شوط طويل قطعناه في هذه المعركة.. انجازات عديدة لمناهضتها تحققت علي مر السنين.. خطوات فاصلة مشيناها علي الطريق حتي ننجح في كسر حاجز الصمت الذي يغلفها. وصارت قضية التصدي لختان الإناث واحدة من أهم النجاحات التي حصدتها المؤسسات المعنية بالطفل والمرأة في بلادنا.. لكن فصول المعركة لم تنته بعد والجدال لا يزال قائما.. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا رغم كل الجهود المبذولة من قبل الدولة ممثلة في وزارة الأسرة والسكان والمجلس القومي للطفولة والأمومة ووزارة الصحة التي جرمت هذه الممارسة والمرجعيات الدينية التي برأت الدين الإسلامي والمسيحي منها لماذا بالرغم من كل ذلك استمرت عمليات الختان؟ صحيح أن المسح السكاني الصحي2008 اظهر انخفاضا في تأييد السيدات في الفئة العمرية من15 إلي49 ومعظمهن مختنات لهذه الممارسة. كما أن البيانات التي تم جمعها من السيدات عن تخطيطهن لختان بناتهن أظهرت أن الانخفاض سوف يتسارع في العقدين القادمين.. كلها مؤشرات طيبة ولكنها لاتعكس الجهود المبذولة والنتائج المأمولة.. لذلك عقد ائتلاف الجمعيات الأهيلة لتنظيم الأسرة وجمعية القاهرة لتنظيم الأسرة لقاء لمناقشة ابعاد هذه القضية وبحث الحلول المناسبة للتصدي لها.. عقد اللقاء في نادي الإنتاج الحربي بحلوان تحت رعاية د. سيد مشعل وزير الانتاج الحربي وعائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة وشارك فيه د. محمد وسام أمين الفتوي بدار الافتاء وفايزة حسبو أمينة المرأة بالحزب الوطني والعديد من المتخصصين بهدف واحد هو دفع الأسر المصرية للتخلي عن هذه الممارسة, لذلك أعلنت د. رندا فخر الدين مديرة مشروع الائتلاف أن الائتلاف سيوفر للجمعيات المنضمة إليه تمويل أنشطة برامج مناهضة الختان بالتعاون مع صندوق الأممالمتحدة للسكان واوضحت د. نهلة عبدالتواب مديرة البرنامج العلمي للصحة الإنجابية بالمجلس الدولي للسكان ضرورة التركيز علي الرجال في مجالات التوعية لمناهضة هذه الممارسة وعدم الاكتفاء بالتوجه للنساء لأن الرجال يقفون وراءها بشكل غير مباشر.. كما دعت إلي عدم التركيز علي المخاطر الصحية فقط لأن هذا التركيز أدي إلي تطبيب هذه العادة كما كشف عن ذلك المسح السكاني الصحي2008 الذي أظهر أن نحو72% من الفتيات أقل من17 سنة أجري لهن الختان علي يد أطباء بالمقارنة بنحو24% من الأمهات. وأضافت مواهب المويلحي الباحثة في مجال الصحة الإنجابية والمتطوعة بجمعية القاهرة لتنظيم الأسرة سببا آخر يعوق حدوث تقدم في مجال التصدي لهذه الممارسة ويتمثل في العادات والخرافات التي تروج للختان وتتحدث عنه علي أنه من المسلمات التي لا يمكن الاقتراب منها في تجاهل تام لحجم الألم والمعاناة التي تتعرض لها الطفلة التي تساق كالشاة لتلقي مصيرها المؤلم أو الموت.. فأين حقوق هذه الطفلة؟ أين حقها في الكرامة وفي سلامة جسدها ونفسيتها وحقها في الحماية. وهي الحقوق التي كفلتها لها المواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر وتعديلات قانون الطفل المصري. هل فكر أحد من أولياء الأمور أن من حق هذه الفتاة أن تعيش وتتمتع بصحة جسدية ونفسية سليمة وأن من حقها المعرفة والتعبير عن رأيها خاصة أن الكثيرات يجبرن علي إجراء الختان دون معرفة أو ادراك لما قد يصيبهن من أضرار بدنية ونفسية.. أن من حق هذه الفتاة الحماية؟ والأمان والثقة في أقرب الأشخاص وهما الأب والأم. من أجل هؤلاء الفتيات اقترحت د. فيفيان فؤاد مسئولة التدريب بالمشروع القومي لمناهضة ختان الإناث بوزارة الأسرة والسكان اختيار يوم14 يونيو ليكون يوما مصريا لمناهضة هذه الممارسة لأنه التاريخ الذي توفيت فيه الطفلة بدور من محافظة المنيا إثر تعرضها لعملية الختان, وذلك بعد أن كشف تقرير خط نجدة الطفل المجاني16000 استقبال الخط4821 بلاغا خلال الأربعة أعوام الماضية حول الختان أي أكثر من ألف بلاغ كل عام وكان علي قمة المتصلين الأمهات بنسبة وصلت إلي57% وأسألتهن تدور حول خوفهن من أن يؤثر ختان البنات علي صحتهن الانجابية أو زواجهن ثم الأطفال بنسبة وصلت إلي24% وأغلبهم في المرحلة العمرية تحت سن12 سنة وهي نسبة مباشرة لأنها تعكس عدم تخوف الأطفال وإدراكهم إن هناك من يستطيع مساعدتهم بالفعل.. آن الأوان لهذه الممارسة البشعة أن تتوقف وأن تتوحد الجهود لمناهضتها وأن تتم الاستفادة من خط النجدة المجاني16000 الذي وفرته وزارة الأسرة والسكان للابلاغ عن أي شروع في إجراء الختان ليس فقط لأنها ممارسة تدمر الفتاة نفسيا وصحيا ويستمر تأثيرها مدي الحياة أو لأنها نوع من أنواع العنف ضد المرأة أو شكل من أشكال التمييز الذي يمارس ضدها ولكن لأنها أيضا انتهاك واضح وصريح لحقوق المرأة باعتبارها إنسانا.