غابت هذا العام الدراما السورية امام الأحداث الدامية التي يشهدها الشعب السوري العظيم وهو يقاتل لاسترداد كرامته وحرياته.. في سنوات مضت كانت الدراما السورية خاصة التاريخية وجبة دائمة علي موائد الإنسان العربي ابتداء بملوك الطوائف وإنتهاء بكليوبترا.. ولكن الجديد في الأمر هو الإجتياح الشديد الذي قامت به الدراما التركية في العالم العربي خاصة تاريخ الدولة العثمانية, وقد إنقسم المؤرخون حول تاريخ الدولة العثمانية, هناك من أشاد بها وهناك من هاجمها بعنف..وتاريخ العثمانيين مع العرب ومع العالم يحمل أكثر من وجه خاصة الحملات العسكرية وسنوات الإحتلال التي إمتدت قرونا ما بين الشرق والغرب وما عانته الشعوب في ظل السيطرة العثمانية..إن الدراما التركية تحاول تجميل هذا الماضي وتقديمه بصورة يجد فيها المشاهد توليفة فنية وتاريخية وإنسانية متكاملة. في المسلسل الشهير حريم السلطان..تجد الحاكم الذي يتحدث كثيرا عن العدالة ويقتل مساعديه الذين تجاوزوا في حقوق الشعب..وتجد قصة حب دامية بين السلطان وإحدي الجواري ثم تجد صراع البلاط بين رجال الحاكم وخلف ذلك كله ورغم هذه الصراعات تجد وطنا جميلا نظيفا حافظ علي تاريخه وتراثه..إن القصور كما هي رغم مرور مئات السنين والنساء الجميلات منطقة إبهار شديدة التأثير في الدراما التركية وحياة القصور بالخدم والحاشية صور من التاريخ لكنها تحمل ايضا شيئا من الحاضر ولهذا أصبحت تركيا الآن من اهم خمس دول سياحية في العالم..إن هذه المسلسلات أكبر دعاية لجذب عشاق الجمال في أي مكان, علي الوجه الآخر لو نظرت إلي الدراما المصرية شديدة الواقعية سوف تجد العشوائيات والأطفال المشردين والمباني الآيلة للسقوط والأمراض التي تأكل البشر والنصب والتحايل والقتل والإرهاب وحين تترك نفسك للمسلسل المصري تشعر بحالة إختناق وغثيان امام وجوه كئيبة وشتائم بذيئة وحوارات ساقطة وحين يهبط علي عينيك الجمال التركي الرهيب تشعر انك إنتقلت إلي حياة أخري وعالم بعيد ولعل هذا هو السبب ان المسلسلات التركية هي الجواد الرابح الذي اسقط الدراما العربية كلها إنه الصراع بين القبح والجمال ومهما إعتدنا القبح نظل دائما نتطلع للجمال. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة