* د. مدحت عبدالهادى: السعادة لا تكمن فى التعدد * سالم عبد الجليل: كلام فضيلة الإمام جاء ردا على الآراء القائلة إن التعدد واجب * ميرفت التلاوى: «الطيب» عقلية متفتحة ونتمنى أن يستمر فى بث هذا الوعى
أثارت تصريحات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر التى روجها البعض حول تعدد الزوجات، عندما ادعوا قوله: إن مسألة تعدد الزوجات فيها ظلم للمرأة وأنه ليس الأصل فى الإسلام، بل هو مشروط ومقيد، وصدر بيان للأزهر الشريف وصف هذه التصريحات بالمحرفة، وشدد على أن حديث فضيلة الإمام انصب على فوضى التعدد وتفسير الآية الكريمة المتعلقة بالموضوع، وكيف أنها تقيد هذا التعدد بالعدل بين الزوجات، وما بين مؤيد ومعارض وازدياد حالة الجدل فى هذا الشأن، تحقيقات «الأهرام» رصدت رأى العلماء والذين أيدوا رأى فضيلة الإمام وكشفت عن ارتياح «حقوق المرأة» لهذه التصريحات، فيما يؤكد البعض أن الرجال يريدون التعدد بنوع من الفوضى، بينما ترفع المرأة شعار «امرأة واحدة تكفى».
فى البداية نشير إلى أن قضية تعدد الزوجات دائماً تثير الخلاف، خاصة أن بعض الرجال يريدونها بلا شروط ويبررون ذلك بأن الدين منحهم هذا الحق، فيما يؤكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن تعدد الزوجات له أحكام أصلية وأخرى تبعية، أما الحكم الأصلى فإن التعدد مباح أى جائز والدليل على جوازه وإباحته قول الله عز وجل: «فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع»، وفى الحياة العملية التطبيقية لسيدنا الرسول صل الله عليه وسلم، وأصحابه منهم من عدّد الزوجات فدل ذلك على الجواز، ومما يقوى الإباحة والجواز وعدم الوجوب أن التعدد جاء مقيدًا، «فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة» هذا القيد الأول، ثم جاء الإيماء بقوله تعالى «ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم»، ولذلك قال فقهاء الشافعية والحنابلة يسن للرجل أن يتزوج بواحدة حتى لا يقع فى محظور الظلم للأخرى، وقال النبى صل الله عليه وسلم: «من كانت له زوجتان ولم يعدل بينهما جاء وشِقه مائل يوم القيامة»، فقال الشافعية والحنابلة: إتقاء لهذا المصير يجعل القول بالإقتصار على زوجة واحدة ما لم تكن هناك ضرورة، لافتًا إلى أن هناك 4 أحكام للتعدد قد يكون فيها واجبًا، وهم: إذا كانت الزوجة مريضة مرضًا يمنعها من الحقوق الشرعية التى أحلها الله، وقد يكون مندوبًا إذا كان فى زمن ما ومكان ما لإكثار النسل مثلا أو لإعفاف أرامل الشهداء أو لكفالة يتامى الشهداء. وشدد على أن الشريعة لا تتغير لكن الحكم التكليفى يراعى فيه الزمان والمكان والظروف، فمثلا فى مصر لا نحتاج لإكثار النسل، ولكن هناك بعض الدول تحتاج إلى زيادة النسل، وقد يكون التعدد حرامًا إذا غلب على الظن ظلم الزوجة فى حالة عجز الزوج عن النفقة أو ما أحل الله عز وجل، وقد يكون مكروهًا اذا كان هناك إضرار بالزوجة الأولى، والخلاصة بشأن التعدد فى مصر أنه لا يلائم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ولابد له من ضوابط ومعايير تحقق المصلحة وحيثما كانت المصلحة فثم شرع الله. رد فعل سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق وصف ما قاله فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب بأنه ما هو إلا رد فعل للمدرسة التى ترى أن التعدد هو اصل وواجب على كل حال وهو ليس صحيحًا فديننا دين وسطى، والتعدد ليس الأصل، وقد أوضحت هذا الأمر فى مؤلفى «قضايا معاصرة»، وأشرت إلى أن التعدد نافذة ضيقة لحالات استثنائية ويدور مع احكام الشريعة الخمسة أى قد يكون حرامًا، فكيف لإنسان لا يستطيع أن يقوم بحق زوجة واحدة أن يأتى بزوجة أخرى يظلمها سواء كان مادة أو معنى، ففى هذه الحالة يكون حراماً، وقد يكون مكروهًا عندما يغلب الظن أنه لا يستطيع العدل، وقد يكون واجبًا عندما لا تستطيع المرأة أن تقوم بحق زوجها لسبب أو لآخر ويخاف الزوج على نفسه من الزنا، فعندئذ يكون الزواج هو الحل الواجب فى حقه، أما من يقول أن التعدد هو الأصل فقد أخذوا الآية القرآنية «فإنكحوا ما طاب لكم من النساء» على الوجوب وهذا غير صحيح فالأمر هنا على الإباحة المشروطة بالقدرة على العدل. أصل التعدد ميرفت التلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة السابق تقول ان فضيلة الشيخ الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب عالم جليل ورجل متفتح الفكر، لكن المشكلة أن معظم الناس تستشهد بجزء من الآية وتترك الآخر كمن يقول «لا تقربوا الصلاة» ويقف ويترك تكملة الآية، وتوضح التلاوى أن التعدد له شرطان أساسيان الأول أن يكون لدى الزوج قدرة مالية للإنفاق على أكثر من بيت وهذا شرط قد يكون يسيرًا على البعض، أما الشرط الثانى والذى يتمثل فى إقامة العدل بين الزوجات فهو الأمر الذى يصعب تحقيقه، فالآية الكريمة تقول «ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة»، وتقول التلاوى انها من خلال دراستها فى مقارنة الأديان الثلاثة، لم تجد دينًا أعز وأكرم المرأة فى شتى المجالات وأعطاها حقوقًا عظيمة كالدين الإسلامى، مضيفة أن التعدد كان فى الأصل لأرامل الشهداء، كما ترى أن الدراما أثرت تأثيرًا سلبيا فى فكر ووجدان الشخصية المصرية، فعندما يصور عمل درامى أن حياة الشخص المعدد نموذجية، فهذا ليس جيدًا، لافتة إلى أنها أثناء توليها رئاسة المجلس القومى للمرأة كانت الكتّاب والمخرجين للبعد عن الأعمال الدرامية المتطرفة والتى تجلب المكسب السريع وتفرغ فكر الشخصية المصرية، وطالبت التلاوى شيخ الأزهر بالاستمرار فى بث هذا الوعى وعلى الدعاة وأئمة المساجد القيام بنفس الدور ونشر الوعى الدينى. ولكى تنضبط الأسرة المصرية ترى أن إلغاء نظام المأذون سيعمل على تقنين حالات التعدد والتى أحيانا تتم بدون علم الزوجة الأولى، ففى بعض المناطق يقوم أصحاب النفوس الضعيفة بتزويج الفتاة دون رضاها وتزوير شهادات الميلاد والشهادات الصحية، مشيرة إلى أن المأذون يحصل على نسبة كبيرة من مؤخر الصداق تجعله أحيانا يخالف القانون، متسائلة لماذا لم يخول القاضى بتوثيق أهم عقد للمرأة بدلا من المأذون؟ وفى محاولة للبحث عن إجابة لسؤال مهم، لماذا يريدونها الرجال فوضى؟، أجاب الدكتور مدحت عبد الهادى إستشارى العلاج النفسى والعلاقات الزوجية قائلاً خلال خبرتى فى مجال المشاكل الاسرية أؤكد ان التعدد تجربة فاشلة بكل المقاييس فالضغوط الاقتصادية التى يعانى منها المجتمع مهما كان الشخص متيسر الحال لا يستطيع ان يكون عادلا، صحيح ان التعدد شرعى، لكنه ليس اساس الخلق فلو كان الاساس لخلق الله زوجة ثانية لسيدنا آدم مع حواء، لافتا ان طاقة الانسان النفسية تقاس بمدى نجاحاته فى علاقاته الاجتماعية بمن حوله فما بالك بمدى نجاح علاقته الزوجية الواحدة،ويرى عبد الهادى ان الزوج كى ينجح فى علاقة واحدة يحتاج الى ثلاثة انواع من الاشباعات،اشباع عقلى ونفسى وعاطفى والذى ينقسم الى شق حميمى وشق جنسى ومع ذلك نجد كم المشاكل الزوجية فى علاقة واحدة مع زوجة واحدة فماذا لو تعددت العلاقات؟!، وبالتالى ما يتشدق به البعض سواء من الرجال انه يستطيع ان يعدد ونجد ايضا البعض من السيدات يقدمن دورا عنتريا بأنهن يستطعن تحمل التعدد وفى النهاية تنتج مشكلات لا حصر لها من غيرة وحقد وغيرها، لذلك الرجل الشرقى بتكوينه التعليمى والثقافى والنفسى لا يستطيع ان يتزوج من اكثر من امرأة لانه عندما يتكيف مع طباع وثقافة امرأة واحدة يحتاج سنوات فماذا لو اكثر من امرأة فى هذه الحالة سيحدث له شطط لان فى بعض المواقف سيتعامل عقله اللاواعى و سيصبح هو المتحكم مما ينتج صدامات، وينهى عبد الهادى حديثه ان الانسان عندما يبحث عن السعادة فمن غير المنطقى ان يبحث عنها فى عدة علاقات رغم انها من الممكن ان تتحقق مع امرأة واحدة بالإخلاص والرضا.