أحيي الدكتور ممتاز السعيد, وزير المالية, علي صراحته وشجاعته في إظهار الحقائق حتي ولو كانت صادمة, ولكنها الحقيقة التي يجب أن نعلمها جميعا حتي نتأكد أننا في حالة اقتصادية حرجة وقاسية, وفي حاجة إلي أن ننطلق للعمل والإنتاج ونتوقف عن الإضراب والاعتصام حتي ولو كان مسموح به; للخروج مما نحن فيه من أزمة اقتصادية حادة ومقلقة للجميع. كان الوزير واضحا في البيان الذي وجهه للشعب, حتي يتعرف علي حقيقة الموقف الاقتصادي والظروف التي نعيش فيها, والتي قد لا نجد قوت يومنا لو استمر الحال علي ما هو عليه, وتراكمت الديون وهبط معدل الإنتاج, وزادت المطالب الفئوية والإضرابات عن العمل والاعتصامات. فقد أكد ممتاز السعيد أن المؤشرات المبدئية للحساب الختامي لموازنة2012/2011 تشير إلي تحقيق عجز كلي يبلغ نحو170 مليار جنيه يمثل11% من الناتج المحلي الإجمالي, في حين كان المقرر ألا تزيد قيمة العجز علي134 مليار جنيه تمثل68% من الناتج المحلي الإجمالي, أي أن هناك زيادة بنحو63 مليار جنيه عما كان مقررا. وقال في بيانه الواضح إن حرصه علي الإفصاح عن الموقف الاقتصادي مهما كان سلبيا أو صادما للبعض, يأتي في إطار المصارحة والشفافية التي تحكم علاقة الحكومة بأفراد المجتمع, وهو النهج الذي تتخذه الحكومة الآن نبراسا لها. وبتحليل ودراسة هذه المؤشرات, ظهر أن العجز مرجعه الأساسي الزيادة الكبيرة في المنصرف علي الأجور التي بلغت122 مليار جنيه, بينما كان المستهدف لها110مليارات جنيه بزيادة قدرها12مليار جنيه, وذلك نتيجة المطالب الفئوية التي أعقبت ثورة25 يناير, وانخفاض الموارد العامة للدولة, خاصة الموارد الضريبية عما كان مقدرا لها بنحو52 مليار جنيه, وذلك نتيجة توقف النشاط الاستثماري والابتعاد عن السوق المصرية وخروج غالبية الاستثمارات الأجنبية بسبب ظروف عدم الاستقرار الأمني في البلاد, والإضرابات والاعتصامات العمالية, والمطالب الفئوية لها تأثير سلبي شديد علي التراجع في الإيرادات العامة, كنتيجة طبيعية تضعف حركة الإنتاج وانشغال هذه الفئات بمطالبها بدلا من العمل والإنتاج. وأشار الوزير إلي أن الأسباب الأخري لزيادة قيمة العجز تأثير موارد الدولة سلبا من تراجع إيراداتها من فوائض البترول كنتيجة لزيادة المتطلبات النقدية اللازمة لاستيراد المواد البترولية بسبب ارتفاع الأسعار العالمية لهذه المنتجات, حيث اضطرت الخزانة العامة إلي توفير5 مليارات دولار تعادل نحو020 مليار جنيه مصري كسيولة نقدية للإسهام في توفير احتياجات البلاد من المنتجات البترولية, وهو الأمر الذي ضغط, ليس فقط علي موازنة الدولة, وإنما علي احتياطي مصر من النقد الأجنبي. وحول مؤشرات موازنة الدولة للسنة المالية الحالية3102/2102, فإن هذه الموازنة تتضمن المصروفات335 مليار جنيه, منها631 مليار جنيه للأجور بنسبة52% و641 مليار جنيه للدعم والمعاشات وغيرها بنسبة727% و133مليار جنيه لفوائد الدين العام بنسبة52%. في حين أن الموارد293 مليار جنيه, منها267 مليار جنيه موارد ضريبية و126 مليار جنيه للإيرادات غير الضريبية. ومن ثم, فإن موارد الدولة لا تغطي سوي نحو47% من مصروفاتها, وهذا في ظل افتراض إمكان تحصيل هذه الموارد. وتبعا لذلك, فإن26% من مصروفات الدولة والتي تبلغ135 مليار جنيه لا يوجد لها إيرادات لتغطيتها, الأمر الذي تضطر معه الدولة للجوء إلي الاقتراض الذي يعني زيادة الدين العام. وأكد الوزير أنه يجب علي المواطنين أن يتفهموا الأوضاع الاقتصادية, فالدولة لا تبخل علي أي صاحب حق في أداء حقه, ولكن علي هؤلاء أصحاب الحقوق أن يصبروا حتي ننهض اقتصاديا, وهذه النهضة لا تأتي إلا بانصرافنا نحو العمل وتحقيق الزيادة المطلوبة في الدخل القومي والناتج المحلي وتخفيض الدين العام. ودعا وزير المالية وله كل الحق كل فئات المجتمع إلي مساندة الاقتصاد المصري وعدم الاستمرار في الاعتصامات والضغط علي الاقتصاد, خاصة في المرحلة الراهنة, مؤكدا أن العمل والإنتاج ينبغي أن يظلا شعارنا, وعلي الجميع أن يعي بكل دقة هذه الحقائق, ليتسني النهوض بالاقتصاد المصري وتنفرج الأزمة, ويكفي أن نعلم أن خسائرنا من الإضرابات والاعتصامات وصلت إلي30مليار جنيه.