صراعات أحفاد وأبناء قادة مجلس الثورة في ساحات القضاء بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع ثورة 23 يوليو إلا أن ضرورة الحفاظ علي تراث أعضاء هذه الثورة يبدو أمرا حتميا باعتبارهم أثروا في الحياة السياسية وشملوا مرحلة مهمة من تاريخ البلاد. ساحات المحاكم شهدت مؤخرا نزاعات قضائية ساخنة كان أحد طرفيها أبناء وأحفاد أعضاء مجلس قيادة الثورة وتكشف هذه الدعاوي عن مصيرهم بعد 57 عاما من اندلاع الثورة. الأحفاد والأبناء انقسموا لفريقين الأول دخل في نزاعات قضائية للحفاظ علي التراث التاريخي لرجال الثورة والثاني سعي لإنهاء الخلافات والنزاعات المتعلقة بالشركات التي يملكها. أول هذه النزاعات كانت من نصيب أحفاد محمد نجيب مع أحد الباحثين علي المقتنيات والوثائق والمتعلقات الشخصية الخاصة به والمتمثلة في شهادة ميلاد نجيب التي تنفي انتماءه لأسرة اجنبية وأنه من عائلة «قشلان» بقرية «النحارية» بمركز «كفر الزيات» بمحافظة الغربية والمذكرات الشخصية التي كتبها المشير عبدالحكيم عامر بخط يده وتكشف أن الضباط الأحرار عرفوا نجيب في وقت متأخر إبان حرب فلسطين 1948 علي عكس ما أشيع لتهميش دور نجيب في الثورة. ومن المتعلقات أيضا المذكرات الشخصية لسليمان حافظ أول وزير داخلية بعد قيام الثورة وأوراق مشروع السد العالي الذي كان نجيب أول من فكر فيه والدليل علي ذلك الرسائل المتبادلة بينه وبين خالد محيي الدين عضو مجلس قيادة الثورة ويحاول فيها «نجيب» إقناع أهالي النوبة بعملية التهجير لبناء السد وحماية مصر من الفيضان، إضافة إلي المذكرات الشخصية وكتبه الأربعة.. «مصير مصر»، «رسالة من السودان»، «كيف تنازل فاروق عن العرش»، «حياة الكلاب وسلالاتها النادرة». وساعة حائط ووسام التحرير الذي حصل عليه عام 1952 وبطاقة الدعوة الخاصة بعيد ميلاد الأمير «أحمد» ابن الملك فاروق وشريط تسجيل عليه أغنية نادرة للمطربة «ليلي مراد» غنتها له خصيصا. أزمة هذه المقتنيات تفجرت عندما علم «محمود يوسف محمد نجيب» حفيد أول رئيس لمصر بقيام الباحث ببيع هذه المقتنيات التاريخية إلي صاحب القرية الفرعونية التي أقيم بها متحف «محمد نجيب». وتري أسرة نجيب أنها الأحق بهذه المقتنيات ومقاضاة أي شخص يحاول العبث بها. ومن أهم هذه القضايا الدعوي التي أقامها عصام الدين شوقي رجال الأعمال البارز ومساعد أشرف مروان واتهم خلالها نجلة الرئيس جمال عبدالناصر بالسب والقذف حيث وجهت له عبر حديث صحفي اتهامات بسرقة العديد من ملايين زوجها وجاء هذا بعد الشهادة التي أدلي بها «شوقي» وفحواها أنه شاهد «مروان» يلقي بنفسه من شرفة شقته بلندن مما أثار حفيظة مني عبدالناصر وجعلها تكيل له هذه الاتهامات الخطيرة. في المقابل اهتم المهندس خالد وشقيقه عبدالحكيم جمال عبدالناصر بالنزاعات القضائية الخاصة بالشركات التي يملكانها أكثر من تلك التي تحمل طابعا سياسيا والدليل علي ذلك الدعوي القضائية التي كانت تنظرها محكمة شمال القاهرة دائرة الضرائب وتطالب عبدالحكيم بدفع الضرائب المستحقة علي الشركة التي يملكها. وتولت «رقية السادات» نجلة «محمد أنور السادات» الدفاع عن والدها وأصبحت نجمة في ساحات المحاكم وتأجج الصراع بينها وبين «هدي جمال عبدالناصر» بعد أن أقامت «رقية» دعوي أمام محكمة جنح بولاق أبوالعلا تتهم فيها «هدي» بالإساءة إلي تاريخ والدها. يأتي ذلك بعد الاتهامات الخطيرة التي كالتها نجلة عبدالناصر للسادات واتهمته بأنه السبب في قتل والدها والخلاص. وبعد تداول هذه الدعوي قضت محكمة استئناف القاهرة مدني بتغريم «هدي» 150 ألف جنيه . كما أقامت رقية دعوي ضد الرئيس الإيراني بصفته ومنتج فيلم «إعدام فرعون» الذي تناول اغتيال السادات. وأقامت رقية دعوي ضد رئيس الجمهورية ومحافظ الجيزة تطلب فيها أحقيتها بصرف معاش والدها أسوة بأبناء الرئيس جمال عبدالناصر واستندت في الدعوي إلي أن والدها حكم مصر ومن حقها أن تتقاضي معاشا. كما طالبت في دعوي أخري بأحقيتها في منزل والدها علي ضفاف النيل. ********** قري الضباط الأحرار أنصفها التاريخ ويتجاهلها المسئولون · «بني مر» تعاني «المرار».. وكفر شكر يسيطر عليها الإقطاعيون الجدد.. وقرية «المشير» من شواذ القاعدة هناء حسين سامي بلتاجي بني مر، كفر شكر، طنطا، أسطال، محلة دياي قري ومدن شهدت مولد زعماء وقادة الثورة. ولكن هل نالت تلك القري والمدن الاهتمام المناسب من قبل الدولة تكريما لزعماء وقادة الثورة، الزائر لقرية بني مر، تسيطر عليه حالة من الحزن علي حال قرية الزعيم جمال عبدالناصر نتيجة لمعاناتها الاهمال والبطالة، وكذا حال كفر شكر مسقط رأس خالد وزكريا محيي الدين عضوي مجلس قيادة الثورة تعاني التجاهل رغم خروج خمسة وزراء منها.. أما مدينة طنطا فلم تنل سوي حظ متواضع من التطوير في ظل خطة الدولة لتطوير المدن والمحافظات. فيما تتميز قرية أسطال مسقط رأس المشير عبدالحكيم عامر بوضع متميز عن غيرها من قري زعماء الثورة، نظراً لثراء أهلها وامتلاك أسرة عبدالحكيم عامر لأكثر من ألف فدان وستة قصور. بني مر بلد الزعيم عندما أردنا السفر إلي قرية «الزعيم» جمال عبدالناصر تخيلنا أنها قطعة من «باريس» كما رأينا في قرية «أسطال» موطن المشير عبدالحكيم عامر لكن كانت الصدمة كبيرة عندما رأينا مظهر القرية لا يسر عدو أو حبيب، تقع قرية بني مر بمركز الفتح بمحافظة أسيوط ورغم ان بعض القري طالتها يد الإصلاح والتطوير إلا أن «بني مر» ظلت ساكنة بلا حراك فظل منزل حسين سلطان - جد الزعيم - عرضة لأيدي العابثين ولم يتم المحافظة عليه من قبل الآثار أو المحافظة والتقينا عبدالناصر طه حسين خليل ابن عم عبدالناصر وقال إن عائلة الرئيس تتكون من 500 فرد يقطنون القرية ويعاني شبابها البطالة وقلة المشروعات الخدمية بالقرية، وأشار إلي أن قرية بني مر تشتهر منذ الثورة بإنتاج الألبان إلا أنها توقفت في عهد المحافظ السابق اللواء أحمد همام الذي انتزع الأرض الخاصة بتلك المشروعات وباعتها المحافظة إلي الشركة السعودية لتجارة العقارات والتي انشأت مكانها أبراجاً بلغ سعر الشقة الواحدة بها 400 ألف جنيه وبيعت الشقق لأفراد من خارج القرية ومنذ ذلك الوقت والقرية تعاني من البطالة والفقر. بالاضافة إلي تهميش أفراد عائلة الرئيس الراحل وعدم وضعهم في المكانة اللائقة بهم أو توليهم الوظائف السيادية. وأشار إلي أن منزل والد الرئيس جمال عبدالناصر مهمل تماماً رغم تسليمه إلي المحافظة كأثر وهي المسئولة عنه، لافتا إلي أن المنزل - الذي تحول إلي مقلب للقمامة - يتكون من طابقين والحوائط متصدعة يعلوها التراب، طنطا مسقط رأس حسين الشافعي لم تعد مدينة طنطا تتذكر رحيل واحد من أهم أعضاء مجلس قيادة الثورة وهو حسين الشافعي الذي لعب دوراً كبيراً خلالها وما بعدها حتي تم اختياره كنائب لرئيس الجمهورية، المدينة المزدحمة تناست «الشافعي» ولم يعد يتذكره سوي أفراد عائلته لوالدته الذين يقيمون في طنطا فلم يتم إنشاء تمثال يخلد ذكراه أو إطلاق اسمه علي أحد الشوارع أو الميادين ليطوي النسيان الشافعي داخل المدينة التي ولد فيها وأقام بها لأكثر من 18 عاما كما أن منزل والده بشارع حسن رضوان تم هدمه وبني مكانه برج سكني. أنور هداية ابن خالته والذي تذكر العديد من التفاصيل عن حياة الشافعي مؤكدا أن الثورة لم تؤثر كثيرا في مدينة طنطا، فلم يكن حظها وفيراً في التطوير. وقال: مدينة طنطا تم تطويرها ضمن خطة الدولة وليس لأن حسين الشافعي كان أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة لافتا إلي أن المدينة مازالت تعاني الاهمال والفساد والرشاوي، وأضاف كان عمي يتميز بالتواضع الشديد، وفي جميع أحاديثه كان يحاول الابتعاد عن السياسة وكان يعيش حياته الأسرية بين أفراد عائلته التي أحبها كثيراً خاصة بعد أن أصبح نائبا للرئيس وفي معظم الأوقات التي جمعته بوالدي كان يطلب مني الاستماع إلي النكت التي تطلق علي جمال عبدالناصر رغم حبه الشديد له وثقته التامة فيه. أسطال قرية المشير عامر رغم أن قرية «أسطال» موطن المشير عبدالحكيم عامر أحد الضباط الأحرار ونائب عبدالناصر تبعد عن مدينة سمالوط محافظة المنيا 20 كيلو مترا إلا أن من يراها يشعر للوهلة الاولي أنه في مدينة وليست قرية نظرا للشوارع المرصوفة والمدارس المبنية علي مستوي راقٍ والمباني الفخمة لأهالي القرية والقصور الشاهقة التي يمتلكها أفراد عائلة المشير والذين يمتلكون أكثر من ألف فدان من الاراضي الزراعية التي توارثوها عن الشيخ علي عامر والد المشير ومازالت هذه الأراضي الشاسعة ملكا لأفراد العائلة حتي بعد قيام ثورة يوليو، وبعد اصدار عبدالناصر قرار بتأميم الأراضي الزراعية وتوزيعها علي الفقراء والفلاحين، ورغم أن المشير كان رئيس لجنة التأميم إلا أنه لم يصادر من أرض عائلته سوي 40 فدانا كان يمتلكها عمه. أما مركز كفر شكر بالقليوبية والتي ينتمي إليها زكريا وخالد محيي الدين أعضاد مجلس قيادة الثورة فهي قرية صغيرة هادئة بعيدة عن زحام القاهرة وتجولت «صوت الأمة» في القرية وعندما حاولنا التعرف علي مدي تطبيق مبادئ الثورة علي تلك القرية الصغيرة ومدي استمرارية تطبيقها وأثارها علي أهالي القرية بعد مرورأكثرمن نصف قرن علي الثورة. التقينا هدي أحمد المصري صاحبة سوبر ماركت وقالت إن الحياة تغيرت كثيرا عن زمن الثورة فالمعيشة كانت بها بركة أما الآن فالغلاء وارتفاع الأسعار أصبح هو النظام السائد، مما يجعل المواطنين منشغلين بلقمة العيش ولا يفكرون في الثورة التي مضي عليها 57 عاماً أو مدي تحقيق مبادئها. وعن تحقيق المبادئ قالت هدي إن الذي تحقق منها هو القضاء علي الاستعمار، لافتة إلي أن العدالة الاجتماعية والقضاء علي سيطرة رأس المال لم يتحققا منذ قيام الثورة وقالت سلوي محمد محمود بائعة فاكهة تواجهني العديد من المشاكل في القرية منها عدم توافر الخدمات البسيطة التي يجب أن تتوافر للأهالي وتشتكي من عدم شعورها بمظاهر الاحتفال بثورة يوليو رغم أن قريتها الأحق بالاحتفال بالثورة. وقال محمود نادر- عامل - كفر شكر بلد الخمسة وزراء ورغم ذلك لم يشعر أهل القرية بأي تطور ومازال الاغنياء ينظرون إلي الفقراء علي أنهم «خدام» لهم فماذا فعلت الثورة لنا بعد 57 عاما لا شيء فكل مبادئ الثورة تلاشت ولم يعد هناك أي منها فمازال الاقطاع يسيطر علي البلد فالثورة خلصتنا من الاقطاعيين ليأتي حكام يملكون البلد للاقطاعيين الجدد. ********* مصاهرات ثوار يوليو الأحرار عقب الثورة · السادات اختار لبناته أبناء عائلات مرعي وعثمان من هم عائلات نسب ثوار يوليو؟. سؤال ألقي به أحد ضباط «الموساد» الإسرائيلي أمام رؤسائه بعد سنوات قليلة من قيام الضباط الأحرار بثورة 23 يوليو 1952. وبالفعل كلف الموساد، إحدي الباحثات الإسرائيليات بالبدء في إجراء دراسة عملية حول هذه القضية لفك طلاسم العلاقات الخفية التي شغلت جهاز الموساد. في البداية كانت الزيجات تتم بين أبناء النخبة الحاكمة وأبناء الطبقة المتوسطة وتتم بالصدفة لأنها تقوم علي المشاعر والعلاقات الإنسانية وذلك نتيجة للتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي حدثت في بدايات الثورة أثناء حكم عبدالناصر. لكن بدأت الأمور تجري في اتجاهات أخري من خلال نشوء علاقات أخري، وصفت بزواج الثروة بالسلطة وساهم ذلك في وصول هذه الطبقات إلي كل شيء المصانع والشركات وغرف النوم. مما أثر علي صناعة القرار السياسي والتوجهات الاقتصادية وبدأ هذا التغير يتنامي في عهد السادات. الذي دخل هونفسه في مصاهرات مع عائلة عثمان وسيد مرعي التي تمتد جذورها إلي أسرة علي باشا الشمس من كبار الاغنياء في العهد الملكي ولنبدأ بالعهد الأول للثورة والذي انتشرت فيه زيجات النخبة الحاكمة بالطبقة المتوسطة فتزوجت «مني» الابنة الكبري ل«جمال عبدالناصر» من الملازم أول كيمائي أشرف مروان وكان ابنا لمستشار في السلك القضائي وعمل برئاسة الجمهورية ثم الهيئة العربية للتصنيع وبعدها صار من مشاهير رجال البيزنس في العالم. وبعد «مني» تزوجت شقيقها «هدي» من زميلها في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية «حاتم صادق» الذي عمل بعد تخرجه في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، وخرج منه مع محمد حسنين هيكل الذي ترك الأهرام عام 1974. كما تزوج خالد عبدالناصر من إحدي فتيات الطبقة المتوسطة وهي «داليا» ابنة سمير فهمي رجل البترول والاقتصاد، وشقيقة وزير البترول الحالي «سامح فهمي» وبعد 5 سنوات من رحيل عبدالناصر. تزوج نجله عبد الحكيم من نجلاء منير رؤوف قطري ومن المفارقات العجيبة في هذه الزيجة هي أن الزوجة حفيدة بدراوي باشا عاشور التي ترتبط بعلاقات نسب ومصاهرة مع عائلة سراج الدين، والعائلتين تعرضت ممتلكاتهما للتأميم والمصادرة. أما السادات نفسه وهو من ثوار يوليو فقد زوج ابنيه من إقبال ماضي زوجته الأولي زيجات عادية في عهد عبدالناصر وهما كاميليا وراوية وطلقتا بعد سنوات قليلة من زواجهما. أما بنات السادات من زوجته الثانية جيهان فقد كانوا أكثر حظا من كاميليا وراوية لأن زواجهن تم في عهد رئاسته للجمهورية، ففي عام 74 تم زفاف «نهي» علي «حسن» ابن سيد مرعي المعيد بالجامعة الأمريكية وبعد هذه المصاهرة تنامي نفوذ عائلة سيد مرعي. كما تزوجت «لبني» ابنة السادات من المهندس عبدالخالق ثروت عبدالغفار وهي كبري بنات السادات من جيهان. أما «جيهان أنور السادات» فتزوجت من المهندس محمود عثمان أحمد عثمان المقاول الشهير، ووزير الإسكان . أما جمال الأبن الوحيد للرئيس السادات فتزوج من «دينا عرفات» وحدث الطلاق بعد إنجاب طفلين. وبعدها تزوج من رانيا شعلان عام 93 وهو زواج من عائلان مرموقة عمليا وإجتماعيا ولكن لم يستمر هذا الزواج وفي عام 97 تزوج من «شيرين» ابن أستاذ جامعي مهم في جامعة الإسكندرية، «محمد نجيب» لم تكن زيجات أبنائه من النوع الذي يرتبط بالثروة أو المال وربما تصدمنا بعض التفاصيل عن زيجة أبنائه فقد تزوج ابنه فاروق من ابنة البقال المجاور لهما في منطقة الحدائق بعد أن فشل دراسيا ولم تكن له صناعة أو مهنة سوي أنه سائق ميكروباص علي خط الخانكة المرج.