هذا الرجل إما أنه ضعيف, أو فاشل, أو فاسد.. الخيارات كلها مريرة, ولكن لا مفر منها لوصفه! جاءت به قوات الاحتلال لإدارة شئون الدولة في أفغانستان بعد سقوط حكم طالبان في مرحلة ما بعد هجمات11 سبتمبر2001 علي الولاياتالمتحدة. وكان المطلوب من حامد كرزاي 53 عاما ابن قرية الكرز في إقليم قندهار أن يعمل فور توليه السلطة في24 ديسمبر2004 علي لم شمل الطوائف الأفغانية المختلفة, والسيطرة علي القبائل, واحتواء نفوذ طالبان, وإعادة السلام والاستقرار إلي أفغانستان, وتكريس سيادة الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والطهارة والشفافية, حتي يشعر الأفغاني بأن حياته بعد طالبان صارت أفضل, ولكن شيئا من هذا لم يتحقق حتي الآن, باعتراف الأمريكيين أنفسهم الذين جاءوا به فأعمال العنف مازالت مستمرة, والاقتصاد الأفغاني لم يتحرك خطوة واحدة إلي الأمام, وكافة التقارير المخابراتية الأمريكية تؤكد أن الفساد المستشري في حكومة كرزاي هو السبب الرئيسي في تزايد نقمة الأفغان من قوات الاحتلال بل وتعاطفهم مع طالبان ومن والاهم, والنتائج التي خلصت إليها واشنطن أن حكومة هذا الرجل ستسقط بعد أسابيع قليلة من خروج القوات الأجنبية من الأراضي الأفغانية, والسبب أنه لا يسيطر بشكل كاف علي شئون البلاد. الرجل أيضا مهدد بالموت بين لحظة وأخري, فكما اغتيل والده في التسعينيات في مدينة كويتا الباكستانية, فهو أيضا تعرض لأكثر من محاولة اغتيال أبرزها في أبريل2008 في العاصمة كابول. قد تكون مواصفات كرزاي العلمية جيدة من الناحية النظرية, فهو خريج كلية العلوم السياسية بالهند, وسبق له أن عمل مساعدا لوزير الخارجية, ويتحدث بأربع لغات علي الأقل, ولكنه يفتقد إلي القوة والكاريزما المطلوب توافرها في أي فرد يمكن اختياره لإدارة بلد مثل أفغانستان, بدليل أنه رئيس منتخب بأغلبية محدودة للغاية بلغت55%, في حين أن الحالة الأفغانية بالذات تستوجب وجود رئيس يحظي بشعبية كبيرة وتوافق ذي طابع خاص من شتي أطياف المجتمع الأفغاني. وعلي الرغم من أنه كانت أمام كرزاي فرصة ذهبية لنقل بلاده نقلة مختلفة تماما في ظل الدعم الأمريكي اللا نهائي له, رغم التحفظات علي طريقة ترشيحه واختياره لتولي منصبه المثير للجدل في وجود قوات احتلال أجنبية, فإنه لم ينجح حتي في الاستفادة من هذه الفرصة, وهو ما سبب أضرارا لكافة الأطراف, سواء الأفغان أنفسهم الذين كانوا يمنون أنفسهم بالاستقرار, أو الأمريكيون الذين يودون الخروج من هذا المستنقع اليوم قبل الغد. ولكن الخروج وترك الحبل علي الغارب في وجود كرزاي يعني الآن تسليم أفغانستان هدية في أيدي طالبان. [email protected]