صدر حديثاً عن دار غراب للنشر والتوزيع رواية «البحث عن كانديد» لشريف مليكة، حيث ينبعث «كانديد»، بطل الأديب والفيلسوف الفرنسى فولتير، مغادرا زمنه فى القرن الثامن عشر ليعيش بيننا من جديد، وقد جعله المؤلف شريف مليكة يتنقل بين مدائن وبلدان جديدة عليه لم يزرها فى رواية فولتير. غير أنّ القارئ يظل عبر فصول الرواية وأثناء تجواله فى مدنها، يبحث مع شخصيات الرواية عن كانديد، ولكنه مثلهم أيضا لا يلتقيه ولا يراه، صحيح إننا نصادف عبر صفحات الرواية من رآه أو تعامل معه ونسمع عنه حكايات وأخبارا متعددة، إلا أن «كانديد» نفسه لا نعثر له على أثر، فهو دائم التخفى والاختفاء. ويظل بطل الرواية «أمير» فى بحثه الدؤوب عن كانديد عبر المدن والبلدان المختلفة، وهو فى كل ذلك ينشد استعادة البراءة وتأسيس عالم تتعايش فيه العقائد المختلفة، والأفكار، وتذوب فيه الأحقاد والخلافات، فلا يلاقى غير الفشل فى مسعاه، فالمدينة الفاضلة والعالم المثإلى لا وجود له خارج «عالمه» الخاص، والإنسان نفسه هو الوحيد القادر على السمو والارتقاء بذاته وبالعالم من حوله. الأغانى الشعبية فى الصعيد كنت قد حاولت أن أقوم بجمع قليل من الأغانى التى سمعتها منذ إقامتى الأولى بمصر من 1881 حتى 1886 ولم أنجح فى ذلك» هذا ما كتبه جاستون ماسبيرو فى مقدمة كتابه «الأغانى الشعبية فى صعيد مصر»، ذلك الكتاب الذى وضعه بعد عودته الثانية لمصر فى 1900 وحتى 1914 خلال أعمال التفتيش بآثار مصر. فقد لاحظ ماسبيرو أن الشعب المصرى يغنى كثيرا، يغنى فى المنزل وفى الحفلات الخاصة، فى الحقول وعلى النهر، وخلال احتفالات الحياة الجارية، ليرصد عددا كبيرا من أغانى المصريين الشعبية فى كتابه المهم، الذى يقدمه ويحققه الكاتب والباحث الكبير درويش الأسيوطى فى دراسته الجميلة «جنايات الرواية والسطو والتأويل على الأغانى الشعبية فى صعيد مصر» والتى يرصد فيها جريمة بعض الكتاب عند تعاملهم مع نصوص التراث الشعبى، وتتمثل تلك الجرائم فى غياب الأمانة فى التدوين أو عدم تحرى الدقة أو تحكيم الذوق الشخصى والمعارف الذاتية فى صياغة النص، أو اختلاق دلالة للمفردة ممن يجهل معناها، وتبلغ الجناية مداها من البعض بإجراء بعض التحويرات على النصوص إما لإيهام غير المهتمين بأن هذه النصوص من إبداعهم الشخصى، أو لى ذراع النص ليتناسب مع العمل الفنى، ثم يشير الأسيوطى «ولعل الخلط الذى حدث بين ماهو شعبى وبين إبداع الشاعر المحدث، فيما أسمى وراجت تسميته «بفن الواو» وقضايا النزاع حول ملكية المقطوعات توضح لنا هذا الاستسهال فى نسبة التراث الشعبى إلى شعراء محدثين». تجدر الإشارة إلى أن الكتاب يحوى العديد من الأغانى التى تتعلق بالزواج والختان، والموت والعديد والنواح، وأغان للجمالة والشادوف والساقية والطاحون والمحراث والولائم والذهاب للجهادية وأغان للحجاج فى ذهابهم للحرم وأخرى عند العودة، والتى نجد فيها: يا بشير الهنا يا رايح بلدنا قول لأبويا العزيز يزوق عتبنا يا بشير الهنا يا رايح بلادي قول لأبويا العزيز يزوق عتابي زوقوا البوابة وحتى عتبها واعملوا لى الزواق غزالة وولدها زوقوا البوابة وحتى العتابى زوقوها مليح لما الحج يجى. التراث الشعرى فى العصر المملوكى الشيخ شمس الدين النواجى (785 – 1380ه) علم من أعلام الأدب فى مصر المملوكية، وقد نشر له عدد من المؤلفات فى المجالات الأدبية المختلفة، لعل من أهمها مخطوطة «مراتع الغزلان» التى حققتها الدكتورة سميرة شرف، فهى مخطوطة أدبية شعرية قام فيها الشيخ النواجى بجمع ما قيل من شعر فى التغزل بالغلمان، وتضم هذه المخطوطة 2172 قطعة شعرية لمائة واثنين وثلاثين شاعرا فى هذه الفترة من التاريخ المملوكى، منهم سعد الدين بن عربى وابن حجة الحموى وفخر الدين بن مكانس ومجد الدين بن مكانس والشاب الظريف وابن سناء الملك وغيرهم.