انطلاق قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف    «النواب» يوافق على اتفاقية تعاون مع «الأوروبي لإعادة الإعمار» ب10 ملايين يورو    فتح باب التسجيل للتدريبات الصيفية بمكاتب المحاماة الدولية والبنوك لطلبة جامعة حلوان    اللواء أ.ح شريف العرايشى قائد قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب ل «الأخبار»    رئيس الوزراء يؤكد أهمية الخطوات التي يتم اتخاذها بهدف إعادة هيكلة الهيئات الاقتصادية    رئيس ائتلاف ملاك الإيجارات القديمة يطالب بتحرير العلاقة الإيجارية بعد 3 سنوات.. ويعترض على مشروع الحكومة    وزير الخارجية الألماني: لا يمكن حل صراع غزة بالوسائل العسكرية    الاحتلال يطلق قذائف مدفعية وقنابل دخانية بكثافة شمال رفح الفلسطينية    وزير الخارجية: مصر تدعم الموقف الإفريقي الموحد بشأن إصلاح مجلس الأمن    الكلاسيكو| تشكيل ريال مدريد الرسمي لمواجهة برشلونة    تشكيل إنبي لمواجهة سموحة في الدوري    بعد ساعات من البحث.. انتشال جثة مسن سقط في بئر بالمنيا    كواليس جديدة في أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبد العزيز| فيديو    غدًا.. نجوم العالم يفتتحون مهرجان كان السينمائى السابع والثمانين    الخلط والخطأ «2»    نجم نيوكاسل ينافس محمد صلاح بقائمة "ملوك الأسيست" في الدوري الإنجليزي    محافظ الأقصر يتفقد أعمال فتح أكبر شارع بمنطقة حوض 18 بحى جنوب    نائب محافظ قنا يتفقد الأعمال الإنشائية بشادري الأربعين والأشراف    القنوات الناقلة لمباراة الاتحاد ضد الفيحاء في الدوري السعودي    طلاب بني سويف يحصدون 8 ميداليات في بطولة الشهيد الرفاعي للكونغ فو    موقف رونالدو من المشاركة مع النصر أمام الأخدود في الدوري السعودي    كواليس أزمة عواد وصبحي في لقاء الزمالك وسيراميكا    الزمالك يتحرك للتعاقد مع حارس الأهلي    عزة كامل: مصر من الدول المصدقة على اتفاقية مكافحة التمييز ضد المرأة    40 درجة مئوية في الظل.. الموجة الحارة تصل ذروتها اليوم الأحد.. وأطباء ينصحون بعدم التعرض للشمس    بعد الدفع ب 6 لوادر.. انتشال جثة مسن انهارت عليه بئر فى صحراء المنيا -صور    وفاة سيدة أثناء ولادة قيصرية بعيادة خاصة فى سوهاج    طالب يطعن زميله بعد مشادة كلامية فى الزاوية الحمراء    الأحوال المدنية تستخرج 32 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    رئيس منطقة المنيا الأزهرية يشدد على ضرورة التزام الطلاب والعاملين باللوائح المنظمة للامتحانات    ناصر مندور: جامعة القناة تعمل على تحفيز التنمية الإقليمية في سيناء    محافظ الفيوم يتابع حملات إزالة التعديات على أملاك الدولة ضمن الموجة ال 26    «الثقافة» تختتم الملتقى ال21 لشباب المحافظات الحدودية بدمياط    هل شريكك برج الثور؟.. إليك أكثر ما يخيفه    الثلاثاء.. فتحي عبدالوهاب ضيف لميس الحديدي في "كلمة أخيرة"    قبل انطلاقه.. تعرف على لجنة تحكيم مهرجان «SITFY-POLAND» للمونودراما    مجلس النواب يقر قانون تنظيم الفتوى الشرعية وسط توافق من الأزهر والأوقاف    مسؤولون أمريكيون: هناك خلافات بين ترامب ونتنياهو بشأن التعامل مع قطاع غزة وإيران    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    قبل انتهاء مدة البرلمان بشهرين.. مرفت عبد النعيم تؤدي اليمين الدستورية خلفًا للنائبة رقية الهلالي    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي في القليوبية 2025    نظام غذائي صحي للطلاب، يساعدهم على المذاكرة في الحر    مرشح حزب سلطة الشعب بكوريا الجنوبية يسجل ترشحه للانتخابات الرئاسية    ارتفاع كميات القمح المحلي الموردة للشون والصوامع بأسيوط إلى 89 ألف طن    القاهرة الإخبارية: الاحتلال الإسرائيلى يواصل قصف الأحياء السكنية فى غزة    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    مدير تأمين صحى الفيوم يتفقد العيادات الخارجية ويوصى بتسهيل إجراءات المرضى    ضبط 575 سلعة منتهية الصلاحية خلال حملة تموينية ببورسعيد -صور    محافظ الدقهلية يتفقد مركز دكرنس ويحيل رئيس الوحدة المحلية بدموه للتحقيق    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    1500 فلسطيني فقدوا البصر و4000 مهددون بفقدانه جراء حرب غزة    كندا وجرينلاند ضمن قائمة أهدافه.. سر ولع ترامب بتغيير خريطة العالم    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    «جوتيريش» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليبرالي من زمن الرسول
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 08 - 2012

كم أنت غالية أيتها الحرية‏,‏ ومن أسف فإن أهلك أهلكوك‏,‏ نحن أهلك‏,‏ وكان يجب أن يصبح لفظك العربي صكا عالميا‏ , إلا أننا تركناك للآخرين,فأصبحنا نقول عنك أنك ليبراليةLiberal, هذه بضاعتنا ردت إلينا, ومع ذلك خاصمك شيوخنا ودعاتنا وهم لا يدركون نسبك وفضلك فقالوا: إن من ينتهج فكرك قد كفر وخرج عن جادة الصواب, ولكن أين هم من الحق!! وأين هم من سيدنا عمر بن الخطاب الذي أدرك وفهم.
نعم كان عمر بن الخطاب حكيم هذه الأمة ليبراليا, كتب العقاد عن عبقريته, فهل كتب أحد عن ليبراليته؟ نعم كان عمر ليبراليا, تعلم الليبرالية وعاش بها وفيها, من القرآن قرأ عمر(إنا عرضنا الأمانة علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان..) فكانت الأمانة هي الحرية, حرية الإنسان في الاختيار, حرية الإنسان في الاعتقاد( لا إكراه في الدين) والكفر( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر), حرية الفكر والتعبير والاختلاف في الرأي( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين), ثم قوله( ولذلك خلقهم) وغير ذلك كثير.
كانت خطبة عمر يوم تولي الخلافة هي دستوره في الحرية, ومفهومه لها وبعد ذلك ألزم نفسه بما اعتقده, كان هذا هو عهد عمر الفاروق مع نفسه, فقد كان رضي الله عنه لا يحفظ السورة من القرآن حتي يعمل بها ثم ينتقل لغيرها. يا الله, كل الناس عندك سواء يا عمر, لن تترك ظالما يعتدي علي أحد إلا إذا وضعت خده علي الأرض وأخذت لصاحب الحق حقه, كائنا من كان من اعتدي وظلم, وكائنا من كان من وقع عليه الظلم, فحرية الإنسان فوق كل اعتبار, هذا هو العهد الذي فهمته يا عمر من رسول الله صلي الله عليه وسلم فقطعته علي نفسك. ولذلك خرجت كلمته تصك آذان الظالمين في كل عهد وتسفع خدودهم متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا نعم متي استعبدتم الناس, ويشاء الله أن تكون هذه القصة, لتكون هذه العبرة, أظن أنكم تعرفونها, وأظن أن دعاتنا يحفظونها عن ظهر قلب إلا أن العلم له مراتب, مرتبة الظاهر, وهذه يحصلها أصحاب العقول الحافظة, ومرتبة الباطن وهذه يحصلها أصحاب القلوب الواعية.
جاء مصري, غير مسلم, إلي الخليفة عمر, شد الرحال إليه وقطع الفيافي باحثا عن حريته التي أهدرت, دخل علي عمر خالعا عمامته رافعا صوته, مستغيثا: يا أمير المؤمنين عائذ بك أنا من الظلم, ألستم تزعمون أنكم تحفظون للناس حرياتهم, كل الناس ولو خالفوكم في الدين, قال عمر بصوت خفيض وهو يطرق إلي الأرض: عذت معاذا يا رجل, قل ما عندك, قال المصري وهو يحكي شكايته: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته, فغضب واقتادني وجعل يضربني بالسوط ويقول: أنا ابن الأكرمين, شق ذلك علي عمر, أفي عهده وخلافته يظلم الناس وتضيع حرياتهم, أين أنت يا عمر من الإسلام ومن العهد الذي تعلمته من النبي صلي الله عليه وسلم فقطعته علي نفسك؟ استضاف عمر الرجل في المدينة معززا مكرما وكتب إلي عمرو بن العاص يأمره بالقدوم علي أن يحضر ابنه معه.
لم يكن أمام عمرو إلا الانصياع لعمر فقدم كما أمره, دخل علي عمر وهو يقدم قدما ويؤخر الأخري, ويلك يابن العاص, ما الذي أغضب عليك عمر؟ وفي حضرة عمر كانت المحاكمة الإنسانية التي تحض علي العدالة والمساواة, وحين صدر الحكم قال عمر: أين المصري؟ هائنذا: قالها المصري واجفا مرهفا لا يصدق ما يراه, استطرد عمر: خذ السوط فاضرب ابن الأكرمين, خذ حقك, لا تقبل أن يستعبدك أحد, كل الناس أحرار, حريتك مقدمة علي دين عمرو ودين ابنه, فجعل المصري يضربه بالسوط وعمر يستحثه قائلا: اضرب ابن الأكرمين, ثم قال عمر للمصري: ضع السوط علي صلعة عمرو, خذ حقك منه, فقال المصري وقد أخذه العجب: يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني وقد استقدت منه, أخذت حقي منه, شفي نفسي وأبرأ سقمها عدلك يا عمر وانتصارك للحرية والمساواة, فاستدار ابن الخطاب لعمرو موبخا ولائما وعاتبا: مذ كم استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟
هذا هو عمر الذي طأطا رأسه أمام امرأة جادلته في المهور فقال: أصابت امرأة وأخطأ عمر, هذا هو عمر الذي تفصد جبينه عرقا وهو يقول لأحد المسلمين: كل الناس أفقه منك يا عمر, كل الناس أفقه منك يا عمر, كان هو الأفقه, وقد وقفوا هم المتسلفون عند الكلمة وغاص هو في الحكمة, فالعلم يصل بالناس إما إلي درجة الكلمة وإما إلي درجة الحكمة, فمن وقف عند تحصيل المظهر أتقن الكلمة, ومن غاص في الجوهر وصل إلي حقيقة الحكمة, والحكمة في الحرية, ومن الحرية المساواة, ومن كليهما فهم الغرب عنا, فتقدموا, وأقاموا ليبراليتهم بما يتناسب مع ثقافتهم وأعرافهم. ونحن دخلنا في متاهة القهر والطغيان والحكام المستبدين, فخلعنا من ديننا مفاهيم الحرية. وعشنا في فقه العبادات دون أن نمد يدا لفقه الحريات, واعتبرنا الليبرالية من الشيطان, مع أن القاعدة الأصيلة في الليبرالية هي أن لكل مجتمع ليبراليته التي تتناسب مع أعرافه وثقافته وأخلاقه. نعم كان عمر مسلما وكان ليبراليا, وكانوا هم سلفيين وإسلاميين, فانظر عمن تأخذ دينك!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.