غدا يطل علينا عيد الحب "الفالنتين"، ولأول مرة ومنذ سنوات نحتفل به هذا العام بشكل مختلف تماما عما سبق، حيث يأتي في جو من الهدوء دون أن تعكره تلك الفتاوى التحريمية، التي اعتدنا عليها مؤخرا من بعض التيارات المتطرفة. وربما الإجراءات المشددة التي اتخذت مؤخرا لمنع إصدار الفتاوى لكل من هب ودب هي من رحمنا من معركة التراشق والتلاسن التي اعتدنا عليها في مثل هذا التوقيت من كل عام حول ما إذا كان عيد الحب حلال أم حرام!. دار الإفتاء أيضا كان لها دورها الكبير في تخليصنا من الجدل الدائر بشأن عيد الحب، بعدما حسمت بنفسها الأمر العام الماضى بأن الاحتفال بعيد الحب ليس حرام شرعا، ويجوز الاحتفال به طالما جاء في حدود عدم مخالفة شرع الله. وأيا كانت الأسباب، المهم أننا استطعنا أخيرا أن نفلت من تلك الفتاوى، التي لم تكن تقتصر على تحريم عيد الحب فقط، وإنما أصبحت تلازم أي احتفالية أو أعياد أو أي مناسبات اجتماعية عموما، فكل أعيادنا تقريبا أصبحت على يد هؤلاء المتشددين دينيا محرمة شرعا، ومنها عيد الأم وشم النسيم، بخلاف طبعا أعياد الأخوة المسيحيين وتحريم تهنئة المسلمين لهم!. وللأسف الشديد ومن كثرة تحريض هؤلاء، الذين يدعون أنهم مشايخ، للناس بأن تلك الفتاوى هي الصحيحة شرعا، وبسبب ترك العنان لهم أيضا ليطلقوا ما يشاءوا من فتاوى وأفكار تكفيرية، فوجدت لها صدى واسعا عند العديد منهم، وهو ما أدى بدوره إلى ظهور هذا التباين الشديد، فأصبح هناك تيار إما متشدد دينيا من الناس، وآخر منفلت دينيا فازدادت معه نسبة الإلحاد. عيد الحب أو الاحتفال به ليس هو ما نبغى الوصول إليه تحديدا، وإنما ما يعنينا فقط ألا نسمح لهؤلاء المشايخ العبث بعقولنا وتحريم كل شيء في حياتنا باسم الدين، مع أن ديننا الوسطي السمح لا يعرف الشدة ولا المغالاة التي يريدون فرضها علينا مؤخرا ليعيدونا إلى عصور الظلام. وليحتفل غدا بهذا العيد كل من تسمح ظروفه، وحتى ان منعتنا ظروفنا المادية فيكفي أن نهنئ بعضنا البعض بعيد الحب وبكل أعيادنا عموما، وما هي فلسفة الأعياد إلا أن يتواصل الناس إما بالزيارات، وحتى من لم يسمح له وقته بذلك، فعلى الأقل نبارك ونوجه لبعضنا التهاني والمعايدات، رغم أنف المتشددين وتحريم المتطرفين!. [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى