بعد تجاوز لبنان بقائه بدون رئيس للدولة لمدة سبعة أشهر, وعجز الأكثرية الفائزة ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عن تشكيلها لمدة خمسة أشهر حتي اعلانها في نوفمبر2009 تواجه لبنان احتمال الدخول في أزمة جديدة تهدد اجراء الانتخابات للمجالس البلدية التي تنتهي ولايتها6 مايو المقبل بسبب عدم إقرار التعديلات القانونية والدستورية في قانون انتخاب المجالس البلدية التي تعهدت الحكومة بإجرائها حتي الآن وضيق الوقت أمام اعتمادها من مجلس الوزراء, ثم من مجلس النواب الذي تنتظره مناقشات يغلب عليها الطابع الطائفي والسياسي. وكانت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الحريري قد وضعت علي أجندتها بعد تشكيلها في نوفمبر الماضي موضوع تعديل القانون في اطار التوافق الوطني العام علي إجراء إصلاحات دستورية وسياسية لتكريس قيام الدولة علي أسس المواطنة وإلغاء الطائفية السياسية ونظام المحاصصة( الحصص) والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين القائم حاليا في تشكيل مجالس الوزراء والنواب والبلديات والوظائف. وفي هذا الإطار يناقش مجلس الوزراء مشروع التعديلات التي قدمها وزير الداخلية زياد بارود تمهيدا لإحالة ما سيتم التوافق عليه داخل المجلس النواب لمناقشتها قبل التصديق عليه داخل البرلمان. وتتضمن التعديلات المقترحة إنشاء هيئة وطنية للإشراف علي الانتخابات( إحياء الهيئة التي كانت موجودة) وانتخاب رؤساء المجالس البلدية ونوابهم بالاقتراع العام المباشر من الشعب, واعتماد النسبية( في التمثيل الطائفي) في البلديات الكبري( التي يزيد عدد أعضائها علي21 عضوا), واللوائح المقفلة للبلديات الصغري( التي يقل عدد أعضاء مجلسها عن21 عضوا) وتخصيص مقاعد للمرأة بنسبة30%, واشتراط أن يكون المرشح لمنصب رئيس البلدية حاصلا علي مؤهل جامعي, ولمنصب المختار( العمدة) شهادة البكالوريا( ثانوية عامة). وبرغم ان الرئيس سليمان أكد إصراره علي اجراء الانتخابات البلدية في موعدها, وإعلان الحكومة اصرارها علي اجراء الانتخابات في موعدها, إلا أن هناك مؤشرات تعزز احتمال التأجيل, منها ان الحكومة نفسها أجلت موعد الانتخابات بالفعل لمدة شهر لأسباب وصفتها بأنها تقنية في اشارة الي الاجراءات الروتينية لاعتماد التعديلات من مجلس الوزراء والنواب وضيق الوقت اللازم لتمرير هذه التعديلات عبر هذه القنوات, ومددت ولاية المجالس حتي شهر يونيو, ومن ثم تأجل طرح القوائم الانتخابية, حيث كان من المفترض اعلانها مطلع فبراير الحال, والأكثر من ذلك أن مناقشات مجلس الوزراء أفرغت تقريبا تعديلات وزير الداخلية من أهدافها. قد تفتح نتائج هذه المناقشات الباب أمام اجراء انتخابات المجالس البلدية وفق القانون القائم مع تعديل بسيط, لكن هناك قضيتين مرتبطتين بهذه التعديلات مطروحتان من خارج الحكومة علي الحكومة ومجلس النواب والرأي العام لن تمر أي تعديلات بدون حسمهما أيضا. * القضية الأولي: هي تقسيم بيروت الي ثلاث دوائر في الانتخابات البلدية علي غرار الانتخابات النيابية التي جرت في يونيو الماضي. * القضية الثانية: هي خفض سن الاقتراع من21 سنة الي18 سنة( سن الناخب) وهي القضية التي يتحمس لها رئيس مجلس النواب نبيه بري. إزاء ذلك تدعو الأكثرية الي الأخذ بالاصلاحات التي يمكن ادخالها علي القانون( حتي ولو كانت جزئية) والتي يسمح بها الوقت المتبقي, خاصة أن هناك مناقشات ومناكفات أخري متوقعة بطبيعة الحال في مجلس النواب, وفي المقابل أيضا تصر المعارضة علي وفاء قيادات البلد والحكومة بتعهداتهم للشعب, وبالتزاماتهم بالتوافق العام علي اجراء اصلاحات دستورية وسياسية كاملة إذا كانت النية خالصة لتكريس قيام الدولة علي أسس المواطنة.