أوقاف الإسماعيلية تنظم يوما ترفيهيا للأطفال المشاركين بالكتاتيب (صور)    تتبع رئيس الوزراء، الحكومة توافق على إنشاء اللجنة الدائمة لمتابعة وتحليل المؤشرات الدولية    وزير الزراعة: نعمل لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الخبز المدعوم وزراعة 3.1 مليون فدان قمح (فيديو)    قوات الاحتلال تقتحم بلدة الخضر جنوبي بيت لحم وتطلق النار على المواطنين    كرة اليد، الأهلي يدعم صفوفه بصفقة محلية جديدة    بالأسماء، إصابة 4 عمال في انهيار سقف مجمع مواقف قنا الجديد    أحمد سعد يطلق "حبيبي ياه ياه" بمشاركة عفروتو ومروان موسى (فيديو)    مصطفى كامل: نمتلك فيديوهات خادشة ضد راغب علامة في حفله بالساحل الشمالي    أميرة فراج تعلن انفصالها عن المطرب أحمد فهمي    ورشة عمل لمناقشة حالات أورام الكبد بمستشفى حميات قنا    طريقة عمل الآيس كريم حلوى باردة تسعد صغارك في الصيف    حسام موافي يوجه رسالة إلى طلاب الثانوية العامة الراغبين في الالتحاق بكليات الطب    بسبب لهو الأطفال .. إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بالجيزة    البابا تواضروس الثاني: اثبتوا في الإيمان    السفير رياض منصور: البيت الأبيض قادر على وقف النار خلال 24 ساعة    وزير الزراعة: الرئيس مُهتم بصغار المزارعين.. "مشكلتنا في المياه مش الأرض"    رسميًا.. برشلونة يُلغي جولته التحضيرية في اليابان بسبب خرق تعاقدي    رسميًا.. أتلتيكو مدريد يضم السلوفاكي دافيد هانكو لتعزيز دفاعاته    د أحمد شلبي: المطورون العقاريون يطالبون بحوار عاجل مع الحكومة بعد فرض رسوم وعلاوات جديدة    يعاني من متلازمة المحتال الخفية.. أكبر نقاط القوة والضعف لبرج الحمل    «متحف مجلس قيادة الثورة» .. ذاكرة وطنية على ضفاف النيل    تقرير: عطية الله يرحب بالعودة لصفوف الوداد    التحاق مروان حمدي بمعسكر بيراميدز في تركيا.. واستمرار غياب جودة    ناجى الشهابي: ثورة 23يوليو ما زالت ملهمة للسياسة الوطنية رغم محاولات التشويه    لتأهيل 5000 متدرب.. ختام فعاليات الأمن السيبراني بجامعة أسوان (صور)    رغم التخرج- لماذا تطاردنا كوابيس الثانوية العامة في أحلامنا؟ "فيديوجرافيك"    تأييد سجن مدرس 7 سنوات بتهمة هتك عرض تلميذته داخل مدرسة بالعمرانية    الأردن: إدخال قافلة مساعدات من 36 شاحنة مواد غذائية إلى شمال غزة    إيران توافق على زيارة فريق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأسابيع المقبلة    «سلاح البر مفتاح الحسم».. رئيس الأركان الإسرائيلي: نعمل في طهران وبيروت ودمشق وغزة    «بعد طلب وزير خارجية الاحتلال».. هل ستصنف أوكرانيا الحرس الثوري الإيراني «منظمة إرهابية»؟    مدبولي يبحث مع وكلاء ماركات عالمية ضخ استثمارات في مصر ودعم سياحة التسوق    أحمد سعد يطرح أغنية «حبيبي ياه ياه» بمشاركة عفروتو ومروان موسى    في عيد ميلاده.. أحمد عز يتصدر قائمة الأعلى إيرادًا بتاريخ السينما المصرية    المركز القومي للبحوث يحصد 5 من جوائز الدولة لعام 2024    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    بدء طرح الوطنية للطباعة بالبورصة 27 يوليو بسعر 21.25 جنيه للسهم    مدبولى يعلن بدء إجراءات تطبيق قانون الإيجار القديم: «لن يضار أي مواطن» (فيديو)    الثالثة من الدوري الألماني.. ليفربول يتعاقد مع هوجو إيكيتيكي    تحدث في معدتك- 5 أعراض لمرض الكبد الدهني احذرها    الكنيست يصوت لصالح فرض السيادة على الضفة وغور الأردن    سلطان عُمان يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 23 يوليو    «إنجازات» إسرائيل.. جرائم نازية!!    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة ويشيد بالتقدم المحقق    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البكباشي يوسف صديق بطل الديموقراطية وليلة‏23‏ يوليو
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 05 - 2011

بعد‏58‏ عاما من النسيان و متأخرا بنحو أربعين يوما عن الذكري السنوية لرحيله‏,‏ احتضنت نقابة الصحفيين أول إحتفال عام بذكري البكباشي يوسف صديق بطل ليلة‏23‏ يوليو 1952‏بدون منازع. الرجل الذي قاد بجسارة و متحملا آلام نزيف الرئة ستين ضابطا وجنديا من الهاكستب الي القبة بالقاهرة ليستولي علي قيادة الجيش( مقر وزراة الدفاع الآن) ويعتقل رئيس الأركان الفريق حسين فريد.
ومع أن الرئيس جمال عبد الناصر تذكر في عيد الثورة العاشر دوره الإستثنائي في إنجاحها, إلا انه لم يمنحه أي تكريم يليق. فقط في العام التالي وتحديدا في12 أغسطس1963 أصدر قرارا جمهوريا بمعاش إستثنائي له ولرفاقه في مجلس قيادة الثورة جمال سالم و خالد محيي الدين و عبد المنعم أمين, ومن دون أن يسمح له طوال حكمه بالعمل العام أو بتولي أي منصب سياسي أو تنفيذي. بل قضي صديق سنوات من عهد عبد الناصر معتقلا(13 شهرا) أو حبيس الإقامة الجبرية. كما كان مبعدا خارج مصر لنحو ستة أشهر في سويسرا ولبنان خلال عهد سلفه اللواء محمد نجيب أول رئيس لمصر.
ولما حكم أنور السادات ظل الرجل طي النسيان حتي وفاته في31 مارس1975. وتقول لنا إبنته الكبري السيدة سهير إنه لم يترك ميراثا: لا عقارا ولا أموالا سائلة أو أرصدة في البنوك.. حتي الشقة التي يسكنها كانت بالإيجار.. فقط اقتسمنا معاشه. ولم يظفر إلا بجنازة عسكرية تغيب عنها الرئيس نفسه, وبرثاء في الصحف يعيد جانبا من ذكراه المنسية. لكن من دون إشارة الي إضطهاد علي أيدي رفاقه في قيادة الثورة. واللافت أن الرئيسين نجيب والسادات بكياه بعد رحيله في حضور أسرته وأبنائه. الأول علي فراش المرض بمسكنه في كوبري القبة قبل وفاته عام1984 بفترة قصيرة, وهو يقول: يوسف حببيي إبني.. هو اللي عمل كل حاجة.. سامحني. والثاني في قريته بميت أبو الكوم عام1977, وهو يطالع متأخرا بثلاث سنوات رسالة كتبها الفقيد يوصيه فيها بالديموقراطية والفقراء بأبنائه( ثمانية من ثلاث زيجات).
وفي زمن الرئيس حسني مبارك المديد لم تلتقت الدولة أيضا الي تكريمه. وظل إسمه غائبا عن إحتفالات ثورة يوليو كما هو عليه الحال في عهدي عبد الناصر والسادات وحيث لم يدع خلال حياته لحضور أي منها. وزاد من ألم أسرته من طول الإنكار والتجاهل لأنها ظلت تنازع في المحاكم لنحو تسع سنوات كي تنتزع حق بطل ليلة23 يوليو في إقامة تمثال له بالمتحف الحربي أسوة بزملائه أعضاء مجلس قيادة الثورة(14 عضوا). وهذه القصة موضوع كتاب يصدر قريبا في القاهرة بعنوان تمثال البطل يوسف صديق.
لا يمكن فهم الجسارة الإستثنائية للبكباشي صديق حين وجه أول ضربة حاسمة للنظام الملكي ليلة23 يوليو إلا بقراءة مذكراته التي صدرت عام.1999 وتحمل عنوان ليلة ثورة يوليو: أوراق يوسف صديق. فقد تميز بالاستقلالية وبالشجاعة في مواجهة الفساد والإستبداد وبالعقلية النقدية خلال خدمته السابقة بالجيش أو إنتمائه لتنظيم حدتو الشيوعي. حتي أنه استقال من الأخير في أكتوبر عام.1951 وفكر في الاستقالة من الجيش في بداية عمله بالسلوم عام1933, عندما اكتشف التلاعب بالمخصصات الغذائية للجنود. وتفيد رسائله الي أسرته قبل الثورة والتي أطلعتنا عليها إبنته الكبري سهير في مسكنها بالدقي معاناته بسبب هذه الاستقامة سواء علي مستوي الترقي الوظيفي أو الراتب.
واقع الحال, كان البكباشي يوسف صديق متفردا بين زملائه من الضباط الشبان في مجلس قيادة الثورة. التحق بالكلية الحربية في عام1930 وقبل دفعة1936 الشهيرة وما تلاها. وهي الدفعة التي فتحت الباب لأبناء صغار الموظفين والفلاحين محدودي الملكية. وبالأصل فإن الرجل سليل عائلة عسكرية, وكان أبوه وجده ضابطين بالجيش المصري. ولعل في ذلك ما يفسر براءته من إنكار الإنتماء الطبقي والإستعلاء علي أصوله الإجتماعية. أضف الي ذلك انه كان شاعرا ربا للسيف والقلم كصاحب هذا اللقب الأميرالاي محمود سامي البارودي(1838 1904) أحد أبطال الثورة العرابية. وتروي إبنته السيدة سهير أن هذا الشاعر مرهف الإحساس كان محبوبا من جنوده وصغار الضباط ومهموما بتثقيفهم وبعقد ندوات في المعسكرات ليناقش معهم أعمالا أدبية وقضايا عامة. وهو أمر جر عليه احيانا المشكلات. وعندما تضيف أنه كان مولعا بطه حسين صاحب دعاء الكروان وشجرة البؤس و المعذبون في الأرض وغيرها من الأعمال الأدبية ذات الحس الإجتماعي والتوجه الديموقراطي قبل ثورة1952 بامكان المراقب أن يدرك مدي تميز تكوينه الثقافي عن أقرانه في مجلس قيادة الثورة وبخاصة أولئك المولعين بتوفيق الحكيم صاحب عودة الروح والذي بشر حينها ب المستبد العادل.
ويلفت النظر أيضا في شخصية يوسف صديق هذا التدين الشديد والإيمان بالقدر ونظرته التقدمية للإسلام ومن دون تعارض مع الماركسية. وعلي سبيل المثال وصف نفسه في مذكراته عن ليلة23 يوليو بأنه كان علي طريق الله. وقال رأيت الله وأنا أتجه للاستيلاء علي مركز قيادة الجيش بالقبة. وقال أيضا في رسالة موجزة نشرتها بعد وفاته صحيفة الجمهورية في11 إبريل1975: أسجد لله شكرا.. لقد كافأني ربي سبحانه بمعجزة. فكانت حقنة واحدة أخذتها مضادة للنزيف كفيلة بشفائي رغم ما قمت به من مجهود جسماني. وفي جمع الرجل بين الماركسية والإسلام معا ما يفيد بشخصية جدلية الفكر. ولم يعش أسير الراحة لحياة الإنسان ذي البعد الواحد.
كان يوسف صديق أول من استقال من أعضاء مجلس قيادة الثورة وبعد نحو سبعة أشهر فقط من إنضمامه الي المجلس. وكان أول من إصطدم من أجل الديموقراطية وعودة الجيش الي ثكناته. ولا تعرف إبنته السيدة سهير أين يمكن العثور علي وثيقة رسالة الإستقالة التي بعث بها والدها الي الرئيس نجيب في فبراير.1953 لكنها تتذكر جيدا أن أبيها كان غير راض تماما علي تنكر الضباط الأحرار لمبدأ إقامة حياة ديموقراطية سليمة وللوعد بتسليم البلاد الي حكم برلماني مدني بحلول شهر الإستقالة. وتضيف قائلة: سخر أمامي وقتها من إدعاء المناوئين للديموقراطية بأنهم أغلبية داخل مجلس قيادة الثورة. وكان يري أن المجلس لا يمثل كل أفرع الجيش وليس منتخبا من الشعب. وبالطبع هذه وجهة نظر مخالفة لعدد من المؤرخين مازالوا يعتبرون كل ما حدث في أزمة مارس1954 وقبلها بين الضباط الأحرار والقوي السياسية المدنية مجرد صراع علي السلطة ليس إلا إنتهي بتأمين استمرار الثورة, كما يقول لنا الدكتور عاصم الدسوقي.
إلا أن أرشيفات الصحف تحتفظ بعدد لمجلة روزا اليوسف بتاريخ29 مارس1954 يتضمن حديثا مع يوسف صديق يشرح فيه اسباب الإستقالة, ومنها إنحراف الثورة وإنتكاسها وأن مجلس الثورة خدعة مستشارون مضللون يعارضون عودة الحكم المدني النيابي, فضلا عن اعتقال ضباط من سلاح المدفعية ثاروا علي ذلك التوجه. وفي كلام الرجل الي جريدة المصري لآل أبو الفتح قبلها بثلاثة أيام ما يشير بطرف خفي الي تسهيلات جري منحها لرأس المال الأجنبي ولدور أمريكي. وفي يوم24 مارس1954 تنشر المصري نص رسالة أخري له موجهة الي الرئيس نجيب في17 من الشهر نفسه. وتتضمن اقتراح تشكيل حكومة إئتلافية تمثل التيارات السياسية المختلفة من وفد وإخوان وإشتراكيين وشيوعيين تشرف علي إجراء انتخابات برلمانية تعيد الجيش الي ثكناته. واقترح عضو مجلس الثورة المستقيل أن يرأس الحكومة الائتلافية الفقيه الليبرالي وحيد رأفت العضو الوحيد في مجلس الدولة الذي رأي دستورية دعوة برلمان ما قبل الثورة للانعقاد ضد تسعة أعضاء.
ودفع صديق ثمن موقفه سريعا. وهذه المرة تجاوز الأمر عقوبة الإبعاد للخارج أو الي أسوان وتحديد الإقامة في الداخل. وجري أعتقاله بعدها بأيام فضلا عن أقاربه ومن بينهم المحامي والشاعر محمود توفيق زوج إبنته السيدة سهير, والذي امضي خمس سنوات في السجن. وتقول: ظل أبي في السجن13 شهرا. إنتقل من سجن الأجانب الي السجن الحربي. رفض أن يحققوا معه. ورفض أن يكتب أي التماس الي الرئيس عبد الناصر.. وعندما كنت أقوم بزيارته أسبوعيا يحدثني عن تعذيب وحشي يتعرض له معتقلو جماعة الإخوان خاصة. ولأن لديه امتياز الإحتفاظ براديو( ترانزستور) فقد كان يكتب نشرة يومية بالأخبار من أربعة نسخ بعدد عنابر السجن.. كما كان يحملني خفية كيسا يضم عشرات من رسائل المعتقلين الي ذويهم لأرسلها بدوري بالبريد. ومع التعاطف الإنساني تجاه معتقلي الإخوان, إلا أن الرجل وفق إبنته الكبري ظل يحمل الجماعة مسئولية ما إنتهت اليه الثورة من تنكر للديموقراطية عندما تحالفت في البداية مع أنصار الديكتاتورية. ولقد كان موقفه المعارض لإعدام خميس والبقري قادة إضراب عمال مصانع كفر الدوار في سبتمبر1952 بعد محاكمة عسكرية علي نقيض موقف الإخوان.
خرج بطل ثورة52 من السجن قبل نحو عام من العدوان الثلاثي نهاية عام.1956 وأبقوه رهن الإقامة الجبرية في عزبة النخل. ومع العدوان خرج ليقود المقاومة الشعبية في منطقته. ومع أنه كتب قصيدة قاسية ضد عبد الناصر في السجن الحربي بعنوان الفرعون, إلا انه سعي لمقابلته عندما أعلن تنحيه في9 يونيو عام1967 وقال له وفق رواية السيدة سهير: خسرنا المعركة لكننا لم نخسر الحرب.. والحروب كر وفر. ولعل آخر لحظات السعادة العامة هي عندما عبرنا قناة السويس في حرب أكتوبر1973 كما تقول إبنته. لكن الرجل كان قد توقف تماما عن كتابة الشعر منذ آخر قصيدة له في رثاء عبد الناصر عام1970 بعنوان دمعة علي بطل.
اللافت ان مذكرات يوسف صديق تتوقف عند نهاية ليلة23 يوليو.كما لا تتطرق لمشاركته في مهمة تنازل الملك فاروق عن العرش وإجباره علي الرحيل من الأسكندرية بعدها بثلاثة ايام فقط. وتقول إبنته السيدة سهير أن والدها كتب مذكراته هذه في عقد الستينيات. ولم يفكر في نشرها.
أما القيادي اليساري عبد الغفار شكر فيروي أن أحد أقرباء صديق أبلغه بأن الرجل كان يتجنب الحديث عن ماضيه السياسي حتي مع المقربين منه. علما بأنه استقال من الجيش في أغسطس1953 وظل بلا عمل حتي وفاته. ولم تتحقق رغبتة في تولي مسئولية دار الكتب أو أن يترشح لعضوية مجلس الأمة( البرلمان) عام.1957 ولا يجد شكر وهو أحد مؤسسي حزب التجمع اليساري وقياديه السابقين تفسيرا لكون الحزب أهمل الاحتفال بذكراها منذ تأسيسه منبرا لليسار عام.1976 ويبدو أن الرجل ظل منسيا حتي من رفاقه القدامي في حدتو, والتي انتسب اليها أيضا مؤسس الحزب ورئيسه السابق وعضو مجلس قيادة الثورة المنادي بالديموقراطية في أزمة مارس1954 الأستاذ خالد محيي الدين(89 عاما), أمد الله في عمره ومتعه بالصحة.
ومع ثورة25 يناير2011 وبمناسبة أول احتفال عام ب يوسف صديق في نقابة الصحفيين يحق للمصريين أن يتذكروا آخر جملة قالها في حديث للصحافة( روزا اليوسف29 مارس1954): أكتب علي لساني اننا كنا واثقين من أن الجيش قد اصبح من الوعي بحيث لا يمكن استخدامه ضد الشعب أو لمصلحة فرد أو أفراد و إنه سيكون دائما وأبدا جيش الشعب وفي خدمة الشعب فحسب.
و بعد وفاته بأكثر من16 عاما اعتذر الأستاذ مصطفي أمين للراحل يوسف صديق في عاموده فكرة بجريدة الأخبار28 مارس1991 عن وقوفه ضده في عام.1954 قال عنه كان علي حق وكنت علي خطأ.. إنه بطل.. ورجل تحمل ما لا يتحمله بشر.
وقال أيضا: من حق هذا الرجل أن نطلق اسمه علي الشارع الذي اطلق فيه الرصاصة الأولي للثورة( شارع الخليفة المأمون).
لا يحمل إسم يوسف صديق البكباشي( المقدم) قبل ثورة1952 والقائمقام( العقيد) بعدها أي وسام أو نوط عسكري أو قلادة جمهورية أو حتي شهادة تقدير. كما أن أيا من معالم العاصمة الي هذه اللحظة لا يخلد ذكري بطل ثورة1952 الجسور وصاحب الفضل في إنجاحها وإقامة الجمهورية.
أما الكتاب الوحيد الذي يروي ذكرياته عن ليلة الثورة التي كان يفخر بأنها ليلة عمره فقد نفد من المكتبات. ومع سعادة إبنته السيدة سهير بأول إحتفال عام بأبيها بعد أكثر من58 عاما من فجر23 يوليو1952 لاتنسي أن تقول: ظلموه حيا وميتا.
لكن الوفاء الأكبر لذكراه يظل هو الإخلاص للديموقراطية والشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.