غالبا ما ينعكس مستوي الديمقراطيات في البلاد بمقدار هجرة أبنائها المعارضين وقد تشير نسبة المفكرين والسياسيين السورين الذين يعيشون في فرنسا منذ بضعة عقود الي طبيعة المناخ السياسي الذي تعيشه سوريا. وفي ظل الانتفاضة التي تشهدها سوريا حاليا كان للاهرام اللقاء مع الناشط السوري د.حسان فرج أستاذ الدراسات السياسية والعلوم الاقتصادية والاستراتيجية من مواليد1962, ترك سوريا لأسباب سياسية ومقيم بفرنسا منذ35 عاما. * لماذا هذا التوقيت للثورة هل ألهمتكم ثورة تونس ومصر ام ان هناك اسبابا دعت للانفجار؟ منذ قيام الثورة التونسية بدأت تتحرك كل الافكار في العالم العربي فالثورة التونسية كانت كالزلزال انطلق منه تسونامي للديمقراطية والحرية, وأتت أحداث داخلية لتستفز مشاعر المواطن السوري كمحاكمة المدونة طل الملوحي.. فتاة في ال19 من عمرها تم اعتقالها منذ عام لمجرد انها كانت تكتب علي مواقع التواصل وتعبر عن رأيها وتطرقها لواقع الظلم في سوريا, فالمحاكمة كانت مغلقة من قبل محكمة عسكرية ولم يسمح لها بمحاكمة علنية وعادلة,وتم الحكم عليها بخمس سنوات..ثم تتابعت الأحداث بقيام بعض الناشطين بوقفات تضامنيه مع الشعبين المصري والليبي, وقوبلت هذه التجمعات بقمع شديد من رجال الأمن السوريين, وتفاقم الوضع عندما قام بعض الناشطين بوقفة أمام وزارة الداخلية لمؤازرة أهالي المعتقلين السياسيين التي انتهت باعتقال نساء المعتقلين وبعض الناشطين مع الاعتداء عليهم بالضرب والشتائم كل ذلك غرس بوادر الانتفاضة التي انطلقت في15 مارس والتي تحولت الي ثورة حقيقية باعتقال الأطفال في درعا. * ثمة تصميم علي اسقاط النظام ماذا لو قبلتم الاصلاحات السياسية والاقتصادية المقدمة من قبل السلطة؟. في البدايه لم يكن هناك ارادة حقيقية لاسقاط النظام علما بأن جذور الأزمة تعود لعدم احترام الوعود التي جاء بها بشار في بداية عهده.ورئاسة بشار الاسد أتت بطريقة غير شرعية وبتوريث من والده. لقد تم تغيير الدستور في خمس دقائق من قبل مجلس الشعب ليفصل علي مقاسه ولما نصب رئيسا للجمهورية ألقي بشار خطابا أعطي فيه الكثير من الوعود والامال للشعب بتحقيق الديمقراطية والتغيير والحرية. واستمر بشار يحكم في سوريا بنفس نمط والده بطريقة التأليه المعهودة. وعندما سئل من قبل الصحافة الأمريكية عن مدي تحقيق هذه الوعود, قال انها كانت مجرد رؤية وليست وعودا معللا بان الشعب السوري ليس مهيأ للديمقراطية وهذا نوع من الاهانة للمواطن السوري. وفي ظل الفساد والمحسوبية دمرت المؤسسات وتآكلت من الداخل وأصبح الاصلاح ضرورة مصيرية.كما ان نظام الحزب الواحد لم يسهل الحال مما أدي للتوزيع غير العادل للثروات. * هل كان لديكم تواصل مع ابناء الداخل...وما هو الدور الذي تقوم به المعارضة السورية في فرنسا؟ الأمور تسير تلقائيا وحسب مستجدات الساعة وشباب الداخل ينتفضون بشجاعة متناهية بعدما كسر حاجز الخوف. ونحن بدورنا نقوم بكل ما بوسعنا لمساندتهم بمظاهرات تضامنية في باريس نحن واخواننا الليبيون ويشاركنا مصريون وتونسيون وكثير من الفرنسيين والجاليات العربية, والتواصل مع الإعلام الغربي والعربي لإظهار الحقائق وكشف مزاعم وأكاذيب النظام.اما المعارضة في فرنسا فليس لديها بعد إستراتيجية منظمة وواضحة في ظل تسارع الأحداث وان كانت تناضل فهي تناضل بالفكر فقط. * وما هو الدور المرتقب منكم لو تفاقم الوضع في سوريا هل ستلجئون الي مطالبة فرنسا بالتدخل علي غرار ما حدث في ليبيا؟ لا سمح الله.. كل من يقف في وجه حرية الشعب السوري فهو عدو له وكل من يساعده للحصول علي حريته فيرحب به. لكن لن نقبل المساعدة بالتدخل العسكري فالثورة سلمية بالدرجة الأولي وضد العنف ومن أجل مطلب مشروع.الحرية والديموقراطية وضد القمع. ونحن نتمني أن تهدأ النفوس وتظهر بوادر اصلاحات جدية وحقيقية لتخفيف حدة الاحتقان الشعبي. * هل لديك سيناريو للمرحلة المقبلة في سوريا في حال ما إذا تعنتت السلطة واستمرت انتفاضة الشارع؟ الحرية قادمة لامحالة وتعنت النظام لن يجدي بشيء سوي تصاعد سقف المطالب ومهما تكن نتيجة الصراع فإن الدعم الذي يتمتع به من مسانديه التقليديين خارجيا وداخليا سيتلاشي يوما بعد يوم..واعتقد ان ثمة تضامنا من الجيش سيكون واردا في حال تفاقم الأوضاع كذلك انشقاقات من داخل السلطة, ومن منطلق وطنيتها ستقف بجانب الشعب السوري, فليس كل من في السلطة معاديا للشعب والموضوع لن يعود مسألة بقاء أو زوال بشار وإنما إنقاذ الشعب من مجازر محتملة. * ألم يكن لديكم تخوف من تحالفات الأسد مع ايران او حزب الله؟ اتمني ألا يكون هناك تحالفات ضد الشعب السوري لان الشعب السوري معروف عنه وطنيته ونزعته العربية والاسلامية وبالتالي لا يروق له الدخول في اي مشاحنات خارجية فالمسألة داخلية بحتة. * وألا تتخيلون ان تنتهز إسرائيل فرصة هذه الثورة وتنقض علي سوريا استكمالا لما لديها من الجولان؟ انا لا اعتقد نهائيا بان تراهن اسرائيل علي أمنها بالقيام بهذه المبادرة في ظل التبدلات الحاصلة في مصر وفي الأردن وفلسطين..لكن انا احمل مسؤولية امن سوريا ومسؤولية أي تدخل خارجي كاملة لبشار الاسد الذي من حكم موقعه الحفاظ علي امن وحدود الوطن وعدم أعطاء المبررات لمجلس الأمن لإصدار قرارت تحل أي تدخل خارجي في سوريا.