شهدت الاسواق المصرية والعربية مؤخرا انتشار بعض المنتجات عن الشعائر الاسلامية الخاصة بالاطفال من خلال مجموعة صلاة عروسة مشهورة لدي الاطفال تردد أذكار الصباح والمساء فضلا عن حقيبة تصحب هذا النوع من العرائس تحتوي علي سجادة للصلاة مطبوعا عليها الشعائر بصورة واضحة كذلك إسدال للصلاة وخمار فضلا عن سبحة للاذكار والتسابيح وكلها تحت شعار واسم "فلة" التي تروج لمنتجات اخري بعيدة عن الامور الدينية.. وكل ذلك بغرض الربح عن طريق تطويع الشرائع والدين لزيادة الربح مما دعا إلي التعرف علي آراء الفقهاء حول هذه المنتجات ومدي مشروعية استخدامها. بداية يقول الدكتور محمد الشحات الجندي استاذ الشريعة الاسلامية بكلية الحقوق جامعة حلوان: إن استغلال الدين بغرض تحقيق الربح والكسب أمر غير جائز شرعا.. وذلك لما يترتب عليه من توظيف الدين لأغراض تجارية من اجل المطامع الشخصية فضلا عن انه نوع من التقليل لواجبات الهيئة والوقار والإجلال لشعائر الدين الحنيف وهذا نوع من العبث لذلك يجدر بنا عدم إقحام الدين فيه خاصة ان هناك العديد من الوسائل الاخري للدعاية والاعلان التي يمكن عن طريقها جذب المستهلك للسلعة وحثه علي شراء البضاعة الجيدة والسعر المناسب بدلا من استخدام أمور مقدسة وشعائر دينية بأساليب رخيصة، والشريعة والدين منها براء لأن الاصل فيها التسابيح بأذكار دينية والعبادة والتسليم لله رب العالمين ومناشدته سبحانه برفع الضرر والمباركة في الصحة والمال والولد وليس بقصد ابتزاز المستهلك وخداعه وايهامه بأن شراء السلعة سيجلب البركة للاطفال وستحيطهم بمشاعر التقديس والإيمان وهي بعيدة كل البعد عنها. وأضاف أن الله تعالي قال "ولا تتخذوا آيات الله هزوا "اي لعبا باستخدام الاذكار او التواشيح للاعلان عن السلع ايا كانت المصلحة التي ستعود علي الاطفال.. ويجب إبعاد وهذا امر ممنوع شرعا الدين عنه فضلا عن أن استخدام الدين كوسيلة دعائية لجذب الزبائن يشتت الذهن ويصرف التفكير عن الخشوع في العبادات بقراءة ما هو مطبوع علي السجادة او الخمار او الاسدال او حتي بالعروسة التي سيردد الطفل وراءها الاذكار وهو ما يتعارض مع معاني الآيات القرآنية والتي استهلت بها سورة المؤمنون التي جعلت عنوانا للمفلحين في صلاتهم مصداقا لقوله تعالي "قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون". واختتم قائلا :" لا يجوز شرعا استغلال الشعائر الدينية في الاعمال الدنيوية ايا كانت الصورة التي تستخدم في الترويج لهذه السلع. فيما يوضح الدكتور عبد الله سعيد استاذ الفقه المقارن بجامعة الازهر: أن مثل هذه المنتجات تعد من الغش التجاري والتغرير بالمشترين قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "من غشنا فليس منا " فمجموعة صلاة "بعض العرائس ولعب الأطفال" من سجادة وخمار واسدال وسبحة وعروسة تردد اذكار الصباح والمساء تعد من التغرير الذي لا لزوم له.. وفي جميع الاحوال هو نوع من التلاعب بمشاعر المسلمين وجذب الاطفال وترغيبهم في امور الدين بأسلوب غير لائق، باقحام الالعاب والتسالي لدي الاطفال في امور الشرع وذلك لزيادة بيع المنتجات.. فضلا عن ان من يريد ان يشتري سجادة للصلاة او اسدالاً او خماراً لاطفاله لن ينتظر منتجات "عروسة " بل سيندفع الي الامر ويختاره لأن الايمان الصادق لا يعتمد إلا علي العلاقة الجيدة واخلاص النية لله سبحانه وتعالي، كذلك الاستغلال السيئ للايمان العميق لدي المسلمين للترويج للمنتجات وهذا بالطبع امر مرفوض شرعا لأن المنتجات الجيدة تعلن عن نفسها دون اقحام الدين فيها. وأضاف انه لا شك ان ايراد الشعارات الخاصة بالمنتج المسوق علي السلع الخاصة في الصلاة مثلا.. تلفت نظر المصلي وتصرفه عن الصلاة بما يتنافي مع امور الدين بأشياء دنيوية محضة وبالتالي سندرب الطفل علي الوقوف بين يدي المولي سبحانه وتعالي وفي نفس الوقت سنجعله يتفكر في هذه الشعارات والمنتج مما يؤدي الي بطلان الصلاة لانتفاء الخشوع والوقوع في اللغو بدلا من ان يعتاد الطفل علي الخشوع والتركيز في الصلاة.. وبالتالي سيعاتد علي التشتت وعدم الانتباه والتفكير في الاشياء التي حوله أثناء الصلاة والاذكار . ويقول الدكتور أحمد محمود كريمة استاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الازهر: إن اركان عقد البيع الصحيح الإيجاب والقبول واهلية العاقدان وتوافر شروط معينة في المعقود عليه ومنها ان يكون معلوما ظاهرا، منتفعا به، مقدورا علي تسليمه وليس فيه غرر ولا غش ولا خداع لقوله تعالي "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " وقول الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه " من غشنا فليس منا " وبالنظر الي منتجات " أحد العرائس " للشعائر الاسلامية من سجادة وخمار واسدال وسبحة وعروسة تردد الاذكار.. فهي تهدف الي تعليم الاطفال واعانتهم علي الالتزام الصحيح، والمشتري بالطبع علي علم بهذا لذلك فالبيع صحيح . ومع ذلك يري كريمة أنه إذا كان الغرض من وراء هذه المنتجات أن تكون ستارا للتدليس والتلبيس علي العوام فهذا ما لا يرضاه الشرع لانه لا يتوصل الي طاعة الله بمعصيته. ولذلك يجب ابعاد التلاعب بعواطف الناس لاسيما قيم الدين وشعائره مع الوضع في الاعتبار بأن منتجات "تايوان" و"الصين" تأخذ هذا المنحي.. الا انها في الحقيقة تهدف الي ترويج المنتجات لمجتمعات مسلمة تفتقر الي فن الصناعة وخبرة التسويق. ويشير إلي أن وضع الزخارف المبالغ فيها وادخال ألوان لافتة وطبع شعارات كبيرة الحجم علي هذه المنتجات التي تعلم الصلاة للأطفال لا يجوز شرعا لما فيها من اشغال المصلي عن الخشوع في الصلاة فضلا عن اضعاف التأمل ، مطالبا بمراجعة الاذكار التي ترددها العروسة في الازهر الشريف خوفا من ان تكون تردد اذكاراً خاطئة او غير واردة في السنة النبوية الشريفة والامر كوسيلة تعليمية لابأس به .طالما انه لا يخرج عن نطاق الشرع والعرف كما ان نساء الانصار كن يصنعن العرائس الصوف لاطفالهن لكي ينشغلوا بها اثناء فترة الصيام وذلك من باب التدريب علي صيام رمضان . رأي مخالف ويشير الدكتور عبد الحي عزب استاذ اصول الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الازهر الي ان منتجات "العرائس للشعائر الاسلامية لامانع منها شرعا حتي ولو كان الهدف والغرض الاساسي منها هو الربح والنفع الدنيوي، لان المصلحة قد تكون مرتبطة بالدنيا او الاخرة وان كانت المصلحة مرتبطة بالامور الدنيوية فهي تفضل وترجح علي المفسدة المربوحة.. والقاعدة الشرعية تقول (اذا تعارضت المصلحة والمفسدة ترجح المصلحة اذا كانت هي الاغلب) والافضل ولا شك ان تعليم الاطفال امور الدين عن طريق ما يلفت انتباههم شيء فيه مصلحة دينية وامر محمود حتي وان كان هذا التعليم مرتبطاً بمصلحة دنيوية وهي الترويج والاعلان عن السلعة لزيادة البيع او غير ذلك. وأكد أن الاسلام لايمنع من تحقيق مصلحة الدنيا بجانب مصلحة الدين بل يعتبر هذه المنتجات وسيلة من الوسائل الحديثة لتعليم الاطفال بأمور دينهم، وتعويدهم علي الصلاة والتسابيح والأذكار منذ نعومة اظافرهم . واتساءل: هل هذا أفضل وأولي؟ أم نشغل الاطفال بامور اخري تضر بهم وتبعدهم عن امور الدين والحياة النافعة؟! وبالطبع هذا اولي فالواجب علينا كعلماء دين ان نبسط الامور الدينية للناس.. لانه ليس من مصلحة الاسلام والمسلمين التشدد في امور بسيطة والا كان ذلك من قبيل عدم الفهم الصحيح للشرع.. والدين الاسلامي يسر لا عسر. قال تعالي "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" والقاعدة الشرعية تقول (إان الاصل في الامور الاباحة وليس الحرمة) أي من قبيل الاستثناء. فيجب ان تقاس الامور وينظر اليها علي هذا الاساس . ويقول الدكتور محمد متولي الاستاذ بجامعة الازهر: إن الوسائل التعليمية الجديدة من أسس التربية الحديثة ولا بد من ان تستخدم مثل هذه المنتجات لخدمة امور الدين.. ولكن بشرط الا تؤدي الي الانتقاص من قدر الدين الاسلامي أو الاستهزاء به والسخرية منه .. والا كان الامر حراماً قولا واحدا، ومجموعة "العرائس "للشعائر الاسلامية للاطفال لا شيءفي الاعلان عن منتجاتها او الترويج لها، ولكن بشرط الا يكون هناك مغالاة او اسراف وألا تكون الهدف الاساسي هو الترويج للسلعة فقط دون خدمة الدين.. وخاصة عبادة الصلاة التي هي ركن من اركان الدين وهذا الأمر ترجع نيته الي منتجي هذه السلع ومقدار إخلاصهم لدينهم وحرصهم علي استخدام الوسائل الحديثة المختلفة من اجل إظهار الشعائر الاسلامية وتبسيطها لدي الاطفال.. كما ان وجود عروسة تردد اذكار الصباح والمساء شيء محمود ويعد أمرا ايجابيا وخاصة انه موجه لتربية ابنائنا من الاطفال ذكورا وإناثا، وحتي يعتادوا منذ الصغر علي الصلاة والاذكار.