«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيكل كذاب وافتري علي الرئيس نجيب
اللواء إبراهيم علي ابن شقيقة محمد نجيب:
نشر في صوت الأمة يوم 26 - 07 - 2009


اللواء إبراهيم علي ابن شقيقة محمد نجيب:
هيكل كذاب وافتري علي الرئيس نجيب
يكشف اللواء إبراهيم علي ابن شقيقة اللواء محمد نجيب، أول رئيس لجمهورية مصر، عددا من الأسرار حول دور «خاله» في الثورة والصراع بين الرئيس جمال عبدالناصر ونجيب، وسر العداء الذي يكنه الكاتب محمد حسنين هيكل لنجيب، وغيرها من الأحداث والذكريات في حواره مع «صوت الأمة»:
- محاولات التشويه لمحمد نجيب كثيرة بدايتها نسبه لأم سودانية ثم عدم علمه بالثورة فللأسف عبدالناصر استغل محمد نجيب ليقوم بفترة انتقالية فقط ولأنه ديكتاتور لم يعط له أكثر من المساحة التي حددها له فالذي بدأ الثورة هو المرحوم يوسف صديق وتم تقديم موعدها عن أغسطس بعد أن عرف محمد نجيب أنه تم الكشف عنها حتي إن رأي جمال كان تأخيرها لذلك الوقت ليحصل الضباط علي رواتبهم إلا أن نجيب قال له «اللي بيدور علي استقلال بلد مش هيستني الماهية»!
أزمة مارس 1954 .. هل كانت مجرد صراع علنى على السلطة بىن نجىب وعبدالناصر أم صراع اتجاهىن مختلفىن؟- مع إعلان بيان الثورة وتولي محمد نجيب رئاسة الجمهورية والتي لم تتجاوز العامين حاول عبدالناصر ومن معه الاطاحة بنجيب،عندما أعلن نجيب رغبته في تحقيق المبدأ السادس من مبادئ الثورة وهو الديمقراطية والحياة النيابية ولذلك اجتمع نفس المجلس وأصدر قرارا لكن بدون حضور محمد نجيب الذي كان مشغولا بزيارة الملك سعود يسمح بقيام الأحزاب وأن تنتخب الجمعية التأسيسية انتخابا حرا مباشرا بدون تعيين أي فرد وتكون لها سلطة البرلمان كاملة وحل مجلس قيادة الثورة في 24 يوليو، وغيره من القرارات لتخرج بعدها في 28 مارس مظاهرة العمال برئاسة صاوي أحمد صاوي رئيس اتحاد العمال الذي حصل علي 10 آلاف جنيه مقابل تدبير المظاهرة التي تندد بإقامة الأحزاب والبرلمان، لينتصر جمال عبدالناصر علي نجيب وتصدر قرارات أخري تحت شعار «الحفاظ علي الأمة» فقد كان صراع الديمقراطية يواجه الرغبة في تكريس الحكم الفردي والديكتاتورية.
فى مذكرات «كنت رئىسا لمصر» وصف الرئىس نجىب تلك الأحداث بالفتنة والتوتر.. فلماذا لم ىتصد لها؟- للأسف محمد نجيب كان قد دخل دائرة صراع مغلقة وكانت الفلوس والسلطة قد ذهبت لجمال عبدالناصر حتي إن محمد نجيب كان ممنوعا عليه التوقيع علي أي ورقة وتحدث اجتماعات سرية محمد نجيب قال: الثورة شالت ملك لتأتي ب 13 ملك فكل منهم شغل وزارة وكان لا يريد أن يتركها ويعود مرة أخري كضابط بالجيش، فهم نجحوا في أن يعيدوا للمواطنين العصر الأسود للأحزاب وما به من مساوئ ولذلك رفضوها مرة أخري ولم يتوقف وصف محمد نجيب عند ذلك بل قال عنها إنها عورة وليست ثورة!!
وما يعكس ذلك أحد المواقف التي وقعت بين نجيب وعبدالناصر الذي قال له ذات مرة «يا ريس إحنا حطينا باسمك 14 ألف جنيه وباسم كل واحد فينا 10 آلاف جنيه» وطبعا ده كان من خزينة الدولة التي سيطروا عليها فرد عليه قائلا «امش وروح رجع الفلوس لأصلها» فرد عليه جمال: «مفيش حاجة حصلت أنا بس كنت باختبرك»
ما سر العداء الشدىد بىن محمد نجىب الرئىس والكاتب محمد حسنىن هىكل الذى اتهمه بالعمالة ومحاولة التشكىك فى وطنىته؟
- علاقة نجيب بهيكل كانت متوترة جدا فنجيب كان يعلم أنه عميل للمخابرات المركزية الأمريكية ولذلك كان علي مدار وجوده بالحكم يرفض مقابلته ولذلك عندما تولي هيكل الأهرام أخذ يكتب عن نجيب في عموده «بصراحة» الكثير من الكاذيب والافتراءات التي اعتذر عنها فيما بعد حتي إن ذلك الصراع وصل لمحكمة جنايات الجيزة عندما اتهم هيكل «نجيب» بأنه حصل علي 3 ملايين دولار من الولايات المتحدة ووصفه بأنه عميل ووقتها حاول أن يستميله هيكل ليتنازل عن القضية حتي إنه عرض عليه 100 ألف جنيه استرليني لنشر مذكراته في التايمز الأمريكية إلا أنه رفض وقال له «أنا يدي نظيفة وهتفضل نظيفة»
*********
أحمد كمال زكي يكتب:
الشاعر الذي ذهب لفتح عكا فأنقذ الثورة من الفشل!
· يوسف صديق رسم خطة اقتحام رئاسة الجيش علي غلاف علبة سجائر فارغة كان يحزن كلما شاهد احتفالات الثورة في التليفزيون دون أن يتذكره أحد بالدعوة للحضور
· كانت ليلة الثورة بالنسبة له هي ليلة العمر .. تلك التي جعلته سبباً في تغيير وجه التاريخ ليس في مصر وحدها ولكن في المنطقة كلها
بمشاركة :
إيمان محجوب -أحمد النحاس
لاحظت زوجته أنه كان منفعلا بشدة وفي عنيه بريق غريب، وشعره مهوش والبوشيرت الرسمي الذي يرتديه مفتوح الصدر علي غير العادة وكأنه ذاهب إلي معركة حربية .. فقالت له مازحة: "مالك يا يوسف عامل كده! ما تكونش رايح تفتح عكا؟" فاستدار عائدا إليها بعد أن كان قد هبط سلم التراس، ثم سألها باستغراب عما قالته، وعندما أعادته عليه مرة أخري، رد عليها بجدية شديدة قائلا: "نعم.. سأفتحها".. ثم تركها وانصرف!
كان هذا المشهد يوم 22 يوليو عام 1952، أما بطله الذي كان ذاهبا لفتح عكا كما أخبر زوجته، فهو البكباشي الشاعر يوسف صديق، الذي كان خارجا للمشاركة في حركة الضباط الأحرار بالجيش التي عرفت بعد ذلك بالثورة، وكان دوره في الخطة هامشيا جدا، ينحصر في الحضور بقوته الصغيرة إلي رئاسة الجيش بعد احتلالها، ويصحب معه 40 عربة "لوري".. لكن القدر شاء أن يكون له الدور الرئيسي الذي أنقذ الثورة من الفشل، وأنقذ قادتها والمخططين لها من الإعدام!
لذلك لم يكن غريبا، كما روي محمد نجيب في مذكراته، أن يصفق له ضباط الثورة وقوفا لأنه سبق الجميع واقتحم قيادة الجيش وألقي القبض علي رئيس أركان الجيش في مكتبه ومعظم القواد الذين كانوا في طريقهم إلي رئاسة الجيش للقضاء علي حركة الضباط الأحرار بعد انكشاف أمرها للملك الذي كان "يصيف" وقتها في الإسكندرية، ورغم ذلك لا أحد يعرف يوسف صديق ودوره، ويجهل كثيرون أنه كان من أعضاء مجلس قيادة الثورة قبل أن يستقيل اعتراضا علي انحراف الثورة عن مبادئها!
ويوسف منصور صديق، ولد يوم الثالث من يناير 1910 في قرية زاوية المصلوب بمركز الواسطي في محافظة بني سويف، وكان أبوه ضابطا بالجيش المصري، وكثيرا ما اصطدم بقادة الجيش من الإنجليز أثناء خدمته في السودان، وقد توفي قبل أن يكمل ابنه يوسف عامه الأول، ليتولي بعد ذلك الخال محمد توفيق علي تربية الطفل يوسف، وكان هو الآخر ضابطا بالجيش وشاعرا مطبوعا فتأثر يوسف به وبأفكاره كثيرا، وقد لعب خاله دورا كبيرا في تشكيل شخصيته الثائرة، المتحررة، الشاعرة.
وقد تقلب يوسف صديق بين عدد من التيارات المختلفة إلي حد التناقض.. فقد بدأ حياته بالانضمام إلي الوفد.. لكنه تراجع لأن الوفد بدأ يفقد شعبيته بعد سعد زغلول، ودفعته طبيعته الريفية المتمسكة بالدين إلي الاتصال بالإخوان المسلمين.. لكن علاقته بهم لم تستمر طويلا لأنه رأي أنهم لم يكونوا منظمين تنظيما عصريا مقبولا، بعد ذلك لجأ إلي جماعة مصر الفتاة لكن مسيرته معهم لم تطل.. ولم يجد أمامه بعد ذلك إلا الشيوعيين، الذين كانوا أقرب الاتجاهات الثائرة علي الأوضاع إلي قلبه - كما يقول في مذكراته - لكنه رغم ذلك تركهم عام 1951 لأنهم انقسموا علي أنفسهم حتي وصل عدد منظماتهم عند قيام الثورة إلي عشر منظمات، وفي أكتوبر سنة 1951 انضم إلي الضباط الأحرار بعد أن زاره الضابط وحيد رمضان ودعاه للانضمام إلي الحركة.
وكانت ليلة الثورة بالنسبة له هي ليلة العمر.. تلك التي جعلته سببا في تغيير وجه التاريخ، ليس في مصر وحدها ولكن في المنطقة كلها، كانت ليلة كالحلم.. يقول عنها في مذكراته: شاء الله أن يكون أضعف خلقه في تلك الليلة هو الذي يقوم بالدور الذي يقضي علي كل المقاومات التي تعرضت لها الثورة.. فقد كنت في تلك الليلة ضعيف الصحة حيث كنت أعاني من نزيف في رئتي اليسري، وكان حفاظي علي صحتي يتطلب الراحة التامة وعدم الحركة - بل عدم الكلام - فهكذا كنت أعالج من النزيف في السنتين السابقتين، ثم كانت قوتي أضعف قوة علي أرض العمليات، حيث كانت عبارة عن مقدمة الكتيبة وهي تعتبر قوة عسكرية إدارية تسبق القوة الرئيسية إلي مكان انتقالها الجديد لتتسلم المعسكر وتهيئه للإعاشة، وطبيعة عملها تجعل تسليحها خفيفا لأنها ليست قوة مقاتلة ومعظم جنودها من الحرفيين كالطباخين والنجارين والموسيقيين وغيرها من الأعمال الفنية اللازمة لحياة الجيش. ومع كل أسباب الضعف التي توافرت في تلك الليلة أراد الله أن أكون بكل أسباب ضعفي السهم القاتل الذي صوب إلي صدور أعداء الثورة فكان يرديهم تباعا في الوقت المناسب.
وقد اشتهر يوسف صديق بعد ذلك بأنه الضابط الذي أخطأ، فخرج مبكرا عن موعده ساعة كاملة - وقيل ساعتين! - لينقذ الثورة من الفشل، وانتشرت رواية هدفها الإساءة إلي يوسف صديق تقول إنه كان ثملا فلم يستطع تمييز عقرب الدقائق من عقرب الثواني في ساعته فتحرك مبكرا، وهي رواية ساذجة صدقها بعض المؤرخين، والحقيقة يذكرها يوسف صديق في مذكراته، قائلا: بقينا في المعسكر وانهمك الضباط في أحاديث شتي حتي وصل رسول القيادة الضابط زغلول عبد الرحمن، وكان يحمل معه بطيخة كبيرة لم يجد الضباط سكينا لقطعها فاستعملوا السونكي في ذلك، وبينما هم منهمكون في تقطيع البطيخة وتوزيعها انفرد بي زغلول وأفضي إلي بآخر الأوامر، وكانت تحتوي علي ساعة الصفر (منتصف الليل) وكلمة السر (نصر).. كانت هذه هي الرسالة التي حملها زغلول إلي .. أو التي سمعتها منه.. أو التي شاء الله أن أسمعها منه علي هذا النحو، وقابلت زغلول كثيرا بعد ذلك وبعد نجاح الثورة فكنت أسأله عن حقيقة ساعة الصفر التي بلغها لي فكان يبتسم ولا يجيب.
هذه هي رواية يوسف صديق عما حدث ليلة 23 يوليو في المعسكر، حيث خرج مبكرا ساعة كاملة كانت سببا في أن يعيش ليلة كحلم أسطوري لم يكن يتخيله.. لكن هذه الليلة الحلم، سرعان ما تحولت إلي كابوس، حيث أصبح يوسف صديق من أوائل ضحايا الثورة بعد ظهور الخلافات وبروز المطامع والرغبة في السيطرة والنفوذ.. وعن أسباب اختلافه مع أعضاء مجلس قيادة الثورة، يقول محمد نجيب في مذكراته: إن يوسف صديق كان شديد الوضوح في معارضته لقانون تنظيم الأحزاب ولضرب الوفد علي غير أساس ديمقراطي، وكان يدعو للتمسك بالدستور ودعوة البرلمان المنحل للانعقاد لتعيين مجلس الوصاية... كما أنه كان شديد الثورة والرفض لاعتقال الزعماء السياسيين دون اتهام، وطالب كثيرا بإلغاء الرقابة علي الصحف وتكوين اتحاد عام للعمال.
وتوالت الضربات الموجهة ضد بطل الثورة بعد ذلك.. فقد أبعد في البداية إلي أسوان، ثم إلي سويسرا بحجة علاجه، وكما تقول ابنته الكبري سهير التي عاشت كثيرا من الأحداث التي سبقت ليلة العمر في حياة والدها، إن يوسف صديق كتب مقالا مطولا في جريدة "المصري" عام 1954 مطالبا بالديمقراطية، فاعتقلوه وأودعوه السجن الحربي، كما اعتقلوا زوجته علية توفيق وزوج ابنته محمود توفيق، فكتب قصيدة بعنوان: "فرعون" ضد جمال عبد الناصر، ثم كتب قصيدة "المجد الزائل" انتقد فيها مجلس قيادة الثورة وتقييدهم للحريات، وبعد خروجه من المعتقل عام 1955 شارك في قيادة المقاومة الشعبية عام 1956 وكتب مقالات ساند فيها قرار عبد الناصر بتأميم القناة وبناء السد العالي وغيرها، وبعد وفاة عبد الناصر كتب قصيدة "دمعة علي البطل" في رثاء عبد الناصر الذي كان يحبه رغم ما فعله معه.
وتضيف السيدة سهير صديق: الشيء الذي كان يؤلم والدي جدا هو يوم عيد الثورة عندما يجدهم جميعا مجتمعين علي شاشات التليفزيون وبينهم من هرب ليلة الثورة، أما هو فكانوا يستكثرون عليه إرسال دعوة لحضور احتفالات عيد الثورة التي أنقذها هو ورجاله.
وتستطرد قائلة: أبي ظلم حيا وميتا، حيث زرت المتحف الحربي عام 1995 ولم أجد له تمثالا مع قيادات تنظيم الضباط الأحرار، فأقمت أنا وزوجي محمود توفيق دعوي قضائية ضد وزيري الدفاع والثقافة طالبنا فيها بحق يوسف صديق في أن يكون له تمثال مع مجلس قيادة الثورة، وقد أنصفنا القضاء وبالفعل وضع تمثال من البرونز ليوسف صديق في المتحف الحربي عام 2001 .
ويكشف اللواء توفيق محمد توفيق عضو مجلس الشوري وابن شقيق زوجة يوسف صديق الثانية، عن جانب جديد في أحداث ليلة الثورة، وتحديدا بعد أن التقي يوسف صديق بجمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر اللذين اعتقلهما الجنود، ثم علم منهما بانكشاف أمر الضباط الأحرار، وقرر اقتحام رئاسة الجيش، يقول اللواء توفيق: لم تكن هناك خطة محددة لاقتحام مقر قيادة الجيش، فرسم الخطة علي خلفية علبة سجائر فارغة لعدم وجود ورق معه يرسم عليه الخطة سريعا لاقتحام القيادة.
ويكشف اللواء توفيق جانبا آخر، حين يقول إن يوسف صديق تزوج ثلاث مرات - المعروف أنه تزوج مرتين فقط - حيث تزوج للمرة الأولي من السيدة توحيدة صبري الحكيم وأنجب منها أحمد ومحمد ومحمود وسهير، أما الزوجة الثانية فكانت السيدة علية توفيق التي كانت تعرف تفاصيل اجتماعاته مع الضباط الأحرار ونصحته بعدم ركن سياراتهم جميعا بجوار المنزل حتي لا يكشفوا عن اجتماعهم، وأنجب منها حسين ونعمة، أما الزوجة الثالثة فهي دولت هانم وأنجب منها ليلي وسحر.
وعن الأيام الأخيرة في حياة يوسف صديق يقول اللواء توفيق توفيق: أثناء تحديد إقامته تفرغ لمتابعة أحوال مصر ولأشعاره حتي تمكنت منه أمراض السكر وسل العظام والسرطان، فذهب إلي الاتحاد السوفييتي السابق للعلاج، ثم قطع رحلة علاجه وعاد ليشارك الشعب حزنه علي رحيل الزعيم جمال عبد الناصر، وفي يوم 31 مارس 1975 توفي البطل يوسف صديق وشيعت جنازته رسميا وشعبيا، حيث شارك فيها رفاقه من الضباط الأحرار باستثناء الرئيس الراحل أنور السادات الذي أرسل نائبه - وقتها - حسني مبارك نيابة عنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.