علي مر التاريخ القديم والحديث, شهدت سيناء أحداثا جليلة وأخري قاسية, وتناول هذه الأحداث واستعراض مراحلها يظل منقوصا إذا لم نذكر الرجال الذين صنعوا تلك الأحداث وضحوا من أجل أن تظل هذه البقعة الغالية مرفوعة الراية موفورة الكرامة. وإذا كان شهداء الوطن يتصدرون قوائم هؤلاء الرجال باعتبارهم قدموا أرواحهم فداء للوطن, فإن أحد هؤلاء تعددت إسهاماته في الحرب والسلم معا, فقد كان أحد القادة في ساحة الحرب, وكان أيضا محافظا لسيناء, هو اللواء منير شاش الذي وافته المنية الأسبوع الماضي. ومن بين الكثير من أبناء مصر الشرفاء في سيناء وباقي المحافظات, الذين دافعوا عن سيناء واهتموا بأهلها مدركين قيمة رمالها وأهمية موقعها, كان اللواء شاش أحد هؤلاء. ولعل إيمانه بخطورة المكان الذي تتصدره سيناء بالنسبة لمصر وللإقليم, وإدراكه لأهمية المكانة التي تحتلها في ضمير المصريين, فقد تيقن الرجل إلي حقيقة أنه لا قيمة لبلد أو شرف لوطن في غياب الكرامة لأبنائه, ولذلك فقد وضع أهالي سيناء في محور أولوياته وصدارة اهتماماته قبل أن يدفعهم للمشاركة الفعلية في إدارة شئونهم, كما احترم تقاليدهم واستجاب بفهم للكثير من مطالبهم المشروعة وأهمها أن يعاملوا في إقليمهم مثل أشقائهم في باقي الأقاليم ومحافظات الجمهورية, وقد بادلوه الاحترام والإعزاز والتقدير وكانت المحصلة أنه حظي بأطول فترة قضاها محافظ في تاريخ سيناء, حيث استمر في منصبه محافظا لأكثر من31 عاما. كانت سمة الشجاعة إحدي أهم صفاته والتي استمدها من العسكرية المصرية, وتجسد ذلك في معالجة العديد من الملفات والقضايا التي واجهها خلال تلك الفترة, ومن بينها معارضته المستمرة لرموز الحكم السابقين فيما يتعلق بمسار ترعة السلام التي كان يقاتل من أجل أن تمر في منطقة السر والقوارير في منطقة الوسط التي تعاني من القحط المائي, إلا أن رموز الفساد أصروا علي تغيير مسارها بقرب ساحل البحر المتوسط بمياهه المالحة ذات التربة التي تستعصي علي الزراعة, والمحصلة بعد حوالي4 عقود منذ بدء المشروع القومي لتنمية سيناء لا لزرعها بالبشر والشجر, ولكن لإقامة مزارع سمكية.. فبأس الإنتاج. وإذا كنا نرفض وندين ما يحدث في سيناء من تفجيرات وأحداث عنف غريبة علي أهلها, وليست مألوفة علي أرضها, وفي الوقت نفسه فإن من يلصق تلك الأعمال بأبناء سيناء يجهل تماما الواقع هناك, لأن التنكيل والقمع الذي كان يعامل به المواطنون, والذي ساد سيناء قبل ثورة52 يناير, أسهم بقوة في تغذية الإرهاب والعنف هناك, وفي المقابل فإن قيم الاحترام والمعاملة الإنسانية والتي جعلت أبناء سيناء يتمتعون ب المواطنة الكاملة التي رعاها شاش قد شكلت حصنا من التطرف والعنف والإرهاب, فلم تشهد سيناء أحداث عنف علي الإطلاق. لقد احترم المواطنين من أبناء سيناء فلم يفرق بين من هو في الحضر أو البادية, أو بين مواطن من سيناء وبين آخر من محافظات الوادي, واستدرك أهمية التناغم والتآلف بين هؤلاء جميعا لكي يواجه تنمية إقليم يحتاج إلي تناغم جهد الإنسان مع قسوة الطبيعة. المزيد من مقالات ثابت أمين عواد