عبد المجيد الشوادفي : الاسلام حرم كل صور الكسب غير المشروع واستخدام الوظيفة العامة في التربح دون وجه حق كما سبق كل الشرائع في تقرير هذا المبدأ والعناية به لأن الدين الاسلامي جاء أمرا بالسعي في طلب الرزق كما دعا الي أن يكون الكسب من حلال تطبيقا لقول الله تعالي يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ويبين ذلك الدكتور أحمد شحاتة أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر قائلا إن الشريعة الاسلامية تدخل جمع المال عن طريق استغلال الوظيفة والنفوذ والسلطان في الكسب الحرام وتأمر بمعاقبة صاحبه في الدنيا بالحساب العسير ورد ما كسبه فضلا عما سيلقاه من عذاب في الأخرة وقد روي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم استعمل رجلا علي الصدقات فلما حاسبه عليه السلام قال الرجل هذا لكم وهذا أهدي إلي فقال النبي ما بال الرجل نستعمله علي العمل مما ولانا الله فيقول هذا لكم وهذا ما أهدي الي أفلا قعد في بيت أبيه أو أمه حتي ينظر أيهدي اليه أم لا والذي نفسي بيده لا نستعمل رجلا علي العمل مما ولانا الله فيستغل منه شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمله علي رقبته إن كان بعيرا أو بقرة أو شاة ثم رفع يده الي السماء وقال اللهم قد بلغت مرتين.. وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يحصي أموال الولاة قبل أن يوليهم وكان يأخذ علي كل منهم اقرارا بما يملك لكي يحاسبهم علي ما زادوه وإذا تعلل الولاة بالتجارة لم يقبل منهم ويقول لهم إنما بعثناكم ولاة ولم نبعثكم تجارا كما كانت سنة عمر ابن الخطاب إذا ثبت علي وال شبهة التصرف في مال المسلمين أن يأخذ المال الذي ظفر به إلي جانب مجازاته بالعقاب والعزل من الوظيفة وقد خضع منذ فجر الدولة الاسلامية عدد من الشخصيات التي كانت تتمتع بمكانة بين رسول الله الي المحاسبة علي ما اكتسبوه وكان من بينهم أبو هريرة عندما سأله الخليفة عمر عما جمع من مال واستفاد من ثروة وقت أن كان مسئولا عن البحرين وأبا هريرة يجيب أمير المؤمنين ولم يشفع لهذا الصحابي مكانته عند رسول الله عليه السلام ولا منزلته بين كبار الصحابة أن يكون في موقف المتهم في ماله وذمته كما ترامي الي عمر بن الخطاب بأن عمرو بن العاص أثري بعد ولايته مصر فيتهم اتهاما صريحا ويحقق معه ويؤخذ منه نصف كل ما يمتلك حتي جزاءه وقد أخذ ابن الخطاب في تطبيق هذا المبدأ علي ابنه عبد الله وذلك عندما مر علي مجموعة من نياق الابل في مرعي خصيب وقد ظهرت عليها السمنة فسأل الخليفة عمر لمن هذه النياق فقيل له إنها لابنه عبد الله فأمر بأخذها وايداعها بيت مال المسلمين وقال إنها لم تكن كذلك لو لم تكن لولد أمير المؤمنين وكان ممن حاسبهم عمر أيضا وصادر أموالهم أو شاطرهم فيها سعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وغيرهم ممن يفتخر بهم الاسلام ويعتز بهم المسلمون لأن العدالة الاسلامية لا تفرق في حكمها الذي قضت به شريعتها في معاقبة صاحب الكسب الحرام.