لاشك أننا عندما نكتب عن قضية علمية تمس صحة ومصلحة المواطنين بشكل مباشر, فإن ذلك يثير بعض المخاوف والقلق لدي الكثير من الناس, وأعتقد أن هناك بعض القضايا العلمية الخلافية التي لاتخضع لرأي واحد حاسم يهزم الرأي الآخر بالضربة القاضية. وهنا يأتي السؤال المحير: هل من الأفضل ان نثير هذا الجدل علي المستوي الشعبي العام, ومن خلال وسائل الاعلام ام انه يجب ان يظل في اطار المؤتمرات العلمية المتخصصة والعلماءالمتخصصين داخل الغرف؟ ربما كانت الاجابة عن هذا السؤال أسهل بكثير قبل هذه الثورة المعلوماتية الهائلة من خلال الانترنت ووسائل الاتصال الحديثة التي تجعل كل مايحدث في هذا العالم, رهن اشارتك من خلال كبسة زر علي الكمبيوتر أو المحمول, أما الآن فلاشئ يمكن ان تخفيه, لذا فمن المهم ان يزداد وعي الناس من أجل تقبل أكثر من رأي ووجهة نظر في الموضوع الواحد, وأن يصبح في النهاية القارئ هو صاحب الشأن في تبني أي من وجهات النظر التي يقتنع بها.ولقد وصلتني العديد من الرسائل من القراء الأعزاء, وإيمانا مني بحق الرد, ولأمانة عرض وجهة النظر الأخري اختار منها هذه الرسالة التي أنشرها بنصها:.. تحية طيبة وبعد, أود ان أشير الي تقديري لدوركم كعالم جليل في مجال الاهتمام بالتوعية الصحية للقراء ومن نفس منطلق الحرص علي صحة المواطنين وجدت ان من واجبي ان اعرض وجهة النظر الأخري التي تتبني أمان استخدام الأسبرتام حرصا علي عدم ترويع قطاع كبير من مرضي السكر والسمنة في مصر الذين يستحقون ان ينعموا بحياة طبيعية, ويتذوقوا طعم السكر بدون أدني خطورة علي صحتهم وذلك بناء علي نتائج أبحاث دولية منشورة ومثبتة ومدعمة, واتخذت مرجعا لجميع الهيئات التشريعية في جميع دول العالم والتي اجازت استخدام الاسبرتام ومازالت تؤكد امانه التام, وهذه الهيئات ليست فقط منظمة الغذاء والدواء الأمريكيةFDA ولكن كل الجهات التشريعية الدولية مثل منظمة الصحة العالميةWHO ومنظمة الأغذية والزراعة الدوليةFAO وجميع الهيئات التشريعية الأوروبية مثل الهيئة الأوروبية لسلامة الغذاءEFSA وهيئة سلامة الغذاء الفرنسيةAFSSA ولجنة الخبراء المشتركة للاضافات الغذائية التابعة للأمم المتحدةjECFA وجميع هذه الهيئات اجازت استخدام الأسبرتام بأمان تام منذ عام1981 ولو كان قد ثبت أدني ضرر علي أي من مستخدمي منتجات الدايت المحلاة بالأسبرتام خلال هذه المدة الطويلة خصوصا في الولاياتالمتحدة لكان قد قام بمقاضاة الشركات المنتجة للحصول علي تعويضات بملايين الدولارات وهو ما لم يحدث. وكما اشرتم فإن الأسبرتام يستخدم في أكثر من ستة آلاف منتج غذائي ويتداوله أكثر من مليار شخص في حوالي مائة وخمسين دولة وهو مايدعم مدي أمانه التام, فمن المستحيل ان تتآمر جميع هذه الدول بهيئاتها التشريعية علي مستوي العالم لفترة زمنية تربو علي الثلاثين عاما وتعيد تأكيد أمان استخدامه46 مرة طوال هذه الفترة ليضروا بها صحتهم وصحة أولادهم وأحفادهم علي هذا المدي الزمني الطويل, وكما تفضلتم بتوضيح ان الأسبرتام يتكون من2 حمض أميني هما الأسبارتيك والفينيل الانين( وهما من المكونات الرئيسية للبروتينات) مع الميثانول, ويتم التمثيل الغذائي لمكوناته بنفس طريقة التمثيل الغذائي لنفس المكونات عندما يحصل عليها الجسم من أغذية أخري مثل اللبن والطماطم والتفاح واللحوم فمثلا كوب من اللبن يحتوي علي6 مرات أكثر من الفينيل الانين و13 مرة أكثر من الأسبارتيك عند مقارنته بمحتويات عبوة واحدة من مشروب دايت محلي بالأسبرتام وبالمثل كوب من عصير الطماطم يحتوي علي6 مرات أكثر من الميثانول, اذا ماقورن بنفس عبوة المشروب الدايت, اي أن الجسم يتعامل مع الميثانول بطريقة واحدة, بغض النظر عن مصدره. وطبقا لما أصدرته هيئةFDA فإن كمية الميثانول التي يمكن للشخص العادي تمثيلها غذائيا تصل الي1500 مجم كل ساعة بدون اي اعراض جانبية وهذه تعادل كمية الميثانول الناتجة عن استهلاك ثلاثين لترا كل ساعة من مشروب محلي بالأسبرتام علي مدار اليوم وهو بالطبع شئ يستحيل حدوثه. التوعية الوحيدة في استخدام الأسبرتام تخص مرضي الفينيل كيتون يوريا وهو مرض وراثي نادر يعوق امتصاص الفينيل الانين( وهو أحد الأحماض الأمينية الأساسية اللازمة للجسم) ويكتشف عند الولادة ومرضاه لايمكنهم تناول ليس فقط المنتجات المحلاة بالأسبرتام ولكن ايضا معظم الأغذية البروتينية بما فيها لبن الأم لاحتوائه ايضا علي الفينيل الانين لذا توصي الهيئات التشريعية بتوعية هؤلاء المرضي بكل الأغذية المحتوية علي أي مصدر للفينيل الانين, أما بخصوص الجدل المثار حول وجود اضرار للأسبرتام فقد اصدر المعهد القومي الأمريكي للسرطان في عام2006 تقريرا يؤكد عدم وجود أي علاقة بين استخدامه وحدوث أورام سرطانية بناء علي دراسة أجريت علي نصف مليون شخص, كما أكد ايضا المعهد القومي لتصلب الشرايين انه لايوجد اي دليل علمي واحد يؤكد الادعاءات المنشورة علي المواقع الالكترونية والتي تربط بينه وأمراض تصلب الشرايين والزهايمر وغيرها ومن الثابت علميا ان أمان أي منتج غذائي لايعتمد علي مصدره طبيعيا كان أو صناعيا وانما يعتمد علي النسبة الآمنة المسموح بتناولها يوميا من هذا المنتج والتي تحددها الهيئات التشريعية بعد اجراء ابحاث علمية عديدة وطبقا للنسبة المصرح باستخدامها من الأسبرتام فهي يوميا40 مجم لكل كجم من وزن الجسم وهو مايعادل تناول أكثر من خمسة لترات مياه غازية محلاه بالأسبرتام أو80 كيسا من بدائل السكر المحتوية علي الاسبرتام فهي يوميا40 مجم لكل كجم من وزن الجسم وهو مايعادل تناول أكثر من خمسة لترات مياه غازية محلاه بالأسبرتام أو80 كيسا من بدائل السكر المحتوية علي الأسبرتام يوميا ومن الواضح أن هذه النسبة المرتفعة تضع الأسبرتام في مرتبة أكثر أمانا من السكر نفسه, حيث ان جميع الهيئات الصحية تعتبر السكر أحد السموم البيضاء بالرغم من كون مصدره طبيعيا وتوصي بعدم الافراط في استهلاكه تفاديا لأمراض السكر والضغط والبدانة وتصلب الشرايين وتسوس الأسنان, والمواقع العلمية الآتية تؤكد مرجعية ما سبق: اللجنة الأوروبية لسلامة الأغذية, منظمة الصحة العالمية هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية, هيئة سلامة الغذاء الفرنسية, المعهد القومي الأمريكي للسرطان. أخيرا أود ان اعرب عن عميق تقديري لشخصكم الكريم لاتاحة الفرصة لعرض وجهة النظر الأخري, مما رسخ انطباعي, كوني متابعا لكتاباتكم بمدي سعة صدركم وامانتكم العلمية ولسيادتكم جزيل الشكر, د. إيهاب عوض مدير الأبحاث والتطوير بشركة كامينا. والحقيقة يا د.إيهاب وكما تعلم فإن وجهات النظر الخلافية حول مادة الأسبرتام مازالت موجودة, مثلها مثل التليفون المحمول وأضراره, وكذلك الوجبات السريعة وغيرها, وهي جميعا أشياء جميعها مصرح باستخدامها ولم تسحب من الأسواق, ولكنها تحمل الكثير من الضرر وتحتاج الي توعية الناس بأضرارها والأسلوب الأمثل لاستخدامها وأعتقد أن كلامنا وأبحاثنا يجب ان تنصب علي ماتحدثه هذه المادة من مضاعفات جانبية وأعراض, والتأكد من الجرعات المناسبة التي لاتحدث معها أي مضاعفات جانبية مثل الصداع أو الصداع النصفي وغيرهما, وليس بالضرورة حدوث تسمم أو أمراض خطيرة نتيجة لاستخدامها, وعلي الرغم مما ذكرت من أبحاث فإن هناك خطابا تم ارساله الي المحرر في مجلة ساينس العملية المحترمة بتوقيع25 عالما يطالبون فيه بمزيد من الدراسات والأبحاث علي الآثار الجانبية لهذه المادة, كما ان بعض كبريات سلاسل محال السوبر ماركت في انجلترا مثل: سينسبري وول مارت إم آند إس أسدا قد أعلنت في عام2007 انها لن تستخدم الأسبرتم( اختياريا) من أجل التحلية في أي منتج من منتجاتها, وفي نفس العام ايضا حظرت الحكومة الاندونيسية استخدام الاسبارتام في التحلية سواء للمواد الصلبة أو المشروبات والعصائر وتقدم أحد الأحزاب في الفلبين بمشروع قانون للبرلمان في عام2008 من أجل حظر استخدامها وفي جنوب افريقيا أعلنت محال وول وورث التوقف عن استخدام مادة أسبرتام في كل الأغذية والمشروبات التي تنتج وتباع بداخلها, وفي مايو2010 تقدم بعض الأشخاص بشكوي الي وكالة مستويات الطاقة البريطانية التي فتحت تحقيقا عن بعض المضاعفات الجانبية نتيجة تناول هذه المادة, هذا في الوقت الذي تستخدم فيه نفس المادة في معظم الدول الأوروبية والأمريكية علي الرغم من بعض الاعتراضات