أكد خبراء المالية وأساتذة الاقتصاد أن التمويل الذاتي للمشروعات التنموية هو أفضل السبل التي يمكن الاعتماد عليها لتحقيق التنمية بعيدا عن اللجوء إلي القروض التي قد يتعثر سدادها. وطالبوا بضرورة الاعتماد علي النظم والأدوات المصرفية الاسلامية التي تعتمد علي المشاركة الذاتية في تمويل المشروعات بدلا من الفائدة, جاء ذلك خلال الحلقة النقاشية التي نظمها مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر أمس تحت عنوان صندوق النقد الدولي آثاره وبدائله. وأوضح الدكتور حسين شحاتة أستاذ الاقتصاد بجامعة الازهر أن المشروعات التي تمول ذاتيا بعيدا عن الفائدة هي أكثر المشروعات نموا واستقرارا, أما اللجوء للقروض بفائدة يجب أن يكون للضرورة فقط والتي تعتمد علي عدد من الشروط وهي أن تكون الضرورة مهلكة للأمة وأن تكون الضرورة لهذا القرض قائمة وليست متوقعة أو محتملة والشرط الثالث للضرورة أن تكون قد نفدت كل سبل الحلال وأيضا أن تكون الضرورة موقوتة. ولذلك أقول للقائمين علي أمر القرض في مصر هل هذه الشروط الأربعة متوافرة في القرض حتي يتسني قبوله والحصول عليه.فيجب علي المسئولين في الدولة أن يحددوا لنا الضرورة في الحصول علي القرض بفائدة وبحث أسباب هذه الضرورة وعرضها علي مؤسسة الأزهر التي تقرر عما إذا كنا في ضرورة أم لا. وأشار الدكتور شوقي دنيا أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة السابق إلي أن الوضع الحالي للاقتصاد في مصر يستدعي تشمير الساعد عن حزمة إصلاحات سريعة وقوية قد يكون من بينها القرض مؤكدا أن الحالة الاقتصادية في مصر تمر بمرحلة الضرورة ولكن القرض فقط لا يكفي لعلاج مشاكلنا الاقتصادية, مشيرا إلي أن حزمة الاصلاح يجب أن تشتمل علي ترشيد الواردات لحل عجز ميزان المدفوعات, ورفع كفاءة الضرائب, والبحث عن الملكيات العامة المهدرة و أموال المصريين في الخارج وكيفية الاستفادة منها, وإحياء مؤسسة الوقف لعمل مشاريع تحل محل الحكومة, وترشيد الانفاق, والبحث عن آليات جادة لاستعادة الاموال المهربة الي الخارج, ومشاركة القطاع الخاص في المشروعات العامة والبحث عن سبل التمويل الشعبي في المشرعات العامة من خلال الصكوك الاسلامية. وأوضح الدكتور محمد البلتاجي رئيس الجمعية المصرية للتمويل الاسلامي أن أفضل وسيلة للتنمية هي المشاركة وليس الأقتراض فالصكوك الاسلامية وهي إحدي أدوات التمويل الإسلامي تعتبر من أهم البدائل التي يمكن الآخذ بها في الوقت الحالي نظرا لنجاحها علي المستوي الدولي في توفير السيولة اللازمة لتمويل المشروعات التنموية وقد نجحت العديد من الدول ومنها ماليزيا والبحرين وانجلترا والامارات وفرنسا حيث تحول العديد من الدول الغربية إلي أستخدام آليات التمويل الاسلامي نتيجة للازمة المالية العالمية.ولكننا في مصر نحتاج الي حزمة من التشريعات والقوانيين التي تسمح باستخدام أدوات التمويل الاسلامي وقد قام بالفعل مجلس الشعب السابق بمناقشة هذه التشريعات ولكنها توقفت نتيجة حل المجلس. وطالب البلتاجي بضرورة وجود تشريعات تنطلق منها أدوات التمويل الاسلامي, مشيرا إلي أنه حتي الآن لا يوجد تشريعات تسمح باعتماد هذه المشروعات والتي ستساهم بشكل كبير في خروج الاقتصاد المصري من محنته. وندد الدكتور رفعت العوضي أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر بشروط صندوق النقد الدولي المجحفة وهي شروط عامة تطبقها علي كل الدول, ولكن هذه الشروط لم تذكر للاسف من قبل الهيئة السياسية, ومن أهم هذه الشروط هو تحرير سعر الصرف مما سيؤثر علي سعر الجنيه المصري مقابل الدولار مما يضر بالمصلحة العامة, كما أن الدول التي يكون فيها الصادرات والواردات غير مرنة لابد من تجميد سعر الصرف لأن تحريره سيؤثرعلي سعر الجنيه بالهبوط في اتجاه الدولار مما يزيد من القيمة الحقيقية للقرض بمقدار السدس. وطالب العوضي بضرورة الاعتماد علي الموارد الذاتية, خاصة أننا نمتلك العديد من المشروعات الضخمة والتي يحتاج كل مشروع فيها إلي وزارة خاصة لانجازه. وأكد الدكتور عبد الله شحاته أستاذ المالية العامة بكلية الاقتصاد بجامعة القاهرة بأن الحكومة تعتبر صندوق النقد الدولي هو أحد الخيارات وليس الخيار الوحيد لحل المشاكل الاقتصادية التي نمر بها ومن ثم يجب أن يكون الشعب علي علم بالوضع الاقتصادي الذي نعيش فيه حاليا حتي نستطيع وقف نزيف الخسائر اليومية للاقتصاد. فعجز الميزانية العامة للدولة وصل الي170 مليار جنية والحكومة تمول العجز بالاقتراض الداخلي من خلال الأذون وسندات الخزانة وذلك لدفع المرتبات أو استيراد القمح أو غير ذلك, فعندما تقترض الحكومة من البنوك لسد العجز تدفع16% فوائد للبنوك حتي أن العديد من البنوك لم تعد تعمل في الاستثمار لاعتمادها علي الحكومة التي تقترض منها بفائدة عالية, وبالرغم من أن الدولة تنزف فهناك من يطالب بزيادة المرتبات. وطالب الدكتور عبد الله بضروة تطبيق برنامج اصلاحي لا يضر بالفقراء كرفع الدعم علي سبيل المثال عن البنزين95 والذي مازال يدعم من الدولة حتي اليوم.