طالعتنا بعض الصحف بحادثة غريبة علي مجتمعنا المصري كما هي غريبة علي ديننا الإسلامي عندما ألقي شخص ملتح ماء النار علي جاره لرفضه أداء صلاة العشاء جماعة معه، وكأن هذا التطرف المرفوض يريد أن يصبح ظاهرة.. إلا أن جميع طوائف المجتمع تحاربة وتواجهه بيد حديدية تكسر شوكته ولكن مخاطر هذا التطرف كثيرة علي كل المستويات وليس امامنا سوي التصدي المجتمعي لها. توضح الدكتورة ايمان شريف قائد أستاذ علم النفس الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إنه إذا كان التدين يختلط بالعنف فهو ليس دينا اذن وانما مجرد ستار فحتي اذا استدعي الأمر تعنيف شخص علي أمر ما فلا يكون بهذا الارهاب فلا يكون الدين ستارا للبلطجة والعنف والانتقام وارتكاب الموبقات والقاء فتاوي غير شرعية وارتكاب سرقات تحت مسمي بيت المال وغيرها. لذلك فأي اقتران بين الدين والعنف أو أي شيء غير مشروع يكون بهذا ظلم للدين حيث يقول سبحانه وتعالي في القرآن الكريم أدع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة فهذا التطرف من المؤكد أنه ينعكس سلبا علي المجتمع حيث يزيد البلطجة والارهاب حيث يحدث تشويش علي الأفكار خاصة للفئات القابلة للإثارة والاستهواء والخلط بين الأديان والتي لم تكتمل المعرفة العقائدية لديهم مما يبعث علي التشويش للشباب والمراهقين وربما يستتبعه ردة في الدين وبلبلة وهز للوازع الديني وفتنه وإزدراء أديان وربما يتجه البعض لدين آخر يصنعونه بأنفسهم.. فالكارثة أن المجتمع غير أمن هذه الأيام ومزيد من التطرف يؤدي لضياع الأمن نهائيا خاصة أنها حالات بلطجة تهدد زمن المواطنين وؤن كانت قديما مجرد حالات فردية لا ترقي لمستوي الظاهرة بعكس هذه الأيام سواء من دعاة الدين او البلطجية والذين استغلوا الإنفلات الأمني لإنجاز مصالح إجرامية وكل هذا في النهاية يؤدي لترويع المجتمع ووقف الإنتاج لأن الخائف لايستطيع أن ينتج وبالتالي يتأثر دخل الفرد الذي يحجم عن الذهاب لعمله ليلا مثلا فتتأثر الحالة الاقتصادية وتزداد الجريمة لدي النفوس الضعيفة المستهدفة. يؤكد الدكتور أسامة فايد أستاذ القانون الجنائي وعميد كلية حقوق بني سويف.. أن التطرف الديني ليس له تعريف قانوني لذلك لم ينص القانون علي عقوبة محددة له ولكن العقاب يتم علي الجريمة التي ارتكبها بعيدا عن كونها جريمة فتعريف التطرف الديني له معيار مطاط غير محدد. أما جريمة الإرهاب فهي ارتكاب الفعل بقصد إرهاب الآخرين وهنا يشدد القانون العقوبة في الحالة التي ترتكب فيها الجريمة بغرض إرهابي ولكن حتي الآن لم يتم تحديد تعريف واضح للارهاب من أي جهة دولية او عالمية حتي الأممالمتحدة فالقانون يعاقب كل جريمة علي حدة حيث تري أثر الفعل الذي ارتكب الشخص فإذا كان مقترنا بإثارة الذعر والإرهاب أصبحت العقوبة مشددة. وخير دليل علي ذلك عندما اضطر المجلس العسكري لإصدار قانون البلطجة لمواجهة أعمال العنف والبلطجة في الشارع وقد كان هذا القانون غير موجود أصلا فرغم أنه صدر سابقا فإن المحكمة الدستورية ألغته لعيب شكلي في إصدار هذا التشريع متمثل في عدم عرضه علي مجلس الشوري.. أما الآن فنحن في حاجة اليه لمعاقبة البلطجة بهدف حماية الأفراد من الإرهاب فصعوبة تحديد معيار للتطرف تكمن في كونه مطاطا والقانون الجنائي لابد أن تكون الأفعال فيه محددة بحيث لانعطي فرصة لسلطة تنفيذية للتعسف في إستعمال هذه السلطة وفقا لمبدأ الشرعية الجنائية الذي ينص علي أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء علي نص حماية للحريات الفردية.. يقول الدكتور منصور الحفناوي أستاذ الشريعة بجامعة الزقازيق إن الإسلام دين الرحمة والفهم الصحيح والوسطية وعدم الغلو في الدين فالإسلام لا يقبل من شخص ما أن يتشدد في الدين بحيث يأتي بما لم يشرعه الله سبحانه وتعالي فعندما أطال بعض الصحابة الصلاة وهم يؤمون المسلمين فقد اشتكي أحد المصلين للرسول( صلي الله عليه وسلم) فقال من صلي بالناس فليخفف فإن فيهم السقيم والمريض وذا الحاجة ولم ير أحد رسول الله في موعظة أشد غضبا من هذه الموعظة وقال للصحابي المشكو في حقه أتنفر الناس يا معاذ. إذن الإسلام دين يسر وليس عسرا كما أنه دين يترك الشخص علي حسب ما يحب ويهوي فحسابه علي الله فلا فرض في أداء فريضة وإنما رغبنا الإسلام فيها وحببها إلينا وتركنا نختار ولكن ما بالنا نري اليوم بعض المتشددين الذين يصل بهم الأمر للعراك والتشابك بالأيدي نظرا للخلاف علي رأي؟ كل هذا ليس من الإسلام في شيء فقد ترك كل شخص وما يهوي بل أرشده له وقال تعالي فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إذن هؤلاء المتشددون ليسوا علي طريق الإسلام وإنما هم علي شفا جرف هار ينهار في جهنم ونعوذ بالله من هذا التشدد البغيض الذي نفر منه الرسول عندما رأي صحابيا يصوم كل يوم فقال له يا عبد الله صم وأفطر وإذا كان فصيام داود صيام يوم وافطار يوم.. وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لمن ذهبوا يسألونه عن عبادته فقال أحدهم إني لا أنام وسأصلي طوال الليل وقال ثان لن أتزوج وقال ثالث أصوم الدهر كله.. ولكن الرسول جمع الناس وقال إني لأخشاكم لله وأحبكم إليه وإني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني وهكذا علمنا الرسول ألا نأخذ أنفسنا بالشدة وقال صلوا ما استطعتم من الليل فناموا. يشير اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمني والإستراتيجي ورئيس مركز الجمهورية للدراسات والأبحاث السياسية والأمنية إلي أن البلطجة والعنف مرفوضة تماما خاصة تحت مظلة الدين فقد ظهرت في الآونة الأخيرة مثل هذه الوقائع بعد ظاهرة الانفلات الأمني التي استغلها البعض تحت وازع الدين لتنفيذ أغراض شخصية بعيدة عن القيم الدينية والمبادئ الروحية والأديان السماوية بريئة من هذه الأفعال بنصوص واضحة في الكتب السماوية فالعنف لم يقبله دين أو بشر ولم يشرعه الله والمسألة تنحصر في أن يبتعد أصحاب المصالح الشخصية عن تنفيذ أجنداتهم الخاصة أو أجندات من يعملون لصالحهم تحت ستار الدين الذي هو منهم براء ولابد أن يرفض الرأي العام مثل هذه الأفعال ويقاومها ونناشد القضاء العادل تشديد العقوبات بقدر ما يسمح به القانون علي مرتكبيها والتي تروع أمن ونفوس المواطنين وهذا سيزيد من الشعور بغياب الأمن علي النفس والمال والأسرة ويعطي انطباعا خاطئا لدي السائحين الأجانب بوجود توتر مما قد يؤثر سلبا علي السياحة وبالتالي علي الاقتصاد المصري ككل... لذلك فعلي المسلمين والمسيحيين أن يتقوا الله في وطنهم ولا يستغلوا الدين في أفعال يرفضها الرأي العام والقانون.