايين يعيشون حالة نزوح داخلي وخارجي. الأوضاع الإنسانية والصحية تواصل التدهور في معظم أنحاء البلاد. الجهود الدبلوماسية الدولية تتزايد، لكنها لم تنجح حتى الآن في فرض وقف فعلي لإطلاق النار. التحركات الأوروبية والدولية الأخيرة قد تعيد ملف دارفور إلى صدارة الاهتمام الدولي. يبقى السودان أمام مفترق طرق حاسم، في ظل دعوات متزايدة لاتخاذ إجراءات دولية عملية لحماية المدنيين ووقف الانتهاكات، بينما يظل الحل النهائي مرهونًا بإرادة سياسية حقيقية من أطراف الصراع ودعم دولي منسق يضع مصلحة الشعب السوداني في المقام الأول.