لماذا يدفع الأطفال ثمن حماقات وأطماع وصراعات الأهالى والأقارب؟ كيف يقحمون هذه الأغصان البريئة والوريقات الخضراء الضعيفة فى سجل أحقادهم وعداواتهم ويجعلونها أدوات ووقودا لنار مواجهاتهم؟ فحتى الحروب لها مبادئ والقتال له قواعد ليس منها الانتقام والثأر والتعطش لسفك دماء من لا ذنب لهم فى جرائم يهتز لها الضمير ويبكيها المجتمع. الطفلة فاطمة. م. مثل كل زهرات الريف المتعطش للعلم كانت تخطط لأن تصبح طبيبة تعالج والدها المزارع ووالدتها وأشقاءها مدفوعة بحلم نبيل وقلوب تدعو لها وحب يحيطها ورعاية تظلل أيامها. حملت فاطمة ابنة الاثنتى عشرة عاما وتدرس بالصف السادس الابتدائى دفاترها وأوراقها فى حقيبتها وتوجهت إلى حصة الدرس الخصوصى فى منطقة البقعة مركز الستامونى بينما ترقص خطواتها على الطريق وتختال ضفائرها السمراء سعادة وبهجة وهى تنهض للحاق بزميلاتها. فجأة يتوقف لها توك توك وبه بعض أقارب والدها الذين تألف ملامحهم جيدا يعرضون عليها توصيلها إلى الدرس خاصة مع الطقس البارد، فلم تتردد لتجد نفسها بعد دقائق مربوطة الأيدى والأقدام وعلى فمها لاصق ترمى فى بيت مهجور قديم فى قرية مجاورة دون أن تفقه ما يجرى لها، الخوف والرعب وشبح الموت ظل مع فاطمة ما يقارب الأسبوعين فى زمهرير البرد الذى تمنت معه أن تنتهى حياتها بسرعة ربما يتوقف عذابها وأنينها. يتحول بيت فاطمة إلى خيمة أحزان كبيرة ولم يجد والدها مفرا من اللجوء إلى قسم شرطة الستامونى للإبلاغ عن غياب إبنته ويتهم نجل عمه عبد الله. أ (34 سنة) عليه أحكام واجبة النفاذ فى 8 قضايا «تبديد»، وهو زوج سابق لشقيقته وطلقها قبل فترة وكتب لها قطعة أرض مساحتها 8 قراريط وأراد استرجاع الأرض بالقوة لكن والد فاطمة تصدى له ورفض ذلك بشدة، استدعت الشرطة والنيابة عبد الله لمناقشته فى اختفاء فاطمة وأطلقت سراحه لعدم ثبوت أدلة ضده، لكنه بالفعل كان قد نسج خطة الانتقام وإرغام والد فاطمة على الخضوع له بإستعادة الأرض مستعينا باثنين من أشقائه هما جودة (38 سنة) وعلى (40 سنة) عاملين زراعيين وأحمد زوج ابنة شقيقته وزوجته سمسمة (19 سنة). فى البيت المهجور كانت عصابة الدم اتخذت قرارها بتشجيع ورعاية إبليس، قتل فاطمة والتخلص منها هو الحل بعد تعذر التفاوض مع والدها وإبلاغه الشرطة، لكن فاطمة قتلت ألف مرة، فقد قام أحدهم باغتصاب الطفلة المسكينة التى لم تكن تقوى حتى على البكاء والصراخ وأنابت سيل دموعها لعله يتراجع أو يرحم، ثم قام بخنق فاطمة حتى فاضت روحها فى مشهد بشع ويستكمل المتهمون جرمهم باستئصال الأعضاء التناسلية لها فى محاولة لمحو جريمة الاغتصاب والإيحاء بأن القتل غرضه سرقة الأعضاء البشرية ثم رموا جسدها ليلا فى الأراضى الزراعية ويكتشف أحد الفلاحين الجثة بوجود عدد كبير من الكلاب الضالة تنهش فى جسدها وهى مقيدة القدمين وملقاة على وجهها وتم رمى الأجزاء المستأصلة من جسدها بأحد المصارف المائية المجاورة. ونظرا لأهمية القضية امر اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن بتشكيل فريق بحث برئاسة اللواء خالد عبدالحميد، وكيل مباحث وزارة الداخلية، والعميد أحمد شوقى، رئيس المباحث الجنائية بالدقهلية، والعقيد خالد القاضى رئيس فرع البحث بغرب الدقهلية، والرائد أحمد فتحى صالح، وكيل الفرع، والرائد محمد حماد، رئيس مباحث مركز شرطة الستامونى، لسرعة ضبط الجناة وفحص كل من لهم علاقة بالأسرة أو على خلاف معهم. وتمكن فريق البحث بتوجيهات اللواء محمد حجى، مساعد وزير الداخلية لأمن الدقهلية و اللواء محمد شرباش، مدير المباحث الجنائية من ضبط المتورطين فى الجريمة وهم ثلاثة أشقاء وصديق لهم وزوجة المتهم الأول . وكشفت التحقيقات التى امر بها اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن العام وقادها اللواء محمود ابو عمرة مدير الادارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الامن العام أن المتهمين الأشقاء الثلاثة اتفقوا على خطف المجنى عليها لإجبار والدها على التنازل عن قطعة الأرض محل النزاع بينه والأول وعن الأحكام الصادرة ضد الأول لصالح مطلقته «شقيقة والد المجنى عليها» وفى سبيل تنفيذ مخططهم استعانوا بزوجة المتهم الأول وشخص آخر قريب لهم قاموا باستدراج المجنى عليها حال عودتها من الدرس واحتجازها بمنزل مهجور ملك والدة زوجة المتهم الأول بقرية بصار، وعقب إبلاغ والدها باختفائها واتهامه لنجل عمه اتفقوا فيما بينهم على التخلص منها خشية ضبطهم فقام أحدهم بالتعدى عليها وخنقها والتخلص من جثتها عقب ذلك بمساعدة زوجة المتهم الأول. وقرر المستشار عمرو ضيف، رئيس نيابة بلقاس بإشراف المستشار خالد خضر المحامى العام لنيابات شمال الدقهلية حبس المتهمين الخمسة أربعة أيام ومراعاة التجديد لهم وتوجيه تهمة الخطف والاغتصاب والقتل إليهم. وقررت النيابة العامة انتداب الأدلة الجنائية لمسرح الجريمة، وانتداب الطب الشرعى، والتحفظ على الأداة المستخدمة «سكين» وإرسالها إلى الطب الشرعى، وطلب إحالة الواقعة إلى جلسة تحقيق يوم 28 فبراير المقبل.