باستعراض نتائج ميزان المدفوعات المصري للعام المالي9002/.0102 كان تركيز البعض علي تحقيق الميزان فائضا بلغ4.3 مليار دولار. مقابل تحقيقه عجزا بنفس القيمة بالعام المالي السابق. إلا أن مكونات الموارد والمدفوعات داخل الميزان تشير للكثير من الأمور التي تعد بمثابة أجراس خطر يجب التنبه إليها. فموارد ميزان المدفوعات البالغة5.27 مليار دولار مازالت أقل مما كانت عليه قبل عامين حين بلغت أكثر من97 مليار دولار. كما أن تحقيق فائض كان نتيجة نمو خمس موارد فقد للنقد الأجنبي هي: استثمارات الحافظة أساسا والسياحة والتحويلات الخاصة والرسمية والمتحصلات الأخري. من بين21 موردا رئيسيا. ومع بلوغ الصادرات السلعية أقل من42 مليار دولار فإن ذلك يضع مصر بالمركز الرابع الستين دوليا والتاسع عربيا. وهو مايعادل نصف قيمة صادرات اسرائيل البالغة84 مليار دولار. مع الأخذ في الإعتبار أن تلك القيمة للصادرات تتضمن حصة الشريك الأجنبي بصادرات البترول والغاز الطبيعي وكذلك قيمة صادرات الشركات الأجنبية من السلع المختلفة. ومن المهم التركيز علي نوعية الصادرات التي تشكل المواد الخام نسبة كبيرة منها. فحسب بيانات البنك الدولي مازالت نسبة الصادرات الصناعية من صادراتنا91% فقط. كما أن نسبة الصادرات عالية التكنولوجيا من الصادرات الصناعية1% فقط. وعلي الجانب الآخر فقد بلغت قيمة الواردات السلعية94 مليار دولار. وهي قيمة مرشحة للتزايد بالعام الحالي. في ظل ارتفاع أسعار كثير من السلع المستوردة. حيث ارتفعت أسعار غالبية السلع بشهر اكتوبر الماضي عما كانت عليه بالعام الماضي متضمنة: القمح والذرة واللحوم والأسماك وزيوت الطعام والشاي والبن والقطن والصوف والمطاط وكل أنواع المعادن من حديد ونحاس ورصاص وغيرها. الي جانب البترول الذي نستورد منه ونشتري حصة الشريك الأجنبي أكثر مما نصدر. في ظل نسبة إكتفاء ذاتي من انتاج البوتاجاز مازالت64% ومن السولار37%. وفي ايرادات الاستثمار الأجنبي المباشر حدث انخفاض للعام الثاني علي التوالي. مع الأخذ في الاعتبار أن نسبة كبيرة منه عبارة عن عمليات استحواذ علي شركات مصرية. وبما يعني مجرد تغيير شكل الملكية من مالك مصري الي مالك أجنبي. دون إضافة للطاقات الانتاجية أو الخدمية أو لفرص العمل. كما أن جزءا كبيرا منها عبارة عن مشتريات لأسهم وليست مشروعات جديدة. ومن المفيد العودة للتعريف السابق للاستثمار الأجنبي المباشر الذي كان موجودا قبل إنشاء وزارة الاستثمار. واستبعاد الاستثمارات البترولية بإعتبارها موارد ناضبة. لمعرفة قيمة الاستثمار الحقيقي. وهو القدر غير المعروف منذ ست سنوات. بسبب دمج بيانات قيمة تأسيس الشركات الجديدة وزيادات رؤوس أموال الشركات معا. أيضا التركز الشديد للاستثمار المباشر الوارد إلينا. سواء كان تركزا بالقطاعات التي يعمل بها والتي يقل بها نصيب الصناعة والزراعة. أو تركزا بالدول التي يرد منها. حيث كان نصيب خمس دول نسبة27% من الأجمالي. بل إن أمريكا وحدها كان نصيبها54% بالإجمالي. أيضا يجب الأخذ في الحسبان أن الايرادات السياحية الضخمة والتي مكنت السياحة من احتلال المرتبة الثانية بين أنواع الموارد. وهي إيرادات تقديرية وليست أرقاما حقيقية. والتي أتت من خلال حاصل ضرب عدد الليالي السياحية البالغ631 مليون ليلة في متوسط إنفاق تقديري للسائح يبلغ58 دولارا بالليلة. في ظل تعريف السائح بأنه كل من دخل البلاد ومضي علي وصوله42 ساعة. مما يعني إعتبار اللاجئين من جنوب السودان والصومال والعراق وغيرهم من القادمين من الدول الفقيرة سياحا. وأن كلا منهم ينفق58 دولارا كل ليلة. خلال فترة إقامته بالبلاد والتي تطول لعدة أشهر. كما أنه مع كون الأوروبيين يشكلون نسبة57% من السياح القادمين. فإن ماتعرضت له أوروبا خلال العام الماضي من إنكماش وعجز بالموازنة وديون وبطالة مرتفعة. يجعل من الصعب قبول أرقام الإيرادات السياحية المعلنة. وأنها زادت بنسبة5.01%. وتشير قيمة المعونات الأجنبية من الدول والمنظمات الدولية والاقليمية البالغة أقل من المليار دولار الي أنها تشكل نسبة1% فقط من إجمالي الموارد. مع الأخذ في الاعتبار ماتقطعه الجهات المانحة منها في شكل مدفوعات لأجور الخبرات الأجانب ودراسات الجدوي وغيرها. والهدر الذي يمثله إنفاق جانب منها علي جمعيات مصرية في الندوات والمطبوعات والرحلات مما يقل من وصولها للشرائح المستهدفة بها. ومع بلوغ قيمة تحويلات العاملين المصريين بالخارج5.9 مليار دولار بنمو52%. فإن الأمر يقتضي البحث هل هذا النمو بسبب تحسن أحوالهم أم بسبب عودة جانب منهم للبلاد؟ وفي جانب المدفوعات بلغت قيمة مادفعته مصر من عوائد علي استثمارات الأجانب بها بالعام المالي الأخير أكثر من5 مليارات دولار وهي قيمة أعلي من دخل القناة البالغ5.4 مليار دولار. خاصة وأن فوائد استثمارات المصريين خارج مصر كانت نحو008 مليون دولار وجاء هذا النزيف للعملات الأجنبية نتيجة زيادة مشتريات الأجانب لأذون الخزان المصرية للإستفادة من الفوائد المرتفعة عليها بالمقارنة لتدني الفوائد علي عملاتهم في بلادهم وذلك بنحو01%. وهو الأمر الذي نتوقع استمراره في ظل الضخ الأمريكي لنحو57 مليار دولار بالأسواق شهريا حتي يونيو القادم بإجمالي006 مليار دولار. مما دفع الدول النامية خاصة في آسيا لإعلان تضررها من تلك الأموال التي ستزيد قيمة الأصول بها والتضخم. وترفع من قيمة عملاتها بما يضر بصادراتها. مما دفعها لوضع ضوابط علي مشتريات الأجانب لسنداتها المحلية مثلما فعلت تايلاند. ولهذا اقترب استثمار الحافظة للاجانب من الثمانية مليارات دولار المالي الأخير. بعد أن كان سالبا بأكثر من تسع مليارات بالعام السابق, أي زاد بنحو71 مليار دولار خلال عام واحد. رغم قصر آجال استثمار الحافظة ومايمثله ذلك من مخاطر في حالة الخروج السريع. في حين كان الاستثمار الأجنبي المباشر الأكثر إفادة أقل من سبعة مليارات دولا. ومن غير الطبيعي أن تزيد نسبة الفائدة علي أذون الخز انة الحكومية الأقل بالمخاطر علي نسبة الفوائد بالبنوك. خاصة وأن شراء الأجانب لتلك الأذون يترتب عليه تحويلهم لأرباحها للخارج. بينما ينفق المصريون قيمة الفوائد التي يحصلون عليها بالداخل وبما يساهم في تنشيط حركة الأسواق.