بعد15 عاما من الفتور والتوتر المكبوت وتعدد شياطين الفتنة التي تسكن تفاصيل العلاقات المغربية الجزائرية, مازال الوضع علي حاله بل ويتوقع البعض أن يسير السيناريو نحو الأسوأ. المشكلة بدأت بإغلاق الحدود المشتركة بين البلدين مركز تروج إبفال تلك الخطوة التي أقدمت عليها المغرب في لحظة غضب وقد تكون ضرورة يومها في عام1994.. عندما قامت مجموعة إرهابية وقفزت من داخل حدود الجزائر بالإقدام علي عملية إرهابية تجاه فندق أطلس في مراكش المغربية فقتلت واصابت عدة سياح أجانب. يومها تكهربت الأجواء حيث سارعت المغرب بإغلاق الحدود لعدة أيام بغرض التأمين, وتعبيرا عن الغضب فكان الرد الجزائري قاسيا ومن يومها.. لماذا عدة أيام فلنغلق الحدود الي الأبد, حتي ولو تراجعت العلاقات وشاب الفتور والغضب الزاعق المشهد السياسي والدبلوماسي والأمني بين البلدين. تلك القضية وبإلحاح ورغبة مغربية خالصة في خلخلة وتحريك هذا الموقف الجزائري الصلد عادت من جديد طيلة الأيام الماضية الي صدارة المشهد السياسي الثنائي بين البلدين, وذلك عبر رسائل مغربية مكثفة وإشارات وطلبات علانية بعث بها الملك محمد السادس في كثير من خطبه واطلالاته السياسية المتعددة, وكذلك وزير خارجيته الفاس الفهري بضرورة الانتباه الجزائري الي ان خطوة فتح الحدود قد حان وقتها الآن عبر المبادأة وطرح المبادرة, لاخراج تلك القضية من رياح النسيان والتوتر المتبادل, وتجاوز خلافات وإرث الماضي القريب والشروع في فتح صفحة جديدة علي قاعدة عفا الله عما سلف.. ولنبدأ بفتح الحدود وبعدها نسوي بقية القضايا طواعية وفي التوقيت والمكان المناسبين. ولكن في المقابل الجزائر تعتمد قاعدة ولا حياة لمن تنادي, تري أن الوقت مازال مبكرا وأن التوقيت غير مناسب, وقبل هذا كله لابد من إدخال تعديلات جوهرية علي حبكة هذا السيناريو إذا أراد له النجاح والتطبيق يوما ما, ملوحا بسلة مطالب واشتراطات تصر عليها وتري فيها حتمية وضرورية وتصب في خانة عالجوا وحلوا قضية الصحراء الغربية الكبري أولا وبعدها سيكون لكل حادث حديث. فضلا عن ضرورة توافر النية والعزم وقبل ذلك الارادة الحقيقية الخالصة لعودة الروح لاتحاد المغرب العربي, وذلك يتأتي بخطوة استباقية مغربية أولا تعيد كامل الأمور الي ماكانت عليه في آخر قمة لقادة ورؤساء الاتحاد في تونس عام1994 إيذانا بحل قضاياه الحالية وإخراجه من رقدته وموته السريري الذي يعانيه حاليا دفعة واحدة وليس فرادي.. وعندئذ سيكون التلاقي الجزائري المغربي واردا بقوة واختراق جدار أزمة العلاقات العصية علي الحل ممكنا وإذابة جبل الجليد المغاربي قاب قوسين. وكانت ومازالت حجة المغرب في هذا الطرح المفاجئ بطلب فتح الحدود يبدو للبعض مقنعا خاصة عندما يدعو ويتمسك بأن الصداقة الأخوية والاخلاص التام يدعونا الي تطبيع العلاقات الثنائية والسير بخطي قوية نحو إعادة فتح الحدود خاصة ان الاطار الاقليمي الذي حمل الجزائر علي خطوة الإغلاق واتخاذ مواقف متشددة حتي هذه اللحظة قد تغير وأصبح من الماضي, ويبدو من مضمون المطالب والإلحاح المغربي هذه الأيام انها تري عبر أمارات يقين أن الاتفاق علي التوقيت وتحديد ساعة الصفر لتلك الخطوة المرجوة طيلة الوقت بات قريبا جدا بدليل حجم الزخم من الرسائل خاصة في ضوء الالتفاتة الحالية من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية بالدخول علي خط أزمة العلاقات المغربية الجزائرية عبر تحريك قضية الصحراء ورأب الصدع بين البلدين. ناهيك عن قوة الدفع الذي توفره الولاياتالمتحدة حاليا للأمم المتحدة وأمينها العام كي مون بالتعاطي بقوة مع قضية الصحراء وتسهيل مهمة المبعوث الدولي الأمريكي كريستوفر روس بضرورة إنجاح جولاته المكوكية حاليا. رسائل صادمة * ولكن يبدو أن الجزائر الذي مازال ينتظر ويترقب جهود الأممالمتحدة حاليا ويتعاطي بقوة وحيوية وعقلية منفتحة مع جولات المبعوث الدولي الجديد كريستوفر هذه المرة يرفض من جانبه إرسال أي إشارات أو رسائل ايجابية للجانب المغربي ويصر علي استمرار الموقف برمته علي حالة الجمود المطلق مهما تكن المطالب المغربية والاغراءات الأمريكية حاليا حتي إن وزير الداخلية يزيد زرهوني الرجل المقرب من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة مازال يتمسك بموقفه وحجته في هذا الشأن, ويري ان الجزائر ليست مستعجلة لفتح الحدود مع المغرب في الوقت الحالي, وبلغة أكثر توضيحا وشرحا عاد ليقول إن الأمر غير وارد في الحسابات الجزائرية في إشارة صادمة للجميع في سائر دول المغرب العربي أن الأمر سيبقي علي ماهو طويلا وستظل الحدود مغلقة الي أن يقضي الله أمرا كان مفعولا. لا شك أن هذا موقف جزائري صارم.. ولكن في المقابل هل تفلح الضغوط الأمريكية باتجاه الجانبين وهل تنجح الاتصالات الدبلوماسية المغربية الجزائرية في فتح ثغرة في جدار الأزمة..؟! هذه التساؤلات طرحناها علي مراد مدلس وزير خارجية الجزائر خلال لقائي به في الجزائر بمقر الخارجية الجزائرية حين أوضح انه علي رغم خلافات الحدود تلك وماتمثله من صراع في وجه العلاقات المغربية الجزائرية إلا أن علاقات الجزائر هي علاقات أخوة مع بلد شقيق وهذا موقف حكومي وجماهيري ونحن لا ننكر من جانبنا ان هناك آليات تحكم ملف عودة العلاقات كاملة, وفي مقدمتها بالطبع تحريك والبدء في حل قضية الصحراء الغربية.