مع بدء تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية لبعض حصص المال العام فى بعض شركات القطاع العام و التى سبق الإعلان عنها كأحد المحاور المؤجلة فى برنامج الإصلاح الاقتصادى و ذلك بتنفيذ طرح نسبة 4.5% من أسهم الشركة الشرقية للدخان ومع صرف الدفعة قبل الأخيرة من قرض صندوق النقد الدولى أواخر يناير الماضى و التأكيد على موعد صرف الدفعة الأخيرة فى يوليو القادم فإن البرنامج الاقتصادى المصرى يكون قد شارف على مراحل النهايات وفق ما هو معلن و مدرج فى العديد من الدراسات والأبحاث المهتمة بالشأن الاقتصادى المصري. وفى هذه المرحلة أعتقد أن سلم الأولويات الاقتصادية يحتاج إلى إعادة ترتيب ليصبح هدف ضخ استثمارات أجنبية ضخمة فى شرايين الاقتصاد المصرى هو الهدف الأول وهو عنوان المرحلة القادمة بالتزامن مع تشجيع و تنمية الاستثمارات المحلية الخاصة للشركات والمؤسسات العاملة بالفعل فى السوق المصرى وتحقيق هذا الهدف هو الضمانة الرئيسية لظهور نتائج واقعية مؤثرة وملموسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى الذى تم تنفيذه بإصرار كبير خلال السنوات الماضية ونحتاج اليوم أن نترجم للمواطن بلغة يفهمها تتمثل فى توفير فرص عمل, رفع مستويات الدخول, زيادة القدرة الشرائية وانخفاض فى أسعار السلع والمنتجات, فهذه النتائج هى المؤشرات الصغرى وزيادة معدلات الاستثمار هى المنظومة التى من خلالها تظهر آثار النجاحات الكُبرى لتتقاطع مع احتياجات و طموحات المواطن. وبخلاف ما نفذته الحكومة فى مراحل سابقة من خطط بهدف تنقية البيئة التشريعية الجاذبة لرؤوس الأموال وضبط العديد من اللوائح والقوانين المنظمة لعمل الاستثمارات الأجنبية فى مصر و الذى كان له آثار مباشرة رأيناها فى صورة عودة لاستثمارات أجنبية مهمة مرة أخرى إلى السوق المصرى فإن ذلك يؤكد على ضرورة العمل الجاد فى اتجاه استكمال عناصر منظومة الجذب الاستثمارى .... فهذه المنظومة تتداخل فيها العديد من العناصر القانونية والتنفيذية والاقتصادية وأعتقد أن معادلة السعرين هى أحد أهم المعادلات المؤثرة فى هذه المنظومة والتى يجب التركيز عليها بشدة خلال الفترة القادمة وأقصد بمعادلة السعرين سعر الصرف وسعر الفائدة. وبالنسبة لسعر الصرف فإنه وبغض النظر عن أن البعض قد يبدى انشغالًا واهتمامًا كبيرًا بصعوده أو هبوطه لارتباطه المباشر بتكاليف الإنتاج وأسعار المنتجات المستوردة وتكاليف خدمات الشحن والتفريغ وما يرتبط بها من تكاليف لوجستية بصفة عامة إلا أن متغيرات هذا السوق لا تمثل عائق أمام منظومة جذب الاستثمارات طالما أن سعر الصرف يخضع لمعايير السوق الحرة أيَّا كان هذا السعر منخفضًا أو مرتفعًا فالمهم هو ضمان استمرار الأوضاع الراهنة فى سوق حرة نزيهة معبرة عن الواقع مما يعطى المستثمرين القدرة على بناء خطط استثمارية حالية ومستقبلية تتناسب مع الواقع الفعلى ولها المرونة الكافية على التعاطى مع متغيرات السوق فأنا من أشد المناصرين لسوق صرف حر وليست لدى مشكلة نفسية أو اقتصادية فى انخفاض سعر الجنيه ولنا فى التجربة الصينية وانخفاض سعر عملتها شبه المستدام خير مثال على ذلك, فإن انخفاض سعر العملة لا يعنى بالضرورة ضعفًا اقتصاديَّا وفق الموروث السلبى التاريخى الذى يصر البعض على التعامل به فالأهم هو أن نحافظ على سعر صرف فعلى وواقعى مع سوق حرة تعطى الحرية الكاملة للمستثمرين فى التعامل مع هذا السوق بما يتوافق وخططهم الاستثمارية. أما بالنسبة لسعر الفائدة فمن المعروف أن سعر الفائدة المنخفض أو المعتدل هو أحد أهم العناصر المحَدِّدة لتكاليف الاستثمار ولا يمكن لأى مشروع أو دراسة جدوى أن تكون ناجحة بدون سعر فائدة شبه مستدام لذلك فإن اتجاه البنك المركزى المصرى لتخفيض أسعار الفائدة كما حدث فى اجتماعه فى 14 فبراير الماضى هو اتجاه جيد يصب فى اتجاه تحقيق هذا الهدف لأنه يعبر عن حقيقة نجاح الاقتصاد المصرى فى كبح جماح التضخم بمعدلات تفوق ما كان متوقعًا فى بداية تنفيذ خطة الإصلاح ومن البديهى أن استمرار خفض سعر الفائدة حتى يصل لمعدلاته الطبيعية سيكون له آثار إيجابية على ارتفاع معدلات الاستثمار الأجنبى والخاص خلال الفترة القادمة.