تتواصل المظاهرات السلمية المعارضة لسياسات نوري المالكي رئيس وزراء العراق , في محافظات عدة منها: الأنبار, والموصل, وصلاح الدين, وديالي, وكركوك, مطالبة بإطلاق سراح المعتقلين, وإعلان العفو العام, وتجميد قانوني الإرهاب والمساءلة والعدالة, وإجراء تعداد سكاني قبل أي انتخابات. بينما أخفق البرلمان العراقي في عقد جلسة طارئة, لمناقشة مطالب المتظاهرين بسبب مقاطعة الأحزاب الشيعية, مثل: دولة القانون بزعامة المالكي, والمواطن, والفضيلة, والإصلاح, وبدر, واعتبرتها غير شرعية. في الوقت نفسه, جاءت تصريحات المالكي ضد هذه المظاهرات والاحتجاجات لتزيد الطين بلة, والنار وقودا, فقد تفوه بكلام لا يخدم الشعب ولا الحكومة, ووصف هذه الحشود بأنها فقاعات ونتنة, وأنها مدفوعة بدافع سياسي, وأن القائمين بها فلول من البعثيين! فهل هذه المغالطات تخدم العراق؟ وهل تنهي الأزمة التي تتفاقم نتيجة عناد المالكي, وإصراره علي الباطل الذي لا تقره الأديان, ولا المذاهب, ولا الإنسانية؟ صحيح أن المالكي يواجه أكبر تحد منذ أن تمكن من انتزاع رئاسة الحكومة, من خصمه السياسي إياد علاوي, الذي نال فريقه غالبية في الانتخابات النيابية السابقة, لكن كان يجب عليه أن يلم الشمل, ويجمع العراقيين علي اختلاف أديانهم ومذاهبهم وقومياتهم, فإن لم يستطع فعليه أن يترك الأمر لغيره من العراقيين. إن أزمة العراق لن تحل حتي يتم القضاء علي التطرف المذهبي, الذي دب بين العراقيين, وحتي تعالج هذه القضية فلن يكون هناك استقرار في العراق, وهذا يؤلم كل عربي, فالعراق بلد مهم, وما يدور فيه حاليا يمثل مصدر قلق لكل الشعوب العربية بسبب دائرة الفتنة الطائفية التي تلتف حوله, واذا تعمقت الأزمة, وازدادت الانقسامات ستتجه الأمور إلي حالة في غاية الخطورة, واذا كان ثمة من احتمال لتجاوز الأزمة الحالية, فإنه يكمن في العودة إلي العملية السياسية التي توفر حقوقا وواجبات متساوية لكل مكونات بلاد ما بين النهرين من دون إقصاء أو استئثار, وأن تكون الانتخابات المقبلة تعبيرا صادقا عنها.