خارج نطاق السيطرة حين تخرج الأمور عن نطاق السيطرة يكون السقوط سريعا ومدويا وانشطاريا, يطلق قذائفه في كل الاتجاهات. هذا ما حدث في فضيحة التنصت التي تسببت في إغلاق صحيفة نيوز أوف ذا وورلد أوسع صحف الأحد الشعبية انتشارا وأعرقها. ووجهت ضربة قاصمة, وإن لم تكن قاتلة لامبراطورية ميردوخ الإعلامية, ووضعت الحكومة والشرطة والصحافة البريطانية في قفص الاتهام. التعامل مع الأزمة تم بمنطق احتواء الضرر. فالتخلص من الصحيفة هو ثمن رخيص في امبراطورية اعتادت المناورة وتضع نصب عينيها شبكات تليفزيونية وصحافة رقمية وأفلاما عالمية تدر عليها مليارات الدولارات مقابل ما كانت تحققه الصحيفة من أرباح, رغم أن العاملين بها غير مسئولين عن فضيحة التنصت التي جرت في عهد إدارة سابقة. ورئيس الحكومة ديفيد كاميرون اكتفي باطلاق تحقيقين مستقلين والتضحية بمتحدثه الإعلامي السابق أندي كولسون. والشرطة خرجت عن صمتها ونشطت في الكشف عن 4000 حالة تنصت, ورشي حصل عليها ضباط سكوتلانديارد مقابل التباطؤ في التحقيقات. أما الصحافة البريطانية فتحاول جاهدة قصر الأزمة علي صحف ميردوخ وعدم امتداد التحقيقات إليها والتصدي لمحاولات فرض رقابة الدولة عليها. حضور روبرت ميردوخ إلي لندن دليل علي أن احتواء الضرر ليس ممكنا وأن عليه أن يقدم المزيد من كبش الفداء لوقف نزيف قد يطول كنوزه الثمينة وذلك وسط تسريبات عن محاولات لتدمير رسائل الكترونية قد تدينه. ولكن بينما يعكف هو علي حماية مصالحه ينبغي علي السياسيين البريطانيين أن يعكفوا أيضا علي التخلص من الممارسات الخاطئة المزمنة التي مكنت مؤسسة ميردوخ من شراء النفوذ السياسي والاقتصادي والتحكم فيما يمكن أن تكون له فرصة لحكم بريطانيا بمنح التأييد أو سحبه من المرشحين وتعيين مديرين سابقين لها في مناصب إعلامية دقيقة. والشرطة عليها أن تكشف كل من تستر علي المخالفات الصريحة للقانون. أما الصحافة البريطانية فعليها أن تتطهر ممن يتخطون الخط الأحمر بين المنافسة الشريفة ومن يستبيحون خرق القانون للحصول علي المانشيتات. ملاحظة أخيرة, هذا حدث في بريطانيا أعرق الديمقراطيات الغربية وهو جرس إنذار لصحافتنا التي مازالت تتخبط في بداية مسيرة الديمقراطية. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني