* محاولات عبثية لإزالة المياه الجوفية.. والقبر مهدد بالانهيار تُعد منطقة أبومينا الأثرية من أهم الأماكن التى تضمها الإسكندرية لما لها من قيمة تاريخية وسياحية بالإضافة للقيمة التراثية والعقائدية لمسيحيى العالم ، وأن إحياءها وإنقاذها من المياه الجوفية والتعديات قد يساهم فى إعطاء قبلة الحياة للمكان ويعيد رسم الخريطة السياحية للمدينة ويضعها على قوائم الجذب السياحى العالمى من خلال مشروع الحج المسيحى الثانى مما يحقق عائدا من العملة الأجنبية ربما يفوق دخل قناة السويس . صفحة ترام الإسكندرية تفتح هذا الملف بعد إعلان رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى قراره الجمهورى رقم 550 بإنشاء لجنة عليا تتولى إدارة مواقع التراث العالمى المصرية والعمل على تنميتها ووضع رؤية استراتيجية لإدارتها وحمايتها والحفاظ عليها وتطويرها والاستفادة منها فى خطط التنمية المستدامة، والتنسيق مع جميع الجهات المعنية المحلية والدولية داخل وخارج مصر ومنها منطقة أبو مينا . الحج لأبو مينا تقول سيلفانا جورج باحثة الدكتوراه فى الآثار القبطية والتاريخ القبطى إن مصر كانت تتحول فى يوم 15 هاتور من كل عام إلى موسم للحج المسيحى بفضل وجود مقبرة القديس أبو مينا العجائبى أحد شهداء الدفاع عن المسيحية فى أوائل القرن الرابع الميلادى حيث دفن فى مقبرة منحوتة فى صخور مريوط ونُسبت له خصائص خارقة فى الشفاء من الأمراض ، ولهذا تم بناء كنيسة كبرى عام 375م لإستقبال الأعداد المتزايدة من الزوار، و القديس مينا ولد لأبوين مصريين مسيحيين ، ومات أبوه فى وقت مبكر فأصدر الحاكم قراراً بتولية الجندى مينا الفرقة الرومانية بشمال إفريقيا تقديرا لوالده، وفى أيام الإمبراطور مكسيميان الذى اضطهد المسيحيين جاهر القديس مينا بإيمانه فتم القبض فقطعت رأسه. وطبقا للمصادر القبطية فقد قام أصدقاؤه من الجنود بحمل جثمانه على جملين وساروا به فى الصحراء ، وفى موقع المنطقة الأثرية وقف الجملان فاعتبرها الجنود إشارة من الله لدفنه فى هذا المكان ، وبالفعل تم دفنه فى قبر أصبح نواة لكنيسة صغيرة ثم لمدينة كاملة عرفت بالمدينة الرخامية. و حظيت المنطقة فى القرنين الرابع والخامس وحتى القرن التاسع بشهرة واسعة نتيجة تدفق المسيحيين للزيارة حيث اعتبروها منطقة حج مسيحى ثانى بعد القدس لقربها من ساحل البحر المتوسط ، وكان الحجاج يأتون إليها ويقيمون فى منطقة "ماريا" طلباً للعلاج أو الدعاء أو الصلاة. وتضيف سيلفانا جورج أن مشروع الحج لأبومينا هو إحياء ما كان موجودا سابقاً وفرضته طبيعة المنطقة والتى كانت عبارة عن مركز تجارى عالمى نشأ لإستيعاب الزوار فى الماضى ونجح القائمون عليه فى الإستفادة من المكان فبرعوا فى تصنيع التذكارات المصنوعة من الفخار والطين المحروق ومنها لعب الاطفال والعرائس الفخارية وقواوير القديس مينا التى يوضع فيها الزيت للتبرك أو لحفظ الماء المبارك من العين التى نبعت بجانب القبر وكانت تشفى الكثير من المرضى حسب العقيدة المسيحية مما جعل لها صيتا واسعا فى كل العالم المسيحى القديم،،، كما نشأ سوق تجارى إلى الشمال من المجمع الرئيسى للكنائس. مشروع إحياء المنطقة ويتضمن مشروع إحياء المنطقة كما تقول سيلفانا ترميم آثار ماريا وجزيرة مريوط وأبو مينا ووضعها على الخريطة السياحية بإنشاء طرق جديدة وإمدادها بكل الخدمات لخدمة السياح بالإضافة لإنشاء متحف يضم أهم الاكتشافات بالمنطقة التى تقع على بعد 50 كم تقريبا من الإسكندرية وعلى طريق القوافل القديم ، خاصة أن الموقع يحتوى على بقايا كنائس وحمامات ومنازل ، وتتوسط كل ذلك الكنيسة الرئيسية أجمل وأعظم كنيسة مصرية" لفخامتها وعظمتها المعمارية والفنية . وتضيف سيلفانا أنه لأهمية المنطقة فقد تم وضعها على قائمة التراث العالمى عام 1974 لما تعكسه من إرث حضارى عظيم فى تاريخ كنيسة الاسكندرية إلا أنها أُهملت على مر السنين ودُمر الكثير من الآثار بها فوضعت على قائمة الخطر ويخشى أن تخرج من قائمة التراث العالمى وذلك لعدم وجود مشروع تطوير وإحياء ذى أسس علمية ، كما واجه الموقع كثيرا من المشاكل وعلى رأسها إرتفاع منسوب المياه الجوفية خاصة بقبر القديس مينا والتى وصلت الى 6 أمتار تقريباً وهو ما ينذر بإنهيار القبر ، وذلك بسبب مشاريع الإستصلاح الزراعي التى تحيط بالمنطقة الاثرية ،، وقد قامت وزارة الآثار عام 2007 بمشروع ضخم لتخفيض منسوب المياه ، ونجح المشروع بالفعل إلا أن مشاكله زادت بسبب انقطاع التيار الكهربائى المتكرر وتبذل الوزارة محاولات بين الحين والآخر لتقليل هذا المنسوب وإزالة الحشائش . ويقول مصدر أثرى مسئول فضل عدم ذكر اسمه إن المنطقة تواجه أيضاً الكثير من التعديات والمخالفات من بدو المنطقة حيث قاموا ببناء بيوت داخل المنطقة الاثرية. ويقول مينا موسى أحد المترددين على المكان إن أبسط شئ يجب عمله هو إحاطة المنطقة الأثرية بسور لحمايتها من التعديات وللحفاظ على قدسيتها بالإضافة الى الإهتمام بمشروع مسار الحج المسيحى لجلب السياحة الى المنطقة وإنعاشها كالسابق وتسليط الضوء على المكان الذى من الممكن أن تتم إزالته من قوائم المناطق العالمية حيث قامت اليونيسكو بارسال الانذار الثانى لوزارة الآثار لوضع المنطقة على قائمة الخطر بالتراث العالمى. المنطقة على «وشك كارثة» ويقول الدكتور محمد سليمان باحث الُاثار وأحد مسئولى ملف منطقة أبو مينا بوزارة الآثار سابقاً والمنسق السابق مع هيئة اليونيسكو لإعادة إحياء المنطقة إن منطقة أبومينا تحتاج إلى رؤية استراتيجية متكاملة ومرونة فى الأداء بين جميع الوزارات والهيئات المعنية وإعطاء الصلاحية الكاملة لمن يقوم على مشروع إحيائها مرة أخرى لأن قضية إعادة ترميمها وإزالة المياة الجوفية داخل قبر مارمينا أمر تتداخل فيه العديد من الجهات التى يصعب التوفيق بينها ، ويلفت سليمان النظرالى أن المشروع جدير بالاهتمام للقيمة التاريخية للمكان ،، ويبقى الأمل الوحيد فى اللجنة والقرار الجمهورى لإنقاذ أبو مينا.