الكفاءة أساس اختيار المرشحين.. الجبهة الوطنية يستعد لانتخابات النواب    العمل تجري اختبارات جديدة للمرشح لوظائف بالأردن في مجالات الزراعة    النقابة العامة للسكة الحديد توضح حقيقة فيديو «الراكب بالشورت»    العملة الصعبة.. تدفقات مستدامة| خبراء: تحسن مستمر فى السوق المصرفية.. ووفرة فى النقد الأجنبى    بشاير القطن تزين الصعيد |التوسع فى أصناف عالية الإنتاجية    ترامب: هدفنا الاول هو وقف الاقتتال وإنهاء الحرب في أوكرانيا    أستراليا تمنع عضو كنيست مُتطرف من دخول أراضيها وتتهمه بالسعي لنشر الفرقة والكراهية    كلمة طفلة فلسطينية بمستشفى العريش تثير إعجاب وزير الخارجية ورئيس الوزراء الفلسطيني    إجازة سعيدة |الرياضة «تفصل» الموبايل والصيف بمراكز الشباب كله «لياقة»    الغندور يكشف عن صفقة جديدة للأهلي    آس: رابطة الدوري ترد على برشلونة بشأن تسجيل بردغجي مع الرديف    بعد بيان الجماهير الغاضب.. تقرير: دينيس زكريا يرفض عرضين من أهلي جدة    حاول إنقاذه فماتا معًا.. مصرع عامل ونجله غرقًا في ترعة بقنا    صنع الله إبراهيم.. الاسم وحده يكفى    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    بحث اعتماد المنشآت الطبية لتطبيق التأمين الصحي الشامل    "تموين الإسكندرية" تضبط أسمدة زراعية مدعمة قبل تهريبها للسوق السوداء    بينهم نتنياهو.. تفاصيل استدعاء مراقب إسرائيل العام مسئولين لبحث إخفاقات 7 أكتوبر    باحث: إسرائيل ترفض الصفقات الجزئية وتواصل الحرب لتحقيق مخطط الشرق الأوسط الجديد    «درويش» يشعل شباك التذاكر.. 12.5 مليون جنيه في 5 أيام    مصر تتصدر نمو السياحة الإقليمية في الربع الأول من 2025    سقوط سائق "توك توك" خالف المرور وسار عكس الاتجاه في الإسكندرية    مصرع سيدة وإصابة 5 في تصادم مروع بالدقهلية    وكيل تعليم الفيوم يناقش آليات لجنة الندب والنقل مع إدارة التنسيق العام والفني بالمديرية    قبل لقاء زيلينسكي وقادة أوروبيين.. ترامب: حرب روسيا وأوكرانيا هي حرب بايدن «النعسان»    المقاولون العرب يكشف حالة أمير عابد بعد تعرضه لحادث سير: "تحت الملاحظة"    المسلماني ونجل أحمد زويل يزيحان الستار عن استديو زويل بماسبيرو    سعر الفضة اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025.. بكم الإيطالي الآن؟    موعد إعلان نتيجة تقليل الاغتراب 2025 لطلاب المرحلتين الأولى والثانية    وسيلة رقمية لمواجهة الجريمة ب«عقول اصطناعية».. ما هو مركز العمليات الأمنية الجديد؟ (فيديو)    جوارديولا يثير الشكوك حول مستقبل نجم مانشستر سيتي    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    الأعلى للإعلام: انطلاق الدورة التدريبية رقم 61 للصحفيين الأفارقة من 18 دولة    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    إزالة 53 حالة تعد على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة بالبحيرة    شئون الدراسات العليا بجامعة الفيوم توافق على تسجيل 71 رسالة ماجستير ودكتوراه    اختبارات للمرشحين للعمل بالأردن في مجالات الزراعة.. صور    حبس المتهمين بالتخلص من جثة صديقهم أثناء التنقيب عن الآثار في الشرقية    الليلة.. عروض فنية متنوعة ضمن ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    الداخلية تكشف ملابسات مشاجرة بعصى خشبية أمام محل تجاري في الإسكندرية    رئيس "الوطنية للانتخابات" يزور النيابة الإدارية: خط الدفاع الأول ضد الفساد المالي والإداري    يعالج الكبد الدهني في هذه الحالة فقط- "FDA" توافق على دواء جديد    وزير الأوقاف ينعى صابر عبدالدايم العميد الأسبق لكلية اللغة العربية    القوات الإسرائيلية تعتقل 33 عاملاً فلسطينيا جنوب القدس    الجمعة.. حكيم يحيي حفلا غنائيا بالساحل الشمالي    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    الأحد.. إعلان تفاصيل الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    «غضب ولوم».. تقرير يكشف تفاصيل حديث جون إدوارد داخل أوضة لبس الزمالك    أسعار البيض اليوم الإثنين 18 أغسطس في عدد من المزارع المحلية    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء    كلية طب القصر العيني تبحث استراتيجية زراعة الأعضاء وتضع توصيات تنفيذية شاملة    نشرة أخبار ال«توك شو» من «المصري اليوم».. متحدث الصحة يفجر مفاجأة بشأن سرقة الأعضاء البشرية.. أحمد موسى يكشف سبب إدراج القرضاوي بقوائم الإرهاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة عرض الأزياء‏..‏ والأسلمة السطحية‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 01 - 2011

لم تنتج ظاهرة الإحياء الإسلامي معرفة جديدة تميزهاوتتميز بها‏,‏ بالرغم من محاولات شتي تكررت في هذا المجال تحت عنوان أسلمة المعرفة ويبدو هذا العنوان دقيقا من حيث تعبيره عن نظرة سطحية في مجاله‏. فالمعني المتضمن في هذا العنوان هو إضفاء شكل إسلامي علي معارف تراكمت من خلال التقدم العلمي في الغرب بالأساس‏,‏ وليس السعي الي إنتاج معرفة جديدة عبر عمل جاد يقوم به علماء ومثقفون مسلمون‏.‏
ولذلك لم تثمر الجهود التي بذلت في مجال أسلمة المعرفة شيئا يذكر‏.‏ وما كان لها أن تفعل‏,‏ وهي التي لم تكن أكثر من انعكاس لظاهرة تدخل في نطاق ردود الأفعال وتخرج عن دائرة الأفعال‏.‏ وبالرغم من أن طابعها إحيائي إذ استهدف بعث ما يعتبره أنصارها أنماطا إسلامية في الحياة والمجتمع والسياسة‏,‏ فقد ظل هذا الإحياء محصورا في استعادة القديم وإعادة إنتاجه‏,‏ وبعيدا عن التجديد والإبداع‏.‏
ولذلك‏,‏ لم يدرك أنصار الإحياء الإسلامي في مجال المعرفة أنه لا توجد معرفة إسلامية وأخري مسيحية وثالثة هندوسية‏,‏ ولا معرفة شرقية وأخري غربية‏,‏ بل هناك معارف ينتجها العقل الإنساني حين يزداد علما ويتحرر من القيود‏.‏ وعندما يكون الإنسان منتج المعرفة أمريكيا أو أوروبيا‏,‏ تزداد قوة بلاده ومكانتها‏.‏ ولو أن الإنسان المسلم ينتج المعرفة لارتفع شأن العالم الإسلامي دون حاجة الي التحايل عبر رفع شعارات خالية من المحتوي‏.‏ ولو أن المعرفة تنتج في العالم الإسلامي‏,‏ لما تدهورت أوضاعه وتراكمت مشاكله وتصور بعض أبنائه أن إنقاذه يتطلب إحياء دينيا بطريقة أهل الكهف وليس عبر التجديد المستند علي أفضل ما في تراثنا‏.‏
والحال أن الطريقة التي اعتمدت منهجا للإحياء الإسلامي معرفيا وثقافيا اتسمت بسطحية غالبة مع استثناءات قليلة غير مؤثرة‏,‏ فلم تنتج ما يميز هذا الإحياء أو يجعل له قيمة مضافة‏.‏ ومع ذلك‏,‏ تتواصل هذه السطحية دالة علي أن الإحيائيين الإسلاميين يقنعون بالشكل أو لا يقدرون علي غيره‏.‏
وكان آخر تجليات هذه السطحية حتي الآن في مجال الموضة وعروض الأزياء‏.‏ فقد بدأت عروض الأزياء ومهرجانات الموضة الإسلامية في الانتشار أخيرا‏.‏ وكان أكبرها عرضا ضخما في كوالالمبور قبل أسابيع قليلة‏.‏ كما شهد بعض فنادق القاهرة عروض أزياء إسلامية محدودة النطاق خلال الفترة الأخيرة‏,‏ اشتهر أحدها بسبب مشاركة فنانة محجبة فيه باعتبارها عارضة وليست ضيفة‏!‏
ويعني ذلك أن مصممي هذه العروض لم يكتفوا بإعادة إنتاج النمط الغربي السائد بأساليبه وطقوسه نفسها دون تغيير إلا في نوع الملابس المعروضة‏,‏ بل ضربوا عرض الحائط بالقواعد المهنية التي لا يعرفونها معتقدين أن عرض الأزياء لا يعدو أن يكون حفلة تكتمل أركانها بوجود عدد من الناس فيها بلا معايير أو مقومات‏.‏
وتجلت سطحية أنصار الأسلمة في مجال عروض الأزياء في عدم إدراك أن لهذه العروض ثقافة أنتجت طريقة تنظيمها وطقوسها وأن أسلمتها تتطلب بالتالي أسلوبا آخر وطقوسا مختلفة تعبر عن ثقافة مغايرة‏.‏ فلا يكفي‏,‏ والحال هكذا‏,‏ أن تكون الأزياء إسلامية محجبة‏.‏ المهم هو أن تكون طريقة عرض هذه الأزياء والطقوس التي تحيط تقديمها مختلفة‏.‏ فاختلاف طريقة العرض وطقوسه هو المعيار الجوهري‏,‏ وليست الأزياء التي يختلف المسلمون عليها بين من يرون أن الأساس هو الاحتشام ومن يصرون علي الحجاب ومن يحاولون الدفاع عن النقاب‏.‏
ولذلك‏,‏ يخطيء من يصفون عروضا تقدم فيها أزياء للمحجبات بأنها إسلامية‏,‏ وإلا جاز وصف أي مكان توجد فيه بضع نساء محجبات بأنه إسلامي‏.‏
غير أن هذا ليس هو الدليل الوحيد علي سطحية محاولات أسلمة عروض الأزياء‏.‏ فقد تجلت هذه السطحية فيما هو أبعد من ذلك‏,‏ حين تبين أن منظمي عروض الأزياء الإسلامية يجهلون أنهم يتعاملون مع مهنة لها فلسفاتها ومدارسها المختلفة‏,‏ مثلهم في ذلك مثل من يظنون أن هذه العروض لا تحتاج سوي الي مكان وأزياء جديدة وفتيات ممشوقات رشيقات‏.‏
ولأن هذه مهنة تراكمت فيها الخبرات والمعارف والمهارات‏,‏ يصبح اختزالها علي هذا النحو ابتذالا يؤدي الي عمل من أعمال الهواة في أفضل تقدير‏.‏
ويعرف المعنيون بهذه المهنة‏,‏ ومن يتابعونها‏,‏ أن ثمة مدارس فيها من أهمها مدرسة تري أن مفتاح الأناقة لا يكمن فقط في الثوب‏,‏ بل في الحياة التي يضفيها مرتدو هذا الثوب عليه‏.‏
ولو أن منظمي عروض الأزياء الإسلامية محترفون لعرفوا أنه ليس صعبا التجديد فيها تعبيرا عن ثقافة مختلفة‏.‏ فالمدارس الحديثة في هذا المجال تؤمن بعدم تقييد العارضة بطريقة معينة في العرض يفرضها عليها مصمم الثوب‏,‏ بل تركها تتصرف بالطريقة التي تراها أفضل لكي يصل روح الثوب الي العقول والقلوب‏.‏ وهي تري أن المصممين يخطئون عندما يفرضون علي العارضة نمطا معينا يجعلها أقرب الي الآلة‏,‏ أو يطلبون منها مشية الروبوت الجافة‏.‏
والحق أن كفاءة عرض الثوب ترتبط ومدي قدرة عارضته علي إبراز روحه‏.‏ وهذا هو ما يساعد علي التجديد في طريقة عروض الأزياء وطقوسها لو كان الراغبون في أسلمتها يدركون‏.‏ ولكنهم لا يعون ذلك حتي الآن ولا يعرفون أن لعرض الأزياء محتوي أو مضمونا يمكن أن يساعد في تغيير طريقته وفقا لخلفية من ينظمونه‏.‏ فالعرض الأكثر نجاحا‏,‏ وفقا للمدارس الجديدة في هذا المجال‏,‏ هو الذي يلفت الانتباه الي العلاقة بين الثوب ومن يرتديه ويظهر روحه وليس فقط جماله‏.‏
وعندئذ لا تكون عارضة الأزياء موديلا أو شماعة يعرض عليها الثوب‏,‏ لأن طريقتها في العرض هي التي تضفي علي هذا الثوب ما يميزه‏.‏ وفي هذه الحالة‏,‏ يمكن أن تتغير تقاليد ظلت راسخة لفترة طويلة‏,‏ مثل نحافة العارضة‏.‏ فهذا التقليد يواجه تحديا قويا الآن من مداس جديدة تري أن النحافة البالغة ليست شرطا لعرض الثوب بشكل أفضل‏.‏
ويعني ذلك أن فرص التجديد والابتكار في طريقة عرض الأزياء أصبحت أكبر الآن من ذي قبل حين كان هذا العرض نمطيا أو منمطا‏.‏ ويمكن أن يكون الاختلاف الثقافي مساعدا علي إبداع جديد يتعلق به‏.‏ فالمدارس الجديدة في هذا المجال تفتح الباب أمام التعدد والتنوع‏,‏ في الوقت الذي تتوافر معطيات تدعم امكانات تنوع عروض الأزياء علي أساس الاختلاف الثقافي‏,‏ وتتيح فرصا غير مسبوقة للراغبين في ذلك لو أنهم يدركون‏.‏
المزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.