تعليقا علي كثير من الرسائل التي ترد إلي بريدكم الأغر.. والتي تتناول تلميحا أو تصريحا ( العلاقة الزوجية),وقد عن لي أن أخوض في هذا الموضوع محاولا الاشتباك معه بشكل سام وراق يراعي حقوق الزوجين واعتبار الزواج مودة ورحمة ووجاء من الفتن, والتي بدت في زماننا هذا كقطع الليل المظلم..! صدق الرسول الأكرم علي قول سلمان في نصحه لأبي الدرداء في توخي حقوق الزوجة, فقد فهم سلمان من حديث زوجة أبي الدرداء بأن العبادة شغلته عن أداء حقوق الزوجية فنصحه قائلا: إن لربك عليك حقا, ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا, فأعط كل ذي حق حقه فأتي النبي فذكر ذلك له فقال صلي الله عليه وسلم: صدق سلمان رواه البخاري وفي عهد الفاروق عمر سمع امرأة تقول: تطاول هذا الليل واسود جانبه... وأرقني أن لا حبيب ألاعبه فوالله لولا الله أني أراقبه... لحرك من هذا السرير جوانبه فقال عمر لحفصة: كم أكثر ما يصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أو أربعة أشهر, أو كما ورد في الحديث فقال عمر: لا أحبس الجيش أكثر من هذا.. هذان مثالان يبينان بشكل لا يقبل التشكيك أو التأويل خطورة تجاهل أمر الحقوق الشرعية من جهة الرجل لزوجته, فما بالك بحقوق الرجل علي زوجته والتي يعدل حسن اتباعها لزوجها جهاد الرجل في سبيل الله.. فعليها أن تطيع زوجها إذا دعاها للفراش ولو كان علي التنور, أو علي ظهر قتب( أي بعير) كما جاء في الحديث الشريف. يجب أن يعين الزوج زوجته والزوجة زوجها علي طاعة الله وغلق كل فرجة من الممكن أن ينفذ منها شياطين الانس والجن.. فلا يهمل الرجل أو المرأة ذلك الواجب الشرعي الذي يسبق سائر الواجبات الزوجية الأخري.. ولا يفغرن أحد فاهه مستنكرا هذا القول أو ممتعضا من الولوج إلي هذه النقطة الحساسة.. فالرسول الأكرم نفسه طرق هذا الأمر عندما قال: وفي بضع أحدكم صدقة, قالوا يارسول الله: يأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ فقال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ قالوا: نعم. قال: كذلك ان وضعها في الحلال كان له فيها أجر. وذهب الفقهاء إلي أن الزوج عندما يأتي زوجته يؤجر من ثلاثة جوانب: فهو يحصن ويعف نفسه عن الحرام كذلك يحصن زوجته ويعفها عن الحرام, والجانب الثالث أنه يبتغي من وراء تلك( العبادة) أن يرزق بذرية تأتي إلي الأرض تعبد الله الواحد لتحقق سنة الله في كونه..! ولا يقتصر هذا الأمر علي مجرد أدائه بشكل آلي, بل الزوج مطالب بحسن أداء هذا الواجب.. يقول تعالي:( وقدموا لأنفسكم).. ورد في بعض التفاسير أن المقصود هنا هو وجوب التمهيد للمعاشرة بالكلمة الطيبة والملاطفة, وفي الحديث الشريف لايقعن أحدكم علي امرأته كما تقع البهيمة, وليكن بينهما رسول, قيل: ما الرسول يارسول الله؟ قال: القبلة والكلام وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام ثلاثة من العجز, وذكر منها أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها ويؤانسها, ويقضي حاجته منها قبل أن تقضي حاجتها منه..! وحاجة المرأة إلي الحب والعاطفة لاتقل بل تزيد عن حاجات الجسد.. والفيلسوف والشاعر الألماني نيتشه يخبرنا بذلك قائلا: المرأة لغز كبير مفتاحه كلمة واحدة هي( الحب).. وأخيرا لم يأت الإسلام الحنيف لكبت الشهوات وإنما عمل علي تقويمها وتهذيبها وتصريفها في مساراتها الشرعية القويمة, فأحل الزواج ودعا إليه وحرم الزنا ونفر منه.. أحل البيع والمكسب الحلال وحرم الربا.. ولا يحسبن أحد أن الخطيئة أو اقتراف الذنوب يمكن أن تنتهي من عالم البشر, ولكن الدعوة إلي العفة والحض علي مكارم الأخلاق تقوم بدور المدافعة في الأرض ضد جموح الشهوة والأثرة وحب الذات وطغيان النفس.. لن تقضي علي الخطيئة مهما أقمت من سدود في وجه أمواجها المتلاطمة, ولكن هذه السدود من شأنها أن تحد وتقاوم من انجراف البشرية الي مستنقع الحيوانية, ليحدث شيء من التوازن.. هناك نوع من الرجال والنساء يتدثرون بالعفة والفضيلة في مواجهة جموح الشهوة ونداء الجسد.. وهناك صنف آخر ينفض هذا الغطاء ليستبدله بغطاء الفحش والرذيلة..وهكذا ليميز الله الخبيث من الطيب..! رضا نبيه [email protected]