► مصدر بمجلس الدولة: الحكم يتطلب التفسير بشكل واضح لتحديد من ينطبق عليه استقبل الملايين من أصحاب المعاشات قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي، بخصوص قضية أموال المعاشات وأزمة العلاوات الخمس بفرحة كبيرة، أملا فى تحسين أوضاعهم المالية، ووصف الخبراء هذا القرار بأنه إنسانى من الرئيس، برغم ما يترتب عليه من صعوبات جراء تطبيقه، مؤكدين أنه سينهى عقودا من المعاناة والتخبط، وكذلك الصراع بين الحكومة وأصحاب المعاشات . ورغم أجواء الفرحة الكبيرة إلا أن كثيرين يتساءلون حول كيفية التطبيق؟، وهل ستزيد قيمة المعاش لكل الفئات أم لفئة معينة ؟، وماذا عن الإشكاليات والصعوبات التى تواجه تطبيق القرار على أرض الواقع، خاصة أنه مرتبط بتنفيذ حكم قضائى للمحكمة الإدارية العليا . اجابات كثيرة نوردها على لسان المسئولين والخبراء فى هذا الملف . بداية نشير إلى حالة الفرحة العارمة التى استقبل بها الملايين قرار الرئيس السيسي، الذى أكد احترامه لدولة القانون، وانحيازه الكامل إلى صف أصحاب المعاشات والمواطنين البسطاء، وحرصه على توفير الحماية الاجتماعية للمواطنين بمختلف طلباتهم. نشير إلى ان توجيه الرئيس، الحكومة اول امس ، بسحب الاستشكال على الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا، بشأن العلاوات الخاصة لأصحاب المعاشات كان واضحا وحاسما، خاصة عندما طالب بشكل واضح بعرض الأمر على الجمعية العمومية بمجلس الدولة لاستطلاع الرأى فى بيان التسوية وفقا لمنطوق الحكم ، وطالب الحكومة برد إجمالى المديونية المستحقة لصناديق المعاشات طرف وزارة المالية وبنك الاستثمار القومي، وبدء تنفيذ التسوية اعتبارًا من العام المالى الجديد 2019/2020. منطوق الحكم وحول كيفية عرض الأمر على الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة، سألنا أكثر من مصدر بمجلس الدولة فضلوا عدم ذكر أسمائهم، وأكدوا ل « الاهرام « أن حكم الإدارية العليا بشأن العلاوات الخاصة لأصحاب المعاشات، يثير عدة اشكاليات قانونية لأن به من العمومية ما يحتاج الى التفسير، ويتطلب الرد بصورة حاسمة حول كيفية تنفيذ منطوق الحكم، ومن المستفيد منه، وهل سيطبق على أصحاب المعاشات جميعا ؟، أم أنه سيطبق فقط على من قاموا بإقامة الدعوي، وتاريخ التنفيذ، وبأثر رجعى ام لا ؟، وما يحسب عليه بقيمة آخر خمس علاوات وفق الحكم، وهل يستفيد منه من خرج على المعاش منذ عامين، ومن خرج منذ 5 اعوام ، ولفت الانتباه إلى ان أحكام مجلس الدولة لا يجوز الطعن عليها أمام القضاء العادي، ولكن امام محاكم مجلس الدولة ، وأن الأمر قد يستغرق شهرا تقريبا بعد العرض على الجمعية العمومية بمجلس الدولة ..ولذلك والكلام مازال لمصدر بمجلس الدولة، نرجو التريث لحين دراسة كل التفاصيل المحيطة بالقضية . وكانت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة قد حددت جلسة 24 مارس الحالي، لنظر استشكال وزيرة التضامن على حكم المحكمة الإدارية العليا، الصادر فى 21 فبراير الماضي، بأحقية أصحاب المعاشات بإضافة 80% من آخر 5 علاوات إلى الأجر المتغير، لوقف تنفيذ الحكم، وهو الامر الذى فتح ابواب الجدل خلال الفترة الماضية. ولمعرفة تفاصيل أكثر تواصلنا مع سامى عبد الهادى رئيس صندوق التأمين الاجتماعى للعاملين بالقطاع العام والخاص التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، الذى أكد أن الرئيس وجه بسحب الاستشكال على حكم الإدارية العليا لصالح اصحاب المعاشات، وعرضه كيفية التسوية وفقا لمنطوق الحكم، وما يتم تنفيذه علي الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة، وما تقوم هيئة التأمينات الاجتماعية بتنفيذه فى كيفية التنفيذ وفقا لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية فى أسرع وقت، بالعرض على الجمعية، وما تنتهى اليه سيتم تنفيذه ، مشيرا إلى أن حكم الإدارية العليا لم يقل زيادة المعاشات، وإنما قال إعادة تسوية المعاشات، وفى ضوء حكم الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة سيتم التنفيذ . وأوضح عبد الهادى أن التسوية تمس أصحاب المعاشات العاملين بالجهاز الإدارى بالدولة والقطاع العام والأعمال وبعض العاملين فى منشآت القطاع الخاص، مشيراً إلى أن ما تقره الجمعية العمومية بمجلس الدولة سيتم الالتزام به . وحول كيفية رد المديونيات المستحقة لصناديق المعاشات طرف الوزارة وبنك الاستثمار القومى قال: قطعا سيتم تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية، فهناك جزء من المديونية صادر به صكوك وآخر لم يصدر به، وسيتم تنفيذ التوجيهات برد هذه الأموال سواء مرة واحدة أو على أقساط، وفقا لم سيتم الاتفاق عليه وظروف الخزانة العامة للدولة . قرار تاريخي ووصف النائب محمد ابو حامد وكيل لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بأنه تاريخى بكل ما تحمله الكلمة من معني، والرئيس انتصر لقضيتين، اصحاب المعاشات، ومنظومة الأجور ككل، وسداد المديونيات لصناديق المعاشات، ورغم أن التكلفة كبيرة فى ظل التزامات الدولة، إلا ان الرئيس أكد انحيازه للفئات الأكثر احتياجا فى المجتمع ومن ضمنها أصحاب المعاشات، وكل عام يحرص الرئيس على الزيادات الدورية لهم، ويعد القرار الأخير تتويجا لكل الإجراءات السابقة ، وأضاف ابو حامد أن كل مؤسسات الدولة ستتحرك لتنفيذ القرار، بداية من سحب الاستشكال على حكم الإدارية العليا بشأن العلاوات الخاصة لأصحاب المعاشات ، مشيرا إلى أن الحكم الإدارى ملزم للدولة وليس هناك جدال فى أحقية اصحاب المعاشات فى ال 80 %من قيمة آخر خمس علاوات للأجر المتغير . وأكد وكيل لجنة التضامن الاجتماعي، ان البرلمان يعمل مع الحكومة فى مناقشة القرارات التى تخص زيادة المعاشات، مشيرا إلى أن يدها كانت مغلولة انتظارا للقضية المنظورة امام القضاء، وكشف وكيل لجنة التضامن الاجتماعى بالبرلمان، أن قيمة المديونيات المستحقة لصناديق المعاشات وبنك الاستثمار القومى تبلغ 174 مليار جنيه، موضحاً ان الحكومة ستبدأ فى تسديد المديونية بشكل دورى . رد الأموال وأوضح ابو حامد أن لجنة التضامن فى مجلس النواب فى انتظار تقديم الحكومة لمشروع قانون التأمينات الموحد الجديد، بعد انتهاء الدراسات الاكتوارية التى تم اعدادها أكثر من مرة، حيث تم حسابها واعدادها قبل تعويم الجنيه، ثم تمت اعادة الدراسة والتقييم مرة اخرى بعد التعويم ، مشيراً إلى ان القانون سينظم آلية رد الأموال، ويحافظ على أموال التأمينات بعد تحسن الأداء الاقتصادى وحالة الاستقرار التى يشهدها الاقتصاد المصري، وسيكون لدينا القدرة على سداد الالتزامات وإصلاح التشوهات الموجودة فى منظومة الأجور للعاملين بالجهاز الإدارى بالدولة ككل، كما اشار الرئيس ، حيث يوجد شكوى دائمة فى التفاوت فى الأجور بين خريجى نفس الكلية الذين يكونون متساوين فى التقدير والدرجات العلمية، فى حين يكون الراتب متفاوتا بينهما بصورة كبيرة، وسوف تتولى الحكومة ووزارة التخطيط والمالية معالجة هذه الأمور فيما يتعلق بمنظومة الأجور، التى تعد خطوة مهمة فى تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية . أزمة نظام التأمينات ويصف الدكتور سامى نجيب أحد أهم خبراء التأمينات الاجتماعية والمعاشات فى العالم العربى ومستشار منظمة العمل العربية السابق، قرارات الرئيس عبد الفتاح السيسى بانها جريئة، وانتصار لأصحاب المعاشات، بشأن تنفيذ حكم القضاء بالعلاوات الخمس، مشيرا الى ان الرئيس لديه ايمان كامل بالحلول غير التقليدية للمشكلات والأزمات التى تواجه مصر، ولديه مكنون داخلى من الخبرات الإنسانية، ما يجعله ينحاز للفقراء ومحدودى الدخل والفئات الأكثر احتياجا فى المجتمع . وفى البداية يلخص القضية فى عدد من النقاط المهمة، اولاها أن أزمة نظام التأمينات فى مصر أزمة اقتصادية ومالية بالدرجة الأولي، ونحن فى حاجة لتوصيف ما نعانيه لوضع حلول للمشكلات التي نواجهها فى مصر بخصوص نظام التأمينات الاجتماعية ، لدينا نحو 6 ملايين موظف فى الجهاز الإدارى بالدولة. والحكومة تتحمل العبء المالى الأكبر فى التأمين على العاملين بالجهاز الادارى بالدولة، تصل إلى نسبة 40 % من الأجر ، تتحمل منه الدولة باختلاف مؤسساتها وهيئاتها 26 % والعامل 14% ، وهما يمثلان عبئا كبيرا جدا على الطرفين، لأن احتياجاتنا اكبر من قدراتنا المالية ، فلا تتحمل الدولة ولا الافراد التأمين على كامل الأجر، وبالتالى عندما يخرج الموظف على المعاش يحصل على معاش اقل من دخله الذى تعود عليه، اضافة الى زيادة اعباء المعيشة، مع عدم القدرة على العمل، وهذا يمثل تحديا كبيرا فى كل دول العالم التى تعانى اقتصادا ضعيفا وديونا خارجية وداخلية، وبالتالى تقوم مؤسسات التمويل الدولية بمساعدة الدول للنهوض باقتصاداتها، وتضع خريطة اصلاح اقتصادي، ولكنها لا تعرف مصطلح تأمينات اجتماعية، فهو بالنسبة لها مصروفات تمثل عجزا فى حجم الدين الداخلي، والعالم يفرض ضريبة تأمين وليس اشتراك تأمين يتحملها القادر ويستفيد منها القادر وغير القادر، والدولة تسدد عن غير القادرين، وتتحمله الدولة التى تلتزم بسداد اى عجز مالي، لانه حق اصيل من حقوق الإنسان التى أقرتها الدساتير العالمية والدستور المصري، تفعيلا لمبدأ الحق فى الحياة، وهو جزء من برامج الحماية الاجتماعية التى تطبقها مصر، مثل تكافل وكرامة وحياة كريمة، وغيرها من البرامج التى تحرص القيادة السياسية على توفيرها للفئات الأكثر احتياجا فى المجتمع . عبء كبير ويوضح خبير التأمينات الأحتماعية أننا لدينا خمسة قوانين تطبق لنظام العمل فى مصر، قانون للعاملين فى الجهاز الإدارى بالدولة ، والعاملين بالقطاع العام ، والعاملين بقطاع الاعمال العام ، والعاملين بالقطاع الخاص ، والعاملين بالخارج، وقانون للعمالة غير المنتظمة والفلاحين ، قانون التأمينات الاجتماعية، ولكل قانون مزاياه وعيوبه واشتراكاته مختلفة . خارج الصندوق واكد الدكتور سامى نجيب، اننا نحتاج الى حلول خارج الصندوق لحل مشكلات نظام التأمينات الاجتماعية، فالنظام فى حد ذاته لديه آلية تمويل اتوماتيكية، من اشتراكات العاملين بالدولة، وهو نظام اجباري، والدولة ملتزمة بسداد اى عجز يلحق به، ومن الحلول، تغيير فلسفة ادارة موارد التأمينات الاجتماعية بنظام اقتصاديات المشروع التأمينى بعيدا عن فكر شركات التأمين، بمعنى فصل الخدمة عن التمويل، وإعادة النظر فى النظام التعليمي، وعدم اعتماد الخريجين على العمل فى الحكومة، ونشر مفاهيم تنمية القدرة على التكسب من مشروعات خاصة، وليس العمل لدى الحكومة، والاهتمام بالتعليم الفنى مثل الصين ، وزيادة الانتاج وتعظيم الصادرات اكثر من الواردات، وتقليل حجم الدين الداخلى من خلال ترشيد النفقات ، والاعتماد على مصادر جديدة لتمويل التأمينات الاجتماعية. أزمة عالمية ويختتم الدكتور سامى نجيب كلامه بأنه رفض اقتراحا ناقشه معه وزير المالية السابق يوسف بطرس غالي، بالمضاربة بأموال التامينات الاجتماعية فى البورصة، وحذره من خطورة التلاعب بها ، لان التأمينات الاجتماعية نظام قومى لجميع المواطنين، فهو مشروع بلا رأس مال، مؤكدا ان نظام التأمينات الاجتماعية به الحل، لانه يتمتع بآلية تمويلية ذاتية تستمد من استدامة العضوية لارتباطها بالهيكل العمرى للسكان، التى تصل الى 40 سنة، فترة العمل فى الحياة، فعندما يتقاعد الأب مثلاً يقوم أولاده الذين ما زالوا فى سن العمل بالدفع وهكذا.