بعد أقل من ثلاثة أسابيع وبالتحديد في4 أكتوبر المقبل سيحتل أول عربي ومصري هو د.محمود محيي الدين وزير الاستثمار مركزا رفيعا في واحدة من أهم المؤسسات الدولية. وهي مؤسسة البنك الدولي وهو أمر علي قدر كبير من الأهمية نظرا للدور البارز الذي تلعبه هذه المؤسسة علي مستوي العالم خاصة الدول النامية الي جانب أنها تضم نخبة من الخبراء والوزراء السابقين الذين لعبوا أدوارا متميزة لتنمية بلدانهم. وبعد أيام من تسلمه منصبه في العاصمة الأمريكيةواشنطن سيقوم بالمشاركة في الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد والتي تعقد مرتين في السنة وتشتهر باسم اجتماعات الربيع والخريف والتي كان يشارك فيها د. محمود محيي الدين قبل توليه المنصب كمحافظ لمصر في البنك الدولي أما هذه المرة فستكون المشاركة مختلفة حيث سيشارك كمدير منتدب للبنك بينما لم تحدد القيادة السياسية المصرية حتي الآن من سيمثل مصر في هذه الاجتماعات التي ستبدأ في8 أكتوبر المقبل. وأشاد البنك الدولي من خلال تصريحات رئيسه روبرت زويلك بالدور المتميز الذي لعبه د.محمود محيي الدين أثناء توليه وزارة الاستثمار منذ2004 حيث قام بجهود كبيرة في مجال الإصلاح وأهمها توحيد هيئات الرقابة علي القطاع المالي غير المصرفي وإنشاء بورصة للشركات الصغيرة والمتوسطة الي جانب تدعيم قطاع التأمين وإنشاء سوق التمويل العقاري مما جعله من أحق المرشحين بهذا المنصب موضحا أن د.محمود محيي الدين سيقوم بحكم منصبه الجديد بالإشراف علي مكاتب وشبكات البنك التي تقود جهوده في مجال المعرفة والتنمية ومنها التمويل وتنمية القطاع الخاص وتخفيض أعداد الفقراء وإدارة الاقتصاد والتنمية البشرية الي جانب الإشراف علي معهد البنك الدولي. وتشهد العلاقة بين مصر والبنك الدولي في السنوات الأخيرة حالة من الإزدهار وحظيت جميع المشروعات التي تقدمت بها الحكومة المصرية خلال سنوات طويلة من التعاون بموافقة البنك وربما يعتبر مشروع السد العالي الذي يرجع الي الستينيات هو المشروع الوحيد الذي لم يوافق مجلس إدارة البنك علي تمويله لأسباب تتعلق بطبيعة العلاقات الدولية في هذه الفترة. ويأتي تولي د.محمود محيي الدين لهذا المنصب ليلقي الضوء علي مؤسسة البنك الدولي والدور الذي تقوم به علي مستوي العالم لذلك أجرينا هذا الحوار مع ديفيد كريج المدير الإقليمي للبنك الدولي في مصر والذي اكتفي في التعليق علي الحدث بالتصريحات التي أدلي بها رئيس البنك الدولي بينما تركز الحوار علي توضيح دور البنك في مصر وأهم المشروعات التي يشارك فيها. وفي مكتبه الهاديء والبسيط المطل علي نيل القاهرة كان هذا الحوار حول سنوات من العمل المشترك والحصاد المرتقب. * جاء تولي د.محمود محيي الدين لمنصب المدير المنتدب بالبنك ليزيد اهتمامنا بدور البنك ونشاطه علي مستوي العالم وفي مصر. فما هي أهم ملامح هذا الدور في ظل أهداف البنك وخططه المستقبلية؟ البنك الدولي أسس في عام1944 بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة وكان يهدف في بدايته الي تمويل الدول المتضررة من الحرب والمشاركة في إعادة إعمارها وبعد الانتهاء من عملية الإعمار تحولت جهود البنك نحو مساعدة الدول النامية وتمويل المشروعات ذات الأهداف التنموية والأثر المجتمعي وذلك من خلال مساهمات الدول الأعضاء ومنها مصر وتعتبر الولاياتالمتحدةالأمريكية أكبر مساهم في البنك. والبنك الدولي ليس بنكا بالمعني المتعارف عليه ولكنه مؤسسة تعاونية لا تهدف للربح وهو عبارة عن مؤسستين إنمائيتين تملكهما187 دولة وهما البنك الدولي للإنشاء والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية ويكمل عملهما مؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار والمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار. ويقدم البنك قروضا بأسعار منخفضة واعتمادات بدون فوائد ومنح للدول النامية لأغراض التعليم والصحة والبنية الأساسية وتنمية القطاع الخاص والمالي والزراعة وإدارة الموارد. وللبنك حوالي100 فرع في مختلف دول العالم ويعود تاريخ إنشاء مكتب القاهرة الي بداية التسعينيات. * حصلت مصر خلال السنوات الست الماضية علي عدة قروض من البنك الدولي لتنفيذ عدد من المشروعات الحيوية في قطاع الكهرباء والنقل وغيرها فهل هناك علاقة بين هذه الزيادة في القروض وتعيين حكومة د.نظيف؟ بالفعل حدثت زيادة واضحة في حجم القروض الممنوحة في مصر خلال السنوات الست الماضية ويرجع ذلك في المقام الأول الي إسراع الحكومة المصرية الجديدة بتنفيذ العديد من الإصلاحات في عدة قطاعات مما ترتب عليه زيادة الطلب علي قروض البنك الدولي من جانب الحكومة المصرية لتمويل هذه المشروعات التنموية وهي مشروعات تتناسب مع التوجهات العامة للبنك فيتم الموافقة عليها من جانب مجلس المديرين التنفيذيين وشهدت الأشهر الأولي من2010 الموافقة علي عدة قروض في عدة مجالات تصل في مجموعها الي1400 مليون دولار مما يؤكد مساندة البنك المستمرة لجهود الإصلاح في مصر. * هل يفرض البنك الدولي اي شروط علي مصر خاصة بتطبيق سياسات محددة مثل الخصخصة او الدعم لتمويل المشروعات؟ ليس من حق البنك الدولي او سلطته فرض اي سياسات علي اي دولة في العالم و بالتأكيد مصر ينطبق عليها نفس الشيء, فهناك آلية محددة يتم العمل بها في موضوع القروض بين البنك الدولي واي حكومة تقوم علي التفاوض حول الإطار العام للبرامج التي تريد الدولة تنفيذها خلال فترة محددة تصل الي خمس سنوات وهو ما يعرف بالإستراتيجية القطرية ويتم فيها تحديد نوعية المشروعات التي تحتاجها الدولة بناء علي رؤيتها الخاصه وأهدافها واحتياجاتها دون اي تدخل من البنك ويوافق علي الإستراتيجية المقترحة مجلس المديرين التنفيذيين للبنك ليتم العمل بها وهي في نفس الوقت غير ملزمة للدولة فإذا رأت الدولة عدم حاجتها للاقتراض لتمويل اي مشروعات مقترحة فلايوجد ما يلزمها بذلك. كما أن مصر عضو في مجلس إدارة البنك ويشارك مندوبها وهو السفير أيمن القصاص في حضور هذه الاجتماعات وبالتالي توافق مصر سنويا علي خطة عمل البنك وتوجهاته ولذلك لا مجال لفرض شيء عليها. ويجري في الوقت الحالي التشاور مع الحكومة المصرية حول أولويات الإستراتيجية القطرية الجديدة والتي من المقرر إعدادها في2011 بعد الانتهاء من الإستراتيجية الحالية. * مع زيادة القروض التي تحصل عليها مصر إلا أن مصر تتمتع بتصنيف ائتماني من البنك كدولة آمنة من حيث المديونية. فكيف يؤثر ذلك علي مستقبل التعاون المشترك؟ بالفعل مصر تعتبر من أكثر الدول الآمنه من حيث المديونية حيث تقوم بتسديد أقساط القروض بشكل منتظم ولذلك تحظي بموافقة البنك علي المشروعات التي تتقدم بطلب لتمويلها فالبنك لايمكن أن يوافق علي تمويل قرض لدولة غير ملتزمة في سداد الأقساط وهناك ثقة كبيرة في الحكومة المصرية نتيجة لسنوات طويلة من العمل المشترك. * هل هناك اي نية من جانب البنك الدولي لتمويل البرنامج المصري لتوليد الكهرباء بالطاقة الذرية؟ البنك الدولي لم يتلق اي طلب من الحكومة المصرية بهذا الشأن وذلك لأن البنك معروف أنه لا يقوم بتمويل مشروعات للطاقة النووية في اي مكان في العالم وهذا يرجع الي أن هذة المشروعات لها طبيعة خاصة ولا تدخل ضمن المشروعات التي يهتم البنك بتمويلها حيث تقوم بتنفيذها شركات ضخمة تتولي عملية التمويل للمشروع بشكل ذاتي. ولكن البنك الدولي يساند إستراتيجية الحكومة المصرية للطاقة المتجددة والتي تستهدف توليد20% من طاقتها الكهربية في2010 من مصادر الطاقة المتجددة حيث وافق البنك علي قرض بقيمة220 مليون دولار لمشروع طاقة الرياح الي جانب قرض بقيمة600 مليون جنيه لتطوير محطة كهرباء شمال الجيزة وذلك بهدف تلبية الطلب المتزايد علي الكهرباء لأغراض الاستهلاك والتنمية. * ما هي أهم المشروعات التي قمتم بتقديم قروض لها في الفترة الأخيرة وتعتبرونها من أهم المشروعات التي أدت لنتائج جيدة؟ هناك عدة مشروعات مهمة تمت الموافقة عليها في الفترة الأخيرة ونفذت بشكل جيد وعلي رأسها مشروع تطوير مبني الركاب3 في مطار القاهرة الجوي ويتبعه الآن تمويل مشروع لتطوير مبني الركاب رقم(2) بقيمة280 مليون دولار. وهناك مشروع الصرف المغطي وهو من المشروعات المهمة جدا لتطوير نظم الصرف وهو يأتي ضمن مجموعة من المشاريع يتم تنفيذها مع وزارة الري. كذلك هناك مشروع تمويل قرض تطوير التأمين الصحي بقيمة75 مليون دولار وهو خاص بتطوير أمور إدارية وهيكلية في نظام التأمين الصحي ومن النماذج الجيدة القرض الخاص بمساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بقيمة300 مليون جنيه. * هل هناك اي برامج يقوم البنك الدولي بتنفيذها لتطوير أداء الوزارات المصرية وإعادة الهيكله الإدارية لها؟ البنك الدولي لا يتدخل في عملية تطوير الوزارات او هياكلها الإدارية ولكن بعض الوزارات المصرية تقدمت بطلب قرض لهذا الغرض وتمت الموافقة عليه والبنك يكتفي بمنح القروض دون التدخل في عملية تنفيذ التطوير فكل وزارة هي التي تقرر كيفية استغلال هذا القرض لتحقيق أهداف التطوير الخاصة بها. فمثلا وزارة الاتصالات طلبت من البنك خبراء ومساعدات فنية لبعض مشروعات تقوم بها مثل تسويق بعض الخدمات وزيادة سرعة الإنترنت وهذه المساعدة يتم تقديمها من خلال دعم فني مدفوع الأجر بينما هناك نوع آخر من المساعدات الفنية وهي عبارة عن تنفيذ طلب من الحكومة او إحدي الوزارات لعمل دراسة حول موضوع معين وهذا النوع من الدعم الفني الذي يقوم به خبراء البنك يكون بدون مقابل. * أثيرت بعض الاعتراضات علي مشروع غرب الدلتا لتوصيل مياة النيل لبعض المشروعات علي طريق مصر الإسكندرية الصحراوي باعتباره يخدم فئة قليلة من المستثمرين ويمهد الطريق لخصخصة المياه؟ مشروع غرب الدلتا هو مشروع قرض مقدم من البنك لوزارة الري بناء علي طلب خاص منها لتمويل هذا المشروع وليس للبنك اي علاقة بالشركات الخاصة التي سوف تستفيد من المشروع ولكن البنك وافق عليه لأنه سيمثل شريانا جديدا للتنمية في هذه المنطقة.