تعتمد فكرة فيلم عائلة ميكي علي معالجة أحوال الأسرة المصرية في الفترة الأخيرة, وهذه المعالجة استندت علي سيناريو محكم إلي حد كبير, ومجموعة من الممثلين الشباب إلي جانب الفنانة الكبيرة لبلبة, والفنان القدير أحمد فؤاد سليم. والفيلم يعتبر إعادة اكتشاف لمخرجه أكرم فريد بعدما تخلص من التركيبات الفنية التي اعتاد صنعها في الماضي متنازلا عن رؤيته كمخرج, وذلك مع بعض الكيانات الإنتاجية التي كان يعمل معها, والتي كانت تعامله كمنفذ لما تريده, لكن في هذا الفيلم أعتقد أنه أخذ فرصته لكي يعمل صناعة فيلم جيد دون ضغوط إنتاجية, ويستطيع تحمل مسئوليته بمفرده, وبالرغم من ذلك فهناك بعض السقطات الإخراجية وسوف نناقشها لاحقا. وعند قراءة تترات الفيلم اكتشفنا أن المنتج المنفذ لهذا العمل هو الفنانة بشري, وهو ما أجاب عن كل التساؤلات من اختيار الموضوع, والممثلين, والإطار الإنتاجي, فكل هذا لابد أن يكون وراءه فنانة لها رؤية وتدر المواهب الجديدة. والفيلم كما ذكرنا يناقش أحوال الأسرة المصرية, وهو موضوع أقرب ما يكون للدراما التليفزيونية منه إلي السينما, أو يكاد يكون حلقة داخل إحدي المسلسلات المتصلة المنفصلة, لكن الفيلم صنع بحرفية سينمائية فيما عدا بعض التطويل الذي كان يجب علي المخرج الانتباه إليه, وكلمة الدراما التليفزيونية ليست عيبا, فهذا يعني أنه يناسب الأسرة المصرية لكن المخرج والسيناريست أرادا أن يخرجا من هذه الدائرة التي تحظي بالاحترام فأضاعوا بعض الألفاظ ليشابهوا نوعية السينما التي اعتاد عليها المخرج سابقا مثل ابن الكلب وابن الجزمة وطحن.. إلخ, وغيرها من الألفاظ التي تنتمي إلي نوعية أفلام المقاولات. والحقيقة هذه المرة هي المرة الأولي التي أشاهد مخرجا يصنع فيلما محترما ويلقي عليه شوية تراب, والفيلم يحكي عن أسرة تتكون من أب قام بدوره أحمد فؤاد سليم, والأم لبلبة, والجدة رجاء حسين, وأربعة أولاد وفتاة, وهو يناقش مشكلات هؤلاء الشباب.. فمنهم الابن الأكبر الذي تخرج في كلية الشرطة وهو ضعيف الشخصية, وغير مسئول, والثاني طالب في كلية الهندسة ويعتذر عن دخول الامتحانات منذ عامين, والثالث في المرحلة الثانوية واعتاد الهروب من المدرسة ويحاول تعلم البلطجة, والصغير وهو ميكي في المرحلة الابتدائية, وهو الذي سمي علي اسمه الفيلم, ولا علاقة له بالفيلم من قريب أو بعيد, لكنهم أرادوا أن يسموا الفيلم علي نغمة فيلم عائلة زيزي فأصبح عائلة ميكي, وأخيرا الابنة التي اعتادت هي الأخري الهروب من المدرسة لتعود إلي المنزل الذي لا يوجد فيه غير الجدة الضريرة لتتحدث مع بعض الشبان علي الفيس بوك, وتواعد أحدهم وبالفعل يأتي لها في المنزل, واعتمادا علي أن الجدة ضريرة ولا تري, ثم يأتي الأخ الأكبر الضابط إلي المنزل مع صديقته ولا نعرف متي ترك خدمته كضابط, ومتي غير ملابسه العسكرية, وعندما ذهب بالسيارة إلي الميكانيكي الذي يناديه بالباشمهندس ويعامله بإهمال وكأنه شخصية أخري غير شخصية الضابط( هذا السؤال للمخرج). وتتطور الأحداث وتذهب الأم إلي كلية الهندسة لتكتشف أن ابنها لا يذهب للمحاضرات, ولا يدخل الامتحانات, وتكتشف أن الابن الأصغر هرب من المدرسة وأصيب في إحدي المشاجرات, وأيضا الابن الأصغر ميكي تكتشف أنه مشاغب وينال العقاب في المدرسة, والابنة ليست موجودة بالمدرسة أيضا, وتتفاقم المشكلات وتخفي الأم هذه المحنة عن الأب الذي يأتي من عمله ليستعد لاستضافة برنامج تليفزيوني للأسرة, ويدفعون رشوة للحصول علي جائزة الأسرة المثالية, لينتهي الفيلم بصورة تذكارية لهم في هذا الكادر المثالي, وهم في الواقع أسرة مفككة إلي أقصي درجة, وأعتقد أن المشاهد التي جاءت بعد هذا الكادر تعتبر مشاهد زائدة, وبذلك تكون ضد ما يسمي ذروة الفيلم. وهنا يجب ألا ننسي المجهود المميز لمدير التصوير رءوف عبدالعزيز الذي جمل الصورة وأضاف إليها الكثير ليفيد الدراما, كذلك تحية للسيناريست عمر جمال علي فكرته الجميلة ومعالجتها المختلفة, أما الفنانة لبلبة فقدمت دورا مختلفا للمرأة العاملة المهمومة دائما بشئون عائلتها في إطار من الصدق والإتقان معتمدة علي خبرة وموهبة ونضج يحسب لها, وأيضا أحمد فؤاد سليم, وهو فنان قدير أدي دور الأب الضابط باقتدار امتزج فيه الحزم مع حنان الأب علي أبنائه, أما دور الجدة الضريرة فقدمته الفنانة رجاء حسين بشكل رائع يضيف إلي مشوارها الفني الكبير, والأبناء, فجميعهم كانوا موفقين إلي حد كبير في تشخيص أدوارهم التي شابهت أبناء هذا الجيل. وتأتي بعض الأدوار الثانوية التي قام أصحابها بأداء مميز كشخصية ضابط الشرطة رئيس الابن في القسم( فريد النقراشي), فكان مميزا بالرغم من قصر مساحة الدور إلا أنه ترك بصمة في نفوس المشاهدين. وأخيراتحية إلي كل صناع الفيلم, وفي مقدمتهم المونتيرة مها رشدي ضابطة إيقاع الفيلم, والموسيقي عمرو إسماعيل الذي ساعدت موسيقاه التصويرية في صناعة فيلم جيد.