طلع علينا شيخ الجيولوجيين د. عبده شطا بحديث في الأهرام عن السيول واحتمالات اتجاهاتها والمحاذير وكيفية المواجهة. وقد سبق لحي المعادي حاليا مدينة المعادي ان اجتاحه سيل جارف انصب عليه من وادي دجلة عام1941 اي منذ قرابة سبعين عاما. وكانت المعادي وقتئذ ضاحية سكنية صغيرة يحدها شرقا سكة حديد الجبل الذي يمتد من طرة إلي العباسية, وما ان حدثت واقعة السيل حتي بادرت الحكومة بالتعاون مع شركة المعادي للتنمية شركة اهلية بحماية الضاحية من اي احتمال مستقبلي, فحفرت ما عرفناه نحن سكان المعادي القدامي بترعة السيل, وكانت ترعة جافة تمتد متصلة في جزءين, جزء تمتد فيه الترعة بحذاء الجانب الشرقي لسكة حديد الجبل من ناحية البساتين شمالا حتي طرة جنوبا, وتتصل بالجزء الآخر الذي يمتد غربا حتي يصب في النيل, واعتبر ذلك الاجراء كافيا وقتها خاصة ان ترعة الخشاب التي كانت تخترق المعادي من شمالها لجنوبها يمكنها استيعاب جزء من مياه السيل المحتمل, ولم تعان المعادي سيلا حتي الآن. ثم آلت مسئولية حي المعادي للحكومة وتوسع الإسكان إلي الشرق من سكة حديد الجبل في ضاحيتي دجلة والمعادي الجديدة ويحدها شرقا طريق الأوتوستراد, ثم امتد التوسع فيما يليه شرقا في ضاحية زهراء المعادي ثم في القطامية ومازال الاسكان يمتد حول الطريق الدائري ومع طريق العين السخنة, وفي نفس الوقت ردمت ترعة الخشاب وردمت ترعة السيل بالكامل, فلم تعد تحمي المعادي حاليا اي عوائق تحول دون اجتياح سيل مدمر لا ندري متي يقضي الله بحدوثه. هذا من امر المعادي, ولعل وضع المصانع والاسكان في مدخل وادي حوف ماينذر هو الآخر باحتمال مماثل, وجدير بالذكر ان علماء الآثار كانوا قد عثروا في اوائل القرن العشرين في وادي جراوي الذي يصب جنوب شرق مدينة حلوان, علي بقايا سد ترابي اقامه المصريون في زمن ما قبل التاريخ يقطع مجري ذلك الوادي, وقد علل العلماء اقامة ذلك السد بأنه كان لحماية سكان منطقة مصب الوادي الذين كانت لهم وقتئذ حضارة سموها حضارة حلوان, وهذا يدل علي ان فكرة إقامة سد ترابي للحماية من السيل هي فكرة عرفها المهندس المصري منذ ذلك الزمن السحيق. ورجعة إلي تحذيرات استاذنا عبده شطا فان السيول الجارفة في مصر يكاد لايمكن التنبؤ بموقع أو موعد حدوثها ولكنها تحدث في دورات مناخية قد تتباعد الدورة عن الاخري فترات تمتد إلي المائة عام أو تزيد, واتخاذ الاحتياط واجب بتجنب مواقع المخرات في الوديان وهي مواقع محددة ومحصورة ومرصوده في الخرائط الطبوغرافية. وامام الوضع القائم حاليا نتيجة التوسع في التعمير السكاني والصناعي في مجاري ما ذكرنا من وديان فإنه يكاد يكون من المستحيل إزالة ماهو معرض لاحتمال الاجتياح لوقوعه في مسار المخرات. ولكن يتحتم المبادرة بالرجوع إلي علماء تكنولوجيا التخطيط العمراني والاستعانة برجال المسح الطبوغرافي والجيولوجي لاجراء دراسة واعطاء صورة واضحة لهدفين. الهدف الأول هو تحديد مواقع في اعالي الوديان لبناء سدود أو حواجز لحماية ماهو موجود اسفل الوديان من نواتج التعمير. والهدف الثاني هو تحديد مسارات مخرات السيول ومنع اعطاء تراخيص بناء في مساحاتها مستقبلا. محمد سميح عافية جيولوجي استشاري